رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الثالث والعشرون

رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الثالث والعشرون

رواية وحش الظلام للكاتبة رونيا الفصل الثالث والعشرون


Flash Back
{قومي بسؤاله فقط إذ ما كان وحش الظلام وسيجيبك بالحقيقة، فالوحش لا يكذب أبدا ولم يكذب عليك يوما فكري جيدا}
End Flash Back.

تطلعت لماركوس بجانبية بعيدا عن شاشة الكبيرة التي تعرض صورا ستة لشخصيات اثنان بهما صورة لداميان وكيلان والباقي مظلمة مع معطيات تفيد تفاصيل مفيدة، ماركوس كان يحدق بالشاشة فقط، كان مركزا كثيرا وغارقا بتفكيره بشكل واضح
{هروب داميان وكيلان من السجن مع فعلتهما، أظن أن لهذا علاقة، كل السجناء يركزون على هدف الخروج وليس ضرب بضعة رجال وتعليقهم قبل الخروج ماذا تعتقد؟ }
{إنهما يشيران بشكل واضح لشيء ما}.

{سبعة أشخاص، أربعة من الحراس والبقية سجناء معلقون إلى جذع أشجار، أربعة من الحراس وثلاثة سجناء، اربعة: كيلان، راتشل، وثلاث: بيرس داميان، لقد فهمت}
{ماذا تحديدا؟ }
{منذ البداية أطلعنا الوحش على فريقه وعما سيفعل، علينا البحث الآن عن شخصين دون خلفيات إجرامية واثنين لديهم، وأولهم من يعملون مع في مافيا بيرس داميان، }.

{إذن سأكون أخر طفل سيخرج من هنا؟ أنا سعيد حقا بذلك، سعيد بقضائي كل هذا الوقت مع أصحاب الوحش، ومعه حتى إن لم يحضر، حتى بوجود أفكاره هنا فقط}
{أجل، وسأكون أيضا سعيدا بصحبتك لنا لبضعة ساعات صديقي الصغير}
عبر أروقة الميتم كان كيلان يتفحص الأسلاك وأجهزة التي تحجب عن الشرطة أي ثغرة، ثم جلس إلى أحد الطاولات عليها حاسوب محمول وفعل أندرو المثل يجلس قبالته ينظر لكيلان وهو يقوم بالضغط على لوحة المفاتيح بخفة.

{هل يمكنك أن تحدثني عن نفسك قليلا؟ قلت أنك تشبهني كيف ذلك؟ }
{كلانا يتيمين، كلانا كنا طفلين ذكيين، وكلانا تعرض للنبذ من من يظنهم عائلته، أنا تم تبني إياي من عائلة ثرية وحين ظننت أني وجدت ضالتي، ضالتي التي كانت مجرد شيء واحد وهو عائلة اكتشفت اني لن أكون كذلك وسأظل دخيلا للأبد، وأنت ستقوم والدتك بتبنيك كما تدعي، لكن لا تقلق سيحرص الوحش على أن لا تكون حياتك كخاصتي}.

ابتسم وأغلق الحاسوب ثم جمع وضع يده على رأس الصغير ومسح عليه بخفة، كيلان كان يتألم، كان يبكي بصمت كانت دموعه واضحة له لكنها ليست واضحة لهم، كان وحيدا شعر بالخيانة منذ سن صغيرة
قال عن فتى مثله أخي فأجابه انه ليس أخ لقيط، قال لسيدة بعمر والدته أمي فقالت لن ألد قذرا قال رجل تبناه وأدخله عائلته أبي لكنه قال لن تصبح يوما منا، قال لهم عائلتي قالو له انت وضيع من ميتم فقير.

{لا تحزن أخي كيلان، لديك عائلة جميلة، تشاركك ما تحب، وتفعل ما تحبون كلكم، لديك صديق يهتم لأمرك لديك الوحش الذي هو رعب للكل عداكم أنت محظوظ به بهذه الحياة، لم تبق وحيدا بالنهاية كلهم}
{من المستحيل أن أخطط لاقتحام الميتم إن به أطفالا، أتعي ذلك سيد نيكسون؟ }
{السلطات العليا تطلب منا هذا، لو استمرينا بالانتظار سيقومون بقتل جميع كبار الشخصيات! }
{والأطفال! ألا يفكر أحدهم بهذا؟ }.

{ماري عليك فعل هذا وإلا لدي التصريح بفصلك عن العمل نهائيا، وسأفعل هذا انا بالنهاية}
تجمدت عندما حولت نظرها لماركوس الذي تغيرت ملامحه للغضب فجأة، يعلم الكل أن هذا لن يعجب الوحش، تقديم كبار الشخصيات على الأطفال لأنهم فقط من طبقة راقية وهؤلاء الأروح البريئة مجرد عالة على المجتمع كما يعتبرهم الكل، أيتام لا يعلمون لهم أصلا ولا موطنا
{أيها الرائد قم بعملية اقتحام عند خروج طفل أخر}
مجددا، لا أحد يفهم الوحش.

مجددا، يحرضونه على فعل المزيد لهم
مجددا، يثبتون أنهم يستحقون
ومجددا يحفرون قبورهم بأيديهم
{هذا سيهدد الطفل! يمكن أن تتسبب بأذية له أو حتى قتله! }
{سنعمل على عدم حدوث ذلك، لكن الوقوف مكتوفي الأيدي لن ينفع أيضا}
بعد عشر دقائق كان على طفل أخر الخروج، فشركاء الوحش يرتكبون جريمة كل عشر دقائق لمرات متتالية ثم يتوقفون لمدة معينة
{كانت هذه أكثر لا إنسانية سمعتها بحياتي كيلان}.

{سيندم السيد نيكسون على كل حرف نطقه بعد أن تذاع هذه الكلمات للأخبار والصحف، لا يعلم أن كلماته تصل مسامعنا ولا يعلم حتى ان خططه معروفة دون التنصت عليه حتى}
من النافذة كان ينظر كل من كيلان ومارثا عبرها إلى التجمعات حول الميتم وصوت السيد نيكسون يخترق سمعهما من الحاسوب بينما يجلس دانيال بكرسي يتأرجح به بينما تذهب كريته ذهابا إلى الحائط وعودة إليه.

كان حدسه يخبره ان النهاية قريبة عندها أمسك الكرية ونظر لها لبرهة، في ذكراه وفي ماضيه تتردد الأصوات، شريط خفي لسلسلة أحداث جحيمية يتخللها ضحكات متألمة، ذكريات ذكريات، هي ما يصنع ما يسمى ماضيا يتعلق به الكثيرين.

استقام من مجلسه وراقبته مارثا وهو يخرج حقيبة صغيرة من الإبر الفارغة والتي تستعمل لسحب الدماء من ضحايا لا تليق كلمة ضحية عليهم، غرس الإبرة بذراعه ووراقب الأنبوب وهو يتلون بلون أحمر دون أن يتألم لعشوائية فعلته ضد ذراعه، فهل يتألم من هذا بعد كل الألام؟ تطلع للإبرة مليا، اللون الأحمر كان ذكرى أليمة لدانيال، كان صورة واحدة تتردد لعقله كلما رآه، صورة أخر مرة كان بها طفلا قبل أن يتحول إلى رجل بالغ بخطايا، سالبا أرواحا بثمن مرتفع كان ليجعله غنيا لكن من السخرية أنه يعلم أن المال لا يعوض حياة، ولايدفع لخطيئة، عندما يقتل بأمر من زبون ويتسلم النقود يعلم انه لا يستحق هذه النقود فيضعها بالمكان الذي يفترض أن تكون به مكان قضى حياته يجمع فيه ثمن الروح ليعلم كم عليه ان يدفع لكنه كلما وضع نفى انه الثمن المناسب، كلما وضع أكثر نفى انه الثمن المناسب، كلما وضع أكثر فأكثر نفى متأكدا أنه الثمن المطلوب.

غرز الابرة بالكرية الحمراء وأفرغ محتوها كليا
حدس دانيال لا يخطئ أبدا وهو يعلم ان هذا هو القرار الصحيح ولن يندم على أي مما فعله طوال حياته.

علي عدد الأعين التي نظرت له قبل ان تغادر روحها، على عدد الأوراق النقدية التي حصل عليها من الاغتيالات المأجورة قبل ان يأتي الوحش ويتفق معه على أن يتوقف عن قتل أي أحد قبل منحه إذن، اي قبل أن يحرره الوحش من عمله دون هدف بعيد المدى ويرشده الى ارواح يستطيع قنلها دون دفع ثمن
مجددا والى الابد تذكر تلك اللحظة، اللحظة التي غيرت حياته.

اللحظة التي أغلق عينا والديه والذي كان رأسهما بعيدا عن جسديهما واضطر لحملهما بيديه الصغيرة ليجمعها معا إلى تلك النظرة التي تغيرت كليا منذ تلك اللحظة
إلى الطفل الصغير الذي مات يومها.

فتحت الأبواب لخروج الطفل الذي يحمل دبدوبا صغيرا أحمرا يعانقه ويسير خارجا بسعادة، لقد قضى وقتا ممتعا كما لم يفعل من قبل وسيذهب للشرطة ليخبرهم بذلك لكنه ما إن خرج حتى وجد العساكر يشهرون أسلحتهم عليه فتجمد الصبي وخاف، وبحركة مرتعشة مد يده بالدبدوب يحاول إخفاء المشهد المرعب عنه وجهه، عن ناظريه
{سيدي، يعتقد أن الدبدوب مريب وأنه يحوي قنبلة، أجهزة التشويش لا تسمح لنا بالتأكد}.

الطفل يدفع الدبدوب للأمام يخفي وجهه ويتقدم بخطواته إليهم، وشكله هذا مريب يدعو لتأكيد الشكوك، كما لو أخبره من أطلق سراحه أن يمنح الدمية للشرطة...
أن يمنح قنبلة للشرطة
لكن لا أحد يفهم، لا أحد يفهم وحش الظلام
{بحقك لقد خرج قبله أطفال كثر ولم ينفجر أي شيء}
{وسيفعل هذه المرة، بعد أن أكسبنا الثقة، الدبدوب يبدو ثقيلا هذه المرة، أطلقوا}
{تمزح أليس كذلك؟ إنه طفل! }
{تم تأكيد الأمر أطلقوا}.

جحظت عيناها تحركت قدماها وقررت الركض للطفل قبل أن يفوت الأوان لكنها كانت أبعد من أن تصل، وبقرارة نفسها كانت تعلم، لكنه الخيار الوحيد الذي تقدرعليه الآن
تصنمت حركتها وعلقت يداها بالهواء تنظر لمن اخترق المشهد
لمن سبقها
احتضن الطفل عندما اخترق ظهره ثلاث رصاصات دفعة واحدة، لكنه ظل يحتضنه والذي تجمدت ملامحه بعد ما حدث، لم يكن الوحيد فكل من ماري وماركوس اتسعت أعينهما لمن تدخل.

{لا تقلق صغيري، لن أسمح لهم أن يؤذوك}
مسح على شعره بينما ارتخت يداه قبل أن يسقط أرضا وتتدحرج الكرة من يده إلى داخل الميتم الذي أغلق أبوابه بعدها مباشرة
{د. دانيال؟! }
{المكان أمن، الدمية لا تحوي قنبلة، لقد ابتعد الطفل}
{لقد قتلت أحد شركائه هل أنت سعيد الآن؟! لما حتى اعتقدت أن بها قنبلة؟ }.

هنا خطر لها السبب، هنا أدركت أنه لم يكن هناك شك بتاتا بأن الدمية تحوي قنبلة لكن السلطات استعملتها كحجة للناس حتى يتم اقتحام المبنى
قرروا التضحية بطفل في سيبل عدم قتلهم!
ولابد ان الوحش يعلم
وهذا لن يعود بالخير عليهم.

بداخل الميتم كانت مارثا تصرخ بوجه كيلان يطلب منه السماح لها بالخروج لأجل عناق صديقها قبل ذهاب روحه للأبد، لكن كيلان كان يبكي ويمنعها وهو نفسه يود لو يذهب أيضا، لكن لا يمكن فقد حذرهم الوحش من كشف هوياتهم بالوقت غير مناسب ورغم انه هو نفسه يريد لمس دانيال للمرة الأخيرة لكن هذا لا يمكن
نظر أندرو لهما، لمارثا الراكعة أرضا وهي، وهي تضحك...

كان يضحك والدموع تخترق وجنتيه وكم كره نفسه بتلك اللحظة كما لم يفعل من قبل، يريد أن يحزن يريد أن يبكي يريد ان تبكي ملامحه الضاحكة اللعينة لكنها لا تفعل.

كان ذلك المنظر مخيفا لقلب أندرو الصغير، كانت تلك أول مرة يرى فيها مرارة حياة تجاوزت ما عاشه هو بأضعاف لذا هو تراجع بضعة خطوات وركض، فتح باب الميتم وخرج منه أندرو بسرعة مغلقا إياه لاحقا وركض إلى دانيال، ذلك المشهد جعل الشرطة تتصنم والصحافة تستغل الوضع للتصوير عن قرب وأكثر كثافة، خاصة السيدة هيندا التي توقفت يداها عن التصوير عندما رأت ابنها يقتحم الموت ويخاطر بنفسه ويسحب مجرما إلى المقر.

احتضن أندرو جسد دانيال وسحبه بقوته الصغيرة إلى باب الميتم! لقد استغرق وقتا، سيصل جثة، لكن جثة تقبل لمسها، جثة سيترك صديقيه يرينها ويودعانها لأخر مرة
الصبي الصغير الذي حبذ إعادة مجرم إلى مقره بدل الهروب من الاختطاف
الفتى الذي أحيا الصداقة وأمات القانون!
كان هذا عنوان مدمرا على الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي.

بكى كيلان وهو يحتضن جسد صغيرهم، الذي لم يعد يتحرك بكى وهو يمسح على شعره ويلعن نفسه أن لم يتنبأ بفعلته، وأنه تركه لحتفه، لكن دانيال شعر، شعر أنها النهاية، منذ البداية.

اكتفت مارثا بالصمت وبالمسح بمنديل على الكرية الحمراء من الدماء، فهذه الكرية بالفعل تحوي على دماء والديه وخاصته، كان عليه أن يعلم ان ما فعله لم يكن هباء، لكنها لم تمسح دماء دانيال التي غطت ذراعه. بالتحديد العلامة بذراعه، علامة الأرنب والتي اكتملت صورة سوزي لها، الأرنب الأحمر
عشر بلاغات عن مقتل عشر ضحايا لكن لا طفل خرج بهذه الحادثة.

أيعقل أن الوحش ليس من قام بهذه الجرائم العشرة، لكنه سيجيب استفساراتهم
{اتصال من الميتم مرة أخرى}
ركض ماركوس وهو من حمل السماعات هذه المرة عندما جاءه الصوت المتغير للأخر، صوته الذي بدى غاضبا كما لم يفعل من قبل، ولكنته التي كانت تختلط بالمصاصة ذهبت،
{لن يخرج عشر أطفال، هذا الثمن الذي ستدفعونه بسبب فعلتكم! لقد اقتربت الساعة الاخيرة لهذه الحياة، سيعود الجحيم وستذهب تلك الروح للقلب فقط}.

اغلق الخط وارتعشت أطراف ماركوس عندما وضع السماعات وتراجع خطوتين وشعر بساقيه لا تحملانه، حصل نفس الأمر. حصل نفس الكابوس، خسر شخصا عزيزا بسبب خطأ، خسر. خسر دانيال ذلك الشخص الذي تعرفت عليه أخته ولم تخبره عنه سوى أنه الأرنب الجميل الأحمر التائه في متاهات الحياة، الذي قال عنها ملاك جميل، الذي أحب براء الطفلة بها والتي لم يعشها هو، الذي خسر عمره وحياته قبل ان تبدأ.

والذي ظهر خلف جدران الميتم ليعلن للعالم أنه كان احد الشركاء الذين ساندوا الوحش في طريقه
{سوزي، أرأيت ماذا أصبح عليه أخوك أرأيت ماذا يعيش عندما لا تكونين هنا؟، ستلتقين صديقك الآن بعد أن رحل من عندنا إلى عندك}.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب