رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الثاني
وجه مسدسه عليه بينما يبتسم الأخر ابتسامة ساخرة تستفز حامل المسدس لكنه رفع يديه ببراءة مع الرجلان اللذان أحكما قبضتهما عليه يقول بوضوح أن لا نية له بإبداء اي رد فعل عنيف أو معارض
{إدوارد! قلت أنها أسلحة أصلية أتهزأ بي! أعطيتك ثمنها لما أنت مصر على الموت؟ }
{لست أتخلى عن أطفالي بسهولة}.
نظر إدوارد حوله، مستودع فارغ إلا من رجال هذا الزعيم، ومع ذلك لم يكن هذا مركزهم بل موقع تبادل أسلحة فقط، سبق وجمع معلومات عن تموضع رجاله عن طريقة عمله الحرفية، فإن كنت ستتعامل مع الشيطان عليك معرفة خطته وان لم يكن إدوارد يعتبر هذا الزعيم شيطانا فهو غبي وساذج ليلقى لقب كائن من الخوارق.
ولان المكان ليس عقر الدار ترك مجال تناقص عدد رجاله وهذا ما سيكون عاملا مساعد له لاحقا عندما يريه ما معنى اللعب معه، ربما هو كان الماكر المخادع هنا لكن الحرب خدعة كما يقال
{أتريد الموت؟ أستطيع قتلك الآن وبكل سهولة! أنا رئيس مافيا لا تلعب معي همفريز إدوارد! }
{لكنك لن تفعل لأنني من أزودك بالأسلحة، أنظر لنعقد صفقة أخرى رابحة لكلينا}.
لازالت نبرته تميل للخداع، ملامحه تثير الريبة، السخرية المتعلقة بشفتيه لم تساعد البت على عقد صفقة، كان مثل الثعلب الماكر يحاول أخذ الجبن من ثغر الغراب الساذج
لا يحاول كسب ثقته لعقد صفقة كما هو واضح، هو يحاول الإفلات بأقل الأضرار، الأضرار التي سيكون هذا الزعيم هو دافعها فسكوجين لا يدفع الثمن بل يأخذه دائما
{ولما على تصديقك بعد خداعك لي! أنت سرقت مالي مع أسلحة مزيفة! }.
{لأنك كنت ستبيعها لذلك السافل بيرس، أنت خادم الشيطان وهو وزيره الأول! }
جمع يديه الحرتين، حينها تأكد ان الرجلان الواقفان جنبه يهابانه ولو قليلا، فهاهو يرفع كف يده شارحا باستهزاء لم يكن منفعلا ولا غاضبا كان يعاتب - من يوجه مسدسا على رأسه - على قراره السخيف
لا يهم اين أنت ومتى تعيش بهذا العالم، ان فرضت قيمتك على الناس فرضوا قيمتك على أنفسهم
{ماهي صفقتك؟ خدعة أخرى؟ }.
{تتركني أخرج من هنا وسأخبر الموت ألا يأخذ روحك الآن، لو رفضت سيقضي عليك هاهنا صدقني! }
البرودة اخترقت الجو، الثقة التي يملكها إدوارد وكأنه بالفعل متواطئ مع الموت، لكن بهذه اللحظة لم يكن ساخرا ولا مستهزئا كان يقول بكل ما تحمله الجدية من حروف، أني حليف الموت ومساعده المخلص وأحد الأشخاص من بين البعض الذين لم يقعوا بحب تلك الجميلة، الحياة.
{حيلة أخرى من حيلك أيها الماكر، لسانك طويل ومسدسي يحسن اختراق الألسنة قل وداعا! }
شحن الزعيم مسدسه قرر قتله والتخلص منه للأبد باللحظة ذاتها انفجرت قنبلة ما أحدثت دخانا أعمى رؤية رجال الزعيم فصرخ بهم عندما ضرب إدوارد بخفة من حاولا عبثا أن يمسكانه وأخرج مسدسا كان قد أخفاه بحذائه، اختفى الدخان، انتهى الرجال من سعالهم ونظروا حولهم للضجة والخراب الذي حل، عندها فاجأتهم الصورة الخطيرة...
إدوارد يمسك ياقة زعيمهم بينما يضع على رأسه المسدس مع ابتسامة جانبية ساخرة مستفزة
الوقت، هو لعبة الموت
ولأنه كذلك، لم يكن هذا الأمر الخطير الوحيد بل القنبلة الموضوعة جنبهم كانت تصدح بصوت عدها التنازلي متحمسة للنهاية فتطلق العنان لنفسها بهذا المكان وتجعله ذرات غبار كما لم يكن متواجدا قبلا
{اوهوو إنها قنبلة من العيار الثقيل، صدقني أنا خبير أسلحة كما تعلمون وهذا المكان سيزول من الرقعة الجغرافية}.
{أأنت مجنون؟! سنموت جميعا! }
{كلا أنا اتفقت مع الموت ألا يأخذني الآن، لكنك لم تفعل، أخبرتك لنعقد الصفقة لكنك ساذج}
{ليست قنبلة حقيقة أنت تكذب! }
{حقا؟ لنجرب وننتظر جميعنا، هاي أنتما ستبقيان إنها ليست حقيقة والحفلة يجب أن تحضى بالعديد من المدعوين أليس كذلك؟ صدقني ستنفجر وسترمى يدك بالشرق وساقك بالغرب وسأستمتع أنا بمنظرهما الحزين}.
أطلق ضحكة مستمتعة برعب الأخرين، لم يكن يمزح الكل يعلمون طبيعة إدوارد فقد سبق وتعاملوا معه وقوله أنها ستنفجر لا يدل إلا على أمر واحد، ستنفجر حتما لذا هرب رجال الزعيم، قرروا الفرار بروحهم والتبرؤ من هذا الزعيم الفاشل الآن، بلحظة الشجاعة ظهر الشجعان من الجبناء، بمثل هذه اللحظات تظهر الحياة لك من يستحق ظهرك ومن يستحق رصاصة من مسدسك.
{على الرغم من أني أرى عدوك بيرس داميان سافلا إلا أنه أذكى منك صدقني ما كنت لأفعل هذا له، الموت يخونني بالنظر له فقط}
{ما الذي فعلته لك؟ أنا لم أفعل شيء سيء لك! }
{القتل أحيانا يكون بدافع المتعة، وقتل القتلة سيكون أمتع من قتل الأبرياء الجبناء، لكن أتعلم؟ قتلك لن يمنحني أي متعة البت}.
ركل إدوارد ساق الزعيم فخر أرضا وارتعش عندما شعر بالمسدس عند رأسه لكن إدوارد وضع المسدس أرضا بهدوء وانسحب للخلف بينما الأخر لا زال يراقب العد التنازلي الذي اقترب من النهاية
ثلاثة، اثنان، واحد، صفر
أغمض الزعيم عينيه، لم تنفجر شعر بالسعادة التفت بهدوء إلى إدوارد ليتحداه لكنه وجده بأخر المستودع عند بابه ينحني الى ركبتيه ملوحا له بابتسامة جانبية.
أخفض الزعيم رأسه مسدس مشحون موضوع قربه ورأس الثعلب قبالته فرصة من رصاص! أو غباء من رماد؟ أمسك المسدس وجهه على إدوارد أطلق الرصاص أصاب إدوارد، لا لم يكن هناك! نظر للقنبلة رنت مرتين وعندها علم نوعها
قنبلة صوتية وصوت المسدس أكثر من كافي لتحريضها على الانفجار، التسرع كان لعبة الموت هو الآخر.
Flash Back
{الفستان جميل أخي، أنا أشبه الأميرات الآن}
التفت لأكثر من مرة، تستمع بحركة فستانها الأحمر بينما تناظر أخاها الذي يرتب ربطة عنقه أمام المرآة يبتسم لمرحها مع نفسها، كانت صغيرة كوردة حمراء متألقة، فتاة لطيفة باسمة تقفز هنا وهناك بقمة سعادتها أنها ستقابل من تسميهم بالأمراء
{أتمنى أن ألتقي أميرا نبيلا يأخذني إلى السحاب، أسلم على القمر الجميل وأرقص مع النجوم، فكرة رائعة أخي؟ }.
{رائعة وجميلة كجمالك صغيرتي، ما رأيك أن أكون الأمير وأخذك أنا؟ }.
برزت شفتيها لم تحبذ الفكرة، أخوها يمتلك دنياها، هو من تجده عندما تلتفت هنا وهناك، عندما تبكي يحتضنها وعندما تفرح يصفق معها، شخص كهذا لن يكون أميرا بنظرها، إنه الملك بعينه، لكن كيف لها أن تفهم بسنها الصغيرة أنها سبق ومنحته مكانا بقلبها لا يقدر الأمير المزعوم نفسه على احتلالها، ليس سهلا أن يكون أخوها الأب والأم والأخ والأخت بنفس الوقت، لذا هي أعلنته ملكا لها ومنحته تاجا يليق بمكانه لديها، تمنت لو أنها فهمت ذلك وعبرت له، فلا يعتقد أنها لا تحبه بقدر الأمير المجهول، هي تحب أخوها بقدر لن تقارنه بالأمير حتى.
بالحفلة ورغم امساكها ليد أخيها المهتم مع من يحدثهم الا انها واجهت صعوبة بالإفلات احيانا كونه يجدها بسرعة وبشكل غريب، ربما لأنه قد يحفظ ويتوقع الأماكن التي تحب الهرب إليها كل مرة، اخوها محقق وعملها كخارجة صغيرة عن القانون صعب حقا او ربما فعلا لديه حاسة عن مكانها دائما والأهم عن شعورها، يمنحها أكلا قبل ان تعلن أنها جائعة، يمنحها قبلة قبل ان تشعر بالحنين، يمنحها ابتسامة عناقا وكل سعادته اليها وكله قبل ان تقرر الشعور بهذه الحاجة.
أحكمت قبضتها على يده بعدما أخبرها انه سيكلم شخصا مهما وعليها الهدوء على الأقل لبضعة دقائق، هدأت رفعت رأسها لمن يحادثهم فسئمت مجددا وأبعدت نظرها هنا وهناك
لمحت أخيرا!
تجسيد للأناقة الراقية والسحر، يتمتع بمظهر لافت للنظر بشعره الداكن المعتنى به جيدًا وعيناه الزرقاوان الثاقبتان اللتان تنضحان بالكثافة وتلميحات من حيلة والمكر، ملامح وجهه محفورة ونقية، يبرزها خط فك قوي يزيد من ثقته بنفسه وتصميمه، في بدلاته المصممة، يظهر كفرد رقيق ومتطور، يندمج بسلاسة في المجتمع الراقي. ومع ذلك، تحت سطحه الخارجي المصقول تكمن ازدواجية تلمح إلى ميوله الأكثر قتامة، وتأسر فضول وخوف أولئك الذين يجرؤون على عبور طريقه.
{أخي أخي! ماركو! إنه أمير! }
أشارت بسبابتها عليه، نهرها اخوها انه فعل سيء وأنها تقاطع حديثه وهذا غير لبق فأخفضت رأسها بأسى لكن الأمير سبق ونظر لها بالفعل ولذلك ابتسم بسعادة، شعر انها تشير اليه لتحادثه لكن اخوها منعها فصمتت وارسلت نظرات فضولية فقط كانت كافية بجعل الشخص المشار اليه يأتي ويحقق حلمها الصغير بالحديث والتسليم عليها على الاقل
لن يمكنه رفض نظرات لطيفة كمثل خاصتها المتعلقة به بقوة.
حقا كان يتوق أن يحدث أمر مغاير عن تشبث الفتيات به هنا وهناك وهاهو الآن يجد أميرة صغيرة مليئة بالأحلام، الأمر بالنسبة له أجمل وأكثر نقاء من لهو الكبار فالاطفال يعبرون عن رغباتهم بصراحة ودون نفاق
{مرحبا يا حمراء الحفل، تبدين نشيطة جدا}
{الأمير! أظنك كذلك! }
وهاقد دعته بالأمير
{أعتذر عن تصرفنا الصاخب، انها تبحث عن أمير منذ بداية الحفل لست أعلم تحديدا لما اختارتك لكن}
{لكني أعلم مليا لما فعلت}.
رفع حاجبا عن الاخر، قال بثقة وكأنه يعي انه مختلف عن كل من حوله وعلم ان الصغيرة هنا تعي ذلك كذلك وهذا يجعلها ذكية بنظره، كيف يكون من مثله يخالف الكل حوله، لابد أن يكون مميزا، مميزا بشكل ربما يجعل المجتمع نفسه يمقت هذا التميز نفسه، ربما قاتلا متخفي فمن سيدرك انه كذلك الا شخص ذكي او احساس اذكى
{أنا همفريز إدوارد ابن الاول لعائلة همفريز، والداي أصحاب الحفل حفل ميلادي الخامس والعشرون}.
{آه إنه حضرتك؟ يوم مولد سعيد سيد إدوارد }
نقل إدوارد نظره للصغيرة مد يده وجلس على ركبة واحدة وحضن يدها الصغيرة بين خاصتيه، لاحظ بعينيها بريقا مميزا كحالته، بريقا للحياة نفسها وهذا يفسر تعلق أخيها بها، فهو واضح جدا، من يحضر صغيرة لحفل صاخب يمكنه الاستمتاع فيه دون مسؤوليات الا اذا كانت هي حياته وهذا ما عقله إدوارد
{الوردة الحمراء وجدت أميرا، والأمير سعيد بلقائك صغيرتي}.
قبل سطح يدها يحقق حلمها بالحصول على أمير، فابتسمت بسرور حتى أنها رفعت فستانها قليلا تنحني فبدى مشهد الأمير الراكع والطفلة المنحنية بنبل كلوحة من العصور الماضية، لوحة ثمنها ملاين الدولارات، استلطفهما كل الحاضرين لدرجة انه كان كفيلا بتحفيز العقول على رسم خيالات تجعل إدوارد كوالد لطفلة ملائكية بقصة قديمة تحتضنها صفحات رواية ملكية
كانت تلك نقطة تحول لحياة إدوارد كليا.
نقطة لم يكن يعلم حقا انها انعراج حاد لمسيرة حياته المرسوم مسبقا، هي كانت السبب.