رواية فتاة الشيطان للكاتبة كيم جايلن الفصل الرابع عشر
مرّت الأيامُ سريعاً على أصدقائنا وهم يتقرّبون من بعضهم بشكلٍ ملحوظ، أصبحت صداقتهم مضربَ مثلِ كلّ من في الشرّكة. تعافت ماري بشكلٍ كبير وعاودت عملها في الشركة دون أن يخلو الأمر من شجارها المستمرّ هي وجايك.
كانت ماري شاردةً في ذلك القابع بجوارها تتأمله بصمتٍ وهي تتحسّر على شبابها الذي سيضيع في شركةٍ مملة ك هذه، حمحمت جاذبةً انتباهه لعلّه يعطيها استراحة او ما شابه ولكنّه لم يحرّك ساكناً إنّما أبصارهُ معلّقة على الملّفات أمامه، قلبت عينيها بملل ليلاحظها أخيراً.
وقف عن كرسيّه ليتمدّد معطياً الراحة الكاملة لكافّة أضلاعه، تقدّم من طاولةِ ماري ليضع العديدَ من الملّفاتِ بجوارها قائلاً: غداً لدينا وفدٌ هامٌ قادم من فرنسا، ادرسي هذه الملفّات جيداً لأنّك ستحضرين الاجتماع معي، سأذهب لأرى اولئك المجانين يعملونَ أو لا، وعندما أعود عليّ أن أرى لو درستي الملفّات جيداً هل فهمتي؟
كانت تطالعه بلا ايمائات وهي تشتمه داخلاً، خرج واضعاً يديه في جيبه دون أن يسمع رداً منها، لعنته وهي تصرخ وأمسكت هاتفها هامسة: سألقّنك درساً يا عاشق العمل!
ضغطت على اسم ايما لتجيب الأخرى وأصوات الضوضاء أمامها: ماريي ماذا؟
سألتها ماري بغباء: اين أنتي تبدين في ملهى عند العاشرة صباحاً! أجابتها ايما وهي تضحك ضحكتها الصاخبة: أنا في المكتب أشاهد مباراة كرة القدم انا وجوكسن أمّا ستيفن ف هو نائم بكل هذ الضجة هل تتخيّلين!
أردفت ماري بسرعة قبل أن تغلق الخط: حفاظاً على عدم انهيار رواتبكم، رتّبوا المكتب ف جايك اللعين في طريقه إليكم!
انتفضت ايما بسرعة لتحذّر جوكسن، قامو بإغلاق الشاشة تحت تأفف جوكسن الذي ينتظر فوزَ ريال مدريد ولكنّه أجبر الآن على إغلاق المباراة، قاما بسكب الماء البارد على ستيفن حتى يستيقظ وعاد المكتب يسمّى مكتباً بعد وهلة، سارعوا إلى مكاتبهم لحظة وصولِ جايك الذي رأى كلّ واحدٍ منهم منغمساً في ملفٍ أمامه، ابتسمَ بسخرية وهو يتسائل: تعملون هاه؟
اومئت ايما عدة مرات وهي تردف: لا نريد خسارة رواتبنا اخي العزيز بالتأكيد نحن نعمل!
قلبَ عينيه ليجيبها ببلاهة: اهاا. واللعب يا صغيرتي في مباريات كرة القدم؟ لم تخبريني من سيفوز يا ترى؟!
تجمدت في مكانها وهي تتبادل النظرات الغبيّة بينها وبين جوكسن بينما ستيفن ابتسم ببلاهة رادفاً: أنا لم أكن أشاهد المباريات جايك!
رمقه جايك وهو يبتسم ليجيبه: صباح الخير ستيفن، أنت لا زالت آثار النوم عالقةً على وجهك، هل تظنون أنني غبيّ يا رفاق؟
لم يجبه أحدهم ليردف قبلَ أن يغادر مكتبهم: هذه المرة لن يخصم من رواتبكم شيئاً، إنما ماري الفدائيّة ستلقى عقوبتها عوضاً عنكم.
أردف ستيفن بانزعاج بعد أن صفع جايك الباب بقوّة: لمَ هو جديٌّ هكذا بشأن موضوع العمل؟ بدأت أشعرُ بالضجر من عملي هنا، لو وافقت ماري على الانتقال ف سننتقل من هذه الشركة بأكملها!
جلس دون أيّ تعابير لتنظر إليه ايما بتعابير حزينة دون ملاحظته لذلك!
أما جايك فعاد إلى مكتبه ل يرى ماري التي تتأمل السقف بانزعاج، حمحم لترتبك ناظرةً نحو الملف الذي لم تكلّف نفسها عناء تصفّحه كما أمرها، رفع حاجبه ببرود ل يردف: في المرة المقبلة لا تكوني غبيّةً لتتصلي بأحد وتخبريه بأنّي قادم، وإلّا سأخصم راتبك بأكمله هل سمعتي؟
اومئت عدة مرات وهي مطأطأةً رأسها ليكمل جايك: لن أخصم لكِ شيئاً بشرطٍ واحد. وهو أن تنجحي في صفقة الغد دون أن تجلبي المشاكل لي ولشركتي!
ابتسمت بفخر لتجيبه: لكَ هذا رئيس!
رنّ هاتف جوكسن ليجيب قائلاً ببرودٍ لا يعبّر عن شخصيته الحقيقية: هل أنتظرك عشرَ سنين كي تتصل أيها المغفل؟
ردّ الآخر بصوتٍ يرتجف: سيدي لقد وصلت شحنة الأسلحة للتوّ، أقسم أنهم السبب. أنا ليس لي يد في تأخيرهم أقسم لك. همهم جوكسن ل يردف: أنا مشغولٌ الآن سأرسلُ إليكَ ايما وستيفن قم بتسليمهم الشحنة ولا أريدُ تأخيراً آخر وإلّا فصلتُ رأسك عن جسدك!
أغلقَ الخطّ وهو يقوم بترجيع ظهره ليلاصق بظهر الكرسي، أردف ستيفن بسخرية: أخبرتني أنك مشغولٌ أيها الكاذب؟، ابتسم جوكسن ابتسامةً عريضة ليجيبه: أنا متعبٌ ستيفن ولا طاقة لي بمجادلة تلك الحثالة، اذهبا أنت وايما إلى مقرّنا حالاً فالشحنة سيتمّ تسليمها في غضون دقائق.
اومئ الاثنين خارجان من المكتب ليتوّجها نحو قاعة الاجتماعات الرئيسيّة، تأكّدا أنها خاليةٌ من ايّ أحد ليقوما بعدها بالتوّجه إلى خزانة المستندات بداخلها، أزال ستيفن أحد المستندات لتظهر لوحة مفاتيح صغيرة، وضع كلمة السر لتفتح الخزانةُ بأكملها، أردفت ايما: أحسنت ولكن هيا بسرعة!
في ذلك المقرّ الكبير المتوّضع تحت الأرض كان اللون الرماديّ سيّد المكان، والأغلال والأصفادٌ زينةٌ على الجدرانِ الخالية إلا من جميع أنواعِ مقتنيات التعذيب، توّجها نحو الدرج المخفيّ الذي يوصل إلى خارج الشركة لتقوم ساعةُ ايما بالرنّ دليلاً على وصول الشّحنة.
التقى ستيفن برجلٍ عريض الأكتاف والمنكبين، الوشوم تغطي جسده بشكلٍ غير اعتياديّ، اردف ببرود: أفتحِ الشاحنات لنرى البضاعة، أردفَ الرجل وهو يبتسم بتكلّف: قل صباحُ الخير ستيفن، أم أصبحت من المافيا دليلٌ على أنك أصبحت بارداً!
قلب ستيفن عينيه ليجيبه: لست صديقي ولا أعرفك، لا صباحَ ولا مساءَ الخير، سلّمنا البضاعة.
اومئ الؤجل ليقوم بأمرِ أحد رجاله بفتحِ الشاحنات، تفحّصهم ستيفن جيّداً بينما ايما دققت في مجموعةِ أعدادهم كما أمرها جايك أن تفعل، استلما الأسلحة وسلّموا المال، وكانو في طريقهم لداخل المقرّ ولكن أوقفهم ذا الوشوم بقوله: بلّغوا تحيّات رام ساميث إلى زعيمكم، وأخبروه أنّ نهايته قد اقتربت لا محالة!
اقترب منه ستيفن بسرعة ليمسكه من ياقته لاكماً إياه على وجهه وهي يردف: بلّغ هذه ل ذلك الحقير وأخبره أننا حالما نراه سيصبح لحمُ جسده طعاماً لكلابِ الشوارع!
استدار الاثنان تاركان إياه لتردف ايما: لم تكره رام ساميث إلى هذه الدرجة أنت وجايك؟ عن جهتي أراه لطيفاً ببعضِ الخباثة!
قلبَ عينيه مجيباً إياها: انتي قد أصبحتي صديقته وأعز تلك المرة في عيك الميلاد، لو علم جايك سيقتلع أحشائك هل علمتي؟ ابتسمت بغباء ليبتسم هو أيضاً بغباء أغبى من غبائها!
في صباح اليوم التالي وبعد أن استيقظت ماري منزعجة كونها منتظرة لما سيحدث بالاجتماع، كان ستيفن ضاحك الوجه مستبشراً بيومه في العمل.
وصلا إلى الشركة لتركض ماري باتجاه مكتب جايك قبل أن تتأخر عن اهمّ احتماعٍ هذا الشهر.
أردفت وهي تفتح الباب بقوّة: اسفة على التأخيييير!
قلب عينيه جايك ليردف: صباح الخير ماري، نقولُ صباح الخير، ثمّ فإن الاجتماع سيبدأ حالاً جيّدٌ أنّك لم تتأخري أكثر من هذا!
أخذت شهيقاً عميقاً ليقترب جايك منها بقامته المشدودة وثيابه الرسميّة ذات اللون الكحليّ رابتاً على كتفها وهو يقول: لا حاجة لأن تتوتّري هكذا، كلّ شيئٍ سيكون بخير حسناً؟
اومئت بصمتٍ ليمشيا معاً نحو قاعة الاجتماعات، كان الوفد الفرنسيّ ينتظرهم هناك ليقوما بأداء التحيّة ويترأسان الاجتماع، تناقشتِ العديد من المواضيع في ذلك المكان ونصف تلك المواضيع لم تفهم منهم ماري حرفاً واحداً، سأل رئيس الوفد السيّد فرانسوا: إذن سيكون لشركة أومانوس من أرباح شركتنا الثلاثون بالمئة كوننا عملنا معاً، هل لأحدٍ أيّ اعتراض؟
لم يكن لدى أحدٍ أي اعتراض باستثناء ماري التي رفعت سبابتها قائلة: أنا اعترض!
طالعها الجميع بصدمة وحتى جايك الذي همس إلى نفسه: ما الذي تفعله هذه الغبية؟!