رواية لعنة الفراعنة الجزء الثالث للكاتبة رحمة نبيل الفصل الرابع عشر والأخير

رواية لعنة الفراعنة الجزء الثالث للكاتبة رحمة نبيل الفصل الرابع عشر والأخير

رواية لعنة الفراعنة الجزء الثالث للكاتبة رحمة نبيل الفصل الرابع عشر والأخير

كان يتسطح على فراشه وهو يغمض عينه بتعب لا يصدق ما عاناه الساعات الماضية كاد يموت دون مبالغة، خرج من شروده على صوت طرق الباب ليقول دون رفع يده من على عينه:
علي اوضتك يا ساندي مش هتكلم مع حد
زفرت ساندي من الخارج من رأسه اليابس لكن بعدها تذكرت نصيحة تيتي لها وأخذت تردد وهي تفتح الباب ببطئ:
تناحة وكلاحة، تناحة وكلاحة
دخلت غرفته لتجدها تسبح في الظلام، مدت يدها تبحث عن مفتاح الإضاءة لتسمع صوته يحذرها:.

اوعى تقيدي النور يا ساندي واطلعي لو سمحتي دلوقتي
اقتربت منه ساندي دون أن تعير كلامه اهتمام ثم وضعت الطعام على الطاولة الصغيرة بجانب الفراش وأخذت نفس لتهدأ ثم مدت يدها تهزه برفق:
مروان انت زعلان مني؟
ابتسم مروان بسمة ساخرة:
لا يا حبيبتي ابدا وازعل منك ليه؟ ده انتي يا دوبك كنتي هتموتيني من الرعب، فداكي ياقلبي.

نظرت له ساندي بحزن تعلم انها تهورت لكن ماذا كان بيدها لتفعل، فهذا أول خاتم يهديه لها وقد حصل عليه بعد تعب كبير...

مدت يدها مجددا تحاول إبعاد يده من على عينه مبتلعة ريقها لتتمكن من ذلك وبمجرد ابعادها ليده انحنت سريعا لتقبل خده بحنان هامسة بندم: انا اسفة والله مش هتتكرر تآني يا مروان والله اخر مرة.

كان مروان يحاول تمالك نفسه حتى لا يجذبها لاحضانه في الحال وينسى كل غضبه وحزنه منها، و بصعوبة ابعدها برفق ثم أعطاها ظهره يهتف ببرود شديد: اقفلي الباب وراكي يا ساندي.

نظرت له ساندي بوجع لتهبط دموعها دون أن تشعر ثم وضعت رأسها على ظهره من الخلف مبللة ثيابه بسبب دموعها هامسة باختناق: انا اسفة والله ما هعمل كده تاني، انا بس كنت عايزة ألاقي الخاتم باي طريقة يا مروان، ده اول هدية تجيبها ليا في حياتك وانا عارفة تعبت فيه ازاى، والله العظيم يا مروان ما كان هيهمني حاجة بس...

صمتت تبكي بشدة لتكمل بنبرة قطعت قلبه: افتكرت فرحتك وانت بتلبسني الخاتم وتقولي ده أول حاجة اجبها بمرتبي وانك حوشت مرتب شهور كتير عشان تجيبه والله مقدرتش يا مروان ده اول ذكرى منك وانا وعدت نفسي عمري ما هضيعها، حقك عليا يا مروان انا اسفة.

استدار مروان لها ليجذبها لصدره برفق وحنان شديد كأنه يخشى أن تنكسر بيده لتنفجر هي باكية في احضانه، تدفن رأسها في صدره تتحدث حديث غير مفهوم بسبب شهقاتها.

أخذ مروان يحاول تهدئتها مربتا على ظهرها بحنان وهو يعتذر منها على جعلها تبكي: خلاص يا ساندي كفاية عياط، انتي متعرفيش انا حصلي ايه لما تاج كلمني يسألني عليكي وانا مفكرك رجعتي من بدري قلبي وقف يا ساندي اقسملك بالله حسيت نفسي مش قادر اتنفس وميت سيناريو وسيناريو جه في دماغي وبقيت عامل زي المجنون مش عارف اروح فين ولا اعمل ايه...

ضمت ساندي نفسها له أكثر تعتذر منه عما حدث ليربت عليها بحنان يخبرها أنه لم يعد غاضبا، ابتسمت ساندي تبتعد عنه وهي تمسح دموعها ثم احضرت الطعام تخبره ببسمة: تعالى كل طيب انت متعرفش انا طلع عيني عشان اجيب الاكل ده ازاي من تحت ايد عدى.

صدحت ضحكات مروان ترن ارجاء غرفته ودون أن يعطيها فرصة لتفهم كان يقترب منها يقبلها في جبينها قبلة طويلة يحمد الله على سلامتها ابتعد عنها هامسا بعشق: بحبك.

نظر الجميع في الأسفل لباسل بغباء ليبادر سيف في الحديث:
مش فاهمين معلش عيد كلامك تآني
زفر باسل بضيق ينهض من مقعده ليتوقف في منتصف البهو ثم صاح بصوت عالي:
بقول عايز اتجوز يا جدعان هو حرام ولا إيه؟
ابتسم ابريس يعلم من يقصد باسل بحديثه لكنه صمت حتى يسمع هذا منه، تحدث مصعب ساخرا من ابنه:
حاضر يا حبيبي بكرة الصبح نتجوز انا وانت وامك وناهد
لوى باسل شفتيه بضيق من سخرية والده ليتمتم بضيق:.

طبعا ما انت مش خسران حاجة معاك مزتك وعايش
استمع له مصعب ليقول بغيظ من ابنه:
بتقول ايه ياض سمعني كده
اقترب منه باسل برجاء:
بقول جوزني يا مصعب واكسب ثواب فيا ده انا ابنك يا جدع مش كده
ابتسم له مصعب يربت على خده:
ما هو عشان انت ابني وانا عارفك بقولك بلاش يا حبيبي، انا قلبي عليك صدقني
ابتعد عنه باسل متجها صوب ابريس لربما يوافق هو:.

يا ابريس أن شاء الله يارب تحج انت وميسرة اللهي يطعمكم ما يحرمكم جوزني يا شيخ اللهي يارب تكسب وتربح
ضحك ابريس بصخب لتضربه ميسرة بغيظ ثم نهضت تضم إليها باسل:
حبيبي سيبك منهم كلهم انا هجوزك يا قلبي انت بس شاور على اللي انت عايزها وانا فورا هجوزها ليك
ابتسم باسل لا يصدق حديث ميسرة ليبتعد عنها بسرعة هاتفا بفرحة كبيرة:
بجد والله يا ميسرة؟ هتجوزيني البت رنا.

ابتسم ابريس فقد صدق حدسه بالفعل، نظر مصعب لابنه بشك:
رنا بنت أحمد؟

هز باسل رأسه بايجاب لتبتسم نازيا بفرحة وتتجه لابنها تضمه بحب شديد وهي تهنئه وفي ثواني بدأ الجميع يهنئ باسل وهو يستقبل التهاني ببسمة بينما مصعب يشير له من الخلف بلا وكأنه يحذره من شيء ليضحك باسل على والده ثم ابتعد عن الجميع في نفس وقت هبوط مروان وساندي ليصدح صوت باسل متحدثا لعدى:
يلا يا عدى دفترك وقلمك ومعانا لعمي أحمد عشان نتجوز.

صمت الجميع يرمقونه بعدم فهم ليقول عدى ببسمة باردة:
كان على عيني بس الصفح خلصت استنى بقى لما اجيب دفتر جديد.

اقترب منه باسل سريعا يترجاه:
لا ابوس ايدك يا عدى الدفتر والتيكت والجلاد عليا بس شوف كده لو فيه حتى صفحة واحدة او اقولك اكتبنا في أي مسودة عندك انا موافق.

تحدث تاج بعدم فهم لاصرار باسل:
ايوة يعني انت عايز ايه دلوقتي بدفتر عدى؟

ابتسم باسل ينظر للجميع ليقول بجدية مضحكة:
لا مؤاخذة في البجاحة لا مؤاخذة في إيه؟ في البجاحة، انا عايز اكتب الكتاب دلوقتي حالا...

كان الجميع يتحدثون في أمور عادية حتى سمعوا فجأة صوت طرق عنيف على الباب لينظر جاسر لعائلته بتعجب سرعان ما تحول لدهشة وهو يستمع لصوت ينادي في الخارج:
ابو احمااااد، ابو احمااااد.

نكزت نسرين جاسر لينهض:
قوم شوف مين اللي بينادي؟

نظر لها بعدم فهم ليتعالى النداء مجددا فتحدثت نسرين:
مش سامع؟ حد بينادي عليك.

أشار جاسر لنفسه بعدم فهم:
انا؟ ابو أحمد؟

ضحك أحمد ينهض من مكانه متجها صوب الباب:
هتتبرى مني ولا ايه يا ابو أحمد.

ردد جاسر الكلمة بينه وبين نفسه لا يستوعبها هو أبو أحمد؟

ابو احمااااد يالمنحرف يالموكوس.

ضحكت نسرين من الداخل بعنف على ما تسمعه لتقسم أن من بالخارج ليست سوى كريمة وبالفعل بمجرد أن فتح أحمد الباب شعر وكأن هناك طوفان من الأشخاص قد فتح حيث وجد جميع افراد العائلة من اكبرهم لاصغرهم يدخل بيتهم دون نسيان ولو فرد واحد، أطلقت بدور زغرودة عالية شاركتها بها تيتي وساندي وكريمة تصفق بفرح وهي تغني والجميع يغني معها:
عند بيت ام فاروق، الشجر طرحت برقوق.

والحميع يردد خلفها بصخب وفرحة:
هاي هاي.

كان جاسر وعائلته يشاهدون ما يحدث بعدم فهم ليهمس معتز لشروق:
هو فيه إيه؟ هو بنتك عملتها واتجوزت من ورانا ولا إيه.

حشرت أسماء نفسها في المنتصف تهمس مثلهم:
لا والله، بس نفسي.

ابعدها معتز بغيظ ثم راقب ما يحدث مثل الجميع.

تحدث جاسر ببرود يرمق كريمة:
فيه إيه يا كريمة؟ عاملة فرح لمين؟

ابتسمت كريمة تشير لباسل الذي كان يبحث بعينه عن رنا:
عقبال عندك يارب كتب كتاب الواد الأهبل باسل على حفيدتك القفل رنا.

ثم دفعت صلاح جانبا:
ضهرك كده يا ابو صلاح، اتفضل يا مولانا أتفضل وسع ياض لمولانا أتفضل يا مولانا.

تقدم عدى بكل تكبر من الجميع وهو يحمل دفتره ويرتدي جلباب المأذون فوق بجامته المنزلية ويسير بها بكل فخر كما لو كان يرتدي بذلة ذات ماركة عالمية، اتجه عدى صوب الاريكة التي تجلس عليها نسرين ليجلس بجانبها قائلا:
قبل ما أبدا اكتب كلمة واحدة قومي يا نسرين حضري العشا عشان لما بكتب الكتاب بجوع آوي يلا بسرعة.

ثم فتح دفتره ليتنحنح يحاول اصطناع الجدية ليقول:
أين العريس؟

رفع باسل يده بفرحة:
انا يا عدى انا العريس.

أخذ الجميع يصفق لباسل وكأنه على وشك الصعود لمنصة استلام جائزة.

نظر له عدى بقرف ليكمل:
وأين وكيل العروس؟

أشارت كريمة لأحمد تدفعه نحو عدى:
اهو يا مولانا اهو وكيل العروسة.

نظر أحمد لكريمة ببلاهة وهي تدفعه نحو عدى ليتوقف صائحا:
هو فيه إيه؟ حد يفهمني؟

تحدثت كريمة وهي مازالت تدفعه:
ما انا قولت ان زينة الشباب والراعي الرسمي للشخلعة والدلع في مصر عايز يتجوز بنتك.

توقف أحمد ثم صرخ بالجميع أن يصمت ليصمت الجميع فجأة:
بهدوء كدة عايز حد عاقل يكلمني.

ابتعد الجميع بسرعة مشيرين لابريس الذي كان يجلس بعيدا عن الجميع يراقبهم بهدوء، نظر أحمد لابريس ليتنفس براحة:
عمي ابريس ابوس ايدك فهمني اللي بيحصل في ام العيلة المجنونة دي.

نهض ابريس يتجه بهدوء لأحد المقاعد مشيرا لأحمد وجاسر بالجلوس وفي ثواني كان الجميع يجلس على المقاعد يترقبون تلك المحادثة:
بص يا أحمد باختصار يا بني حفيدي حابب يطلب ايد بنتك ليه، عارف اننا جينا في وقت مش مناسب وبشكل مش مناسب بس يا بني انت مش غريب وعارفهم عيلة ولاد مجانين مفيش فيهم واحد بيستخدم عقله اللهم وإلا مراد بس ويا عيني من كتر قعدته مع كريمة قرب يتجن، فها يابني ردك ايه؟

نظر أحمد للجميع لا يستوعب ما يحدث ليشعر في نفس الوقت بشيء يكسر خلفهم لينظر الجميع فوجدوا رنا ترمقهم بصدمة بعد أن كسرت كوب الماء الذي كانت تحمله لا تصدق ما يحدث أمام عينها الآن هل حقا جاء باسل لخطبتها بهذه السرعة؟ ظنته يمزح.

ابتسم أحمد لابنته يعلم بحبها لباسل لينظر بعدها لوالده الذي ابتسم له يهز رأسه بموافقة صمت أحمد قليلا ثم قال:
انا مش موافق.

انقلبت ملامح الجميع من حديثه لكنه اكمل:
غير لو باسل كتب ليا تعهد على نفسه عشان عيلة مصعب مش مضمونة.

نهض الجميع فجأة يصرخ بحماس وفرحة وهم يعانقون بعضهم البعض وكأنهم يشاهدون مباراة وقد أحرز فريقهم هدف للتو.

زم مصعب شفتيه بضيق يربع يديه على صدره:
مالها عيلة مصعب يا عنيا، بناكل بني ادمين ولا بنطير ولا يكونش عندنا تلات عيون؟

ابتسم أحمد ببرود يضع قدم على قدم وقد جائته فرصته:
والله كلنا عارفين عيلة مصعب مالها مش محتاج أوضح.

صاحت كريمة بحنق:
واد يا أحمد انت عايز تبوظ الجوازة ياض؟ قول قول متتكسفش.

وفي نفس الوقت نطقت بالتزامن مع جاسر الذي قال جملتها المعروفة:
هتوقع ايه من ابن جاسر اكيد مترباش.

نظرت كريمة لجاسر بغيظ ليبتسم لها ببرود لينفجر الجميع ضحكا عليهم.

شعر أحمد بأحد يشرف عليه من الأعلى ليجد باسل يقف بجانبه فنظر له بترقب ليبتسم له باسل ويتحدث بجدية قلما تحدث بها:.

هعيد طلبي تآني يا عمي، انا بحب رنا وربنا يعلم اني والله العظيم عمري ما فكرت اضايقها او اتخطى حدودي معاها صدقني والله هحطها في عيني وعمري ما هخلي الزعل يقرب منها و لو في يوم نزلت دمعة واحدة منها يبقى انت ليك حق عندي وتقدر تاخد بالطريقة اللي تحبها بس لازم تعرف اني رغم هزاري وضحكي والله هحتفظ على رنا بروحي ارجوك وافق والله ما هتلاقي حد يحبها قدي.

نظر له أحمد بحنق:
لاحظ إنك عمال تقول بحبها كتير قدام ابوها.

ضحك باسل يعتذر منه لينظر أحمد لابنته يسألها رأيها بعينه رغم معرفته رأيها بالفعل لتنظر رنا أرضا بخجل و بسمتها تضيء وجهها بشدة ليبتسم أحمد ينظر لعدى الذي كان يتناول بعض الفاكهة:
يلا يا عدى جهز دفترك...

مر اسبوع على عقد قران باسل ورنا وقد اتفق الجميع على إتمام الزفاف مع ساندي ومروان بعد انتهاء السنة الدراسية...

في صباح يوم جديد كانت تسير في جامعتها وهي تنظر في الورق بيدها ومن بعيد كان يقف ويراقبها كما اعتاد أن يفعل ولمدة اسبوع فكان يأتي الجامعة مخصوص ليراها فقط هذا الأسبوع الذي ازداد اعجابه بها وتعلقا كان يراقبها من بعيد دون أن يقترب خطوة واحدة منها كما وعد والدته، فجأة وجد أحدهم يوقفها ويتحدث معها لتنكمش ملامحه بانزعاج حتى انتبه لصوتها الذي احتد وهي تحاول أبعاد ذلك الشاب عنها فخرج من مخبأه سريعا راكضا إليها ليجدها تكاد تشتبك مع ذلك الشاب ليجذبها بعيدا عنه.

كانت تسير بكل هدوء وهي تحمل ورق المراجعة الذي احضرته لاخوتها بعد أن بقيت كلتاهما في المنزل لتقرر هي المجئ وإحضار كل ما يلزمهم حتى قاطعها ذلك المقيت الذي تركته وقطعت صداقتها معه منذ اسبوع:
سمارا استني طيب فهميني طيب انا عملت ايه؟

توقفت سمارا قليلا تنظر له ثم حاول أن تهدأ:
اسمع يا سراج انا مقدرة والله اننا كنا صحاب وغيره بس بعتذر منك انا مقدرش اني اصاحب شباب أبدا ولا اخون ثقة اهلي أبدا.

ابتسم سراج بسخرية:
ايه وانتي لسه فاكرة دلوقتي اهلك وثقتهم؟

نظرت له سمارا بشر لتبدأ تصرخ ليحتد النقاش بينهم بشدة حتى كادت تهجم عليه لكن فجأة شعرت بأحد يجذبها بعيدا ويتصدر هو المشهد بجسده الطويل وعضلاته لتسمع صوت سراج يتحدث بحدة:
فيه حاجة حضرتك؟

تحدث بيجاد بغضب يود لو يقتله لتماديه معها:
انت اللي فيه حاجة حضرتك؟ فيه مشكلة يعني لو فيه مشكلة أتفضل نحلها سوا.

قال حديثه بتهديد مبطن جعل سراج يتراجع قليلا فهو الخاسر أمام ذلك الشاب بالتأكيد لكن لم ينسى أن يرمق سمارا بنظرة نارية:
تمام يا سمارا أنا كدة فهمت آوي انتي بعدتي ليه.

ابتسمت سمارا بسمة باردة:
طريق السلامة يا خويا.

رحل سراج وهو يغلي من الغضب بسبب تلك الفتاة بينما كان بيجاد ينظر لاثره بغيظ ولم ينتبه لمنادته أياها بسمارا وليس ريا...

استدار لسمارا فجأة يرفع يده بتهديد:
انتي يابت هبلة؟ في واحدة تقف قدام شاب وتعانده؟ افرضي ضربك ولا عملك حاجة؟

نظرت له سمارا من أعلى لاسفل ببرود ثم تحركت بعيدا عنه:
كنت هتصرف ملكش دعوة انت وعموما متشكرين افضالك يا عم فكك بقى مني.

كادت ترحل تاركة اياه يستمع لحديثها بعدم فهم ليركض سريعا واقفا أمامها:
انتي بتكلميني كده ليه هو انا عملت ليكي حاجة غلط؟

نظرت سمارا لذلك الشاب لا تفهم حديثه معها وكأنه رفيق قديم يعاتبها:
انت اهبل ياض هو أنا اعرفك عشان تعمل ليا حاجة؟

صدم بيجاد من حديثها ليبتلع ريقه هل هي تدعي الان عدم معرفته لتجعله يبتعد عنها، هل فعلت ما فعلته المرة السابقة لأنها اشفقت عليه لا أكثر:
انا بعتذر لو كنت ازعجتك بس انا. انا بس كنت حابب اشكرك على اخر مرة يا ريا.

انتبهت سمارا لنطقه اسم اختها لتعلم أنه ظنها ريا ابتسمت بخبث:
انت تعرف ريا منين؟

نظر لها بعدم فهم لتكمل ببسمة ماكرة:
شوف البت عاملة نفسها هبلة وطلعت بتصاحب عيال بعضلات.

نظر بيجاد لنفسه بصدمة ليرفع رأسه لها بسرعة ولهفة وهو يسمعها:
بس انا مش ريا انا اختها.

ابتسم بيجاد وقد دبّ الأمل في قلبه مجددا يقول بلهفة:
اختها؟ هي ليها توأم؟

ابتسمت سمارا تاركة اياها وهي تقول:
تؤتؤ ليها تلاتة احنا تلات توائم يا باشا.

نظر بيجاد لاثرها ببسمة يشكر الله أنها لم تكن ريا فلو كانت هي ولم تتذكره كان ليتدمر نهائيا.

انتبه لابتعاد سمارا ليركض خلفها سريعا وهو ينادي عليها:
يا آنسة استني بس لو سمحتي.

توقفت سمارا ترمقه بتعجب لتلاحظ ولأول مرة ندبته التي تتوسط خده لتفيق من تأملها اياه وهو يقول:
ممكن رقم تليفون...

تحولت نظرات سمارا للغضب ليكمل هو حديثه بسرعة:
رقم والدك والله كنت هقول رقم والدك.

نظرت له سمارا بشك:
وانت عايز رقم بابا ليه؟

ابتسم بيجاد بخجل ينظر أرضا:
احم كنت حابب اتكلم معاه في موضوع، ارجوكي مش عايز بس غير رقمه.

كان عدى ينظر بضيق للجميع الذين أصروا على حضور هذا الاجتماع بعد أن أخبرهم بأن هناك من يود الزواج بريا الصغيرة...

مد يده لأخذ قطعة كيك بضيق لي ميسرة تضرب يده كما الطفل الصغير الذي يخطف الطعام:
ايدك يا عدى ده للضيوف.

نظر لها عدى بحنق ليهتف بتذمر شديد:
وانا ابو العروسة يعني اكل براحتي ومحدش يكلمني.

كادت ميسرة تجيب لولا صوت الباب الذي على لتنهض نيرة:
انا هفتح...

اتجهت نيرة للباب وفتحته سريعا لتلمح شاب وبجواره امرأه في متوسط العمر لترحب بهم داعية اياهم لدخول المنزل وبمجرد دخولهم المنزل فتحوا افواههم لما يرونه فقد كان المنزل ممتلئ بالعائلة كلها البعض يجلس على المقاعد والنساء تقف وتراقب من المطبخ الذي يطل على البهو الذي سيجلسون به والبعض يجلس على الدرج كباسل ورنا ومروان وساندي وباقي الشباب.

والرجال يجلسون في البهو بانتظار حضورهم، لا يعلم بيجاد ماذا شعر ولكن للحظة تمنى لو كان يملك هكذا عائلة كبيرة فهو لا يملك سوى والدته من تبقت له من هذه الحياة ابتسم بتوتر يلاحظ الانظار التي توجهت له، شعر بالخجل من وجهه يخشى أن يتم رفضه بسبب وجهه سمع صوت رجولي هادئ يشير له بالجلوس ليرفع نظره فوجد رجل خمن انه والدها ليبتسم له ثم جلس حيث أشار ذلك الرجل وبعدها صدم أن ذلك الرجل ليس والدها بل جدها كانت صدمته واضحة للجميع فاخذوا يضحكون على ملامحه ليوضح ابريس:.

انا جد ريا، إنما ابوها هو اللي قاعد بياكل الكيك اللي كان مفروض نقدمه ليكم هناك ده.

التفت الانظار لعدى الذي كان يحمل ملعقة ويتناول الكيك بتلذذ كبير لينتبه للجميع ينظرون له فابتسم بغباء يشير للصينية امامه:
احم احم لسه فيه كيك كتير اهو انا بس كنت بدوقه.

عضت ميسرة شفتيها بغيظ شديد من عدى لتشير على رقبتها بعلامة السكين ليبتسم هو ببرود ثم ترك الطبق من يده وجلس بهدوء يستمع لحديث بيجاد الذي بدأ يتحدث عن نفسه وعن حياته وعن والدته بتوتر واضح يحاول أن يخفض وجهه حتى لا تظهر ندبته للعيان لاحظ الجميع ذلك ليتحدث عدى بمزاح يحاول أن يخرجه من حالته تلك:
بس شوف الدنيا يوم ما يتقدم واحد حلو وطول بعرض ما شاء الله يتقدم لريا من ضمن اخواتها.

ابتسم ابريس يعلم هدف عدى من هذا الحديث ليؤكد على كلامه:
اكيد بيجاد ما شاء الله قمر اي نعم غريبة آوي لون عيونه بس برضو ريا قمر ولا إيه؟

ابتسم بيجاد يشعر بلطف هذه العائلة لا يصدق أن أحدا منهم لم يعلق على ندبته ولو شخص واحد حتى، نظر لوالدته ببسمة واسعة لتربت على يده سعيدة لرؤية فرحة ابنها رغم حزنها عليه وعلى ثقته المهزوزة بنفسه...

تحدثت نيرة وهي تنظر له:
قولي هي عيونك خضرا ولا زرقا أصل من بعيد كانت خضرة ومن قريب حساها زرقا ولا هو على حسب الموسم ولا إيه.

ولأول مرة يتحدث بيجاد عن شكله بثقة وهو يشرح لها:
هو بس يمكن عشان الإضاءة بس هي خضرا في الأساس وساعات ناس بتشوفها زرقا عادي.

تحدثت كريمة من بين ضحكاتها:
يلا اهو نحس السلالة بدل الخلق اللي زهقت منها عمالة كل جيل تتكرر.

ضحك الجميع على كريمة و تحديق نيرة به ليجذبها حسام مخبرا اياها ان تكف عن ذلك حتى لا يخاف منها بينما عدى صمت ينظر إليه بغموض
و سامر ينظر للشاب بعد أن أجرى هو وأحمد بحثهم عن كل ما يخص ذلك الشاب.

رفع رأسه لينتبه لابريس الذي يتحدث معه ببسمة:
قولي انت لسه بتدرس هل انت مستعد تتجوز دلوقتي؟

بدأ بيجاد يتحدث بثقة اكثر بسبب دعم والدته التي كانت تمسك يده تشجعه:
انا حضرتك ورثت مطعم عن والدي والحمدلله شغال كويس وليه اسمه في المنطقة بتاعتنا والحمدلله بقدر اوفق بينهم وبين دراستي خصوصا أن انا بدرس اقتصاد منزلي يعني نفس الاختصاص بتاع المطعم.

ابتسم عدى باتساع يهمس بغموض:
وياترى بتعملوا مكرونة بشاميل في المطعم.

رمقته ميسرة بشر ليزم شفتيه بضيق منها فتتحدث كريمة بحسرة:
حسرة عليك وعلى مطعمك يابني ده هيقفل ضلفة بسبب حد اعرفه.

نظر له الجميع باعجاب لكفاحه ليبادر جاسر بالسؤال بغموض:
طب ومش بتتكسف من كليتك اقصد يعني معروف ان معظم اللي في اقتصاد منزلي بنات.

ابتسم بيجاد يجيب بهدوء شديد ينم عن ثقته واعتزازه بمجاله:
يمكن في الاول لما دخلتها كنت مجبر عشان اعرف ادير مطعمي بنفسي بس مع الوقت عرفت ان فعلا ده مكاني ومش بخجل أبدا من كده بل بالعكس بفتخر اني انتمي للكلية دي اللي للأسف مش واخده حقها، ولا مش كل الكلية بنات بالعكس الشباب فيها كتير ومعظمهم بيكونوا شيفات كبار.

ابتسم جاسر له فقد كان له هدف من سؤاله وقد تحقق منه...

تحدثت والدته اخيرا:
مش هنشوف العروسة ولا إيه؟

نظر عدى للدرج ليقول:
ساندي نادي ريا.

هزت ساندي رأسها لتصعد سريعا تنادي ريا بينما استمر الحديث الودي بين الجميع ليشعر بيجاد بالالفة بينهم شاكرا في داخلة عدم التفات أحدهم لندبته او تعليق أحدهم عليها وكأنها غير موجودة ليسمع صوت فتاة يأتي من الأعلى يقول:
عمو ريا مش عايزة تنزل.

ضحك عدى فهو كان يتوقع ذلك لاتحدث كريمة واخيرا بعد صمت مريب:
احم تلاقيها مكسوفة، ايه رأيكم تشوفوا سما او سمارا وكده كده هما نفس الشكل.

شعرت بصلاح ينكزها في خصرها لترمقه بتذمر...

نهض عدى يتحدث للجميع بهدوء أنه سيصعد هو ليحضرها وبالفعل استطاع عدى بصعوبة أن يحضر ابنته فكان يجرها على الدرج بصعوبة لرفضها النزول.

واخيرا وصل إليهم بها زفر عدى من عناد ابنته الغبية تلك والتي التصقت به فورا أليست هذه هي من قفزت مثل الحمقاء عندما أخبرها بتقدمه لها والآن تختبئ به هكذا.

نظر بيجاد لريا يحاول رؤية وجهها لكنها تختفي خلف والدها ليتحدث بخجل:
معلش يا عمي ممكن اقعد مع ريا شوية لو سمحت؟

نظر عدى لريا ليجدها تهز رأسها برفض فابتسم ببرود:
اكيد يابني حقك
ثم أشار له أن يتبعه وهو يجذب تلك الملتصقة به حتى أجلسها معه في غرفة تقبع أمامهم مباشرة وترك الباب مفتوح ثم انحنى قليلا يهمس لريا بحنان:
حبيبة قلب بابا اتكلموا سوا واسأليه اللي انتي حابة تعرفيه وبعدين كل اللي تقوليه هيتنفذ ماشي.

نظرت له ريا تترجاه الا يتركها ليقبل رأسها هامسا انه سيكون بالجوار ليخرج بعدها عائدة للعائلة
فيسمع كريمة تقول:
وزي ما انتي شايفة كده الجيل ده فيه عندنا نقص في الشباب، والبنات هي اللي اللهم بارك كتير، فاحنا فكرنا في تلات حلول يا اما نجوز كل واحد من التلات شباب اللي حيلتنا لاكتر من بنت، ياما نرجع مبدأ الوأد ونوأدهم ونخلص، ياما نستورد شباب من برة بقى.

ضحك صلاح بشدة يحاول كتم فم كريمة التي كانت تصر على الحديث ليهمس له جاسر أن يخرسها قبل أن تفضحهم أكثر.

في الداخل كان بيجاد ينظر لريا ينتظر منها البدأ او حتى أن ترفع نظرها له تنهد بخفوت:
انتي رافضة الموضوع وهما جبروكي؟

صدمت ريا من حديثه لتهتف:
وايه اللي خلاك تفكر كده؟

ابتسم لها بيجاد واخيرا استطاع إخراجها من حالتها:
علي اساس ان والدك مش جايبك غصب من فوق؟

ابتسمت بخجل تنظر أرضا مجددا وهي تفرك يدها:
وهو ده معناه اني مجبورة؟

هز رأسه بايحاب يسألها ان كان يحمل معنى اخر لتجييه بحنق:
مش ممكن مثلا يكون كسوف؟

ضحك بيجاد على تذمرها ذاك لتشرد في ضحكته وتتذكر عندما أخبرها والدها عن هوية من تقدم لخطبتها وبعد أن كانت ترفض الأمر رفضا قاطعا وافقت على مقابلته، ذلك الشاب الذي كانت تراه يلاحقها طوال الاسبوع تراه بكل مكان كأنه ظلها اعتادت أن تجده بجوارها، لن تنكر لو قالت إنها أعجبت بطيبته وهدوءه.

خرجت من شرودها على حديثه:
حابة تسأليني عن حاجة!؟

نظرت له تشرد في ندبته تود لو تسأله عن الحادثة التي تسببت بها من باب الفضول لاغير ولكنها تخشى أن اجرحه بذلك.

لاحظ هو نظرها لندبته ليتألم ظنا انها تشمئز منها لتسارع هي بالحديث بعد أن انتبهت لنظراته تلك:
معنديش مشكلة خالص.

نظر لها بعدم فهم لتنظر أرضا بخجل لا تعلم كيف خرجت منها تلك الكلمات:
معنديش مشكلة أبدا مع العلامة اللي في خدك بالعكس شايفة انها حلوة و...

صمت تغمض عينها بغيظ من نفسها تنعت نفسها بالغباء الشديد ليبتسم هو يشعر وكأن هناك حجر كبير تحرك من على صدره ليقول:
حابة تسألي عنها؟

هزت رأسها دون أن ترفعها تبرر رغبتها تلك:
فضول مش اكتر.

ابتسم بيجاد ليبدأ ولاول مرة بالتحدث عن ندبته دون حرج او خجل منها:
لما ابويا مات كتب المطعم باسمي وعشان كنت صغير فهمي مسكه لغاية ما أبلغ السن القانوني وكان بيشغلني فيه زيي زي اي عامل عادي وفي الاخر بيرميلي قروش.

صمت يتذكر تلك الأيام التي عانى فيها مع والدته:
وفي مرة كنت بشتغل وبالغلط حصلت حريقة في المطبخ الكل جري طبعا وقعدوا يزقوا في بعض وانا وقعت وملحقتش حد يشدني الحمدلله خرجت من الموضوع بشوية حروق في جسمي وحرق واحد في خدي اللي انتي شايفاه ده بس، بس عمي رفض يعالجني منهم وقال بالحرف مش هدفع فلوسي واضيعها عليك.

ابتسم بيجاد ساخرا:
مع انها فلوسي أساسا، وتمر السنين واكبر واقدر اخد حقي من عمي ورجعت مطعم ابويا تآني ووقفته على رجله بعد ما كان تقريبا سمعته اتدمرت ولما جيت اعمل عمليه عشان وشي قالولي اني اتأخرت آوي وان الحروق لو اتعالجت دلوقتي بعد الوقت ده هيكون فيها خطر عليا.

صمت يتنهد بحزن ثم رفع عينه لها يقول ببسمة:
بس ياستي ودي حكايتي باختصار.

نظرت له ريا بتقدير لذلك الشاب الذي عانى الكثير ورغم ذلك مازال يقف أمامها بكل شجاعة سمعت صوته:
فيه حاجة تاني حابة تعرفيها؟

هزت رأسها مافية فيكفيها ما عرفته عنه:
وانت حابب تسأل في حاجة؟

هز راسه نافيا أيضا مبتسما:
انا اعرف اللي محتاج اعرفه.

وهكذا انتهت زيارة بيجاد ووالدته مع وعد بالرد عليهم في أسرع وقت ليرحل الاثنان ببسمة على تلك العائلة المجنونة قليلا لكنها وللحق دافئة كثيرا.

مرت ايام ليصل الرد لبيجاد على طلبه بالايجاب ليجددوا موعد الخطبة وترتدي ريا خاتم الخطبة وتبدأ بمقابلة بيجاد احيانا بإذن من عدى بالطبع.

ويتقرب الاثنان من بعضهم البعض ويعلم بيجاد أنه و لحظه اختار الغبية الصغيرة في اخوتها بعدما تعرف على سما و سمارا بل وتعرف على العائلة كلها وأصبح هو ووالدته فردين منها بأمر من كريمة فاصبحوا حاضرين دائما في أي تجمع واي احتفال لهم واصبحوا يعلمون إلى أي حد قد يصل جنون تلك العائلة.

وتمر الايام والاسابيع لتنته امتحانات السنة الاخيرة لساندي ويأتي واخيرا اليوم الذي طال انتظاره لتتجمع فيه قلوب العشاق.

يوم زفاف كلا من مروان وساندي، وباسل ورنا.

كان الجميع يعمل على قدم وساق في منزل كريمة والذي أصرت أن يكون الزفاف به، كانت كريمة تحمل المكبر الخاص بها وهي تصرخ على الجميع وتراقبهم أثناء العمل حتى كاد جاسر يقتلها اكثر من مرة...

لتبدأ هي في مضايقته اكثر واكثر ولولا نسرين لكانت كريمة مقتولة الان وعلى يد جاسر...

واخيرا أتى المساء لتصبح الحديقة مزينة بشكل بديع وقد تجمع بها الجميع وأتى الجميع لحضور اول زفاف لهذا الجيل كما تقول كريمة.

ارتفعت أعين الجميع لتقع على رنا وساندي اللتان كانتا كلا منها تتمسك بيد والدها وهناك في منتصف الحديقة يقف كل شاب ينتظر زوجته.

اقترب تاج بساندي من مروان الذي لم يستطع أن ينزع عينه من عليها ولو للحظة حتى أصبحت أمامه ليبتسم باتساع ممسكا بيدها ليقبل رأسها بحنان مستمعا لتوصيات تاج ليمازحه مروان:
يا تاج محسسني اني هتجوزها في قارة تانية ده احنا هنكون في الدور اللي فوقيك يا جدع.

ضحك تاج عليه ليسلمه ابنته الصغيرة ويتجه لصغيرته المحبوبة نونيا يضمها بحنان وهم يراقبون صغيرتهم التي كبرت...

لم ينتظر باسل أن يصل له أحمد بل سارع هو وتقدم منهم بلهفة وهو يسحب يدها من يد احمد الذي رمقه بحنق شديد:
انت يا غبي بوظت الدخلة بتاعتي ده انا بحضر فيها من اسبوع.

ضحك باسل يجذب رنا إليه:
لا مؤاخذة يا ابو حميد بس بنتك حلوة اوي.

احمرت عين أحمد وكاد يهجم عليه لولا باسل الذي جذب رنا وركض سريعا بعيدا عنه وهو يضحك ورنا تضربه على كتفه بغيظ.

وهناك كانت هنا تقف بجوار حسن الذي كان يتحدث متذمرا:
مش كان زمانا بنتجوز معاهم دلوقتي؟
ضحكت له هنا وهي تتحدث:
خلاص يا ابو على هانت كلها كام سنة تخلص انت جامعة و نتجوز بس انت اصبر.

نظر لها حسن بحب ثم تحدث لها بحنان:
صابر يا هنايا هو أنا ليا غير الصبر.

كانت ريا تقف وهي تتحدث مع سمارا حتى سمعت صوته من الخلف:
ايه ده قمر في السما وقمر في الأرض؟

التفتت سريعا لتجده هو ومن غيره لتضحك بخجل مشيرة لسمارا:
بيجاد عيب كده سمارا واقفة.

ضحكت سمارا على اختهم:
وسمارا ماشية ياختي مش حابة تكون عزول، خد راحتك يا ابو النسب.

نظر بيجاد لسمارا بامتنان: بتفهم آوي سمارا دي.

ضحكت ريا ثم تراجعت للخلف لتقول بطفولية:
شوفت فستاني؟

نظر لها بيجاد بعشق يفيض من عيونه فتلك الفتاة استطاعت وفي وقت قياسي أن تحتل قلبه جاعلة اياه لا يرى سواها في هذه الحياة ليهمس بعشق:
ملاك.

ابتسمت ريا بخجل ليقترب بيجاد منها وهو يغازلها ويتحدث معها في أمور كثيرة لا يهم ما هي تلك الأمور لكن يكفي أن يسمع صوتها ويحدثها.

نظرت كريمة للساحة تجد الحميع يرقص بفرح وباسل يقفز بصخب وفرح وكلا منهم يرقص مع زوجته بفرح.

صعد كلا من باسل و مروان على المنصة واخذوا يغنون بفرحة للفتيات حيث بدأ مروان يغني إحدى الاغاني الأجنبية وهو يضم ساندي اليه بحب.

لترمق رنا باسل بغيظ وهو يجلس بجانبها لتضربه بحده:
اتعلم شايف بيعمل ايه لمراته.

نظر باسل لمروان الذي كان يغني بكل حب ورومانسية لساندي:
عجبك العرض ده؟ ده كله كلام فارغ ده بيغنيلها انجلش، مفيش اعتزاز باللغة خالص اوعي وسعي كده واتفرجي على اللي هعمله ليكي...

ثم تركها وتقدم من المنصة وامسك مكبر الصوت وبدأ يعني باحساس كبير وكأنه يغني أحد الاغاني الرومانسية.

ابتسمت رنا بحماس شديد تترقب بدأه لكن فجأة اختفت بسمتها وهي تسمعه يغني:
آه آه آه آه
أبطال الجمهورية عدو حدود العالمية
عاملين فكرة جهمنية
هنغنلكم تحت المية
هربانين من العباسية
مريحين بعد العملية
القطة بتاعتي المشمشية
قاعدة جمبي في العربية
هاتلها كبدة وواحد سجق
حتى البيبس ماخدتش بوق
يلا يازوكش أنا هنا من الصبح
يلا ياشحتة انزل بالبوكس.

فين الفانك وفين الدوق
فين الفانك وفين الدوق
العربية عطلانة بنزق
العربية عطلانة بنزق
بصيت وسط المعمعة
شوفت سمكة ومدلعة
قلبي بينهار يا جماعة
ياطبيب هات السماعة
يا طبيب يا طبيب
يا طبيب يا طبيب
يا طبيب يا طبيب
يا طبيب.

ركض الجميع للساحة واخذوا يرقصون على الأغنية بيننا باسل ذهب وجذب رنا وهو يسحبها للساحة ويراقصها لتهمس بتذمر:
ابطال الجمهورية؟ بجد ياباسل ده اخرج في الرومانسية؟

ابتسم باسل يقترب منها هامسا بعشق:
لا متقوليش انك مفهمتيش الرسالة المبطنة من الغنية بتاعتي الأغنية بتقول ايه؟ ابطال الجمهورية وانت بطل الابطال ياباشا.

ضحكت رنا بشدة وهي ترتمي في احضانه ليتنشر جو من البهجة والحب بين الجميع وتتعالي الضحكات والجميع يغني بسعادة
كان كل واحد منهم يحادث زوجته بحب وعشق حتى سمعوا صوت كريمة تنادي الجميع لالتقاط صورة جماعية ليصعد الجميع للمنصة.

جلست كريمة بين ساندي ومروان تحت تذمر مروان واشارت لنيرة أن تجلس بين باسل ورنا ليصرخ باسل باعتراض لكنه يصمت بنظرة من كريمة ليزم شفتيه بضيق:
ربنا على الظالم والمفتري.

ازاحت نيرة باسل بعنف:
اوعى ياض عايزة أتصور مع العروسة.

نظر لها باسل بضيق ليهمس:
عاملة زي العيال التنحة بتاعة الافراح.

ضحكت نيرة بضخب وقد سمعت حديثه:
-ايوة انا العيال التنحة بتاعت الأفراح...

نادى عدى لبيجاد ووالدته فانضموا لهم في الصورة ببسمة وقد أصبحوا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لتنظر كريمة حولها للجميع تبتسم بحب لتلك العائلة فتسمع همس صلاح من خلفها:
قولتلك يا كرميلة لسه هنعيش ونشوف الأحفاد لما يتحوزوا والحمدلله ربنا طول في عمرنا وشفنا اليوم ده
تنهدت كريمة براحة وحب تراقب الجميع ببسمة:
الحمدلله يا صلاح الحمدلله...

ضمت ميسرة ابريس تنظر للجميع ببسمة ليهمس لها بحب:
انظري لهذا شمسي عائلتنا كبرت واصبحنا أقوى وأقوى ببعضنا البعض.

ضمها اكثر بحب يكمل حديثه: وهذا بفضل الله ثم تلك الصدفة التي ألقت بكي في عالمي لتقلبيه رأسا على عقب وتسحبيني من عالمي لعالمك.

نظرت ميسرة له بعيون لامعة تبتسم بحب وامتنان لهذا الرجل الذي تخلى عن كل شيء قديما لأجلها فجأة تم التقاط الصورة ولم يتخذ احد منهم وضعية التصوير بعد، فخرجت سورة عشوائية كل منهم يفعل شئ مختلف، قد تبدو لاي احد من الخارج انها صورة غير منظمة لكن إذا تأمل قليلا سيجد أن تلك الصورة مليئة بالحكايات ومليئة بالمغامرات، مغامرات عشناها مع تلك العائلة كما لو كنا أحد افرادها، ضحكنا معهم وبكينا معهم، عشنا سويا حكايات كثيرة وعلى مر ثلاث أجيال رأينا من تلك العائلة جنون لم نره مع غيرهم، عشنا حب واخوة نفتقدهم في حياتنا، وفي وسط همومنا كانت تلك العائلة خير رفيق لنا تخرج ضحكتنا دون شعور منا...

ولكن كما أن لكل قصة نهاية، فهذه نهاية قصتنا ولكن بالتأكيد ليس نهاية ذكرياتنا مع تلك العائلة فهذه العائلة كما الفراعنة، رغم أن عصرهم ولّى منذ مئات السنين إلا اننا مازلنا نتذكرهم حتى يومنا هذا، وهذا ما سيحدث معهم ستمر السنين ولكن ستظل ذكرى تلك العائلة وما عشناه معهم محفورا في قلوبنا...
فالأمر اشبه بلعنة ألقيت علينا من قِبلهم حتى لا ننساهم لعنة تجعلك تعود لهم مهما مرت السنين
لعنة الفراعنة...

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب