رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الرابع
{ بيرس داميان مافيا، سارق، مُطارد لأكثر من عشر سنوات دون أن يقدر أحد على الإمساك به، تم القبض عليه بسبب بلاغ مجهول قدمه شخص ما يدعي أنه رأى داميان نفسه ذاهبا إلى الساحل}
قال راتشل موجها حديثه الى ماركوس وقد كانا واقفين تماما أمام نفس تلك الغرفة الكئيبة التي كان كيلان في وقت مضى بها مع المحققة المشهورة، ينظران عبر الزجاج لهيأة المقبوض عليه قبل ساعات.
{هذا قطعا من خطته، إنه لا يبدو متوترا بل إنه هادئ بشكل مثير للريبة، نظرته الفارغة تجعلني أشك أنه يناظر أحدا يجلس قبالته حتى}
ربما يرى روحا يعرفها
{سأحقق معه وأكتشف ما ينوي عليه إذن، }
أمسك ماركوس ذراع راتشل يمنعه، لقد اتخذ قراره، هذا المافيا خطير بشكل ما ولا بد أنه ينوي شرا، فلا يمكن أن يتم القبض على مطلوب مخادع ماهر بالتخفي فقط من مجرد اتصال واهي.
{إن أصر على الصمت أخبره أننا سنطلب المحققة ماري، ربما يخاف ويخبرك}
أومأ راتشل دخل وبقي ماركوس يناظر حركات تعابيرهم فيما لم تتحرك شفتا داميان إلا مرتين فقط، ثم أغمض عينيه ولم يستمع لما يقول راتشل فخرج الأخير بخيبة واضحة على تقاسيم وجهه.
{قال أنه لن يتحدث إلا في حضور المحقق نوفيشن ماركوس، عندما قلت له سنحضر المحققة ماري لم يعرف حتى من تكون، لا أظنه سيخاف بذلك لذا تفضل ماركوس الساحة لك، حاول أخذ بعض المعلومات منه}
شد ماركوس على قبضته دخل فرفع داميان حدقتيه الحادتين إليه ونظر بملامحه مليا، تبادلا نظرات مبهمة وانتهت بابتسامة جانبية على ثغر داميان، عرف راتشل أنه حضر بإرادته إلى هنا ليحادث ماركوس اذن.
يريد ماركوس لكن لماذا؟ هذا ما سيخبره عنه عندما يخرج من عنده
{إذن أنا هنا ماذا تريد؟ }
{التحدث قليلا، نحن أصدقاء ماركوس، هل تتخلى عن صداقتنا الأن فقط؟ لأننا بأماكن مختلفة؟ بهذا العالم حتى الشياطين قد تكون في الجنة}
ضرب ماركوس بقبضته الطاولة، اقترب بجذعه لداميان ونطق بصوت يشوبه غضب مكتوم، لم يرد الإفصاح عن هذا لكن داميان يهدده بشكل واضح، مبهم لا يعلم ماهيته غيرهما.
{لن أكون يوما صديقا لمجرم، إن سمعت هذه الكلمات من ثغرك مرة أخرى أقسم سأشرف على إخراسك للأبد}
{اهدأ يا صديقي لست أنا من قتل أختك الصغيرة، أعترف كانت بغاية اللطافة، كانت مرحة وباسمة كثيرا أنت، }
وعندما تتذكر أنك تعيش كذبة، تكذب ثانية.
وجه ماركوس قبضته على وجه داميان فأسقطه أرضا مع شفة نازفة لكن الأخر لم يغضب بل استمر بالابتسام أكثر حتى عندما أمسك ماركوس ياقته بنظرات متوعدة، لم يكن ليسمح لأحد أن يجلب سيرة أخته الصغيرة الراحلة عن هذا العالم على لسانه، وخاصة على لسان مجرم قاتل!
{أيها القاتل اللعين، لا تذكر اسمها على لسانك القذر! }
{سارق من فضلك لم أقتل أحدا بعد، لكن لا مانع لدي أن أجعل أحدا ما أول ضحاياي، هذا ما جئت لأخبرك به}.
لكمة أخرى لوجه داميان، فقد المحقق ماركوس صوابه بهذه اللحظة تماما بحيث لا يستطيع تمالك نفسه وهذا ما جعل الشرطة تتدخل وسحبوا رئيسهم ماركوس خارج قاعة التحقيق، لبث داميان أرضا برهة من الزمن مبتسما تلك الابتسامة الهادئة تحت تعجب راتشل من برودته كالصقيع!
{تمالك نفسك ماركوس! ماذا حدث؟ ما الذي قاله لك حتى لعب بأوتار غضبك؟! }.
{لهذا طلب رؤيتي! ليخبرني أنه يعلم عني ما أخفيه عن العالم كله، إنه أحقر مما تصورت! }
انت تعلم هذا ايضا
{لا بأس ماركوس، سيزج بالسجن، لقد أخطأ بجعل نفسه بمكاننا عمدا! }
{سأكون بالمقهى المجاور، أحتاج الهدوء قليلا}.
طلب قهوة داكنة بمرارة الحياة بدون سكر وجعل يحدق بنقوش الفنجان وتصاعد الدخان الساخن منها، شاردا بكل تفصيلة بحياته ومستذكرا الألم الذي أحياه هذا داميان، لم يكن صديقا قديما كما قال لكن شخص عرف بزمن ما، عندما كان له من يدعوها بأخت صغيرة، يحبها كثيرا لأنها لم تحظى بأم ولا بأب ولهذا قرر ماركوس حمايتها من جماح الحياة القاسية...
عاشا يتيمين وعاشت هي تحضن من تسميه أخاها الأكبر عند كوابيسها الصغيرة كحالها، تحكي له دائما عن أنها ترى الملائكة تلاعبها وتضاحكها، اتخذت من خيالات لها أصدقاء ولو لم يكن هو سندا حقيقيا لها لاتخذت أبوين خيالين أيضا، لم يكن يفهم كيف يمكنها جعل الخيال حقيقة، لكنه الآن يعلم كيف جيدا، وبطريقة واضحة وبشكل مخيف
انها لم تكن تتخيل بالنهاية.
كانت كما قال تضحك كثيرا تلعب كثيرا وتحب كثيرا، تحب كثيرا هذا ما جعلها تلقى حتفها، عندما أخطأ ولم يحمها! عندما منح من أجمع العالم على أنهم الحماة الموثوقون حياتها بيديهم وذهبت عن العالم تحت خطأ غير مقصود!
عندما أُطْلِق الرصاص عليها بغية قتل مجرم هارب، جعل من هيئتها درعا له.
هل الحياة بيديهم لعبة؟ هل ذهابها للأبد في سبيل تحقيق غايتهم مجرد أمر هين؟ أكان فرار المجرم الخائف من مصيره أخطر وأعظم من تركها حية؟
وجعلها مجرد روح ضائعة وجدته المأوى
لهذا صار من شرطي إلى محقق ذو صلاحيات اكبر وقرارات كترك المجرم في سبيل الرهينة، ليعيش على إنقاذ حياتها التي يراها بأخرين.
لم يبك قط بعد أن نحب لشهر كامل بشكل كارثي، قرر أن دموعه ستكون صمتا قاتلا، قرر أن اللعبة ستبدأ عندما يقول هو وأنه سيكفر عن خطئه بتهاونه بحمايتها
لامست أبخرة القهوة المتصاعدة بشرته كمن تداعبه حزينة على حاله، تمسح دموعه التي أبى جعل محل لها بوجنتيه، ملامحه تبكي وهذا واضح وإن لم تفعل عيناه، كان منكسرا دون شك، كان مهشما بندبات وجرح نازف، وإلى متى يتحمل نزف جرحه هذا
{أنت بخير سيد نوفيشن؟ }.
رفع رأسه لمحدثه، محدثته فقد كانت أريل ماري نفسها وقد اتخذت مقعدا قبالته تشد شعرها الذي زعمت انه أزعجها وطلبت من النادل القدوم إليها تحت نظراته الخالية لحركاتها
{طلبي الحلو لو سمحت لكن مع حبتين}
التفتت لماركوس حدقت لبرهة به فأبعد بصره وارتشف من قهوته بهدوء، كان قد وصلها خبر قتاله مع مجرم بغرفة التحقيق، وضعت يدها على خدها ونظرت عبر النافذة بهدوء، إلى حركة الشارع.
{قابلت مجرمين ذو ألسنة قذرة لهيئتي كامرأة ولم أقفز ضربا عليهم}
{عتاب؟ معك حق ما كان يجدر بي أن أفعل ذلك، هل أنت سعيدة الآن؟ }
{كلا، جئت أشجعك على ما فعلت}
{لم يكن هذا متوقعا من المحققة أريل ماري}
{اه سيد نوفيشن لو كان مسموحا تلقين المجرمين درسا لكنت حاصلة على مجموعة جميلة من الأسنان مختلفة الأشكال والألوان، ما رأيك؟ إنني أنظر لأسنان المجرم كأول نظرة، لا ادري لكنها تعطيني لمحة عن شخصية المجرم}.
ضحك ماركوس بينما وضع النادل فنجان بقهوة سوداء ورغوة بيضاء أعلاها ومغلفة بالكراميل على سطحها مع حبتين من حلوى الكراميل بجانب فنجانها على طبقه تحديدا
{هل يملك قاتل الوقت لتنظيف أسنانه؟ }
هيا لابد انه يفعل كما تفعل، نحن بشر
{إن فعل هذا يعني أنه منظم بحياته، أليس كذلك؟ }
وبعض الحقائق الأخرى
مدت له إحدى قطع الحلوى لتضعها بفنجانه تحت تفاجئه من فعلتها لكنها ابتسمت فقط ثم ارتشفت من خاصتها بهدوء بالغ.
{تناول الحلو أحيانا لا تشرب حتى المرارة! ما بهذه الحياة كاف أليس كذلك؟ خاصة بالنسبة لك، وجهك شاحب أظن أن سكرك انخفض}
احببت فعلتها
سبب نفسي ثم أخر علمي، عمدت على وضع الحجج لرغباتها لتصمت من قبالتها، ماري أريل ليست بشخص يستهان به حتى بما يخص فنجان قهوة بالتأكيد هي الفائزة دوما وبكل شيء
{يوما سعيدا سيد، ماركوس أراك لاحقا}
إلى اللقاء.
حملت نفسها وغادرت، تركت شعرها ينسدل ونظرت لظهر ماركوس قبل أن تهم بالخروج من المحل فلبث هو قليلا من الوقت ناظرا للفراغ فقط ثم لقهوته والتي ذابت بها الحلوى الصلبة بدفء الفنجان وأطلقت نكهة جديدة ولذة فذة مع لون مريح، اترتشفها وأعجبه طعمها حقا
قاطعه صوت بعد تحمحم قليل
{أظن أنها معجبة بك سيدي، وتعملان معا}
{ومن تكون حتى؟ }
القدر اللعوب.
شاب طويل القامة يتمرد شعره الأسود الطويل الذي يمسكه بربطة شعر من أسفل قبعة من طراز كلاسيكي كأنه هارب من اوئل التسعينيات، وجهه ثابت بملامح حادة، ووجنتان محددتان جيدًا. نظراته العميقة وعيناه الزرقاواتان الداكنتان أشبه بالهاوية، تنضح بهواء من الغموض وبرودة قاتمة على محياه. تزين الخطوط الخافتة جبهته وحول عينيه، كما لو كانت محفورة بالقسوة والتجارب التي تحملها، حتى ملابسه داكنة واسعة انبثقت من وسط الظلام أو من عالم تجرد من الالوان وهو بالفعل كان بأكثر زوايا المقهى ظلاما، يضع يديه يجيب سترته ويتحدث بلكنة هادئة مع رنة صوته التي تبعث على الراحة بمسمع محدثه إضافة لهالة البراءة التي يبعثها.
{لدي موعد هنا لكن صاحب الموعد لم يظهر نفسه بعد، التأخر على المواعيد أمر سيء ما رأيك سيد نوفيشن؟ }
{أجل صحيح أظن ذلك لكن ربما، }
{لكنه كان سوء فهم فقط، }
جلس الشاب إلى طاولة ماركوس تماما أين كانت ماري تفعل قبلا ونظر لفنجانها بهدوء متفحصا إياه وهو يضيق عيناه.
{الانسة السابقة جلست مع تحديق إليك، هي تجيد التحكم بمشاعرها، أخفت أذنها بوضع يدها على خدها ونظرت للنافذة، شدت شعرها عندما جلست إليك؟ المقهى ذو جو جميل لكنه لم يكن كذلك بالنسبة إلى معدل تنفسها، طلبت طلبها الخاص مع إضافة مصطلح الحلو صحيح؟ مما يعني أن لها طلبا خاصا أخر غيره لكن عندما تحادث شخصا تعجب به سيحتاج دماغك هرمون السعادة لذا تزداد حاجتك إلى الحلو تعلم هي ذلك لذلك رمت الهرمون شخصيا بفنجانك تريد السعادة لك بحديثها، إنها خَطِرة! من سيد نوفيشن بأول الحديث صرت سيد ماركوس تخطت الرسميات بلطف وانسيابية بالعودة إلى فنجانها فهو نصف ممتلئ، توترت علمت أن البقاء هنا سيكون خطرا عليها وهذا الخطر راجع إليها لا يهمنا لكن تقول بعض اللغات الاجتماعية أن ترك فنجان نصف ممتلئ معناه اعتراف واضح على الرغبة بالحديث مجددا حاولت تناسي حقيقتها كأنثى عند رفع شعرها أو ربما أرادت التأكيد عليها لكنها أعلنت الاستسلام عندما أسدلته قبل أن تخرج مما يعني أنها تقر بفشلها بضبط حديث جميل مع شخص من الجنس الأخر ما يمكنني قوله بالنظر إليك أنك لا تهتم كثيرا لها، اممم نهاية سيئة للقصة على ما يبدو}.
أنهى الشاب حديثه، رافعا ناظريه الر حدقتي ماركوس، بدى له مبتسما لكنه بذات اللحظة لم يكن كذلك، كانت طرف شفته توحي بالريبة إلا أنها غير منفرة، بل عميقة
{هذا كان مفصلا بشكل مثير للاهتمام}
{أيها النادل لو سمحت، ماهي طلبات الانسة السابقة أغلب الأحيان؟ }
{طلب الحلو الذي شربته للتو وأخر كخاصة السيد هنا، غالبا هذان}
{هل يوجد طلب أخر؟ }
{في الحقيقة أجل، أمريكانو مثلج أو ساخن}.
شكره الشاب بعد تحقيقه، لابد أنه ظن أنه محقق ايضا بينما يجالس ماركوس الذي يعلم الجميع عمله بالفعل، غادر النادل والتفت لماركوس بحاجب مرفوع وتنهد متفهم كمن ادرك امرا بينما تتحرك بأنامله كرية مطاطية حمراء يلاعباها على الطاولة حينا وبين يديه حينا أخر، لاحظها ماركوس وضيق عينيه بها
{أطلب الأمريكانيو لها المرة القادمة وستقع بحبك مباشرة}
{من قال أني أريد ذلك؟ }
{لم أقل انا ذلك، هل فعلت؟ }.
أخفض ماركوس رأسه عندما علم بتلاعب الشاب بالموقف هنا وأنهى فنجانه مستطعما حلاوة القهوة الآن بالكراميل، سعادة إذن، هذا لذيذ حقا بشكل ما
{أنا المحقق نوفيشن ماركوس ماذا عنك أيها الشاب؟ }
{أعرفك جيدا لهذا قدمت لك سيد نوفيشن، أعتذر عن سوء الفهم أنا، }.
رمى الشاب الكرية لأعلى سحب بسرعة كأس الماء ودفعه قليلا بالجهة المعاكسة لرميه وما هي لحظات حتى استقرت الكرة داخل الكأس، رفع ماركوس رأسه ليجد أن الثرية هي التي سمحت للكرية بتغير مسارها عن المستقيم
{والش دانيال، سعيد أني وجدتك سيد نوفيشن}
وانا ايضا.
--------- --------- --------- --------- --------- --------- ---------.
Flash Back
--------- --------- --------- --------- --------- --------- ---------
{ماركوس! والد زميلتي قالت أن والدها يستعمل المسدس لقتل الخارجين عن القانون! هل معاقبة المجرمين تكون هكذا دائما؟ }
{سوزي كم مرة قلت لك أن هذه المواضيع أكبر منك! }.
نطق أخوها يبحث بحقيبته ضمادة لجرح لأخته الصغيرة التي وقعت قبل قليل، لكنها أبدا ما بكت مثل بقية الأطفال، إنها أنضج عقلا بالمقارنة بكل أقرانها هذا واضح جدا بالنسبة لكل من يعرفونها وسبق وسمع كلمات كهذه توجه كمديح إليها وإليه لحسن تربيتها
{أريد أن أعلم فقط أخي}
{إما أن يقبض الشرطة عليهم او يطلقون الرصاص إذا لم يطيعوا أوامر الشرطة لكنها في حالة قصوى}.
اطلق زفيرا طويلا لم يجد الضمادة نظر حوله يبحث عن حل في محل قريب، فوقف وترك الحقيبة جنبها وربت على شعرها المسدول مع تقوس عينيه واتساع شفتيه
{سأذهب لشراء الضمادة انتظريني هنا اتفقنا؟ إن لم أجدك هنا سينتهي العالم تذكرين؟ }
{أجل أخي اذهب لا تقلق أنا أنتظرك}.
راقبت ظهر أخيها يبتعد، حركت قدماها على الكرسي ذهابا وإيابا ولازالت مبتسمة، المرور جنب فتاة بتلك الحالة يجعلك لا حسيا تلتفت لها وتبتسم بوجهها كأقل فعل وتخطفها كأكثر فعل
مر ملثم أمامها بخطى بطيئة شاردة يرتدي أسودا وتغطي خصلاته قبعة سوداء، مع حقيبة ظهره المعلقة على كتف، فتعلقت نظراتها به وبما تحمله يداه.
لمح حدقتيها تنظران إليه وبالكرة الحمراء، ظنها طفلة ما كعادتهم بالنظر هنا وهناك، أراد الكشف عن حالتها لكنها لم تفضح شيئا وهذا جعله يبطء بذهول! كيف لا يستطيع ملاحظتها؟ هل انتظرت كثيرا؟ لو فعلت للاحظ انزعاجا عليها، لم تفعل؟ لما لا يلاحظ حماسا إذن تنظر للأفق لا يعلم بنظراتها من أين ذهب وليها وبأي لحظة سيعود، جنبها حقيبة لا يعلم لأي نوع من الأولياء قد تعود لا يبدو أن لها أخا او اختا لكنها لا تنفك عن النظر بسعادة كما لو كانت تعيش حياة لحظة مع احدهم.
واصل طريقه لكنها نطقت فتوقفت خطواته والتفت لها، كانت تفكر بصوت عالي مع نفسها، مع حركة قدميها المتدليتين من المقعد ذهابا وايابا ونظرها للمكان الذي كان به أخوها قبل الان
{إذا سلبنا روح مجرم ما فهل سيشعر أننا نعاقبه؟ سيموت، يفوت الأوان أنا لست أفهم حقا! المجرمون يفترض أن نعتني بهم}
شعر كما لو أنها من قرأته الآن، لما عندما مر هو تحديدا نطقت بهذا؟ هل تعلم عنه بمجرد نظرات ظنها بريئة من فتاة صغيرة؟
{الناس لا تحب المجرمين، المجرمون سيئون}
رفعت بصرها للمجيب عن تساؤلها، ورمشت عيناها تتحدث بهما جعلته يجلس جنبها وتلين ملامحه من شرود إلى رقة، لم تستطع هي رؤيتها لثامه يغطي وجهه لذا وقفت على الكرسي لتصير بطوله الجالس وامتدت كفاها الصغيرتين تنزع لثامه عنه كاشفة عن وجه منصدم
{الأرانب سيئة عندما تأكل جزر الحقل لكن معظم الناس تراها لطيفة، الناس تحب المجرمين الجميلين! هل انت مجرم؟ لا تقلق فأنت جميل}.
دق قلبه بهذه اللحظة وأمسكت يداه كفيها محتضنا إياهما، لعبت بمشاعره، كيف تلعب هي بمشاعر قاتل عديم الضمير؟
{أجل أنا داني المجرم، شكرا لأنك ترينني جميلا أنت أيضا جميلة لكنك لست مجرمة بل ملاكا}.
أمالت وجهها تقوست عيناها بملامح تشبه خاصة أخيها وأطلقت ضحكة لطيفة سعيدة بقول المجرم لها لكنه ترك يداها عندما أدرك أنه قد يصبح بخطر في حال عاد وليها فرفع لثامه لوح لها بيديه مبتسما فبدا ذلك من عينيه وواصل سيره بعيدا، كانت فتاة مميزة، وكان لها أيضا مميزا
نظرت ليديها كرة حمراء تحتضنها كفها، قد جعلها هو بيدها بشكل ما
{ماركو إنه أرنب أحمر! }.