رواية لعنة الفراعنة الجزء الثالث للكاتبة رحمة نبيل الفصل السادس
تقدمت شافا من معمل احمس بنظرات لا تنذر ابدا بالخير لتدخل المعمل هامسة لنفسها:
مجموعة أغبياء يظنون انني سأساعدهم بدون مقابل واعيد لهم الحكيم...
ابتسمت بسمة مرعبة ماكرة:
حسنا سوف اساعدهم، لكن حينما يأتي الحكيم لن يتذكر تلك المدعوة ايانا، سيتذكر اسم واحد فقط...
شافا
خرجت من أفكارها الخبيثة على صوت خلفها لتلتفت فتجد أحد الشباب الذين احضروها...
تقدم حوني منها ببسمة مخيفة ليهمس عندما توقف امامها: حسنا هيا ابدأي...
رفعت شافا حاجبها بسخرية ليجلس حوني امامها واضعا قدم على قدم هاتفا بمكر: لا تخجلي عزيزتي انا فقط سأجلس هنا بدون أن ازعجك.
عضت شافا شفتيها بغيظ من ذلك المزعج والذي قد يعطل مخططاتها.
ابتلع عدى ريقه برعب هاتفا: غصب عني والله، بعدين ده مش غلطي أساسا ده غلط طمطم هي اللي خبت البسكوت في النيش فوق، قال يعني مش هلاقيها.
نظرت كريمة لطمطم بشر لتختبئ طمطم خلف مراد تصيح: هو فيه إيه ياض انت هتقلب الترابيزة عليا، وانا ايش عرفني انك هتشمشم عليها وتلاقيها انا قولت اخبيها من وشك
تحدث عدى بنبرة مسكنة بينما فمه ملئ بالبسكوت:
سامعين يا ناس اشهدوا عليها بتخبي الاكل مني، عايزين يجوعوني
نظر عدى لابريس قائلا وهو يلوي شفتيه كما الأطفال:
خلينا نمشي من هنا يابابي، الظاهر اننا مش مترحب بينا هنا.
ابتعدت كريمة تخلي الطريق له ثم أشارت بكفيها الاثنان بمعنى (تفضل اذهب) ليلوي عدى فمه بامتعاض جالسا على طاولة المطبخ:
. همشي يا كريمة حاضر، همشي بس خليكي فاكرة اللي انتي بتعمليه لان ده مش كرم ضيافة أبدا
تحدثت كريمة بنزق مشيرة للباب:
طب أتفضل امشي قاعد ليه طيب؟
احضر عدى كوب حليب وأخذ يغطس به البسكوت ليأكله قائلا بفم ممتلئ:
لما اخلص سأسأة يبقى امشي
ثم رفع نظره لها باستنكار:.
و لا هتقوميني من على الاكل، اهو ده اللي ناقص نطرد وكمان منسأسأش بسكوت بلبن، قلب كفار ولا إيه
عضت كريمة شفتيها بغيظ وكادت تركض له لتوسعه ضربا لكن امسكتها نيرة سريعا قائلة:
معلش يا كريمة امسحيها فيا انا
أشارت كريمة لكل الاكواب والاواني الخزفية الثمينة المكسورة ارضا:
النيش بتاعي يا نيرة كسره ابن ميسرة، الأهبل ابن الهبلة
قالت آخر جملة مشيرة لميسرة التي كانت تجلس بجانب عدى وتأكل معه، تحدثت ميسرة بحنق:.
الله الله الله، طب وليه الغلط بس اكريمة
مسحت كريمة وجهها بغضب ثم انطلقت لهم بتوعد ليصرخ عدى وهو يجمع البسكوت ويمسك كوب الحليب:
اجري يا ميسرة اجري...
تحدث احمس لمصعب الذي يحاول سحب نازيا من بينهم:
لا تحاول حتى انا اراقبك
ابتسم مصعب ساخرا:
هي كريمة خرطت عليك ولا إيه يا احمس، بعدين فيها ايه لما أخد مراتي اوشوشها بكلمة على جنب
ابتسم احمس مقتربا منه يهمس بغيظ:.
مش ملاحظ اني هنا بدون مراتي ها؟ ايه مفيش دم خالص، احترم نفسك حتى وراعي مشاعري
ضحك مصعب بصخب على احمس:
ايو قول كده بقى انك غيران يا عيني اكمن ايانا مش معاك
أنهى حديثه بغمزة ليتركه احمس منصرفا وهو يتمتم بحقد وغيظ.
نظر ست لنانيس والتي يبدو أنها ناعسة وبشدة: اعتذر لمقاطعة ذلك الشجار الممتع لكن أين سننام فكما ترون نانيس تبدو كما لو انها لم تنم منذ قرون.
نظرت له نيرة بغباء لا تفهم شئ مما يقول:
ايوة يعني عايز ايه، هو ليه مش بيتكلم زينا.
نظرت اها كريمة لثواني ثم قالت تدعي التفكير:
يمكن عشان هو كان عايش في عصر تآني وفي زمن تآني.
زفر ابريس من جدالهم ذاك ليقول متجها للخارج:
اتبعني يا أخي سادلك على منزلي.
اوقفته كريمة قائلة:
علي فين يا جدو، أجدادي مش هيتحركوا من البيت ده غير على جثتي...
لم تصدق تيتي ما ترى بأعينها فهي الآن تقف امام تلة تشبه تماما تلك التلة التي كان يتقابل عليها ابريس وميسرة ومن بعدهم هي وسيف في عصرهم، هبطت دموعها بعظم تصديق لتلتفت لسيف هاتفة:
ازاى عملت كده.
ابتسم سيف لها يقبل جبينها بحنان:
بقالي شهر بظبط التلة دي عشان تليق باميرتي، حبيت نرجع ذكرياتنا، ومش بس كده تعالي اوريكي حاجة تانية.
نظرت له بتعجب ليسحب سيف يدها صوت قمة التلة و هي تنظر له ببسمة عاشقة لا تصدق كل ما يفعله لأجلها، بحثت طويلا عن الحب الاسطوري والان وفقط حصلت عليه بل وأكثر مما تمنت...
وصل الاثنان لقمة التلة لتلاحظ تيتي ضوء غريب يأتي من الأعلى...
تقدمت تيتي اكثر من القمة ليتصنم جسدها تشعر انها لا تقف على الأرض بسبب ما تراه، تشعر انها عادت بالزمن للوراء كثيرا تحديدا لوقت كانت تجلس مع سيف على قمة التلة مساءا، فقد قام سيف بتصميم صورة تشبه تماما المنظر الذي كانت التلة تطل عليه وعرضه على شاشة كبيرة امام التلة ليظهر الأمر وكأنهم يجلسون على التلة دون اى تغيير.
اقترب سيف من خلفها قائلا ببسمة:
حبيت نقضي عيد جوازنا في مكان ولادة حبنا وحب اهلي كمان.
انفجرت تيتي بالضحك من بين دموعها هاتفة:
اسفة والله بس وانت بتقول حبنا وحب اهلي حسيتها شتيمة.
انكمشت ملامح سيف بامتعاض ليبعد تيتي عنه:
فصلتيني من جو الرومانسية اللي بقالي يومين بتدرب عليه، ياشيخة ده انا انذليت لمصعب عشان يقولي كلمتين حلوين اثبتك بيهم وانتي تيجي مرة واحدة تطيري الدماغ اللي عملتها.
رمقته تيتي تتعجب حديثه لتقول باستتكار:
الدماغ اللي عملتها، وانت ضاقت بيك الدنيا ورايح تعمل دماغ عند مصعب اللي مشافش رباية، ده انا كان احسن عندي تعمل دماغ في قناة سفرة اليوم عند عدى ولا انك تعملها عند مصعب.
دفعها سيف بغيظ وكاد يهبط التلة وهو يتمتم بضيق لولا شعوره بعناق من الخلف، شددت تيتي العناق حول خصر سيف هاتفة بعشق:
بعشقك ياسيف، وهفضل طول عمري اقولك اني بعشقك، ومش مهم عندي تقولي كلام حلو المهم يكون خرج من قلبك عشاني، حتى لو هتقولي مساء الخير بس تكون من قلبك.
شعرت تيتي بضربات قلب سيف تهدر أسفل يدها لترتفع على اطراف اصابعها مقبلة كتفه بحنان هامسة في أذنيه بعشق:
فقط أكرم قلبي بحبك...
زمت نونيا شفتيها بضيق تصعد لغرفتها مع تاج:
مكنش ينفع نسيبهم ونرجع البيت ياتاج دلوقتي يفكروا فينا وحش.
ابتسم تاج يدفعها لغرفتهم:
حبيبتي كده كده بيفكروا فينا وحش، انا لو سندتك مثلا وانتي تعبانة عشان تطلعي السلم، كريمة هتقولي اني بتحرش بيكي.
ضحكت نونيا بشدة:
كريمة دي عايزة د...
قاطع حديثهم سماع الاثنان لصوت يأتي من المطبخ ابتلعت نونيا ريقها:
ايه الصوت ده؟
نظر تاج صوب المطبخ بتحفز:
ياما حرامي داخل يسرق حلل التيفال بتاعة ميسرة، ياما عدى دخل يشوف اللي فيه النصيب.
أنهى حديثه يتقدم من المطبخ ونونيا تتمسك به في عنف مرتعبة من احتمالية وجود لص...
تقدم الاثنان صوب المطبخ حتى وصلوا له مدّ تاج يده بهدوء ليفتح الباب فصدم مما يرى ليهتف بدهشة:
انت بتعمل ايه؟
وماذا تراني افعل، ارجوك لا تعطلني.
هكذا صاحت شافا بملل وضيق بسبب تدخل حوني في كل همسة تخرج منها
ابتسم حوني ببراءة مشيرا لما امامه:
انا لم اقصد أن اعطلك اكيد لذا لا تهتمي بي اعتبريني هواء...
مسحت شافا وجهها بضيق شديد تصيح بعدم تحمل:
وكيف اعتبرك هواء وانت تقفز أمامي في كل مكان.
اقترب منها حوني ببسمة خبيثة جعلتها تعود للخلف بقلق لتصطدم في الطاولة خلفها، حاصرها حوني هامسا بنبرة جعلت جسدها يرتعش خوفا:
لم أكن أعلم أن وجودي سيزعجك هكذا يا جميلة، ظننت أنني سأكون رفقة جيدة لكِ، حسنا لا بأس سأرحل الان حتى لا اعطلك لكن احذري مني دائما شافا فأنا لا اتهاون في أى شئ يمس عائلتي.
أنهى حوني حديثه ليرحل من معمل احمس ببسمة خبيثة يتوعد بداخله شافا اذا قررت المساس بعائلته.
نظرت شافا لرحيل حوني وهي تزفر أنفاسها التي حبستها بسبب هيمنته:
يبدو أنهم ليسوا مغفلين كما ظننت وخاصة ذلك حوني لا يبدو بالشخص الهين أبدا.
وضعت يدها على قلبها تتنفس برعب:
يا اللهي كاد قلبي يقف رعبا من نظراته تلك، لكن لا بأس لنلعب سويا يا حوني ونرى من سيربح في النهاية.
يعني ايه يا كريمة؟ هما هيجوا معايا.
نظرت كريمة للجميع قائلة: انا قصدي انه بدل ما يروح يعيش معاكم في بيتكم، يقعدوا في الملحق بتاع البيت وعلى الاقل ياخدوا راحتهم.
ابتسم ابريس بشكر:
بشكرك يا كريمة والله، بس احنا مش حابين نزعجك.
رفضت كريمة حديث ابريس كليا:
تزعج مين بس، هو أنا افديك الساعة اما اقعد ملوك وفراعنة في بيتي مش يمكن يذكرونا بعد كده في كتب الدراسات بتاعة اعدادي ويذكروا موقفنا المشرف في استضافة ملوك كبار في منزلنا المتواضع...
انهت حديثها ببسمة غبية ثم أضافت بخبث:
بعدين يعني مش ممكن نستفيد منهم.
تحدث جاسر بسخرية لاذعة:
ايه هنحطهم في متحف ولا إيه.
هزت كريمة رأسها برفض قاطع:
ليه هو احنا واطيين لا قدر الله؟ احنا بس يا دوبك ممكن نخليهم يدوا دروس تاريخ للعيال الفشلة دول.
أشارت لمصعب ونازيا: يعني مثلا باسل، شوف الولد فرعوني أساسا بس ملوش علاقة بالفراعنة غير برنامج رامز عنخ امون، ومقتنع ان رامز عنخ امون ده ملك حقيقي من ملوك الأسرة السابعة أساسا.
ضحك ابريس على حديث كريمة:
طب اعمل ايه انا دلوقتي اسيبهم هنا ولا اخدهم معايا.
أشار احمس لكريمة قائلا بهمس خافت عند اذن ابريس:
ابريس لا تتركنا مع تلك المختلة، أخشى أن تقتلنا ليلا ونحن نيامى.
كبتت ميسرة ضحكة كادت تفلت منها بينما نيرة نظرت خلفها للأطفال الذين بدأوا يسقطوا واحدا تلو الاخر:
طب يا كراميلة انتم اتخانقوا براحتكم واحنا هنروح لان العيال بدأت تسلم شيفت.
هزت كريمة رأسها بإيجاب مشيرة نحو الخارج:
طب حصلوني على الملحق.
انهت حديثها ولم تعطي لهم الفرصة حتى ليعترضوا.
مسح احمس وجهه بضيق من تلك السيدة:
عندما رأيتها لأول مرة منذ زمن لم أكن أظن أنها مزعجة بهذا الشكل، يا رجل في حياتي لم أرى امرأة مزعجة مثلها.
ضحك ست وهو يدفعه للخارج:
انظروا من يتحدث؟ حكيمنا الذي كان يبحث عن فتاة مجنونة للزواج، لولا أن القدر وضع ايانا بطريقك لكنت الان متزوجا من فتاة مثلها.
ضحكت نانيس على ملامح احمس الممتعضة بينما تحدث بيك:
آه يارجل مجرد تخيل امرأة مثلها تعيش بيننا يقتلني، لقد تخلصت من تيتي بصعوبة...
ضحك الجميع على حديث بيك ليلحقوا بكريمة التي وجدوها تقف أمام إحدى المنازل الصغيرة لتتتحدث كريمة مشيرة للمنزل:
ده الملحق بتاعنا محدش هيزعجكم فيه تقدروا تعتبروه الهرم بتاعكم او المقبرة بتاعتكم عادي.
زم احمس شفتيه بتهكم:
كان عندنا بيوت وقصور عادي والله. مش عايشين في مقابر احنا.
تحدث ابريس بتعب من ذلك اليوم الطويل:
طب دخليهم بقى يا كريمة وانا هاجي ليهم الصبح نشوف حل فيهم.
نظر له احمس بامتعاض:
هو إنت مش طايقنا؟
نظر له ابريس وكاد يجيب لولا سماع الجميع لصوت عالي يصدر من داخل الملحق ليركض الجميع للداخل...
بتعمل ايه هنا.
انتفض باسل فزعا على تلك الكلمات التي صدرت من احد خلفه ليتبين انه تاج الذي كان يتحدث، ابعد باسل طرف ثيابه العلوية عنه وهو يبصق فيها بطريقة وهمية:
تف تف تف، خضتني يا اسمك ايه، مش تكح يا جدع كنت هتوقف قلبي.
نظر تاج حول باسل ليجد عجين الكعك في كل مكان والاوني متسخة والارضية متسخة وكل شئ حوله في فوضى:
بتعمل ايه كده؟ وايه البهدلة دي، ده لو ميسرة لمحت المطبخ كده هتجلدك انت وابوك.
تجاهل باسل تهديد تاج ليرفع أحد الأطباق الصغيرة بيده قائلا:
ها ايه رأيك تفتكر هتعجب ساندي.
تشنج تاج ناظرا لتلك الكعكة الصغيرة بيده والتي تسمى كاب كيك وكان شكلها مزري حقا:
وانت تعمل كاب كيك لبنتي ليه وبمناسبة ايه؟ ثم ايه البجاحة اللي في دمك دي جاي تسألني اذا كانت الكاب كيك هتعجب بنتي عشان تثبتها...
لوى باسل فمه باستهجان لطريقة تفكير عمه:
. اولا يا عمي انا مش بعمل كاب كيك لساندي بس، انا بعمله لكل بنات البيت وليا أسبابي الشخصية، ثانيا اللي انا عملته ده مش بجاحة انا بس باخد رأيك عشان عامل حساب انها بنتك بس وانت اكتر واحد تعرفها، وده يثبتلك حسن نيتي على فكرة لاني لو كنت بعمل حاجة غلط كنت خبيت.
هز تاج رأسه باقتناع نزيف مشيرا لبعض الكاب كيك بجواره:
وايه دول؟
نظر باسل ببسمة غبية خلفه:
دول طاب كيك لباقي البنات.
ابتسم له تاج ليكمل باسل دون الانتباه لملامح تاج:
أصل أنا أساسا زعلت سما، فقولت ليه يا واد يا ابو البواسل متعملش حركة جدعنة كده وتعملها حاجة بتحبها قعدت افكر لغاية ما استقريت على الكاب كيك.
ابتسم بسمة لا تنتمي لطفل ليكمل واضعا يده جهة قلبه:
وعشان ده حنين مش بيحب يظلم حد او بيقدر يزعل حد قولت لازم اعمل لكل البنات معايا، أصل انت مش فاهم يا تاج، انا مقدرش افرق أبدا بين بناتي.
نظر له تاج بشر وفي ثواني كان يهجم على الكاب كيك يأكلهم بشراهة بينما باسل يصرخ به أن يتركهم:
طب حتى سيب واحدة لسما اصالحها بيها لا استنى حرام عليك اصبر.
توقف عن الحديث حينما وجد تاج قد أنهى كل الكاب كيك ليقول بفم ممتلئ بالطعام:
وريني بقى يا كازانوفا هتعمل ايه، ابو تربيتك يا أخي هيجيلي تسمم معوي بسببك.
تحرك ساحبا خلفه نونيا التي نظرت بشفقة لباسل:
حرام عليك يا تاج ليه كده الواد تعب فيهم وانت تاكلهم كده مرة واحدة، شكله يقطع القلب.
نظر لها تاج بتشنج ضاحكا وهو يمسح فمه:
شكله يقطع القلب؟ اتحداكِ اما كان عنده خطة بديلة.
في الأسفل نهض باسل صوب الخزانة ليفتحها فيجد الكثير من أكياس المارشيمللو ليبتسم:
الكاب كيك راح بس باقي الميللو مش مشكلة اهو يأدي الغرض اظبط بقى لادنيا قبل ما البنات تيجي...
خرجت شافا من المعمل بعد بحث طويل في كتب احمس لتجد ايانا تقف امام المعمل كأنها تنتظرها...
توقفت شافا ترمقها من أعلى لاسفل بتقييم:
ماذا هل اشتقتِ لي؟
اقتربت منها ايانا ببسمة جامدة:
لا أظن فأنا لا اشتاق سوى لاحمس فقط.
اغتاظت شافا كثيرا من حديثها:
اذا لما تقفين هنا وكأنك تحرسيني.؟
ابتسمت ايانا تتحرك حول شافا ترمقها بتركيز:
لاني لا اثق بكِ شافا أعلم أنكِ لن تساعدينا هكذا وبهذه السهولة، بالتأكيد هناك شئ تخفيه وهذا الشئ لن يكون أبدا بالجيد.
ابتسمت شافا بخبث:
يبدو أنكِ تعرفيني جيدا.
هتفت ايانا بنبرة ماكرة:
أنا لا اعرفك جيدا، بل احمس هو من أخبرني هذا عنكِ.
صدمت شافا من حديثها لتسمع صوت يقاطعهم:
اذا يا شافا هل توصلت ِ لشئ؟
تجاهلت شافا حديث ايانا الان واستدرات لحوني الذي كان برفقته الجميع:
نعم تقريبا توصلت لشئ يمكنه مساعدتنا.
تحدث ازى باهتمام شديد:
وماهو هذا الشئ؟
همست شافا بنبرة غامضة:
شجرة العصور...
صاحت كريمة مشيرة لأحمد الذي كان يجلس مع فاطمة في الملحق بعيدا عن الجميع:
طبعا ما بيصدقوا عيني تغفل عنهم، بتعمل ايه ياض انت وهي.
نظر احمد بتعجب للجميع:
هو فيه إيه؟
تحدثت كريمة تتجه صوبه:
فيه قلة أدب وسفالة.
انحنى جاسر على نسرين هامسا:
دلوقتي هتجيب سيرتي.
اكملت كريمة حديثها تتجهه لهم بحنق:
هتوقع ايه من ابن جاسر يعني؟ داعية إسلامية؟
نهض احمد يلوي فمه بضيق وهو يسحب فاطمة له:
انا كنت براضيها يا كريمة و...
أشارت له كريمة بالصمت:
اششش خلاص اسكت مش وقتك بعدين نشوف حوار تربيتك، ها يا جدو ايه رأيك في البيت؟
نظر احمس حوله للمنزل:
لا بأس به يحتاج فقط لبعض التنظيف.
حدقت كريمة للمنزل بعدم رضا مشيرة لنانيس:
آه نعم معك حق، اذا لما لا آخذ تلك الجميلة بيدك ونذهب للحديث قليلا ريثما تنتهون من تنظيف المنزل، سأترك معكم جاسر وابريس.
نظر ست لها يحاول تكذيب ما سمع:
عفوا لم افهمك هل تقصدين اننا نحن من سننظف هذا المنزل العفن.
ابتسمت كريمة بسمة مستفزة مشيرة للمنزل:
نعم يا مولاى انت من ستنظف هذا المنزل العفن.
تحدث بيك ممتعضا من أوامر تلك المختلة كما يقول:
وماذا ستفعل النساء اذا إن قمنا نحن بالتنظيف.
تهكمت كريمة من حديثه ذاك وتقليله للمرأة:
أرى أن التحيز للرجال موجود منذ قديم الأزل، أمال ايه بقى كتب الدراسات اللي دوشانا بموضوع ان المرأة واخدة حقوقها كاملة في البيغ والشراء وغيره.
لم يفهم ست وبيك ونانيس حديثها كامل لكنه رغم ذلك اكملت:
استمعوا جيدا لحديثي لن يقوم أحد بتنظيف المنزل هذا سوى الرجال وإن سمعت كلمة اضافية سوف أخبر رضوى الشربيني بذلك وانكم تتحاملون على المرأة...
كرمش احمس ملامحه بتعجب:
ومن تلك السيدة التي ذكرتيها؟
أجابت كريمة بجدية شديدة على تساؤل احمس:
أنها رمز الفيمنست في العصر الحالي، والان هيا لنذهب وسوف ارسل لكم مصعب باداوت التنظيف.
وما كادت تلتفت حتى سمعت صياح من خلفها استدارت لتجد ست يكاد يهجم عليها.
ركض احمس سريعا ليمسك ست مانعا إياه من التهور فقد اوصلته كريمة لآخر مراحل الغضب التي يمكن أن يصل إليها يوما...
صرخ ست يحاول دفع احمس عنه ليتمكن من كريمة: ابتعد عني يا احمس سأقتلها تلك المجنونة، اقسم فقط لو أعلم من أى سلالة انحدرت سيكون أول شئ أفعله عند العودة هو إبادة جماعية لتلك السلالة المختلة.
نظرت كريمة له بغضب ترد عليه صراخه ذاك: حسنا اذا لتبيد سلالتك فلا أرى سلالة مختلة اكثر من سلالتك مولاى اذا لابد انني انحدرت منها.
انهت كلامها ببسمة مستفزة ليصل غصب ست للذروة فيسحب سيف بيك صارخا: حسنا لن استطيع انتظار العودة سوف انهي تلك السلالة، والآن.
دخل صلاح لحديقة المنزل حيث الجميع بعدما عاد من عمله ليمسح وجهه بملل مما يحدث ليتجه صوب غرفته قائلا:
لما تخلصوا يا كريمة ابقي صحيني عشان اتغدا.
أنهى حديثه دالفا للمنزل مما جعل كريمة تصرخ به:
صلاح خد هنا حوش الراجل ده عنا، ده عايز يبيد سلالتي يرضيك مراتك تتباد يا صلاح.
أجاب صلاح ببرود وهو يغلق الباب:
آه يرضيني، متنسيش تجيبي مخلل على الغدا.
فتحت كريمة فمها ببلاهة لكن وجدت احمس قد أفلت ست لتركض سريعا كما العادة وتقف على الاريكة التي في الحديقة صارخة به:
أقف مكانك متتحركش خطوة واحدة بدل ما تولع انا بقولك اهو، ايه فاكرني بخاف لا يا خويا انا لا حكومة تهمني ولا بوكس يلمني...
صدح صوت طرق عنيف على باب المنزل يتبعه صوت جهوري هاتفا: حكومة...
نظرت كريمة للباب بفزع تبتلع ريقها لتقول بنبرة توشك على البكاء:
يا اسطا انا بهزر والله.
كان سيف يضم تيتي بحنان وهم يجلسون أسفل النجوم وعلى التلة لتهمس تيتي له:
سيف تفتكر لو مكنتش حبيتك كنت هبقى فين دلوقتي؟
ضمها سيف بين احضانه يدفن وجهه في رقبتها هامسا بعشق:
كنت هتبقى بين احضاني برضو لان قدرك مربوط بيا يا تيتي حتى لو ايه حصل...
ابتسمت تيتي لحديثه:
يا عم بقولك تخيل، يعني فكرك كنت هكون دلوقتي فين؟ اكيد هكون متجوزة أمير ولا حاجة وانت متجوز دكتورة زميلتك.
نظر لها سيف بامتعاض لا يحب هذا الحديث ورغم ذلك قال:
مكنتش هبقى متجوز أساسا، تيتي انا عمري ما فكرت اتجوز او استقر غير لما عرفتك وشوفتك، ولو كنت هتجوز اي واحدة زميلتي ماكنت اتجوزتها من زمان إنما أنا مفكرتش اني اعمل عيلة او اتجوز غيرك انتِ.
ابتسمت له تيتي بعشق لتضمه اكثر هاتفة: ربنا يحفظك لينا يا رب يا سيف، انا من غيرك مش هعيش يا سيف.
ابتسم لها سيف هامسا بعشق:
طول ما ربنا مقدر ليا أعيش، هعيش دايما جنبك ومعاكي يا تيتي.
اتجه احمد ليفتح الباب بتعجب فوجد أمامه سامر يبتسم بغباء:
سلام عليكم.
نظرت كريمة لسامر بغيظ:
انت ياض مش رجعت مع امك البيت ايه اللي رجعك دلوقتي...
ضحك سامر يدخل للمنزل:
نسيت مفاتيح اوضتي انا وبدور فجيت اخدها ياختي
بس انتي مالك وشك مخطوف كده.
ضحك مراد شامتا:
أصلها فكرت إن فيه بوليس بجد.
ابتسم سامر لكريمة يغمز لها:
أنفع يا كرميلة؟
عضت كريمة شفتيها بغيظ لتنزع خفها سريعا ملقية إياه عليه فيركض سامر للخارج بسرعة تحت ضحكات الجميع
لتلاحظ كريمة شئ ساقط أرضا فاتجهت صوبه بتجهم:
هو ماله ماشي يسقط اشياءه كده ليه.
زفرت بضيق تشير لهم:
هروح ادي بسكوتة باشا تليفونه قبل ما يمشي، محدش يتحرك من مكانه عشان هي نونوت في دماغي هتنضفوا يعني هتنضفوا انهاردة والا هجيب الست رضوى تملالكم البيت بلوكات.
انهت حديثها متجهة للخارج تبحث بعينها عن سامر لتجده كاد يصعد لسيارته في فصاحت عليه بنزق تتجه له:
انت يا نايم نسيت تليفونك ده انت...
لم تكمل كلامها بسبب صرخة سامر المرتعبة باسمها ومن بعدها لم تسمع شئ او تشعر بشئ سوى ارتطام جسدها بشئ صلب لتفقظ بعدها الشعور باي شئ.
في الداخل تحدث ابريس ينظر لميسرة:
هناخدهم معانا بدل ما نرجع الصبح نلاقي كريمة قتلتهم او هما قتلوها...
ضحكت ميسرة عليه ولم تكد تجيب لولا صوت احمس الحانق الذي صرخ بهم:
حسنا يا ابريس غيرت رأيي اعطني قلادتك اللعينة تلك سوف نعود بها اما عنك فلا نريد رؤيتك مجددا ببيت المجانين هذا.
هز بيك رأسه يوافق حديث احمس ليقاطع حديثهم صلاح الذي كان يركض كالمجنون يخرج من المنزل صارخا باسم كريمة، سقط قلبا لجميع رعبا مما يحدث وركضوا خلفه ليتصنم الجميع من مشهد كريمة وهي تسبح في بركة دماء كبيرة وبجانبها سامر يصرخ ويبكي كالاطفال يترجاها أن تفيق...