رواية فتاة الشيطان للكاتبة كيم جايلن الفصل الثاني والعشرون
في تلكَ الشركة العالميّة يجلس جايك بارك خلف مكتبه واضعاً نظاراته الخاصة بالقراءة ويطالع كومة الملّفات المبعثرة التي بجواره، على مقربةٍ منه تجلس ماري وراء مكتبها تختم بعض الأوراق الهامة، جاءه اتصال من أحدٍ ما ليجيب وهو يزيل نظاراته متحدّثاً معه.
همم. حسناً. حسناً سيشرّفنا أن نحضر. حسناً وداعاً.
نظرت إليه ماري باستغراب وهي تردف: مع من كنت تتكلم جايك؟
نهض عن كرسيّه ليردف بعد أن اتّجه ناحية باب المكتب الرئيسيّ: اتبعيني ماري.
تبعته حالاً منصاعةً لأوامره، مشت بقربه ليضع ساعده حول عنقها بحنان تحت أنظار كلّ من كان يتجوّل بالشركة الذين باتو يعلمون أمر حبهّم لبعضهم بفضل نقّالة الأخبار ايما!
أردفت فتاةٌ بهمسٍ وصل إلى مسامع جابك: تلك الماري سحبت حظوظ فتيات العالم بأسرهم!
ابتسم جايك خفيةً لينظر إلى ماري ذات الجديلتين الطفوليتين اللتان لا تعكسان شخصية فتاة الشيطان ابداً.
دخل الاثنان إلى مكتب ايما ليجدا جوكسن يقف في منتصف المكتب عاقدا قماشةً حول عينيه ويحاول الإمساك ب ايما وستيفن اللذان يختبئان منه ويركضا، ضحكت ماري لتصرخ: هييه أريد اللعب أنا أيضاً!
أزال جوكسن عصابةً عينيه ليردف بمرح: تعالي والعبي معنا ماري.
رمق جايك اربعتهم بغضب لتبتسم ماري قائلة بلطفٍ مصطنع: عزيزي جايكيي سألعب مرة واحدة معهم ثم سنعودُ إلى العمل حسناً؟
قلب عينيه ليردف بحنق طفوليّ: لا تستخدمي هذه الطريقة اللطيفة معي وإلا فقدت أعصابي معكِ ولربما تندمين!
ضحك الجميع بصخب وماري معهم مع أنها خجلت من جملته إلا أنها كانت مضحكة!
أردف جايك وهو يجلس على أحد الارائك ليستعيد رباطة جأشه وهو يتحدّث بجديّة: اجلسوا جميعاً لديّ خبرٌ هام لكم!
انصاع جميعهم لأمره ليجلسوا منظرين رئيسهم أن يتحدّث: في آخر هذا الأسبوع ستقام حفلة كبيرة جداً تجمع أهمّ مافيا روسيا وما حولها وكعادة هذه الحفلات دعيتُ أنا لأحضر الحفلة معكم وأنا سأكون رئيسها!
صفق الجميع بحماس وخصوصاً ماري التي ستوّجه أضواء الشهرة عليها وهذا ما ترغب به بشدّة.
أردف جوكسن بانزعاج: بالتأكيد سيكون رام ساميث موجود.
اومئ جايك وهو يكمل بنبرة باردة تخلو من أيّ مشاعر: وستافي معه!
نظرت ماري إليه بطرف عينها لتردف وهي تقلب عيناها: هل تهمّك إلى هذه الدرجة إن كانت موجودة أم لا؟!
نفى بسرعة ليجيبها: بالتأكيد كلا أنا لا أهتم لها على أيّ حال ولكن...
سكت فجأة فهو لا يعرف لمَ سأل عنها اساساً لتتجاهله ماري مغيّرة القصة لكي لا تتشاجر معه: إذن كيف سنتجهّز إلى هذه الحفلة؟
أجابتها ايما بحماس وهي تقف عن كرسيّها: لتأتي انتي وستيفن وجوكسن إلى منزلنا انا وجايك وهناك سنتسوّق ثياباً من الانترنت ونتجهّز في منزلنا ثم سننطلق من هناك إلى الحفلة التي ستقام في منتصف البلد.
صفّر جوكسن بإعجاب على هذه الفكرة التي سيقضون بها وقتاً ممتعاً بشدّة في منزل جايك وكذلك الأمر بالنسبة للبقيّة.
تحدّث جايك وهو يضحك فجأة: ماري هل ستعقدين جديلتين في الحفل؟
رمقته بغضب ليضحك الجميع عليها لتردف بغرور وهي تلعب بخصلة متمرّدة انفلتت من شعرها: بل سأصففه وهو منسدل بحريّة على ظهري كي أثير إعجاب شبّان المافيا!
رفع حاجبه باستنكار وخصوصاً بعدما شعر بالغيرة وهذا لا يطمئن، 99 بالمئة من جايك غيرة!
انهى الحديث التافه بسرعة ليعود إلى مكتبه تتبعه ماري وهي تمشي مسرعة فخطوة منه تعادل ثلاثة منها.
وصلت مكتبها خلفه لتباغته بسؤالٍ مفاجئ بعد أن أغلقت الباب بقوّة: من أجمل أنا أو ستافي؟
رمقها بتعجّب من سؤالها المباغت ليضحك داخلياً هلى طفولتها وهو يجيب قاصداً إغاظتها: كلاكما جميلتان عزيزتي!
رفعت حاجبها له لترمي أحد الملفات التي كانت بحوارها على وطهه رادفة بغضب: أكرهك أيها البارد الثلج الجليد المستفزّ الحقير!
ابتعد قبل أن يشوّه طرف الملف وجهه وهو يضحك ويقول: لم يلمسني حتى، أنتي فاشلة في التصويب.
أكرهكككك قالتها بصراخ وهي تخرج من المكتب ليتبعها معانقاً إياها عناقاً خلفياً وهو يهمس ضد رقبتها: بالتأكيد أنتي الأجمل فأنتي حبيبتي التي تعوّضني عن كلّ فتيات العالم!
ابتسمت ابتسامة حبيثة لتستدير قائلة بتعجرف ودلال: حقاً؟
اومئ بالإيجاب لتصفق عائدة إلى المكتب وهي تهمس إلى نفسها: يا لجمالِ هذا ال جايك سيسحرني في ابتسامته يوماً ما!
انتهى ذلك الأسبوع بسرعة وجاء اليوم الذي ينتظره الجميع، الحفل الكبير الذي سيجمع مافيات روسيا بأكملها.
خرجت ماثي من غرفتها صباحاً على أمل أن تستطيع الخروج دون أن يرياها ستيفن وماري ويبدآن بسؤالها أين ستذهب ومع من.
رأت ورقة بجانب التلفاز في غرفة المعيشة لتلتقطها وتقرأ ما كتب بداخلها: سنتسكع أنا وماري حتى الليل لا تقلقي علينا. ستيفن.
ابتسمت وهي تردف بنصر أجل ثم دخلت لتستحمّ وتخرج بعدها إلى صالون حلاقة لكي تصفف شعرها استعدادا للحفل في المساء.
في هذا الوقت كانت ماري تساعد ايما وستيلا في المطبخ يحضّرون الإفطار للشباب الجالسين في الحديقة، أردفت ايما بمرح: أنتظر أن يصل الفستان الذي تسوّقته من الانترنت، إنه راائع كم أتوق ليراني ستيفي به!
أردفت ماري بنفس طريقتها: حتى أنا فقد ابتعت فستاناً خيالياً وانتظر أن يراني جايكي به!
ضحكت ستيلا على هاتان المشاكستان لتردف وهي تدفع ايما دفعةً لطيفة من ظهرها: هيا قومي بنقل الإفطار إلى الحديقة لا بدّ وأن أخاكِ وأصدقائك يتضورون جوعاً فهم لم يتذوقو لقمةً من الصباح.
انصاعت ايما فوراً لما تقوله مربيتها لتتبعها ماري مساعدةً إياها، جلس الجميع حول مائدة الإفطار يأكلون ويتحدّثون ويضحكون سويّة بجوّ ملؤه الإلفة والبهحة بينهم التي لعلّ وعسى أن تستمر بعد مضيّ هذا اليوم!
حلّ المساء بسرعة بين مشاكسات جايك وماري ولطافة ايما وغباء جوكسن وستيفن.
يقف جايك أمام غرفة اخته وهو يصرخ ويطالع ساعته: هيا يا ايما وماري لقد تأخرناا!
خرجت ماري لينظر إليها جايك بصدمة متفحّصاً إياها، فستانٌ أسودً بكحل الليل يصل إلى كاحلها وعليه نقوشات خفيفة بنفس لونه، شعرها المنسدل على ظهرها مع تموّجات خفيفة مع قليل من مساحيق التجميل التي زادت على جملها جمالاً آخر خصوصاً مع الكحل الأسود في عينيها، إنها تبدو فتاة شيطان بحقّ!
همس جايك إليها وهو يرمقها بإعجاب: تبدين رائعة حبيبتي!
ابتسمت وهي تجيبه بخجل: وأنت أيضاً تبدو وسيماً كالعادة!
خرجت خلفها ايما بفستانٍ سماويّ بزرقة السماء يصل إلى ما بعد ركبتها بقليل مع قوسٍ سماويّ أيضاً في مقدّمة شعرها لتردف: ما رأيك فيّ أنا أيضاً جايك؟
اجابها وهو يسير ناحية اليمين: اذهبي واستمعي لرأي ستيفن وما علاقتي أنا؟
بعد مدّة من الزمن كان جايك وجوكسن وماري يقفان عند باب المنزل ينتظرون ستيفن وايما لكي ينتهو من التغزّل ببعضهم، جاء الاثنان وعلى وجه ايما علامات الغضب لتردف بحنق: لقد أزال أحمر شفاهي!
همست ماري في أذنها بخبث: كيف أزاله؟
احمرّ وجه ايما لتصرخ وهي تغيّر الحديث: هيا هيا لنركب السيارة فلن يبدأ الحفل إلا بحضور مافيا الشيطان.
كانت ماثي تجلس مع رام على طاولة بعيدة نسبياً عن الحضور بالحفل، أردفت وهي تنظر إلى ساعة معصمها: متى سيصل هذا الأحمق لقد مللت الانتظار!
أجابها رام وهو ينظر إلى فتاةٍ ما: قبل أن نبدأ مهمتنا تريد ستافي الحديث معه بعدما يصل بقليل هو وجماعته، ستنصدمين قليلاً عندما ترينهم ولكن عليكِ التحكم بأعصابك لكي لا تفسدي كل ما خططنا لأجله!
اومئت وهي تقف بعدما وصلت ستافي، كانت فتاة طويلة القامة ترتدي ملابس فاضحة ورائحة عطرها فوّاحة للغاية، سلّمت على ماثي ورام لتجلس معهم تمضغ علكتها منتظرة وصول تلك الفتاة التي بات اسمها يتردد إلى مسامعها كثيراً هذه الفترة فتاة الشيطان.
أعلن أحدهم عن وصول الشيطان ورفاقه وهو يقول على المايكروفون المتصل بالمذياع: والآن نستقبل ضيفنا الكبير والعزيز الذي يهابه الكبار والصغار، الشيطان!
نظرت ماثي إليه بسرعة لتجده رجلاً وسيماً وهيئته مخيفة حقاً، أردفت إلى نفسها: أشعر أنني رأيته من قبل ولكنني لا أذكر أين!
أكمل ذلك الرجل القصيؤ: ونرحب أيضاً بالفتاة القوية صاحبة أبرد نظرة في عالم المافيا والتي تكون حبيبة الشيطان عن جديد. فتاة الشيطان!
مع أول خطوةٍ خطتها ماري تصنمت ماثي وجفّ حلقها من الصدمة أختي همست إلى نفسها وكأن الدنيا قد سكبت فوقها بحراً من المياه المثلجة، أمسكها رام من معصمها وهو يهدئها قائلاً: تماسكي ماثي فلم ننته بعد!
دخل الثلاثة بعدما رحب بهم الرجل القصير، الأولى فتاةٌ قصيرة لا تعرفها و...
تفاجئت بستيفن أيضاً لتنقل بصرها إلى الرجل الثالث، فتحت بؤبؤيها بصدمة بالغة جداً، الكثير من الصدمات دفعةً واحدة شعرت أن قلبها لم يعد باستطاعته تحمّل المزيد، همست إلى نفسها بانكسار بعد أن غزت دمعةٌ يتيمةٌ وجنتها: جوكسن!