رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الثامن عشر

رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الثامن عشر

رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الثامن عشر

{أتقتل بالطعن يا هذا؟ إنك قديم الطراز فعلا}
حاصر دانيال المرتعش بأحد الأزقة بين الحائط وحاوية القمامة، الرائحة كريهة وهذا لم يعجب مارثا، بل حتى طلب الوحش منها الذهاب بهذه المهمة لأول مرة خارج حدود مكتبها لم تعجبها لكنها نفذتها على كل حال، كل رفاقئها يعودون سعيدين وهي تنتظر مبتسمة، لما لا تعود لهم مبتسمة هذه المرة؟ فكما يعلم الكل مارثا لم تعبس يوما بحياتها.

{هيا دانيال أنهي الأمر لأني أشعر بالغثيان فعلاّ}
{ألم تقتل أحدا بحياتك؟ أنت فعلا بريء يا صديقّ}
أخرج دانيال سكينا ولازال المرتعد المتشبث بالحاوية كأمل له، لم يستطع الحراك، مسدس مارثا مصوب عليه، محاولة الهروب تسريع بالقتل فقط، توجهت يد دانيال الحاملة للسكين بسرعة إلى بطن الأخر الذي أغمض عينيه عندما ظن ان النهاية حلت لكنه لم يتوقع ان يلف السكين باخر لحظة لتصبح لكمة مؤلمة جعلته يجثو أرضا.

{سأطلب منك شيئا لتفعله، ستنظف قمامتك قبل أن تموت، أترى هاتفك الملعون هذا؟ ستسجل بالحرف الواحد ما أقوله لك والأفضل ان تبتسم للصورة لا نريد رؤيتك مرتعشا بأخر مشهد لك بحياتك اتفقنا؟ }
جثى الرجل أرضا وتوسله ممسكا ساق دانيال ألا يقتلوه، توسله أن ينضم لهم، أن يخدم الوحش لأخر نفس له لكن ألا يقتلوه، عبست ملامح دانيال، بتمثيل وانفجرت مارثا بالضحك عليه بصخب، ذاك المنظر كان مسليا بالنسبة لها، كان ممتعا.

{مارثا هذا لا يجوز، لا تضحكي على شخص مقبل على الموت، قد نموت نحن أيضا بأي لحظة من يدري قد تموتين قبله، قد أفعل أنا أيضا أليس كذلك؟ }
{لكنك تقدر حالتي أيها الوحش، انا أسفة}
تنحى دانيال جانبا تاركا الوحش يتقدم لضحيتهم المتوسلة وبقبضة منه على عقنه رفعه وألصقه بالحائط.

{تريد تقليدي؟ من تكون يا هذا؟ مجرد هاو لقيط حتى! لو لم تقلدني كنت لتعيش حياة مديدة، فرغم العقاب العادل الذي أمنحه لأمثالك إلا أن مثل جرائمك يكون عقابها بالعادة الاعدام اللطيف أتعلم ما هو؟ الذبح، لكن ليس لدي الوقت لذبح مليار شخص بالعالم، بلغة البشر، الأشخاص المهمين أولا}.

أفلته فخر أرضا ثم تراجع ومسح يديه بمنديل، الوحش مشمئز من مثل هذه الجرائم، لا يحب ان يرتكب مثل هذا القرف بالنسبة له، جرائمه تكون فريدة، عادلة، وذات رسائل، رسالة إضافية لا بأس بها، في الواقع كان يعلم ان أحدا سيخرج لتقليده لكنه لم يتوقع هذا الحماس الكبير بالمقلد وسفاهة جريمته السخيفة التي لا تشبه خاصته قيد انملة، مجددا خيب العالم الوضيع أمله بتشوقهم لمثل جريمة تافهة لمن أراد تقليده ولم يعلموا حتى أنه ليس هو، الخيبة، أمر متعود عليه.

{العالم مصر على أن يثبت لي أنه يستحق أكثر مما افعله، ومما سيحصل له، من الجيد انك تنتسب للبشر هذه طبيعتنا، نحب أنفسنا، نبيع من حولنا، الحب أسمى من أن يكون للبشر}.

تراجع بخطواته وأشار لدانيال بإتمام عمله والتفت مغادرا وقد اختفى بالظلام، لن يتم سحب دماء من هذه الضحية العفنة، ستلوث لوحته، ستكون مقززة بهذه الدماء فهي لا تستحق ان تكون ضمن الألوان، جعل الوحش مارثا تخرج لهذه المهمة ليريها أن الكل يستطيع ان يخطئ حتى هو ولا مانع بذلك، ما يجب أن يتعلمه الناس انه ليس من السيء الخطأ بل السيء هو عدم تحمل مسؤولية أخطائك.

تطلعت ماري للجريدة لذلك المقال القائل ان وحش الظلام لا يقبل تشويه لسمعته، ومنذ هذه اللحظة أدرك الكل ان محاولة تقليده ستعود عليهم بالموت، أغلقت الجريدة ووضعتها بهدوء على الطاولة ثم وقفت تنظر للنافذة، تساءلت عن وحش الظلام هذا وعن أفعاله، تساءلت كيف أصبح شخص مثله هكذا ولماذا؟ ألم يكن طفلا يلعب بصغره؟ لما لم يعجبه هذا العالم بسوئه وسخط عليهم؟ لما ظهر فجأة وبهذا الوقت؟ كلما حاولت امساكه لم تقدر، لا يترك خلفه ظلا، لا يترك خلفه سوى توقيعا ساخرا، أعليها ان تعترف انه هزمها أتعترف أنها خسرت المعركة ضده؟

رمت نفسها على كرسيها مجددا وأمسكت رأسها الثقيل بين يديها، مهمومة كانت خائبة لهذا الذي يحرك العالم كرقعة الشطرنج، طرق خفيف على الباب لم تجب على اثره لكن الطارق دخل بعد دقيقة وصوته أوضح الوالج عندما تكلم سائلا إياها ان امكنه الدخول لكن حالتها، هي مرهقة بالفعل، عدم النوم الكافي لأيام سيء
{ماري؟ هل أنت بخير؟ حالتك تبدو مزرية، }.

كان ماركوس بعلامات القلق على وجهه، احتضنت كفه يداها وأبعدهما عن رأسها ليتسنى له رؤية ملامحها والتي كانت حزينة عابسة نوعا ما
{لم يتغلب على مجرم قط وها هو قد فعل، أنا بلا فائدةّّ}
{ششش أنت تبذلين جهدك، ثم ان الجميع يعلم أنه لا يحاول التغلب عليك، هو يتغلب على، على ما في نفسه}.

رفعت بصرها إليه حدقت بملامحه الهادئة والعميقة بكلماته، ماركوس يجيد فهم من حوله جيدا، ما تفتقر هي اليه، هو لطالما تحدث بلغة المجرمين وفهم منهم مشاعرهم التي جعلتهم يبوحون ببعض الدلائل لكنها أبدا لم تنظر للمجرمين بتلك الطريقة التي يفعل بها، لطالما كان متفهما صبورا حريصا على عدم جرح أحد، هادئا مستمعا جيدا وناصحا بارعا، متكلما إلى القلب ومريحا بمجرد النظر، لكن هذا الوحش أرهقها.

تلك الحدقتان لماركوس التي تدعوها للاطمئنان، لكن هذا الوحش يبعدها جانبا يتخطاها بهدوء وهذا يحطمها
عندما يجتمع اسمك واسم الوحش بجملة واحدة، لكنه يكون في تناقض، وياللسخرية بموقفك ماركوس.

انزلقت دمعة مجردة من مقلتيها دون ان تعي الامر حط ابهامه على وجنتها ماسحا اياه بهدوء، ابتسم بعدها قليلا وباليد الأخرى مسح على خصلاتها، يعلم ان ماري المتلبسة لرداء القوة هي فتاة صغيرة بقلبها ودون ان تنكر سيعجبها تربيت خفيف عليها وقول مثل:
{سيكون كل شيء على ما يرام}.

قول مثل هذا حتى لو كان كذبا، يعجبها بالفعل، وتعجبها عيناه الجميلتان فعلا، فهذه أول مرة رأتهما بهذا القرب واللمعان بهما، اللمعان المميز بهما جذاب، حدقت به لبرهة، تناست ما حولها وأعلنت أنها سحرت بعيناه هذه المرة، وودت لو تراهما طويلا لكن الأماني لا تتحقق دائما
{صباح الخير سيدة ماري، هل اطلعت على الجري، اوه أنا أسف}.

{كلا تفضل، أعتقد أن ماري انهارت قليلا لذا لو سمحت أيمكنك أخذها للمنزل؟ لا داعي للعمل اليوم ماري سأتولى مع راتشل حل القضايا يمكنك الاعتماد علينا، أليس كذلك راتشل؟ }
{هاه؟ اجل اجل سنتولى الأمر، هيا لأصحبك للمنزل}
سحب راتشل ماري معه الى ان خرجا من المكتب باللحظة التي انتشل بها ماركوس الهاتف واتصل على أحدهم والذي رد بسرعة
{سنعمل على كشف هوية الوحش، علينا فعل ذلك الآن}.

ليس فقط الرجال من يقومون بالجرائم أليس كذلك؟
المساواة المساواة نغزة شيطانية تدعو إليها كل امرأة
أماندا دينيس المرأة الجميلة، التي تؤيد حقوق النساء بالعالم منخرطة بمنظمة حماية حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة والمساهمة بحماية الأنثى في جميع أنحاء العالم أمريكية جاءت لعمل لها هنا.

بعد هذه المهمة سيصير وحش الظلام معروفا دوليا، بعد هذه الفعلة سيسمع الكل، حتى من لم يفعل للآن اسم الوحش وهو يتردد على المسامع بذهول من فعلته، فهل ستتحرك السلطات العليا بالعالم لإيقافه أم أنها ستكتفي بمراقبته كما تفعل الآن وهو يدرك ذلك جيدا.

لم تكن مقيدة، لم تكن تبكي صارخة لم تكن ترتعد رغم أن وحش الظلام قبالتها، وهي مطلعة على هويته جيدا لم تكن خائفة كانت تجلس إلى طاولة مع كوبين للقهوة واحد لها ارتشفت منه تبلل ريقها والأخر له لم يلمسه بينما يحدثها بابتسامة
{الأمم المتحدة؟ هذه الكذبة التي أنشأتها الولايات المتحدة لحشر أنفها في جميع الدول، على كل لن أقنعك بما لا تريدين سماعه ربما مجرد الإطلاع على التاريخ سيجيب عن كل شيء}.

ارتشف من قهوته تطلعت لمن يقف خلفه أحدهم بملابس جلدية سوداء كان هو داميان والثاني بمعطف طويل مع قبعة ونظارات وكان كيلان، فعلت مثله وارتشفت مرة أخرى من كوبها، ريقها يجف بسرعة بهذا الموقف ربما لأنها بحضرته شخصيا حتى لو لم تكن خائفا لكن زيارته لك باسم الوحش يعني أمرا واحدا
{ماذا تريد مني؟ }
{دفع الثمن، ليس لي، لنفسك}.

بقفاز الأسود على يده مرر سبابته على حافة الكأس بشكل دائري ناظرا له بهدوء ثم رفع بصره للمرأة الجالسة أمامه
{النساء خطيرات جدا، أجرؤ على خيانة رجل لكني لن أجرؤ على خيانة امرأة. ليس لأني جبان، بل لأني أعي فعلا الخطورة، بالنهاية الخائن، }
{جبان}.

وقف وصفق قليلا مبتسما لها فلقد أحسنت فهم قوله ومواصلة حديثه، انتشل من كيلان الإبرة الفارغة واقترب من الجالسة بهدوء بكرسي دون حراك وانتصب قبالتها ثم بسط كفه أمامها يحثها على منحه خاصتها
{لو سحمت أنستي}
مدت يدها ووضعتها بحضن كفه بينما حرص على سحب الدماء منها بهدوء، هي حتى لم تشعر بالألم وكأن طبيبا محترفا قام بهذا، راقبته بحرص بهدوء ثم تطلعت لحدقتيه ولملامحه المسالمة.

{أتعلمين أنا سعيد أنك سمعت بالوحش قبل الكل من شعبك، أقدر لك هذا أنستي}
{أتظن أنك تغير العالم بمعاقبة المجرمين؟ لن تكون سوى نسي منسيا مكتوبا ببضعة أوراق انك مرتكب سلسلة جرائم لم يجدوا فاعلها}
{أظنني أقدر أيضا حسن ظنك بعدم كشفهم لهويتي، لكن سأخبرك ببالغ الأسف ان الأسرار لا تبقى للأبد، أنا أؤمن بالطبيعة ببساطة، الا تفعلين أيضا؟ بالتأكيد تفعلين}.

سحب الإبرة منحها لكيلان الذي وضعها بكيس بلاستيكي صغير بحرص وقدم له قطعة قطن وضعها بحرص على يد المرأة يوقف النزيف
{أنا أسف لفضاضتي مع بشرتك أنستي لكنها ستختفي، لم يكن هذا نبيلا جدا أقدم خالص اعتذاري}
وضع يده على قلبه وانحنى قليلا لها ثم استقام متراجعا إلى النافذة أين أخفت ظلمة الليل نصف ملامحه وكشف القمر عن النصف الأخر.

{أنا أقدرك جدا ربما يعود السبب لأنك إمرأة فأنا أقدس كثيرا الأنثى لدرجة أني تناولت نصف سم الآن معك}
جحظت عيناها ونظرت لكوب القهوة عندما تذكرت أنها شربت منه مرتين بينما هو فعل مرة، لم تفكر بنفسها فهي كانت تعلم أنها ميتة لا محالة لكنها فكرت في جنونه الذي جعله يشرب نصف سم بكل هدوء وجرأة.

{لم أكن أريد رؤية نظرة الموت بعينيك لكني مجبر على ذلك، فعلت الخطيئة وتحاسبين عليها بالنهاية، لكني رغبت حقا أن تكون لطيفة عليك، الأنثى أرقى بكثير من ان يصيبها خدش، لذا ستنامين فقط، إلى الأبد}
مد يده عندما تقدم داميان ومنحه جهازا لوحيا مفتوحا على أحد المقالات الصادرة مؤخرا ثم مرر أنامله قليلا يتصفح بسرعة.

{ السيدة أماندا ترفع قسمها بالهواء على حماية المرأة المستضعفة بجميع أنحاء العالم، رائع؟ أيعلمون أنك تجعليهن يخدمن مصالحك؟ منظمة تحت المنظمة الخيرية، تجمعين التبرعات ثم بنساء تدفعيهن بالواجهة ليقدمن المال لرجال الأعمال بشرط قبول الزواج منهن ثم يقتلوهم ويحصلن على ثروتهم ولنكرر الدائرة، والأرباح لك}
اطلق صفيرا هادئا مع ملامح دهشة على وجهه تركها عمدا تحتله
{كنت محقا عندما قلت ان النساء خطيرات}.

ذهب لفنجانه ونظر له مليا، ابتسم لأنه مسح عنه أثار لعابه قبلا عندما مرر سبابته عليه، الشرطة غبية لأنها تذهب بالتفاصيل المعتادة الغبية التافهة
{في الواقع حتى صديقاي هنا لا يعلمان بعض التفاصيل التي أعلمها عنك، لكني أحتفظ بالأسرار، من الفضيلة عدم كشف أخطاء الأخرين، على كل سعدت أن أكون أخر شخص تحدثينه بحياتك، بالنهاية منحتي الأمل لبعض نساء أشكر لك هذا}.

{ماري؟ أنا لا افهم ما الذي تحاولين الوصول إليه تحديدا، أليس هذا تدخلا بخصوصية زميلك بالعمل}
{زميلي هذا كتوم منغلق على ذاته ولا يريد ان ينفتح وهكذا لن يستطيع ان يعالج جرح قلبه لذلك على التدخل عنوة لهذا}
{بالتحري عنه؟! }
أوقفت ماري سيارتها الفخمة على جانب الطريق وتطلعت من النافذة الى الوجهة التي وصلت اليها
مدرسة
{هذا هو العنوان أليس كذلك؟ بالنظر له يمكنني التأكد من هذا}.

مدرسة كبيرة، رغم انها بوسط المدينة الا ان ما حولها هو الأخضر فقط مما يجعلها مريحة للأطفال هنا، تماما مكان كان ماركوس ليأخذ أخته إليه
بغض النظر عن ان ماري لا تعلم الكثير عن شخصية سوزي لكن احتمال كبير وحدس اقوى يقول ان سوزي كانت تحب المدرسة بأسرها بكل من فيها بكل كائن حي به، لا تستعمل ماري حدسها في الغالب، لكن بمثل هذه المواقف تفضل تأييده.

ترجلت من السيارة حينما تنهد راتشل وتبعها الى داخل المدرسة، قبل يومين طلبت منه ان يبحث بخصوص ماركوس واخته واول معلومات سهلة حصل عليها هي انها كانت تدرس بهذه المدرسة فقررت زيارتها
.
.
.
.
.
.
.

تسير ماري خلف السيدة الكبيرة بالسن بخطوات بطيئة، هي مديرة هذه المدرسة بعد ان طلبت محادثتها بأمر مهم يتعلق بطفلة كانت تدرس هنا، توقفت ماري امام أحد الخزنات التي كانت مملوءة بالرسائل الملونة والملصقات والرسومات المبعثرة
تطلعت الى أحدى الرسالات لتجد عبارة بخط مهتز
فلترقدي بسلام سوزي نحن نحبك
وعبارة أخرى
اشتقت لك سوزي، انه انا صديقك
انتظرك، عودي إلينا.

نظر كل من راتشل والمديرة الى ماري التي اهتزت عيناها وهي تقرأ هذه الكلمات، تلاشت كل قوة ماري عند هذه الكلمات البريئة
{ماري؟ }
مدت المديرة منديلا الى ماري التي اخذته بتردد ورعشة واضحة ومسحت بهدوء عيناها المغرورقتين
{ستفسدين مساحيق تجميل عينيك سيدة أريل}.

قالت المديرة بصوت به بحة هادئة واستمرت بالسير الى احد الابواب فيما توقفت وفتحت الباب لماري لتلجه وهي تنظر للأسفل فقط منذ وقوفها عند الخزانة، امسك راتشل الباب وأشار للمديرة بالدخول التي ابتسمت له بخفة وولجت غير راتشل الذي نظر مجددا للخزانة، سيصل ماركوس خبر معرفة ماري ببعض التفاصيل، وبالتالي سيصل الخبر لسوزي أيضا
ابتسم بجانبية وأغلق الباب
هذا الجزء من الكلمات لا يخرج الوحش خارج الدائرة
فهو هنا.

يعلم الآن أيضا عن الخزانة
{اذن سيدة أريل، لما تريدين سؤالي ذكرى مؤلمة؟ أفي تذكر هذا فائدة ترجينها؟ }
{أريد ان أحب سوزي، ورغم اني افعل الآن هل يمكنك أن تحكي لي القليل عنها؟ لم آت كمحققة، بل كصديقة لأخيها تريد مساعدته وقبل ذلك عليها ان تشعر بألمه فاحكي لي عن سوزي لأتعلق بها وأفهم الجرح وارى عمقه بقلب ماركوس}
سعلت المديرة قليلا قبل ان تسحب من أحد الأدراج رسما مبهرا
رسما لملامح ماركوس!

{في آخر حصة فن لها كانت هذه رسمتها، أخفيتها عن ماركوس حتى لا يأخذها عني لكنه عندما اكتشف ذلك تركها عندي، أنا ممتنة لتفهمه، لا أظنني التقيت للآن شخصا لا يحبها، ان حتى الفتى الذي كان يسخر منها ويتنمر عليها لأنها لم تكن ثرية كتب لها رسالة اظنك قرأتها قبل قليل}
( اشتقت لك سوزي، انه انا صديقك ).

التقطت ماري الرسمة ونظرت بانبهار لها، كانت موهوبة فعلا وقد اتقنت رسم ابتسامة ماركوس هنا، هذه اللوحة السعيدة كئيبة بشكل مؤلم، وكأن الناظر يرى بأعين سوزي، التي رحلت للأبد لكنها خلدت نظرتها.

{كنت أحدث ماركوس كثيرا أنها مختلفة عن الاطفال بعمرها، فأفكارها كانت لشخص كبير، لم يمض يوم ولم تجلس خلف المدرسة تتأمل ما حولها وتشرد بهدوء ولم يكن أحد يقاطعها، تلك اللحظات كانت تبني بها افكار مذهلة، لذلك نصحت السيد بارك أن يرسلها للخارج للدراسة او لأي مكان أرقى، لكنه لم يكن يملك المال، ولو فعل اشك في قراره فهو لم يكن يحب ان تبتعد عن ناظريه}.

ضحكت المديرة قليلا فانها ورغم انها تحاول التحدث عن سوزي فقط لكن ماركوس يتسلل لهذه الذكريات بهدوء
ببساطة لا يمكن ذكر سوزي دون ماركوس ولا ماركوس دون سوزي
وهو الآن يعيش ماركوس دون سوزي؟

{سوزي هي الناجية من الحادثة الأليمة لوفاة والديهما، يومها لم يكن ماركوس معهم بالرحلة بسبب تدربه بمدرسة الشرطة بسنته الاخيرة وعندما سمع بخبر الحادث تجمد كليا، السيارة اختفت مقدمتها كليا من هول الحادث وسوزي كانت تجلس بالخلف وكانت صغيرة فكانت في حصن الكرسي الخاص مما انقذ روحها من الموت بعد حالة حرجة}.

Flash Back
خرج الطبيب من غرفة العمليات ونظر حوله ليجد شرطيان فقط أحدهما يقف مذهولا دون حراك والثاني يتفحص بقلق رفيقه، ظن الطبيب أنهما للتحقيق في الحادث لكن تلك الملامح كشفت أنه مقرب من العائلة
{سيد نوفيشن أليس كذلك؟ }
{عمن أسال اولا؟ والدي أم والدتي؟ ام عن أختي؟ }
حاول رفيقه تثبيت ماركوس الذي تسارعت أنفاسه بينما يقبض على أيسر صدره.

{سيد نوفيشن، يؤسفني أن اقول لك أن الحادث كان قويا، فعلت ما بوسعي لم يمكنني إنقاذهم، اقدم لك تعازي}
سقط ماركوس على ركبته عندما لم يستطع الوقوف أكثر بينما حاول صديقه تهدأته؟ البكاء معه؟ ما الذي سيفعل؟
فقد ثلاث اشخاص دفعة واحدة
خرجت مساعدة الطبيب وندهت له وتنفسها سريع
{دكتور الطفلة، بسرعة، }
استجاب الدكتور هرعا الى داخل الغرفة، طبعا لم يكن الدكتور الوحيد بحكم وجود ثلاث مصابين
{سوزي}.

قال باكيا ينتحب ويمسك ذراع صديقه الذي لم يمسك هو الآخر عبراته
ماركوس كان كمن يتمسك بالأمل الصغير الباقي، يتمسك ببقاء رائحة والديه، أخته الوحيدة سوزي، توسل القدر أن تبقى ضمن طياته، توسل ان يكون المستقبل يحمل خطواتها بقلبه توسل مجروحا منهارا يومها
End Flash Back.

كان هذا ما رواه صديق ماركوس يومها لراتشل
{ماركوس لازال لهذه اللحظة يدفع للمدرسة مصاريف دراستها}
{لازال يفعل؟! لماذا؟! }
{ربما يعتبرها تبرعا ماليا او ماشابه لا أعلم لكن ما أعلمه أنه بالوثائق الرسمية لازال الأمر كما لو أن سوزي تدرس معنا، انه شرطي بالنهاية ولديه معارف، ستبقى سوزي تدرس هنا إلى الابد بمصاريف يدفعها}
ما الذي يجول بذهن ماركوس بفعلته هذه؟

هذا ما سألت ماري عنه، فالأمر مريب، ان كان يريد ان يتبرع فحسب لما يصر على ان تكون جزء من هذه المدرسة
انتهى اللقاء، تعرفت ماري على سوزي أكثر، وربما بما أنها الوحيدة التي لم تصاحب سوزي شخصيا فيمكنها النظر لكل شيء من زاوية منطقية أكثر
سوزي تحذو حذو الأحياء بينما هي ميتة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب