رواية فتاة الشيطان للكاتبة كيم جايلن الفصل الخامس والعشرون

رواية فتاة الشيطان للكاتبة كيم جايلن الفصل الخامس والعشرون

رواية فتاة الشيطان للكاتبة كيم جايلن الفصل الخامس والعشرون

أصواتٌ غريبة وغرفة باردة، فتحت تلكَ النحيلة عينيها ببطئ وتعب، رأسها يؤلمها بسكلٍ فظيع وشعرت بأنّ الدنيا تدور بها بسرعة، تذكّرت بعض ما حدث لترفع جزءها العلويّ عن سرير المستشفى بصعوبة، وجدت الغرفة البيضاء نظيفةً والسرير وملائته كذلك.
صوت جهاز نبضات القلب بدأ يزعجها لتتسائل عن أصدقائها اين يكونون، دخل فجأة طبيبٌ أربعينيّ ليردف بسرور مبالغ فيه: حمداً لله على سلامتك يا آنسة.

اومئت بامتنان متكلّف لتسأله بسرعة: ما الذي حدث واين جايك و من أتى بي إلى هنا؟
جلس الطبيب على كرسيّ بجوارها ليتحدّث مجيباً ايّاها على اسئلتها: اهدئي أولاً ماري.

تنهّدت مومئة ليكمل: لقد قام مجموعةٌ من سكّان تلك المنطقة بإسعافك أنتِ والسّيد جايك بارك الى هنا، لحسن الحظّ أنتِ لم تتأذي كثيراً فقط بضعة رضوض في كتفك الأيسر والقليل من الجروحات في وجهك ومنطقة حبينك، أمّا جايك...

سكت هنا فشحب وجهها وهي تحثّه على الإكمال ليردف: جايك على قيد الحياة ولكنّه يعاني من آلام شديدة ف قد أصيبَ في رأسه وشُعِرت جمجته، أما أطرافه ف كلها قد أصيبت بإصاباتٍ وفيرة، أجرينا له عمليّة جراحيّة ولقد خرج منها منذ ساعة لكنه لا يزال نائماً، لن يستطيع المشي بأقلّ من شهر لأنّ رباط قدميه متعبتان وتحتاجان عنايةً فائقة.

ما إن انتهى من كلامه حتى انفجرت بالبكاء عالياً وهي تشهق وتقول بأنها السبب، هدّئها الطبيب ليدخلا طبيبتين ايضاً بسرعة الى غرفتها مهدّئتان اياها ولكن عبثاً، حقنها الطبيب بحقنة في عضدها لتسكن وتغطّ في النوم مجدداً.

ما إن فتحت عينيها مرة أخرى كانا ستيفن وايما بجانبها، أشرق وجه ستيفن ليركض إليها مستفسراً عما إذا كانت بخير، اومئت ليردف وهو يمسك يدها: أخبرنا الطبيب أنه يمكنك الخروج الليلة لأن حالتك قد تحسنت.

ابتسمت شبح ابتسامة لتحاول الاعتدال بجلستها، ساعدتها ايما برويّة لتبتسم ممتنة لها وهي تردف: خذوني الى جايك.
أمسكها كلّ منهم من طرف لتستطيع الوقوف وقد نجحت بسهولة، أردفت وهي تبعدهم بلطف: أستطيع المشي بمفردي شكراً لكما أنا بخير.

مشيا بجانبها الى غرفة جايك الملاصقة لغرفتها، فتحت الباب بهدوء لتجد جوكسن نائماً على كرسيّ بجوار جايك النائم أيضاً، رأت رباطاً ملتفاً على رأسه وحول جبينه، كما أن هنالك العديد من الأربطة حول قدميه ويديه، أمسكت دموعها عن الانهمار لتجلس بجانبه ممسكةً يديه وهي تحفظ ملامح وجهه، انسحبا ايما وستيفن من الغرفة فهما أيضاً متأثرين فيما يحدث مع أصدقائهما.

أغمضت عيناها اللتان بدأتا تذرفان الدموع، همست وهي لا تزال متشبثّة بكفّي يديه: سامحني جايك فكلّ هذا حدث بسببي، أنا أحبك أرجوك لا تتركني أعاني وحدي لقد ندمت كثيراً لأنني كنت على وشك تركك، الآن علمت صعوبة الابتعاد جايك لا تخذلني رجاءاً!

بين ساعاتٍ من القلق والانتظار جاء الطبيب إلى ماري وأصدقائها ببشرى استيقاظ جايك، دلفت ماري إليه وهي تركض لتجد ممرضةً شابة تحاول تجليسه، اقتربت ماري منه لتبعدها عنه بجفاء وتقوم هي بتعديل جلسته بنفسها، خرجت الممرضة لتنظر ماري بقلق الى جايك وهي تهمس: حمداً لله على سلامتك!

لم يجبها لينظر في وجه شقيقته وصديقيه القلقين، ابتسم ابتسامةً متكلّفة لهم والتعب واضحٌ في محياه دون الالتفات نحو ماري، زمت شفتيها بحنق لتهبط الى مستوى سريره معانقةً يديه وهي على وشك البكاء قائلة: يا إلهي أنا آسفة أرجوك جايك سامحني أقسم أنني أحبك ولن أقوم بالتخلي عنك في حياتي أبداً انا أعدك!

لاقى نظراتها المترّجية بابتسامة دافئة باهتة ليردف بصوتٍ خافتٍ ومبحوحٍ قليلاً: اشتقت اليك!
سقطت عبرةٌ من عينيها لتمسحها بسرعة وهي تبتسم وتقول: وانا أيضاً جايك!

كانَ عليك معرفة القصة قبل تركي بهذه الطريقة
شعرت بالندم بعد سماعها لجملته وزاد ندمها حجماً بعد أن أخبرها جوكسن بالقصة كاملة.
همست الى جايك وهي تبكي مرتميةً على ذراعه السليمة: لم أكن أعرف كلّ هذا لقد خدعت بأهلي كثيراً!

طبطب على كتفها ليهمس الى البقية: هل يمكنكم تركنا لوحدنا قليلاً؟
انصاع الثلاثة لأمره ليخرجو فاسحين مجالاً لأن يتصالحا الثنائي الجميل، رنّ هاتف ماري للمرة الرابعة في حقيبة ايما لتستسلم للأمر وتقم هي بالردّ بدلاً عن ماري.

جاءها صوتٌ انثوي من الجهة الأخرى يقول بقلق مبالغ فيه: ماري حبيبتي لقد سمعت بأن هنالك قنبلة قد زرعت في الطائرة التي كنتي ستسافرين بها هل أنتي بخير؟!
تلعثمت ايما لتجيب هذه الفتاة التي هرفت من هي من صوتها: ماري بخير لكنها مشغولة. انا ايما.

لم تسمع ردا للأخرى لتفزع حينما صرخت: ما الذي يفعله هاتف أختي معك ثم كيف التقيتِ بها وأين ماري أجيبيني!
علّقت ايما بعد أن زفرت: توقفي عن الصراخ، ماري وجايك في المستشفى فقد فعلا حادث سيارة اثناء عودتهم من المطار، انهما بخير الآن لذلك لا تقلقي أختك لم يمسّها أيّ أذى!

صكّت ماثي على أسنانها لتهمس: أيّ مستشفى؟
أغلقت الخط بعد أن قامت ايما بإجابتها لتهمس إلى نفسها بحقدٍ وهي تخرج شيئاً ما من الدرج أمامها: إن لم يمت جايك بارك بحادث السيارة، فسيموت على يدي هذه المرة!

بعد وهلة من الزمن كان أصدقائنا يجلسون حول جايك ويتجاذبون أطراق الحديث وعم يضحكون ويستمتعون محاولين التخفيف عن ألم جايك، ماري تمسك يده وتحدّق في عينيه طويلاً، أما ستيفن وايما ف ينظران لبعضهما نظرات في الخفاء تحمل معانٍ كثيرة و جميلة.

قاطع صفاء جلستهم دخول أحدهم الغرفة، وقفت ماري بدهشة وهي تطالع أختها ومئة سؤال قد جال بخطرها. ابتسمت ماثي ابتسامةً صفراء لتردف ببرود زائف: تفاجأت مجدداً أليس كذلك؟ هل ظننتم أنني سأتخلى عن حقّ والديّ بهذه السهولة؟!
أنهت جملتها وهي تخرج مسدساً ميدوسيّاً صغيراً من جيبها، شهقت ماري لتصرخ: ماثي ماذا تفعلين؟!

كانت ايما على وشك البكاء وهي ترى فوهة المسدس تتوجه نحو رأس أخيها الحالس بهدوءه وصمته المعتادين، صرخ جوكسن بقوة: ماثي لا تفعلي!
انهارت ماري وهي تصرخ متوّسلة أختها ألا تفعل، أما ماثي ف لا تستمع لأحد يدها التي ترجف وهي حاملةً ذلك السلاح موجهةً اياه لتنهي حياة هذا القاتل.

نشجت ماري لتصرخ وهي تقول: ماثي ستقومين بقتلي لو قتلتِ جايك أرجوك لا تؤذيه تراجعي!
أما المعنيّ بالأمر جايك فهو كان في أتم هدوءه إلى أن قال: هيا اقتليني ماثي وقومي بأخذ حقّ والديك!

صرخا ايما وماري معاً: كلااا.
وأيضاً ستيفن الذي صرخ: لا تستمعي اليه ماثي اتركي هذا الشيئ من يدك رجاءاً.

تداخلت الجمل التي تسمعها أمامها ليصدع رأسها بألم شديد وهي تحاول البقاء صامدة والعزم على ما تنوي فعله
لا تفعلي أرجوك.

هيا اقتليني
لا تكسري قلبي بقتلك لمن أحب.

كانت آخر جملةٍ سمعتها من قبل جوكسن الذي قال: ضعي نفسك مكان أختك يا ماثي!
رمت السلاح أرضاً لتنهار باكيةً على الأرض وهي تنشج وتنحب ولا تدري ما أصابها، تقدم ناحيتها جوكسن ليعانقها عناقاً طويلاً يحمل اليها بضعاً من ذرات الحب الذي فقدته منذ طفولتها.

ارتمت ماري بحضن جايك وهي تشهق وتبكي اما فهو فاكتفى بمواساتها بقول أنه بجانبها وكذلك ستيفن الذب قام بمواساة ايما الباكية بكلامه الرقيق.
كل جرحٍ يشفى بعناقِ حبيب وكلمة طيبة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب