رواية فتاة الشيطان للكاتبة كيم جايلن الفصل السابع عشر

رواية فتاة الشيطان للكاتبة كيم جايلن الفصل السابع عشر

رواية فتاة الشيطان للكاتبة كيم جايلن الفصل السابع عشر

وصلت ماثي إلى الحديقة الصغيرة في إحدى أزقّة روسيا البيضاء، كانت البركةُ ذات المياه العذبة الرقراقة تتوسط الحديقة وعليها من أصناف الكيور أنواع شتّى، صوت الأطفال وضحكاتهم هو ما أضاف زينةً لتلك البقعة من الجنّة، جلست على المقعد الملاصق للبركة كما أخبرها جوكسن قائلاً أنه مكانه المفضّل في تلك الحديقة...

انتظرت مجيئه داعيةً في سرّها أن تخبره كلّ مافي قلبها بلا حرجٍ أو مشقّة، رأته من بعيد يتقدّم نحوها بطوله الفارع وقامته المشدودة، ابتسمت بلا إراديّة فملامحه الوسيمة كانت تجذبها باستمرار ولكنّ كبريائها رفضَ الاعتراف بذلك!

أسرع بخطاه نحوها ليفتح ذراعيه ساحباً إياه لتقع في أحضانه، دسّ رأسه في عنقها تحت نظراتها المصدومة ليردف وهو تحت تخدير عطرها: اشتقت إليك كثيراً سمرائتي الجميلة!
ابتلعت ريقها وهي ما زالت متجمّدة في مكانها، فصل العناق وهي يتفحّص وجهها بعيناه اللواتي اشتاقتا للتمعّن في تفاصيله، شعرت بشيئٍ رطبٍ على طول خدّها، أجل لقد سقطت دمعةٌ تائهةٌ منها جعلتها تعي وأخيراً أنّها تمتلك قلباً أيضاً!

عضّت على شفتها السفلية محاولةً كبح دموعها ولكنها لم تستطع كون قلبها من بات متحكّماً فيهم الآن، أردف جوكسن بذعر: هل أنتي بخير لماذا تبكين. هل حدث معكِ أيّ شيئٍ سيّئ؟!
اومئت بالإيجاب لتردف بنبرةٍ متقّطعة: أنا. لا أستحقّك!
رفع حاجبه باستغراب ليُجلسها على المقعد هامساً بحنان: اهدئي لا تتفوّهي بالهراء كاثرين!

صرخت بصوتٍ وشفاه مرتجفان: أنا لست كاثرين! أنا مجرّد فتاة كاذبة، موقعي ليس هنا ومهمّتي في هذه البلد ستنتهي قريباً، لا أريد أن تتعلّق بي جوكسن كوني سأخيّب ظنّك كثيراً!
عقد حاجباه بعدم فهم ليربت على كتفاها وهو يهمس لها: لا بأس بكونك كلّ هذا، أنا أحبك بكافّة تفاصيلك حتى وإن لم تبادليني مشاعري فقط أريدك أن تبقي بخير!

ازداد انهمار دموعها وعلت شهقاتها لتهمس بتقطع: لقد فزتَ في اختبار الشهر، أنا واقعة لك تماماً ولكن، ولكن لا يمكنني، اسمي ليش كاثرين وحياتي فوضوية وغبية، ابتعد عني حتى تبقى بخير جوكسن!
رمش عدة مرات وهو يكلّم نفسه بتساؤل مريب: ليس كاثرين!
أكملت وهي تقف: أنا مجرّد فتاة كاذبة، لا تعترض طريقي وابتعد عنّي، لن أكون لكَ فمصيري معلّقٌ بأن أبقى سيئة طوال حياتي، لا تأتِ إلى الشركة ولا تتصل بي!

نظرت إليه وجهه المندهش ذو التعابير المقتضبة فارجاً شفتاه لتهمس: أعدك بأنني سأحبّك طوال حياتي البائسة!
لم يسمع جملتها الأخيرة لتتركه عائدة إلى منزلها بينما هو لازال على نفس الوضعيّة. مندهشاً مصدوماً!

في ليلِ ذلك اليوم لم يستطع أحدهم النوم، كلّ منهم يفكّر بالآخر، لكلّ شخصٍ من أبطالنا أحلامٌ يصبو إلى تحقيقه مع الشخص الذي يرفرف لهُ فؤاده!
استيقظت ماري على رنين هاتفها لتنهض بتملل وتجيب بصوتها الناعس: مرحبا!

أتاه صوته المحبب إلى قلبها وهي يردف بنبرة حماسيّة تدلّ على أنه سعيد: صباحُ الخير ماري.
أجابته وهي تبتسم كونه قد صنع لها صباحاً جميلاً ابتدأه بصوته: صباحُ الخيرِ جايك!

سألته وهي تنهض من فراشها بشعرها المشعّث وملابيها غير المهندمة من تقلّبات نومها: اليوم عطلة لم توقظني في هذا الصباح الباكر؟
شعر الآخر بارتباكٍ طفيف ليجيبها وهو يبعثر شعره ذو الخصلات اتي تمرّدت على وجهه جاذبةً إليه جمالاً فوق جماله: همم. كنتي تقولين بالأمس أنك تشعرين بالملل من الروتين، هل ما زلتِ ضجِرة؟

همهمت له دليلاً على موافقتها ليكمل: إذن ما رأيكِ بأن آخذك إلى مكانٍ سينسيكِ مللك بأكمله؟
فتحت عينيها بدهشة وهي تبتسم لتجيبه بطفولية ك ولدٍ اشترى له والده حلواه المفضلة: اووه شكراً لك. إذا كنت متفرّغاً فهذا سيكون من دواعِ سروري!

ابتسم رافعاً قبضته بنصر ليردف: سنلتقي بعد نصف ساعة أمام الشركة كي آخذك بسيارتي، ولكن المشوار طريقه طويل فهل تمانعين؟
أجابت متسرّعة وهي تركض ناحية الحمام: كلا كلا، لا بأس. نصف ساعة وأراك. وداعاً وشكراً لك!

أغلقت الخطّ وهي تصرخ بفرح رادفة: رائع. رائع!
اردت فستاناً بسيطاً ذو اللون الأصفرِ المموّه يصل طوله إلى أسفلِ ركبتها بشبرٍ تقريباً وتضعةً فوقه معطفاً أبيض اللون يصل إلى ركبتها. ارتدت أيضاً حقيبتها وحذائها ذو اللون الأسود مع أقراطها الثلاثة لتضع القليل من مساحيق التجميل وهي تبتسم إلى نفسها في المرآة رادفة: كم أنتي جميلة يا ماري!

خرجت من غرقتها لتصطدم بأختها فارغةً فاهها وهي تردف بتعجّب: إلى أين أنتي ذاهبة؟
كانت نبرتها في الحديث فظّةً للغاية كأنها تتكلم مع خادمةٍ لها لتتجاهلها ماري متوّجهة نحو باب المنزل غالقةً إياه بقوّة خلفها. أتى ستيفن يأكل تفاحةً من وراء تلك المندهشة ليردف ببرود: أخبرني جايك رئيس شركتنا أنها ستقابله. لا تقلقي عليها كثيراً هي بأمانٍ طالما هو بجانبها!

تركها واستدار لتهمس ببرود يفوق برود عاصفةٍ ثلجية: أشكّ بذلك!

ترجّلت ماري من سيارة الأجرة لتتجه وملامح الدهشة مرسومةً على وجهها إلى ذلك الواقف بجانب سيارته الفاخرة. كان يرتدي كاجوال لأول مرة منذ أن تعرّفت عليه، بنطال أسود ملتفّ حول فخذيه مع كنزةٍ قطنية باللون البرتقاليّ رامياً معطفه الجلديّ الأسود بإهمال على عضده. كان شعره البنيّ يتطاير مع الهواء وبعضه قد غطّى عينيه لتهمس ماري في سرّها: كأنه حاكم الجمال!

حمحم إليها لتستعيد وعيها قائلة بإحراج وهي تدلّك رسغها: أوه مرحباً!
ابتسم لها ليدعها إلى الركوب بجانبه، ابتسمت وهي تجلس ليقوم بتشغيل مشغّل الموسيقى رادفاً بحماسٍ لأول مرة: سنستمتع كثيراً!

ستيفن قد خرجَ أيضاً مع ايما ولم يبقى سوى ماثي تصارع نيران وحدتها، لم يتصل بها جوكسن كما أمرته ولكنّ قلبها كان يتمنى لو يخالف كلامها كالعادة ويتصل، تنهّدت تنهيدة عميقة كونها مشتاقة إليه للغاية، لا يمكنها نسيان كلامه الحنون ولاحتى عناقه الدافئ.
هو كلّ شيئٍ أحبّته في حياتها!

ولكنّها الآن تخلّت عنه، تخلّت عن حبّها وأملها لتقرر مواجهة العالم لوحدها مجدداً. بلا أحد كالسابق!
خرجت من المنزل بلا معطف رغم البرد القارص بالخارج لتدلف إلى المكان الذي دلّها الناس عليه أنه مكان تبليغ جرائم، وهو الأشهر والأمثل!

كانت بحوزتها صورة شخصٍ ملتقطة من الخلف أعطتها للضابط رادفة ببرود: قام بجريمة قتل ضمّت رجلاً وامرأة، على قميصه منقوش حرف J، أريد إيجاده بأقرب وقتٍ ممكن!
رفع الضابط حاجبه ليردف باستهزاء: الكاميرا الملتقطة للصورة في سويسرا. لمَ تبحثينَ عن الرجل هنا؟

حمحمت لتجيبه وهي تقلب عينيها: رصدته كاميرات مراقبة المطار متوّجهاً إلى هنا ولم يخرج من حدود روسيا بعد!
همهم الضابط لها ليردف: الحادثة قبل خمس سنوات صحيح؟ اومئت ليردف الآخر بسخرية مجدداً: اذهبي إلى منزلك يا فتاة. لا يمكننا أن نفعل شيئاً!
كانت ستصرخ به ولكنّ يد أحدهم قد وضعت على فمها ساحباً إياها نحو الخارج.

ابتعدت عنه بسرعة لتنظر إليه رادفة بغضب: هييه من أنت؟
طالعها ببرود ليردف: عندما تريدين البحث عن أحدهم لن يفيدوكِ هؤلاء العجائز في شيئ!
رفعت حاجبها بشك ليكمل: أعطني الصورة فلقد لمحتها بالداخل وأظن أنني أعرف الرجل!

أعطتها إياها بسرعة ليبتسم ابتسامةً جانبيّة تحوّلت بعدها إلى قهقهةٍ مخيفة ليردف: رائعٌ هو من تبحثين عنه!
لم تفهم شيئاً لتهمس ب عذراً ولكنّه أوقفها قائلاً: أعرف هذا الحقير حقّ معرفة، لذلك سأساعدك لتنتقمي منه بأبشعِ الطرائق الممكنة!
سكت قليلاً ليكمل بنبرة باردة مخيفة نسبياً لما سبقها: انا اسمي رام. رام ساميث!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب