رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الخامس

رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الخامس

رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الخامس

مجرد حركة مستقيمة قد تحدث أنغاما وألحانا ساحرة
لعازف الكمان الحياة تتمحور حول خفة أناملك وحسك مع وقفة مميزة
الكمان صوته عميق وكلماته أعمق، تخترق بالصميم لكن أحيانا تفاجئ بسخرية القدر، إذا ما كرهك يوما كن واثقا أنك ستحظى بانقطاع بالصوت بالألحان بالكرامة والهيبة، ووتر مدمر لكمان غاضب منك.

عزف مع إغماض لعينيه بحفلة لنبلاء أعجبوا بالأصوات التي أصدرها وارتسمت ابتسامة ساحرة على ثغره زادت شعبيته بين النبيلات تحديدا، ثريات منجذبات لمظهر شاب مرهف الحس عازف كمان ووسيم فوقها: الكمال بشخص بعينه، لم تكن أي منهن تدرك ان الكمال كلمة أبعد من تصور البشر.

يملامحه محسونة جذابة، عيناه الضيقتين متلألئتينبلون الزمرد العميق، تحملان لمعة الشر والمكر تكشفان فقطجزءًا بسيطًا من الأسرار المخفية في روحه الغامضة، شعره أشقر خصلات متوسطة الطول ينسدل بحرية في تموجات عشوائية، مما يزيد من وجاذبيته المغرية
بأحد الأركان تحرش أحد الأثرياء بخادمة، حاولت إبعاده بهدوء دون إحداث جلبة والهروب بحياتها فهو يقدر على شراء كل عائلتها حتى.

زادت وتيرة العزف، مواصلا إغماض عينيه وازدادت سرعة أنامله وحركته، عزف غاضب لعازف يجسد أنغامه
صارت أسرع، تسارعت الهتافات المندهشة من قدرته العجيبة على ذلك العزف السريع
النبيل يتلمس وجه الخادمة، واصل تحرشه.
عزف الكمان نغمة تسابق نغمات أخرى تتابعها شد على إغماضه عينه ثم، توقف فجأة.

نزل ذراع الكمان بهدوء على الأوتار تحدث أطول نغمة، لكن حركته أشبه بقاتل يقوم بذبح ضحيته بهدوء وعندما استقرت ذراعه بعيدا عن الكمان وقع النبيل فجأة والرغوة البيضاء تخرج من ثغره، لفظ أنفاسه الأخيرة تحت نظرات العازف المبتسم بجانبية
{لا تغضب عازفا يا سيد، سم الألحان أخطر من أي سم قد تتناوله}
خبأ كمانه بمحفظته عليها علامة لأول حروف اسمه
W. A.

مزخرفين بطريقة فذة وانسحب بهدوء عن الضجة، ، فالكمان يحب الحديث والغناء في الهدوء وليس في ضجة وسط ساحة جريمة الناس بها تتصايح عن الإسعاف وأحدهم يكتشف أنه سم فيشهق كل من حوله
مر بالخادمة السابقة، تلقت التحرش ودعت بالخلاص فتحققت أمنيتها، همس بأذنها
{قارورة السم بغرفة زوجته تخلصي من تلك المرأة أيضا، هو متحرش لعين والأخرى قاتلة لأختها عائلتهم كارثية تستحق الموت! }
{يا إلهي من تكون؟! }.

{سيد نوتة، عازف كمان وقاتل بالألحان}
غادر وسواء رأوه مرة أخرى أم لا لن يتغير أي شيء إنه مجرد عازف كمان يختار ضحيته باحتراف، فالكمان يعزف لحن الموت لمن يستحق الموت فقط! لن يتهم أحد عازفا عزف أغنية الموت وقدمها بعصير أحدهم لتختفي روحه أليس كذلك؟ هو نفسه لن يفعل لذاته
.
.
.
.
.
.

خرج من القصر ركب سيارته وضحك بقوة شديدة حتى أدمعت عيناه من فرطه، شغل محرك سيارته وشغل الأخبار سيتحدث الكل عن الثري المشهور الذي مات مسموما وسيتحدث الكل عن سفاح الأثرياء الذي لم يجد له أحد أي أثر.

رغم أن فكرة صغيرة بكون عازف الكمان يتواجد بكل حفلة دماء سيفي بغرض اكتشافه لكنه ليس من الحضور، ليس من الدلائل بعبارة أخرى: ليس من الأشخاص الذي سيتهمه الفتيات أنه مشتبه به، إنهن مغرمات بعزفه. وبه أيضا، لو قتلهن حتى سيسعدن بذلك!

أرجع شعره للخلف ونزع معطفه راميا إياه جانبا وانتشل هاتفه يراقب حركة النقطة الحمراء عليه والتي تدل على حركة الخادمة، وضع جهاز تعقب عند همسه لها، لن يثق بها طبعا سيرى إن ذهبت لتنهي مهمتها أيضا وإذا لم تفعل اتصال واحد سيكون كفيلا بإنهاء كل خدم القصر حتى
{إنها مطيعة إذن، هذا جيد لا بد أنها تحقد على زوجته أيضا هذا رائع جدا جدا}
--------- --------- --------- --------- --------- --------- ---------.

Flash Back
--------- --------- --------- --------- --------- --------- ---------.

أنهت عرضها في خضم منافسة كبيرة للمواهب الصغيرة واليوم كان لعازفي البيانو ولم يكن أخوها ليمنعها من اللمعان بوسط مجتمعها وها هي خرجت شاردة الذهن من المسرح غير أن ماركوس استقبلها بالترحاب والتصفيق ومدح عزفها الجميل
{كنت رائعة سوزي أراهن على أنك من سيفوز بالمنافسة}
{حقا أخي؟ تظن ذلك؟ أنا سعيدة أن عزفي أعجبك لقد عزفت لأجلك لا يهم إن ربحت أو خسرت المهم أن عزفي أعجبك}.

رفعها ماركوس وحضنها مقبلا وجهها بحماس فيما ضحكت هي كثيرا وقهقهتها تسمع بالرواق، إنهما يحبان بعضهما بشدة حتى أن أحلامهما تعلقت بأحدهما الأخر بدون تردد، مسح على شعرها وتركها تتخذ من ذراعه مقعدا عندما حدق بعينيها متأملا شبههما بخاصة والدته، وإلى أنفها الشبيه بخاصة والده ثم شفتيها الشبيهتين بخاصته، كانت مزيج الماضي وجمال الحاضر وحلم المستقبل
{بالنسبة لي لقد فزتِ، ماذا تريدين كمكافئة؟ }.

{مثلجات بالحجم الكبير جدا}
أوسعت ذراعيها تريه الحجم بلمعة ببريق عيناها وابتسامة متسعة جعلت أخاها يضحك أكثر ويومئ برأسه ثم احتضن وجهها إلى صدره وربت على ظهرها، لسبب مجهول يشعر برغبة بالبكاء، رؤية السعادة بوجهها بهذا الشكل يجعله فخورا بنفسه ويجعله يصمم يوما بعد يوم على رسم هذه الابتسامة لها.

خلفه لمحت ورقة معلقة بلوحة الإعلانات تعلن عن منافسة ثنائية لآلتين مختلفتين الشهر القادم وهذا جعلها تنسحب من حضن أخيها وتحتضن كفيه فقط تحدثه
{ماركو؟ أتجيد العزف على آلة ما؟ }
{لا ليس كثيرا، لماذا؟ }.

قال وهو يضعها أرضا لكنها فقط نفت برأسها وأمسكت يده تستعد للخروج من هذا المكان وسارت بضعة خطوات، التفتت للمرة الأخيرة للخلف للإعلان الوحيد الذي تركته خلفها مع رغبتها المكبوتة والتي لم ترد البوح بها لأخيها حتى لا يحزن فهو دائما يحزن أكثر منها عندما تطلب هي شيئا وهو يقول لا أو لا أستطيع رغم أنها تتفهم أنه لا يمكنه فعل كل شيء لكن كل ما يفعله لها يكفي حتى يكون كل شيء بالنسبة لها، أخوها ماركوس كل شيء بحياتها.

لمحت أحدا يقف قبالة الإعلان خلفه حقيبة تبدو ليثارة أو كمان هذا واضح فهي تعلم أن أصحابه يحملون مثل هذه الحقائب، توقفت خطواتها وكذلك فعل ماركوس متفهما حالتها بالشرود والوقوف محدقة، لها هذه العادة ونتاجها أفكار فذة لذا يترك لها فترة من الشرود حتى تتعلم التفكير أكثر.

تقرأ حدقتا الشاب الإعلان لكنه لاحظ أحدا ما يراقبه فزاغت مقلتيه بجانبية دون أن يغير وضعيته ووجدها تراقبه ويمكن الانتباه إلى أن عيناه الحادتين اتسعتا قليلا وبفضول واضح لبث برهة يراقبها، بهذه اللحظة شعر كما لو أن المكان أظلم إلا منهما، اختفى كل من بالرواق إلا هي ونظراتها المتطلعة إليه ولبثت لدقيقة هكذا حتى تفاجئ أنها أفلتت كف ممسكها وركضت عنده بسرعة.

لم يعلم ماذا يفعل كانت اول مرة منذ زمن يشعر باندفاع كم هذه المشاعر في طفلة صغيرة نحوه
و هذا اخافه بنقطة ما
{أنت عازف؟ كمان؟ }
{أجل يا صغيرة، لما؟ }
أشارت سبابتها على الإعلان الذي كان يقرؤه ولم تبعد حدقتاها عنه بل واصلت حديثها دون مبالاة بأخيها الذي يسير صوبها بهدوء مستطلعا الأحداث المفاجئة
{سيد نوتة، هل يمكنك أن تكون شريكي؟ }
{سوزي؟ ما الذي تفعلينه؟ }.

جلس العازف القرفصاء، أعجبه لقبه منها راقب لمعة حدقتيها راقب الكل حولهما لكنها ذهبت إليه وحده، يشعر أنها اختارته كشريك لها من بين الكل، ابتسم وعلم أنها مميزة بالفعل، حتى بالمشاعر التي اعادت الحياة لهم بقلبه بمجرد نظرة منها
{سيكون من دواع سروري، سوزي}
{أعزف البيانو هل سمعت عزفي؟ }
{اجل، عرفتك كنت بالمسرح، لكن لما عزفتِ تلك المقطوعة الكئيبة؟ }
{سمعتها يوم وفاة والدي، تذكر ذلك أخي؟ }
{سوزي هذا يكفي لنذهب}.

وقف العازف مد يده لمصافحة أخيها، وقرر بلا عودة أن الفوز بهذه المسابقة لن يكون إلا مع سوزي لذا هو لن يدخر جهدا في جعلها شريكته
{مرحبا سيدي أنا ويست ايدن عازف كمان ومن دواع سروري أن أكون شريك أختك بالمنافسة القادمة وأعدك أننا سنفوز، لن تكون السبب في خسارتها لهذه الفرصة أليس كذلك؟ }.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب