رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل السابع عشر
{لم أكن لأمنحك الصور هيندا لولا علمي أنك صحفية بارعة، وتعلمين ما هو المقابل، }
{سأحضر لك سبب زيارة خطيبك إدوارد للسيدة كينيدي بالتفصيل لا تقلقي، رغم أن حدسي يخبرني بأمر ما}.
تطلعت هيندا للصور بيدها، صور لجثة سفاح العزباوات والأهم لتوقيع وحش الظلام بمكان الجريمة، لم يكن شرطي جنائي ليمنح هذه الصور للعامة لكن كاترين من الطبقة النبيلة ولديها الكثير من المعارف ومن السهل جدا أن تحظى ببعض هذه الصور وتمنحها لهيندا التي ستخبرها سبب زيارة إدوارد للسيدة كينيدي دون علم أحد حتى، حتى والدته التي تخبرها بكل شيء عنه أخفت هذا عنها.
{حدسي يخبرني أن ربما لإدوارد علاقة بهذا، مثلا ألا تعتقدين أنهما على علاقة غرامية مثلا؟ كيف تتحدث امرأة عن أسرارها لشخص غريب ان لم يكن حبيبها، قالت الصحف أن الشرطة وضعت أجهزة تنصت بمنزلها أثناء زيارة المحققة الشهيرة أريل ماري لها للتحقيق وبهذا علموا الحديث الذي دار بينهما}
بدت ملامح الانزعاج على وجه كاترين وهي تستمع لحديث رفيقتها عن إدوارد.
المرأة أربعينية أيمكن أن إدوارد يميل لمن هن اكبر منه! هي ثرية ومن طبقة مخملية وصديقة لوالدته حتى وهذا يؤكد الشكوك لكنها لا تصدق هذا الهراء أو ربما لا تريد التصديق
{لكن الشرطة نفت هذا الفعل! }
{من يصدق الشرطة الآن، على كل لأنك صديقة مقربة لي سأنظر لحركات إدوارد أيضا، سأساعدك بالاجتماع مع فارسك لا تقلقي}.
غمزت لها ثم وقفت منتشلة حقيبتها وغادرت تاركة اياها، تغلي غيضا مما سمعته عنه، وكون هذه ال هيندا الغبية تعرف نقطة ضعفها تجاه إدوارد امر مزعج على المدى البعيد لكن يمكنها اخراسها للأبد عندما يحين الوقت.
خرجت هيندا وهي سعيدة بالصور التي حصلت عليها، عليها ولقد كرست حياتها لتكتشف هوية وحش الظلام هذه، هذا الوحش المنتقم لضحايا المجرمين بخطاياهم أمر مثير للإعجاب، شخصية مثله عليها أن تقدره كثيرا أكثر من أي شخص في هذا العالم.
-------------------------------.
بتلك الطاولة الملونة لروضة بسيطة جلست وفرشت الصور عليها وحدقت بها باهتمام، إلى ابداع تراه واضحا بالجرائم ليس ابداعا بشكلها أكثر مما هو إبداع في رسالتها، تذكرت كلمات قرأتها في أحد الكتب لأحد الروائيين العالميين باولو كويلو حيث قال مرة: اذا حققت الخطيئة شيئا جيدا فهي فضيلة، واذا تم نشر الفشيلة لتسبب الشر فهي خطيئة.
كان مبدأ الوحش هنا ظاهرا جدا، كانت كلماته واضحة، كانت رسالته موقعة باسمه كانت فنا حيا
{أمي؟ }
خرجت من شرودها ورفعت بصرها إلى الطفل ذي العشر سنوات الواقف بينما يدس يديه بجيبه ناظرا لها بملامح فارغة، نهضت واحتضنته بخفة ثم جلس الى مقعد بالطاولة قبالتها ونظر إلى الصور التي تشاهدها والدته
{أندرو كيف حالك؟ هل يهتمون بك؟ }
{مثل العادة، ما هذا؟ قضية جديدة؟ }.
{اوه؟ أجل أسمعت بوحش الظلام، الملك الذي يختبئ بالظلال ويقوم بجرائمه، الكل ينبذه لكني أراه شخصا مثيرا للاهتمام}
{لا أعتقد أنه يختبئ، إنه يعيش بالظلام}.
نظرت هيندا لابنها الذي ظل يحدق بالصور فقط ثم رفع رأسه إليها، نظرته لازالت ثابتة لكن لمعة عينه قالت الكثير، لطالما كان أندرو حاذقا، طفلا ذكيا ومختلفا عن أقرانه، لكنه حظي بأم تحب عملها أكثر منه ومهما ادعت غير ذلك، بالنسبة له الأمر واضح فلن تضع أم طفلها في ميتم لمجرد أنها لا تملك ما تمحنه لها ماديا كالمال ولا معنويا كعطف، لكنه بشكل ما لا يهتم كثيرا.
{أرأيت؟ هذه الجريمة مثالية، إنه مثير للاهتمام، ومعرفة هويته ستذر على بمال كثير وعندها سأخرجك من هنا اتفقنا أندرو؟ }
أومأ فقط
وحش الظلام، هل معرفة هويته هو الأمر المهم؟
هو فكر بالأمر قليلا، هل معرفة هويته ستنفع بشيء؟ ستغذي الفضول تروي ضمأه فقط لكن هل هذا هو ما يسعى إليه العاقل؟ أليس احتضان السبب والأهداف هو الأهم؟ وحش الظلام لا يقوم بهذا عبثا لمجرد الاستمتاع والعبث هذا واضح ان سألت أي أحد لذا لما لا ينظر البشر للسبب؟ لما لم يقل أحد لما يفعل هذا؟ بدلا من ان يقولو من يفعل هذا؟
قال المثل الصيني المشهور: أشير للقمر وهو ينظر لسبابتي.
لكن بالنسبة الى أندرو، بمجرد هذه الأسئلة البسيطة ورغم أنه لا يعلم الكثير إلا أنه لمح طرفا من الإجابة، الإجابة هي أن هذا التفكير البدائي الغبي للبشر هو ما يدفع الوحش إلى فعل هذا، بالنهاية البشر يستحقون أيا مما يحدث لهم لأنهم أنانيون ساخطون.
غادرت أمه على عجل قائلة أنها تسرع لتكتشف هويته وتنشرها بمجلتها فتخرجه بسرعة، لكنه يعلم أنها أسرعت لتحصل على الشهرة بسرعة، كان قد طلب منها ترك احدى من صور التوقيع له، سيحتفظ بها، ليس ليكتشف هويته بل ليتذكر دائما الشخص المثير للإهتمام وبتفكيره الفذ وسينظر للقمر عندما يشير الوحش له.
علي النسمات العليلة التي تتسلل من نافذة مكتبها بينما تكتب ماري بدفتر ملحوظاتها، توقفت قليلا عندما اخترق ذهنها ذكرى لم تنساها لكنها تفكر بها بين الحين والآخر، عندما جزع ماركوس من حرف السين لقائمة أبناء ضحايا السفاح، تعرق بشدة حينها ورأت ماركوس مختلفا لحظتها، رأت شخصا مكسور الخاطر هشا والأكثر حزينا، بحزن عميق، لم يكن الرعب اكثر ما رأته بملامحه، بعد ان هدأه راتشل، لاحظت ملامح غريبة لمشاعر لا تعيها الآن.
صحيح راتشل لا بد انه يعلم عنه فهو الذي هدأه حينها
انتشلت هاتف المكتب وحدثت احدهم تطلب منه استدعاء راتشل لمكتبها ولم يمر وقت طويل حتى سمعت طرقه ليلج بابتسامة واسعة
{مرحبا سيدة ماري، هل ينقصك ملف ما؟ }
{اجلس راتشل أريد سؤالك بأمر مهم}
اختفت ابتسامته عندما لاحظ قلقا لم يعهده بوجهها {هل من خطب؟ }
{يوم فقد ماركوس توازنه وهدأته اتذكر ذلك؟ }
{أجل طبعا بقضية السفاح}.
{بالضبط، يومها قلت له انها صدفة ما الشيء الذي حدث له حتى جعله يجزع من كون الحروف تبدأ بالسين؟ }.
اهتزت شفتا راتشل قليلا وأبعد نظره عنها، مابقي من شبح ابتسامة بملامحه اختفى كليا الآن وأظلم وجهه، قد لا تعلم ماري السبب وقد تظن أن راتشل اتخذ من الظلام جوابا لمدى سوء الأمر الذي تجهله لكن، الشيطان يجعل من مشاعرك الجميلة أمرا يدعو للاشمئزاز، فما فكر به راتشل، انها قلقت على ماركوس، والأهم ما حدث لم يغب عن تفكيرها رغم الفترة الماضية.
قد يفكر بعدها كم أنه وضيع سافل وهو يعلم حالة ماركوس ويتفهم سبب تساؤل ماري لكن بالأفكار يفوت الأوان، وماخطر ببالك لا يمكنك التبرؤ منه بالتالي هو كيانك الخفي
أطلق راتشل تنهدا مرهقا ونظر إليها بملامح جدية {ماركوس، يملك أختا، اسمها سوزي، }
ابتسمت ماري، فلقد فهمت ان ماحدث كان قلقا ومشاعره الأخوية الواضحة تجاه أخته، كم هو مسؤول لكن لما كل هذا السواد بوجهه؟
{كان يملك، قبل المأساة}.
اتسعت عيناها بعد الاعتراف والجواب الصاعق لسؤالها غير مسموع، تصنمت وهربت كل كلماتها واندثرت ابتسامتها
{هل، هل توفيت؟ أم أنني أحيل الأمر لجانب س، }
{قتلت}
أطلقت شهقة مغطية ثغرها من المصيبة التي سألتها للتو، كان لها أمل أنها ربما سافرت، اخذها احدهم او ايا يكن
فكرت انه ربما توفيت، مرضت او حادث سير او ما يشبه ذلك
لكن
ان تقتل!
هذا لم يخطر ببالها حتى
فاخوها بالنهاية محقق!
{هل قبض على القاتل؟ }
{ طرد من عمله فقط}.
{طرد؟ مهلا أنت لا تقصد أنه، }
أمسكت كف راتشل ذراعه الأخرى متلمسا تلك الآثار على جلده بينما يشهد على صدمة ماري بعد ان ايقنت ان القاتل كان بالنهاية شرطيا! وكل ما خطر ببالها أنه واللعنة محقق! يعمل مع الشرطة، مع قتلة اخته.
{أعلم صدمتك أنا أيضا - وقد كنت مستجدا بأيام المأساة - توقعت ان يستقيل ماركوس أو بأسوء الأحوال يأتي للانتقام لا خيار بينهما اليس كذلك؟ لكنه ماذا فعل؟ عاد وقد قال انه سيصير من شرطي الى محقق ليحمي كل من قد يلاقون مصيرا شبيها، منظوره يومها أذهل الكل، تلقى الاحترام من يومها وصار مثالا حيا بين كل القسم عن الروح القوية رغم اني واثق جدا انه ينكسر في الظلمات}
{ينكسر في الظلمات؟ }.
{بعض الناس تكتب مذكرات يومها بنهاية اليوم، يحكون ان احداثهم السيئة ان كانت، ماركوس كذلك بكل ليلة تلتقي روحه روح أخته وينكسر هناك يبكي كما لم يفعل مطلقا ولم يتجاوز يوما الأمر رغم القوة البادية عليه}
{هذا سيء أليس عليه زيارة طبيب؟ }
ماذا سيقول الطبيب؟ عليك المضي قدما ونسيان خسارتك؟
حسنا هو يمضي بحياته لكنه لن ينسى من يحب
عليك تخطي الألم؟
هو يفعل كل يوم بالنهار ويشتاق الألم بالليل.
عليك الوقوع بحب ينسيك الماضي؟
هو واقع بالحب بالفعل، لكن بحب الماضي ببساطة
{سوزي لم تتجاوز العاشرة من عمرها عندما لقيت حتفها، كان القسم كله يحبها لأنها كانت لطيفة ذات افكار فريدة ذكية ومرحة شغوفة بالحياة طموحة وتحب أخاها الذي كان والدين واخ لها بنفس الوقت، كل القسم بكى لأجلها أتعتقدين أن ماركوس سيتجاوز ذلك ببساطة؟ هو لا يريد حتى، انه سعيد بالنوبة التي تأتيه ليلا تخيلي}
{هذا ليس، صحيا}.
اخفضت صوت جملتها بالنهاية، ماذا عساها تقول؟ ليست حادثة سهلة وليس بوسط سهل هو الآخر، ربما هذا هو العيب الذي وجدته به، ماركوس يحب العيش بالظلام لكن لنتوقف قليلا ونتحدث بالحقيقة قبل أي قفز بالآراء، من لا يفعل؟ من لا يحب الغوص في الظلام عندما تكون حياتك مظلمة من الأساس
التوقف عن الكذب على النفس احيانا يكون مريحا رغم ان
الصدق مرير
الراحة المرة.
الكل يلجأ لجانبه المظلم بوقت ما من الحياة، يكون معيبا هناك اذا نفى عانى حطاما داخله وأرضى ذاته مؤقتا واذا استسلم للأمر ارتاح وتحطمت ذاته
لا وسط، لا حل وسط
لا احد يريد العيش كئيبا لكنه يحزن لحظة او ساعة او سنوات.
الحياة ليست مثالية، فهي ظلام وضياء، تكون الظلام فترى نقطة الضياء على بعد، قد يكون سراب أيضا، قد تكون الضياء وترى نقطة الظلام بالافق، قد يكون سرابا أيضا، لكن مشاعرك نحوه سواء كانت سراب او لا ستكون نفسها، ستخاف الوصول إليه بكلا الحالتين.
يومها لم تنم ماري ناظرة للسماء الداكنة، تفكر ب ماهي حال ماركوس؟ لا بد انه سينام بدموع بمقلتيه، ربما نفذت من طول الأيام، ربما هو هائم في الذكريات
هو بالواقع كان مستلقيا بالسطح ينظر لنفس السماء، يديه خلف رأسه يبتسم بهدوء
الليالي الباردة هي المفضلة لك
{لأنها باردة على قلبي أيضا، الجليد يقتل الألم، بذكر الجليد، كان من الممتع حرب كرات الثلج بكل هطول للثلج عندما}.
Flash Back
تركض سوزي خلفه رامية عليه كل ما تستطيع ان تحمله بيديها الصغيرتين وعندما شعر أنها تعبت وحتى يرضيها يتظاهر بالسقوط ارضا من رمية منها
{لقد، لقد قضيت على ربح الخير بالنهاية}
يمثل بدرامية انها بطلة خارقة لا يمكن لأحد ان يتغلب عليها وانه الشرير الذي انتهى شره، وكما تعودا في الافلام فإنه الآن ينتظر تلك الرمية الأخيرة التي تنهي حياته
حملت كرة ونظرت له بتعالي مزيف مرددة.
{لقد هزمتك بالنهاية لأن قلبي قوي، لست ندا لي والآن قل وداعا}
دائما ما رددت هذه الكلمات الشجاعة البطولية بشكل درامي مضحك، همت بالضربة الأخيرة فأغمض ماركوس عينيه يمسك قهقهته بصعوبة بالغة من هذه الدراما المفتعلة بشكل اصبح كوميدي أكثر فأكثر لكنه حينها لم يشعر بالثلج بوجهه بل بهيئة صغيرة ترمي نفسها الى حضنه تتشبث به
{لكن يمكن له أن يكون جميلا قلبا}
{من؟ }.
تقترب وتهمس بأذنه فيضحك ويحتضنها اكثر ويقف وهي تتعلق به بهيئتها الصغيرة الخفيفة جدا بالنسبة له
{نحن اسوء ممثلين لهذا لا أريد ان اصبح ممثلة جيدة}
{ماذا ستصبحين اذن؟ }
{ممثلة سيئة}
End Flash Back.
قهقه قليلا وازدادت قهقهته شيئا فشيئا حتى صار يضحك بقوة من الذكرى
كم كان مضحكا
{يالك من مجنونة حقا}.
جريمة قتل أخرى، ضحيتها شخص عادي، ليس من طبقة راقية بل هو مديون كثيرا، لا يعلم عنه جيرانه أنه شخص سيء بل كان جيدا مع الكل كما أنه أستاذ للأدب وكل طلابه يحبونه بالفعل فلما قتله وحش الظلام هذه المرة، تساءلت ماري عن هذا، لأول مرة لم تسأل عن معايير لمعرفة هوية المجرم بل سألت عن الضحية ووجدت أنها لا تستحق القتل حسب معايير وحش الظلام لكن أربما هناك ما يعرفه هو فقط عن ضحيته؟ هو إعتاد كشف ضحياه أيضا لما لم يفعل هذه المرة؟
{إن امر هذه الجريمة مريب بشكل ما، لم أذكر عن الوحش أنه يقتل بطعن، إذا كنا نعلم أن الوحش يعاقب بخطايا الضحية فهل الطعن عقاب؟ أعني ان كانت هذه الضحية قاتلة فحسب معايير الوحش فعله قطع يديه ربما، الطعن ليس عقابا، هيبة الوحش تضاءلت بعيني لم أنتظر منه فعلا كهذا للأسف}
{للأسف؟ أتراك أحببته سيد ماركوس؟ }.
{بحقك راتشل إنه وإن نظرنا بزاوية مختلفة فهو يحقق عدالته الخاصة ومفهومي لعدالته الآن تغير، بالنهاية هو بشري ويحب نفسه إذن}.
أثناء حديثهما راقبت ماري التواقيع من كل الجرائم وللجريمة الأخيرة، ثم نظرت للضحية وللسكين المغروس بها، لم يترك الوحش أداة القتل يوما بجريمته، بجريمة هيومي ترك الحبل لكن كان دلالة على مفهوم الانتحار لا على قتل متعمد، لم يترك مشرطا أو ابرة المحلول بجريمة سفاح العزباوات فلما ترك هذه المرة سكينا؟ هذا غير أنها تتفق مع ما قاله ماركوس، لم تكن هذه الجريمة ذات وزن مثلما حدث قبلا.
{ماذا لو لم يكن مرتكب هذه الجريمة هو الوحش نفسه؟ ان وسائل الاعلام اسرعت بنشر خبر جريمة اخرى للوحش تحت عنوان طعن استاذ متواضع من قبل وحش الظلام، أليس هذا محاولة واضحة لتشويه سمعته؟ }
{تشويه سمعته؟ أتعني أنه تقليد؟ الوحش يقوم بجرائمه منذ البداية لماذا ندافع عنه الآن بمصطلح تشويه سمعته؟ }.
{كلا أعتقد أن ما قاله راتشل صحيح، أنظرا للتوقيع الأخير، اشعر أن شكل الخط متغير هنا لسبب ما، أطلب من فريق الفحص الجنائي ان يعاين التوقيعين، هذا الأحمق ترك دليلا، عابد للشهرة يريد أن يكون الوحش، سألقنك درسا}
نظر ماركوس لراتشل المبتسم بجانبية، انه سعيد أنها لم تكن جريمة الوحش؟ كلا بل هو سعيد أن ماري وافقته الرأي؟ أو أن رأيه كان صوابا، ستنظر له الآن على أنه شخص ذكي، ستنظر له هذا الاهم.
{إذا لم يكن الوحش مرتكب هذه الجريمة سأكون غاضبا جدا من المحتال، لعبته كانت سخيفة جدا، إنه حتى قتل رجلا بريئا بسبب شهرة محرمة! }
{ليس الجميع يراها محرمة ماركوس، المجرمون لا يرونها محرمة}
{لكن الوحش يراها كذلك! أعني أنا متأكد من ذلك}.
Flash Back
مارثا ستكون جندية تخدم وطنها مثل والدها
مارثا بارعة جدا
مارثا ستكون...
مارثا ستصبح...
مارثا بالفعل...
كلا مارثا أنت مثالية لذا عليك أن تكوني...
مارثا انت لا يجب أن تخطئي!
عاشت مارثا منذ نعومة أظفارها مع خالها وزوجته اللذان لا ينجبان، فوالدها عسكري يذهب كل مدة إلى مكان بعيد يبقى به سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، أمها تطلقت بحجة أنها لا يمكنها أن تعيش مع زوج لا يعود إليها بسنوات فهذا متعب لها، تكفل خالها بتدريسها بأفضل المدارس والجامعات وفطنوا لبراعتها بالتخطيط والملاحظة الدقيقة الحسابية لما حولها وهذا ما زاد الوضع سوءا فبعد ان كان على مارثا أن تفعل كل شيء بشكل صحيح، صار عليها ألا تخطئ حتى بل ان مارثا والخطأ كلمتان لا تلتقيان أبدا وهذا ارهقها نفسيا.
اعتادت وضع ابتسامة عندما تسمع كلمات مثل مارثا ستفعل وتصبح، فتومئ فقط شاكرة الأفواه المتحدثة، تبتسم هنا وهناك تومئ وقلبها قلق، ألن تخذلهم إذا ما أخطأت يوما ما؟ ماذا لو أخطأت؟ تخطئ؟ مارثا؟ هذا لا يمكن حتى التفكير به
ماذا لو أخطأت؟
هي يصرخ داخليا!
كلا مارثا أنت لا يجب أن تخطئي الكل يراك كاملة.
ابتسمي وقولي أجل فقط، أنت ستفعلين ولا يوجد احتمالية الخطأ أبدا هنا ومن هنا بدأ كل شيء، من هنا صارت مارثا التي لم تعبس يوما وصارت مارثا المصابة بالاكتئاب المبتسم ودون أن يعلم أحد
ها قد عاد والدها إليه بعد غياب طويل، احتضنته وتحدثا كثيرا وربما استمتعا برفقة بعضهما، اشتاق الاب لابنته واشتاقت البنة لوالدها لكنها لم تشتق لبعض العبارات، فقد عاد هذه المرة والدها بأخبار مصيرية.
{بما انه وقت العسكرية سنذهب معا هذه المرة وستعملين معي منذ يومها، ستصيرين عسكرية مرموقة وستعملين لتصيري ذات رتبة جنرال حربي فأنت مخططة بارعة بالفعل لن تكون هناك مشكلة}
ابتسمت وأومئ
صرخت وبكت داخليا
لا تريد أن تصير عسكرية، ليس لأنها لا تحب هذا العمل بل لأنه لا يقبل الخطأ مارثا تريد ان تكون بمكان يمكنها الخطأ به بقدر ما تشاء، تريد أن تموت بقدر ما تشاء.
رن هاتف والدها، اجاب لكنه جحظ وكرر ما قاله محدثه عبر الخط
{توجد قنبلة بالبيت؟! }
تصنمت مارثا عندما نظرت حولها وفجأة بدأ عقلها بحساب الأماكن الصحيحة لوضع قنبلة تقتلهما، وهنا حدث أيضا أكثر شيء تخشاه بحياتها
أخطأت مارثا ولم تحسن حماية والدها وبسبب هذا توفي أبوها الوحيد وفقدت هي أحد عينيها وبقيت الأخرى سليمة...
كحالها وحيدة
مارثا ستبقى قوية رغم الفاجعة التي حدثت لها، مارثا، مارثا، واللعنة على مارثا خاصتكم.
خرجت راحلة للأبد وهي نقهقه مبتسمة، فهي لا تعبس ولا تستطيع العبوس بحياتها مجددا، ربما سيعتقد البعض انها نعمة فالعبوس مكروه والحزن سيء لكن البكاء نعمة، ترغب مارثا لو تستطيع البكاء يوما لكنها كلما حاولت تجد نفسها تتألم من بطنها من الضحك
مارثا دائما سعيدة...
مارثا اخطأت...
مارثا لم تصبح ما أراده الكل...