الرئيسية - مقالات علمية :

هل اكتشفت القوة الخامسة في الطبيعة ؟

يوجد كثيرٌ من القضايا الشائكة في مجال الفيزياء، إلا أن أحد أكثر الأشياء وضوحًا هو أنّ كوننا محكومٌ بأربع قوًى أساسيّة: قوة الجاذبية “gravity”؛ التي تدفع الأجسام للميل وتحرك بعضها نحو بعض وتظهر بشكلٍ أوضح كلما كبرت كتل الأجسام، والقوة الكهرومغناطيسيّة “electromagnetism”؛ التي ينشأُ بسببها التجاذب بين الجسيمات المشحونة، والقوّة النووية القوية “the strong nuclear force”؛ التي تربط  مكونات النواة (البروتونات والنيوترونات) بعضها مع بعض، وأخيراً القوّة النووية الضعيفة”the weak nuclear force”؛ المسؤولة عن الاضمحلال الإشعاعي والإنشطار النووي للجسيمات دون الذّرية.

تعمل هذه القوى الأربع معًا على تفسير تفاعلات المواد فيما بينها

تعمل هذه القوى الأربع معًا على تفسير تفاعلات المواد فيما بينها وتوضيح الظّواهر الكونيّة.

مؤخرًا؛ أُعلن اكتشاف قوةٍ جديدة في الطبيعة، ليصبح لدينا في المحصلة خمس قوًى أساسية، ولكن هل حان الوقت فعلًا لاعتبارها إحدى القوى الأساسية؟ أم إنها مجرّد أفكارٍ وتحليلاتٍ ليس فيها شيء من الصّحة؟ هذا ما سنناقشه في هذا المقال.

قامَ باحثون في المجر (هنغاريا) في عام 2015 بقذف الليثيوم _7 ” Ii-7″ بحزمة مكثّفة من البروتونات (البروتون هو جسيم موجب الشحنة)، وزَعموا ظهور بوزون جديد (البوزونات هي الجسيمات حاملة للقوى في الطبيعة) أثقل بمقدار 34 مرّة من كتلة الإلكترون، في محاولة منهم للكشف عن الفوتون المظلم”dark photons”( جُزيء افتراضي أولي، يُقتَرح أنه ناقل القوى الكهرومغناطيسية للمادة المُظلمة).

نتج عن هذا تكون نوى البريليوم _8 “Be-8” غير المستقرة، والتي تحللت إلى البريليوم العادي في حالته المستقرة، بالإضافة إلى أزواج من الإلكترونات والبوزيترونات (البوزيترون هو جسيم أولي له نفس كتلة الإلكترون ومقدار شحنته مساوٍ تَماماً لشحنة الإلكترون إلا أنه يحمل الشّحنة الموجبة)، وقد رُصد شذوذ في مسألة التحلل الإشعاعي للبريليوم.

ونتيجَةً للشّذوذ المرصود والّذي لا يمكن تفسيره من خلال النموذج المعياري “Standard model” والفيزياء النووية، افتُرِضَ أنّ جسيمًا جديدًا قد تحلل إلى أزواج الإلكترونات والبوزيترونات.

حلل فريقٌ من كاليفورنيا النتائج المعطاة دون تكرار التجربة، واستبعدوا احتمالية تعلقه بجسيمات خاصة بالمادّة المظلمة؛ وذلكَ لأن كتلته مخالفة للكتلة المتوقّعة لها حسبَ تجاربٍ سابقة، واقتَرحوا بدلاً من ذلكَ أن يكونَ هذا البوزون (اقتُرِحَ تسميته ببوزون إكس X BOSON) حاملاً لقوة جديدة كلّياً.

إلّا أنه يكثر التشكيك بصحة التجربة ونتائجها في الأوساط العلميّة، هذا لأن ذات المجموعة الهنغارية كانت قد زعمت في سنواتٍ سابقة اكتشاف اثنين من البوزونات في ظروفٍ مشابهة لظروف هذه التجربة، مستخدمةً أيضاً نُوى البيريليوم _8 “Be-8″، فَفي عام 2008 زعمَت المجموعة اكتشاف بوزونٍ جديدٍ بكتلةٍ مقدارها 12 ميجا إلكترون فولت ”megaelectronvolts 12″، وفي العام 2012 ادّعوا العثور على آخَر بكتلة 13.5 ميجا إلكترون فولت”megaelectronvolts 13.5″، لذلكَ يُرى بأنه يجب تكرار التجربة من قِبل باحثين آخرين لتدقيق النتائج.

وعلى أية حال، فإن مسألة اكتِشاف قوة جديدة ما هيَ إلا مسألةُ وقت، وستعمَل البحوث في السّنوات القادمَة على ضَحد الفكرة أو تدعيمها، ولكن تبقى الفكرة البارِزة بِأنهُ إن اكتُشفت قوةٌ جديدةٌ فعلاً، سيعني هذا وجوب إعادة النّظر في طريقة فهمنا لهذا الكون.