رواية فتاة الشيطان للكاتبة كيم جايلن الفصل العشرون
ثلاث ساعات مضت منذ أن ركبا جايك وماري السيارة التي وصلت لتوّها إلى جانب منزل ماري في المدينة، نظر إليها جايك ليردف: المرة القادمة عندما نذهب إلى المزرعة عليّ تعليمك السباحة!
ضحكت ضحكةً خفيفة لتجيبه: للتوّ قد عدنا وتفكّر فيما سنفعله المرة القادمة!
رفع كتفيه بمعنى لا أعلم لتأخذ ماري نفساً عميقاً قبل أن تتحدث: شكراً لكَ كثيراً جايك، هذه الرحلة كانت أفضلَ شيئٍ حدث لي في بيلاروسيا. لقد استمتعنا للغاية وأصبحنا أفضل الأصدقاء وليس بإمكاني قول كلمة أفضل من شكراً لك على ما تفعله لأجلي!
ابتسم ابتسامةً عريضة على كلامها الذي بعث راحةً لنفسه ليهمس همساً مسموعاً: لا شكرَ على واجبٍ عزيزتي، في أيّ لحظةٍ تحتاجين لوجودِ شخصٍ بجانبك ستجديني هناك انتظرك لتحكي لي مايدور في خاطرك، وسأستمعِ لكِ بحرصّ على كلّ كلمةٍ تحكيها.
ابتسمت له لتباغته تاركةً مقعدها بعناقٍ حميم تلبيةً لأمرِ قلبها الذي يرقص بفرح، أما هو ف لا شيئ باستطاعته إيقاف هيجان عواطفه كقطيعٍ من الثيران!
بادلها مطوّلاً لتفصل العناق وهي تودّعه مترجّلة من السيارة تتّجه نحو منزلها، فتحت الباب بمفتاحها لتدخل البيتَ وترى الاثنان الجالسان بصمتٍ هلى أحدِ الأرائك كأنهم الأموات من فيلم دراكولا!
ابتسمت داخلها على هذا التشبيه لتهمس: مرحباً يا رفاق!
خرج الاثنان من شرودهما معاً لتنهال عليها الاسئلة ك كومة حجارٍ قم رميت على رأسها: أين كنتي؟ لمَ تأخرتي؟ لمَ نمتِ خارج المنزل؟ هل كنتِ نائمة عند جايك؟!
<اللعنة> همست إلى داخلها لتصرخ: اهدئوا مابكم، كنتُ في أجملِ رحلةٍ في حياتي مع جايك، هل من مانع؟
انهت سؤالها بابتسامة صفراء لتدخل غرفتها قاطعةً كلامهم الغبيّ الذي بدأو يتحدّثونه.
مرّت الساعات وهي في غرفتها مستلقيةً على سريرها تتأمل صورتها مع جايك في حقل زهور عبّاد الشمس، كانت تبتسم تارةً وتطمرُ رأسها في وسادتها صارخةً بفرح تارةً أخرى، طُرق باب غرفتها لتصرخ بنبرة من الواضح جداً أنّها سعيدة بشكلٍ مبالغ فيه: تفضّل.
دخلَ ستيفن وهو يبتسم ليردف: مابالك سعيدةً لهذه الدرجة!
صرخت بأعلى صوت قد تسمعه، لربّما انهارت جدران المنزل أو شيئ من هذا القبيل: أنا أحبّ جايك بارك!
رمش ستيفن عدة مرات وهو يستوعب ما قالته صديقته للتوّ، همس بغباء: هل حدث شيئٌ بينكما؟
ضربت رأسها لتجيبه بوجهٍ متهّكمٍ ونبرة مستاءة: كلا، ذلك الأحمق لن يعترف لي قبل أن تصعد روحي إلى خالقها!
قهقه ستيفن بغباء وهو يردف: يا إلهي ماري أنتي واقعة ل جايك بارك، هل تعلمينَ من هو جايك بارك ماري؟ إنه الشيطان! بالتأكيد سيكون حبّك غبيّ للغاية بالإضافة لأنه يكره جنس حوّاء لذلك لا تجرّبي حتى التلميح له بهذه القصة لكيلا نطرد من عملنا أنا وأنتي!
سكتت بضعةَ ثوانٍ قبلَ أن ترمي الوسادة التي كانت تتوسط السرير على وجه ستيفن صارخة بغضب: اخرج من غرفتي يا محطّم الآمال أكرهك!
ضحك ستيفن ليخرج مسرعاً قبل أن تنهال عليه ضرباً بالوسائد التي بجانبها.
مضت أيام قليلة كانت أشبه بكابوسٍ بالنّسبة ل بعض أصدقائنا، ماثي لا تتوقّف عن أزعاج ماري ومضايقتها خصوصاً بعدما علمت أنّ أختها معجبة بالرئيس جايك، جوكسن قد عانى كثيراً من الاكتئاب وأصدقائنا يحاولون التخفيف عنه بشتّى الطرق، رغم أنه لم يكن مرتبطاً ب ماثي أو كاثرين كما ادّعت لكنها قد صنعت فراغاً في روحه، فراغٌ كبير لن يمتلئ إلّا بوجودها!
كانت ماري جالسةً بجانب المدفئة فالجوّ ماطرٌ وبارد للغاية هذا اليوم، نظرت إلى النافذة المفتوحة التي سمحت لقطرات المطر بالتسلل إلى داخل المنزل.
نهضت من مكانها لتغلق النافذة ولكنّها توقّفت قليلاً متأمّلة جمال تلك القطرات التي تطرق زجاج النافذة، ابتسمت على هذا المنظر الجميل ولكن أصابتها الرعشة من البرد لتغلقها سريعاً عائدة إلى الداخل.
احتضنت الوسادة التي كانت على الأريكة وهي ممسكة بهاتفها وتتكلّم مع أصدقائها على مجموعة في تطبيق الواتساب، كانا ايما وستيفن يتغزّلان ببعضهما مع ايموجيات مضحكة أمام الثلاثة البقيّة المنزعجين منهما، كانت ماري تبتسم وهي تنظر إلى شاسة هاتفها التي باتت تحتوي شتائم مضحكة من جايك قاذفاً إياها على ثنائي الحبّ الجميل!
شاهدت ماثي شقيقتها التي باتت تبتسم هذه الفترة إلى شاشة هاتفها كثيراً، علّقت بسخرية: هل تتحدّثين مع حبيبك؟
لم تنظر ماري إليها ل تجيبها ب أجل .
انتفضت ماثي صارخة: حقاً!
رمقتها ماري بسخرية لتتحدّث ب غباء: ماثي بالله عليكِ وهل امتلك حبيباً أساساً؟!
صرخت ماثي بصوتٍ مرتفعٍ كثيراً وهي تقف من مكانها: وما أدراني وأنتي لا تتحدثين بشيئٍ إليّ!
ارتعبت ماري من نبرتها لينزل ستيفن عن السلالم رادفاً بقلق: ما الذي يجري هنا لم تصرخين ماثي؟
نهضت ماري أيضاً من مكانها لتصرخ كما تفعل أختها موجهةً كلامها إلى ستيفن: لا أعلم لم تقضي وقتها في الصراخ بلا سبب. بطريقتها الغبية هذه حتى ولو امتلكت حبيباً ف أنا لن أخبرها!
لم أصبحتي عاهرة ماري كانت هذه الجملة التي صدرت دون عمدٍ من ماثي ضربة قاضية ل ماري، سكتت بعد أن كانت كالبركان الغاضب.
همس ستيفن وهو يمسك كتف ماري التي شحب وجهها: بالتأكيد لم تكن تقصد ماري لم شحبَ وجهك هل أنتي بخير؟!
اقتربت ماري من أختها لترفع يدها صافعةً إياها صفعةً قويّة تعبّر عن كافة المشاعر المختلطة التي خالجتها للتوّ، استدار وجه ماثي مئة درجة ولم تستطع ماري حبس دموعها لتصرخ بأعلى صوت لديها: لقد قمتِ بتخطّي حدودك معي للغاية، توقفي عن العبث بحياتي أيتها اللعينة!
لم تحرّك ماثي ساكناً من هول الصدمة لتركض ماري باتجاه باب المنزل خارجةً منه، لحقها ستيفن وهو يصرخ باسمها ليخرج وراءها ولكنّها تبخّرت بلمح البصر لم يجد لها أثر، عاد إلى الداخل ليصرخ بوجه ماثي هو الآخر: لم تحدّثتي معها هكذا ما الذي حدث بينكما؟
ردت عليه بصراخٍ هي الأخرى: لقد كانت تبتسم إلى شاشة هاتفها بطريقة مريبة وعندما سألتها إذا كانت كانت تتحدث مع حبيبها أجابتني ب أجل!
ضرب ستيفن وجهه ليتحدّث وهو يزفر نفساً عميقاً: أيتها الغبيّة أنتِ تعرفين أنّ ماري لا تمتلك حبيباً بالإضافة لأنها كانت تتحدّث معي انا وأصدقائنا على مجموعة الواتساب.
ابتلعت ماثي ريقها وهي تتحسس خدّها مكان الصفعة لتتحدث بقلق: يا إلهي الجوّ ماطرٌ وملابسها خفيفة ستصاب بالبرد حتماً اتصل بها ستيف!
حاول ستيفن الاتّصال بها ولكنّه سمع صوت رنين هاتفها على الأريكة، همس داخلاً اللعنة.
جلس على الأريكة التي بجانب ماثي ليهمس مطمئناً إياها: إنها بالغة لا تقلقي عليها، سكت قليلاً ليكمل: بالإضافة لأنني أعرف إلى أين ستذهب!
في هذا الوقت كانت ستيلا مربيّة جايك وايما تحضّر طبق حلويات في المطبخ وبجانبها ايما تثرثر كالعادة.
طرق باب المنزل الرئيسي لتتوّجه ستيلا فاتحةً إياه لتجد أحد الحرّاس الذي قال لها: هناك فتاةٌ هنا هل أدعها تدخل؟
اومئت له ستيلا لتدخل تلك الفتاة القصيرة المبللة، جسدها يرتعش. همست لها ستيلا وهي تحثّ جسدها للدخول: با إلهي ابنتي هل أنتِ بخير؟
همست ماري بتقّطع: اعتذر على الإزعاج، هل يمكنني رؤية جايك؟
علا الاستغراب ملامح ستيلا ولم يأتي ببالها إلى جملة واحدة من أين يعرف جايك هذه الفتاة؟
قطعت سلسلة أفكارها حالما رأت جايك يهبط السلالم، كان يرتدي بنطال بيتي مريح بلا قميص مظهراً عضلات معدته وجسده المثاليّ المشدود، تصنّم حالما رأى ماري الصغيرة بهذا المشهد.
همس باسمها لتركض نحوه محتضنةً إياه وكأنها تخبر العالم أنّ هذا أمانها، بادلها الاحتضان بقوّة وهو يمسح على ظهرها ليبعث قليلاً من الطمئنينة إلى نفس هذه الصغيرة وهو يهمس: صغيرتي ستكونين بخير، سحبها نحو الأعلى وهو يردف إلى ستيلا المصدومة: سآخذ ماري ونصعد غرفتي!
اومئت تلك المذهولة لتردف ايما التي كانت تقف بجانب باب المطبخ تقضم تفاحةً بيدها: ستيلا هذه ماري التي يحبّها جايك الملقّبة ب فتاة الشّيطان، هي أيضاً تحبّه لكنّهما أحمقان لن يعترفا لبعضهما ابداً!
ابتسمت ستيلا ابتسامةً صغيرة لتردف ب حنانٍ يضاهي حنان الأم على ابنتها: يا إلهي هذه الصغيرة لا بدّ أنها منهارة هل رأيتي شكلها؟
اومئت ايما لتجيبها: حالما تجلس مع جايك ستصبح حالتها أفضل لا تقلقي عزيزتي ستيلا. تعالي لأكمل لكِ ما فعلنا أنا وستيفن البارحة!
ضربت ستيلا وجهها وهي تبتسم بمرح ذاهبة وراء ايما.
كان جايك يجلس في منتصف سريره وبجانبه ماري التي تنهّدت بثقل للمرة الألف، همست بصوتٍ خافت: آسفة لقدومي في مثل هذا الوقت جايك!
تحدّث وهو يقلب عينيه بملل: لا تكوني حمقاء ماري، مرحّب بكِ في أيّ وقتٍ في منزلي، بالإضافة لأنني لا أسمحُ لكِ بأن تتحدثي عن همومك لأحدٍ غيري لذلك هيا احكي لي ما الذي يحدث معك.
بعد تنهيدةٍ عميقة حكت ماري جملةً شلّت أوصال جايك وجعلته يعقد حاجبيه باستياء مع تزايد عدد ضربات قلبه بشكلٍ ملحوظ.
أريد مغادرة بيلاروسيا، والعودةَ إلى بلدي.