رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الثاني عشر

رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الثاني عشر

رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الثاني عشر

حركت البيدق برقعة الشطرنج
اول ضحية
سقط
انظر للافق
لازال يمكنك اختراق الصفوف وصولا للملكة
لكني
لا اخترق
بل أطيح الكل
الكثير من الكلمات الخضراء على طول الشاشة السوداء بلوحة تحكم تتحرك بها أنامل كيلان وكأنه يعزف مقطوعة ألحانه والمصاصة بثغره تتحرك يمينا ويسارا كلما غير من وضعيته أو مكانه وصوت أزرار المفاتيح تخترق سمعه ثم أنهاه بضغطة أخيرة واتكئ للخلف يضع يديه خلف رأسه يرفع حاجبا بنصر.

التف بكرسيه لما يقارب لفتين بهدوء وعد ثلاث ثواني بذاته بالثانية الصفر جاءه صوت، صوت من سماعات أذنه يستفسر إن ما كان أنهى عمله فنزع المصاصة ليسهل حديثه وراقب حركة كاميرات المراقبة بحرص
{الوضع تحت السيطرة مارثا}
كان قد قال لمارثا ان تمنحه عشر دقائق وثلاث ثواني اضافية في حال عطب ما، فالحياة تخفي الكثير وقد يحدث مالا يكون مخطط له وبهذا سيكون مرغما ان يحله بثلاث ثواني
{عند ظهور الهدف إذن}
{علم}.

نطق ثم نظر لشاشة حاسوبه ولما ابدعه عقله به وما فعلته يداه، الى تطفله الجميل له دائما وأبدا
راقب حركة رئيس فندق مشهور وهو يسير بأروقة فندقه يطرق بابا ثم يلجه بعد أن التفت يمينا ويسارا يتأكد خلو الرواق، وبعد أن أغلق الباب خرج من الغرفة المقابلة دانيال وإدوارد طرق الأول واتكئ الثاني إلى جانب الباب.

وجد دانيال شخصان روبن وهيرومي، تفاجئا من وجوده ودخوله فتقدم له الأخير يخبره أنه بالغرفة الخاطئة لكن دانيال ابتسم فقط ومنحه نظرة داكنة، بحق الأرنب الأحمر ستكون هي النهاية، رمى دانيال أرضا مغلفا خشنا من المسحوق الابيض، هلع على إثرها الاثنان وقبل أن ينطق أحدهما بكلمة أخرى نطق دانيال بهدوء بارد يستخرج من حقيبته حبل سميك معروف الهدف.

{أحضرتها من الغرفة أسفل الفندق، شحنة اليوم أليس كذلك؟ دخلت كأفرشة للأسرة وأغطية بيضاء}
روبن فزع، خاف فحاول الهروب، ظنها أصعب مهمة لكن تنحي دانيال جانبا جعل الأمل يتصاعد إليه، ويفكر فقط أن الحياة منحته عمرا أطول له وأقصر لرئيسه المسكين الذي سيلقى حتفه، كان هيرومي قد لاحظ النظرة الجانبية لهذا المجهول ورغم ان عليه لثاما الا انه واثق كل الثقة انها نظرة ساخرة وان روبن هذا سيتلقى مصيره هو الاخر.

لكن ماهو المصير الذي سيتلقاه هو الان امام هذا المختل الذي يبدو كمجنون يريد قتل احدهم، عودة مقلتي دانيال الى خاصة هيرومي جعلته يبتلع ريقه ويتراجع للخلف بخوف
بعد بضعة دقائق كان جسد هيرومي معلقا بحبل وهو مقيد واقفا أعلى كرسي ودانيال يلتف حوله بينما يضبط قفازيه السوداوان جيدا، انحنى منتشلا المغلف الممنوع وفتحه بهدوء بشفرة حادة لديه.

{لا تخف ولا تقلق، لست سأقتلك، ستفعل ذلك بنفسك، ربما هما كلاهما ما رأيك؟ }
نطق ووقف قبالته وقبل أن يرد الأخر دس المغلف بثغر ضحيته ونظر إلى عينيه المتسعتين وهمهماته الواضح معناها دون الحاجة لفهمها، تطلع دانيال إلى النافذة راقب حركة المدينة الصاخبة والجميلة بنفس الوقت، وإلى أصواتها العذبة، أيدري الناس بالأسفل أن هناك من يموت هنا؟ القليل فقط يفعل بضعة فقط.

{ااه يا صديقي، لو تعلم أن الشرطة هي السبب الرئيسي بقتلك لن تصدقني أليس كذلك؟ وحش الظلام كان بسبات عميق لكن فساد العالم أيقضه، لن تعلم أيضا أن الذكريات هي أكثر حرقة من أي شيء
ألديك عائلة؟ أبناء؟ إبن؟ اها إبنة إذن}
اومئ هيرومي عندما سأله عن العائلة ومرة أخرى عن الأبناء نفى أن لديه ابنا وأومأ أن لديه ابنة والدموع تتخطى مقلتيه والخوف يغشى بصيرته، إنها النهاية أليس كذلك؟
بالحديث عن ابنته.

تذكر أنه لم يشتر لها لعبة منذ زمن، لم يمنح زوجته قبلة بل صراخا وشجار، لم يزر أمه المريضة منذ وقت طويل وكان سعيدا أنه تخلص من نواحها المستمر بالمستشفى، فعلا الذكريات مؤلمة، وتصير مؤلمة خاصة عندما تدرك بلحظة ما أنها صارت ذكريات فقط، كل ما يتمناه الآن هو أن تحتضن ابنته صورته وتسامحه
{لا تقلق سأعتني بها جيدا، ثق بي}.

دفع الكرسي، توقفت ضحيته عن التنفس، جعل كرته الحمراء ترتد من الأرض إلى يديه بينما يراقب احتضار ضحيته لبضعة ثواني طويلة، يسأل نفسه، كيف يا ترى كانت بداية هيرومي؟ طمع في المال؟ بالطرق السهلة لابد ان هذا هو الأمر
احدثت ضجة حركة هيرومي التي تحاول التخلص من الحبل بعنقها
لكن هذه ليست طريقة سهلة البت؟
مثل التجارة بها مخاطر لكنه يفضل مخاطرا غير قانونية
ارجع الكرسي أرادت ضحيته التنفس.

شهق وامتصت رئتاه الكثير من المسحوق الأبيض
اختنق مرة أخرى
ارتدت الكرة مرات أخرى
لبثت بيده
نظر له أخر نظرة
دفع الكرسي وأخفى كرته إلى داخل جيبه
غادر الغرفة
أخر الرواق لمح إدوارد يمسك روبن الهلع، وعندما رأى أن صديقه خرج همس للمسكين أنه سيكون الضحية التالية وأن الشرطة لن تساعده البت ثم افلته كجرذ هارب من أنياب قط شرس.

كلاهما كان يعلمان أن روبن هذا سيقتل نفسه بعد بضعة أيام عندما يفقد الأمل من خروجه من السجن وعندما يرسلون له إيحاءات ممتعة، لن يكون عليهم فعل شيء سوى الضحك بوجهه لينهي حياته بنفسه فهو ضعيف الشخصية، وضعيف لا يعيش بهذه الحياة، ولا جدوى من حياته حتى.

لم يتبادلا الكلمات فهذا ممنوع، بل تبادلا النظرات، ودخلا إحدى الغرف التي لم تكن محجوزة، أخبرتهم مارثا أن بها مسلك سري استعمله هيرومي لتهريب شحنات بضاعته ثم خرجا من الفندق كليا
خرب كيلان الكاميرات وترك فقط روبن الهلع وهو يخرج ركضا هاربا خاذلا رئيسه وإلى الأبد وذلك المنظر جعله يدس مصاصة أخرى بثغره، لانه ان لم يفعل سيشعر بضغط سكره ينخفض.

بظلمة حالكة بمكتب التحقيق ضوء خافة يلمح من خارجه، وبمرور ماركوس صدفة من المكتب لمح غرابة وضعه فدخل بهدوء مستطلعا المتطفل البريء، ليجدها ماري تقلب وثائقا بيدها
{سيدة ماري ماذا تفعلين هنا؟ }.

نظرات الصدمة بدت على معالمها لانت عندما أدركت ضيفها واستسلمت بتنهد أطلقته شفتاها ووقفت لتغلق الباب خلف ماركوس حتى لا يكتشف أخر أمرها وابتسمت بوهن له، كمجرم أمسك به متلبسا أثناء جريمته وما كانت جريمتها إلا أمرا أسمى وإصرارا على ما لا تنسى
{إن لم تسمح لي السلطات بكشف الحقيقة للعالم سأكشفها لذاتي، لا يمر على لغز دون حله}.

ابتسم، ردد ذهنه عبارات العزاء، عزاء على قلبها، وعلى نبلها، بعالم كهذا المكان لا يستحقك ماري، الظلام ليس لأمثالك بل لمن هم مثله من غطى غبار السنين على ذكراه وقلبه الذي لم ينبض منذ نهاية العالم بالنسبة له، منذ خسارته لجزء منه
{لن تفضحني أنت معي؟ }
مدت يدها تريد مصافحته، عهدا أنه سيكون مثلها مصرا على أهدافه وما كانت هذه إلا رغبته بالحياة تشابكت أيديهما، صافحها وابتسم بخفة، عاهدها ففرحت ذاتها.

وحش الظلام كان يراقبها بهذه اللحظة وهدفه ليس النيل منها بل النيل من مفهوم عدالتها
عدا ذلك سيعترف ماري شخص جيد طموح وهادف وهذا ما سيجعل من العالم الفاسد يملك نقطة بيضاء كأمثالها لكن للأسف سيظل أسودا اكثره فهو موطن الوحش، في الظلمات، في النور لن يكون له وجود بعدها.

عاد راتشيل أدراجه عندما رآى ضم غرفة التحقيق لكل من ماري وماركوس، ولم يكن هذا محبذا له، ماركوس أخبره ان ماري لن تفكر بأحد لكنه بنظراتها التي تمنحها لماركوس دون تردد رأي أخر
ولراتشل الآن وسوسات أخرى، وسوسات الشياطين بالظلام!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب