الرئيسية - نظامنا الشمسي :

الحياة على كوكب المريخ

قبل عصر رحلات الفضاء كان كوكب المريخ هو المرشح الأول لوجود حياة خارج الأرض، فالراصدون من الأرض لاحظوا وجود ما يُشبه شبكة معقدة من الخطوط اعتقدوها قنوات مائية صناعية، هذا بالإضافة إلى امتداد مساحة الجليد على قطبيه في فصل الشتاء وتقلصها في فصل الصيف ما أكد لهم في ذلك الوقت أنه يحتوي على الماء الذي يتجمد في الشتاء ويسيل في الصيف عبر تلك القنوات. ولا يجب أن نلومهم على اعتقادهم ذلك، فكما تلاحظون في الصورة المُرَكبة أدناه والتي تٌمثل القطب الشمالي للمريخ، فإن امتداد الغطاء الثلجي في فترات من السنة وتقلصه في فترات أخرى كان ليجعل أي شخص يعتقد بسريان الماء عليه في فترة الصيف.

 

الغطاء الجليدي للقطب الشمالي على كوكب المريخ

الرحلات إلى كوكب المريخ

بدأت الرحلات إلى المريخ في العاشر من أكتوبر 1960 من قبل "الاتحاد السوفياتي" "روسيا حاليا" ولكن المركبة المُرسلة لم تتمكن من بلوغ مدار حول الأرض، وتوالت بعد ذلك عدة رحلات سوفياتية إلى المريخ لكنها كلها لم تتمكن من الوصول إليه وفي الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 1964 أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية المركبة "البحار 3" "marinar 3"، ولكنها مُنيت بالفشل أيضا.

 

أخيرا في الرابع عشر من يوليوز/ تموز 1965 وصلت مركبة أمريكية إلى المريخ، والمركبة هي "البحار 4" "mariner 4" وانطلقت إلى المريخ في الثامن والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني 1964، والتقطت المركبة "مارينار 4" واحد وعشرون صورة وأرسلتها إلى الأرض وكانت تلك أولى الصور القريبة لهذا الكوكب. وكان كل ما أظهرته تلك الصور هو سطح مليء بعدة تضاريس عادية، والكثير من مجاري الماء، ولم يظهر أي دلائل تشير إلى قنوات مائية صناعية، ولا أي دلائل على وجود ماء متدفق.

 

بعد الكثير من المحاولات الفاشلة للوصول إلى المريخ والهبوط عليه، والعديد من الرحلات الناجحة إليه والتي قامت بإرسال المزيد من الصورة القريبة للكوكب، تمكنت أخيرا المركبتين "فايكينغ 1 و 2" "viking 1 - 2" من الهبوط على سطح المريخ سنة 1976 (الأولى في يوليوز والثانية في شتنبر). وقامت المركبتان بثلاثة تجارب إحيائية "بيولوجية" أظهرت نشاطات كيميائية مبهمة وغير متوقعة في تربة المريخ، ولكن لم يتم العثور على أي دلائل لوجود أي نوع من الحياة العضوية في التربة بالقرب من موقعَي نزول المركبتين.

 

يبدو أن المريخ الآن في فترة عصر جليدي، ولكن هناك دلائل واضحة على أنه كان أدفأ في الماضي، وأهم هذه الدلائل هو الآثار الواضحة لمجاري مائية ضخمة، ويعتقد بعض العلماء بشدة أن الجانب الشمالي من المريخ كان عبارة عن محيط كبير. أظهرت نتائج البحث التحاليل التي أجرتها المركبات التي زارت المريخ مؤخرا والتي تزوره حاليا أن الماء السائل توجد أحيانا على المريخ ووجود الماء السائل يعني احتمالا كبيرا لوجود حياة عضوية بسيطة على الأقل، مثل البكتيريا. لكن حتى الآن ليس هناك أي دليل على وجود حياة على المريخ من أي نوع رغم أن هناك دلائل غير مؤكدة لوجودها في الماضي.

 

صورة بألوان قريبة من الطبيعية لفوهة كارتر والجليد الذي بداخلها التقطت بواسطة المركبة الفضائية مارس إكسبريسفي فبراير/شباط 2005 التقطت المركبة مارس إكسبريس "mars express" التابعة لـ وكالة الفضاء الأوروبية "إسا" "esa" هذه الصورة على اليسار والتي هي بألوان قريبة من الطبيعية، وهي تُظهر حفرة واسعة من مخلفات اصطدام نيزكي وهي بعرض 35 كيلومتر وعمق 2 كيلومتر (كأعمق نقطة)، وبداخل هذه الحفرة غطاء جليدي (جليد الماء).

 

وجود الماء يعني وجود الحياة في الغالب، وإن لم يكن حاليا فعلى الأقل في الماضي عندما كان المريخ أدفأ وكان هناك ماء سائل، فيا ترى هل هناك حياة عضوية بأي حجم في هذا الكوكب؟ أو هل على الأقل كانت هناك واحدة في الماضي؟ هذا ما ستُجيب عليه حتما الاستكشافات الحالية أو القادمة لهذا الكوكب.
 
إن ما يهم الفلكيين والعلماء بشكل عام في وجود أي نوع من الحياة على المريخ هو أن وجودها في الماضي أو الحاضر أو المستقبل هو أول دليل على أن الأرض ليست بالكوكب الفريد من نوعه، الذي يحتوي على حياة. وكذلك سيرفع احتمال وجود حياة أكثر تطورا في هذا الكون الواسع، وبالتالي وجود حياة عاقلة غيرنا نحن البشر. وبشكل عام استكشاف المريخ يَعِد بالكثير وأهم هذا الكثير هو إمكانية استغلاله كمحطة لاستكشاف باقي أنحاء نظامنا الشمسي.