رواية فتاة الشيطان للكاتبة كيم جايلن الفصل الثامن عشر

رواية فتاة الشيطان للكاتبة كيم جايلن الفصل الثامن عشر

رواية فتاة الشيطان للكاتبة كيم جايلن الفصل الثامن عشر

أغاني كلاسيكيّة، طبيعة خضراء جميلة، أشجار تكسو الرصيف على جانب الشارع، فراشات ? كل تلكَ الأشياء كانت جاذبة لانتباه ماري التي تجلس بهدوءٍ منذ أكثر من نصف ساعة، نظّفت حلقها لتسأل جايك: لقد ابتعدنا كثيراً عن المدينة، إلى أين ستأخذني؟
أجابها الآخر دون أن يزيل أبصاره عن الطريق الخالي أمامه: عندما نصل ستعرفين، أوه تذكّرت أمراً!
أنهى الجملةَ بنبرة متسائلة ليكمل: التقطي هاتفك وقومي بإغلاقه!

رمقته بتعجّب ليردف: أريدك أن تستمعتي في الرحلة، ولن تفعلي هذا بوجود الهاتف، أساساً لا يوجد شبكة في المكان الذي سنذهب إليه.
اومئت دون أن تسأل مجدداً لتقفل هاتفها متنهّدة براحى عندما أخبرها جايك أنهما على وشك الوصول.

التفّ جايك يميناً لتصطدم ماري بمنزلٍ أشبه بقصرٍ عملاق يحاوطه شتّى أنواع الحقول الخضراء ولكم يأخذ مساحةً هائلة من مساحة المنطقة، أخرجَ جايك مفتاحه من نافذة السيارة لتفتحَ البوابة الكبيرة داخلاً منها بسيّارته.
ركنها في المكان المخصص لركن السيارات. ولا توجد سوى سيّارة واحدة وهي سيّارة جايك!

ترجّلا الاثنان بينما جايك يبتسم كونه قد شعر لكم هي متعجّبة من جمال المنظر، همس وهو يضع يديه على عينيها: أغمضي عيناكِ!

ارتسمت أوسع ابتسامةٍ على ثغرها وهي يحرّكها إلى الأمام. لكم كانت تشعر بالحماس لما سيريها إياه، أزال يداه عن عينيها لتقف متصنّمة في مكانها بعدَ هذا المظهر السّالب للأنفاس، كان حقلاً واسعاً ممتلئاً بشتّى أنواعِ الزهور تصلُ رائحة شذاها على بعد كيلومترات، همس وهو يأخذها: تعالي لآخذك إلى بقعتك المفضّلة!

امتعض وجهها فلم تكن تريد مفارقة الريحان أو الزنبق أو حتّى الجوريّ ذا اللونِ الأحمر القنوان لتزول تعابيرها المستائة حالما لمحت حقلاً كاملاً بزهور عبّاد الشمس الصفراء، تتسللّ خيوط الشمس لتضع على هذه الزهرات صفاراً يضاهي لونَ صفارها المشعّ، أما طيورُ النّورس فاتّخذت من بتلاتها موطناً لها تغرّد له أجمل الألحان وأعذبها.

قفزت ماري وهي تشاهدُ هذا المنظر الخلّاب بالنسبة إليها لتباغت جايك بعناقٍ اعتصرت فيه أضلاعه وفي تصرخ بحماس: شكراً لك، هذا أفضل يومٍ في حياتي!

رسم ابتسامته الواسعة على وجهه وهي يمسّد على شعرها بدفئٍ رادفاً: أقل ما يجب فعله لشكرِ صديقتي ومساعدتي المجدّة!
فصل العناق ليخرج كاميرا يدويّة من جيبه رادفاً بحماس: دعيني التقط لكِ صورة!

اومئت بحماس لتمسك يده راكضةً بطفوليّة باتجاه الحقل واقفة بين الزهور الصفراء وهي تظهر كأنها واحدة منهنّ. أردفت وهي تبتسم: لنلتقطها معاً!
أدار الكاميرا الأمامية ليرفع وسطاه وسبّابته، فعلت ماري المثل وهما يبتسمان ليلتقط جايك الصورة، أردف جايك وهو يشاهدها بتمعّن: تبدين رائعة!

ابتسمت لتأخذ النسخة الورقيّة رادفة: أنا سأحتفظ بهذه، يمكنك مشاهدة الصورة من الكاميرا الخاصّة بك متى تريد حسناً؟
اومئ وهو يقهقه على طفولتها ليجيبها: احتفظي بها وضعي لها غلافاً كي لا تفقد رونقها...

ابتسمت وعادت لتعبث بين الأزهار والفراشات وهي تدور تارةً وتركض بين الطيور تارةً أخرى، أما جايك فكان يقف مشاهداً إيّاها كأنها عرضه التمثيليّ المفضل، بينما يستغلّ أنه يصوّرها دون أن تنتبه كي يتأمّلها متى يريد!
بعد مضي القليل من الوقت أخبرته ماري أنها جائعة ليقوما بالتوّجه نحو ذلك القصر الكبير، فتحَ الباب الضخم بالمفاتيح التي بحوذته ليردف وهو يمدّ يمناه باتّجاه الباب: تفضّلي بالدخول.

أكمل بعد أن خطت نحو الداخل: أنتي أوّل فتاةٍ تدخل هذا المكان، أوه لأكن دقيقاً أكثر. أنتي أول كائن بشريّ يعرف بوجود هذا المنزل!
ابتسمت بذهول وفخر معاً لتتحدّث بعد أن نظّفت حلقها: ولا حتى شقيقتك ايما؟

هزّ رأسه نافياً ليجيبها وهو يحرّك يديه بعشوائية: في الواقع أنا آتي إلى هنا كلما مررت بحدثٍ سيئٍ أو حزين، لطالما كان هذا المكان هو بقعتي المفضلة التي لا أشاركها أحداً في هذا العالم. صمتً لثانيتين ليكمل بنبرة تختلف عن سابقتها: سواكِ!

ابتسمت محاولةً إخفاء احمرار وجنتاها من الخجل لتنظر إلى عيني جايك الذي كان يطالع عيناها هو الآخر، توقّف الزمن لوهلة عند هذه اللحظة، تبعثرت أحاسيسها وهاج قلبها زائداً سرعة نبضاته بشكلٍ غريب بينما الآخر قد تأكد من صدق مشاعره تجاهها. تأكد أنّ هذه الفتاة قد جعلته يقع لها،.

وبشدّة. هذه ال ماري جعلت من الجليد الذي يغلّف قلبه أن يزول، أنستهُ من هي ستافي تلكَ اللعينة التي خذلته هو وقلبه وحطّمتهما إلى أشلاءٍ متناثرة!

أبعدت ماري عينيها بسرعة قاطعةً ذلك التواصل البصريّ الذي طالً قليلاً لتتحدّث مع جايك وهي تتلمّس معدتها: إذن ماذا سنأكل يا جايك؟
همهم مدّعياً التفكير ليجيبها: أحضرت معدّات اللازانيا، سأعدّها لكِ ريثما تجدي مكاناً مناسباً في حديقة المنزل لنأكل به.

اومئت بسعادة لتخرج من الباب الذي دخلا منه للتوّ ليتنهّد جايك بغير راحة هامساً إلى تفسه: هل حان وقت الاعتراف، ولكن ماذا لو رفضتني هي ستترك العمل بالتأكيد وأنا لا يمكنني العيش بدونها. هل يمكنني؟
تحوّلت نبرته الخائبة إلى متسائلة في نهاية جملته، هل سيستطيع إكمال حياته إذا تركته ماري، هل ستقوم بتحطيمه كما فعلت ستافي؟

هزّ رأسه طارداً وساوس الشيطان ليتجه نحو المطبخ ليباشر في إعداد الطعام.
أمّا ماري فوجدت ركناً أخضرَ اللون في وسط الحديقة تفوح منه رائحة العشب الرطب وتسمع فيه زقزقات العصافير المغرّدة، صفقت بفرح لتمسك البساط الذي أعطاها إياه جايك سابقاً وتقوم بمدّه في هذا المكان، كانت ستذهب ل تنادي على جايك ولكن لفت انتباهها ممرٌ يؤدي إلى مكانٍ ما.

لا فضولَ يضاهي فضولَ ماري!
دخلت الممر لتجد مسبحاً كبير المساحة، طوله يقدر ب 5 أمتار والمياه داخله رقراقة ومنظرها يحبّذ النفس على السباحة.
ابتسمت بألم كونها لا تجيد السباحة ولكم كانت تتمنى لو أنها عكس ذلك. ولكنّها تخافُ الغرق لذلك لا تجرّب تعلّم هذه الهواية...

لمحت زهورَ عباد الشمس في الحوضِ الذي بحانب المسبح، ابتسمت لتهمس إلى نفسها: زهوري المفضّلة مجدداً!
قطفت قليلاً منهم بسعادة كي تقوم بوضعهم بجانبها هي وجايك أثناء تناولهم الطعام، أرادت العودة إلى الحديقة بجانب المنزل لتتعثر قدمها في حجرٍ وتقع أرضاً!

وضعت يدها على ركبتها بألم لتفتقد زهورها الصفراء، رأتهم يطوفون فوق المسبح لتنهض واقفةً بسرعة تحاول سحبهم من المسبح قبل أن يغرقو!

فقدت توازنها وهي تقوم بالتقاطهم لتقع في المياه، حاولت أن تخرج ولك عبثاً فهي لا تستطيع السباحة، صرخت باسم جايك بصوتٍ مختنق يكاد يتقطّع. تنزل تارةً وترتفع صارخةً باسمه تارةً أخرى. لم يستطع نفسها الانقطاع طويلاً وكذلك الأمر بالنسبة لابتلاعها كمية هائلة من الماء، أغمضت عينيها فاقدةً الوعي أسفل المياه منتظرةً مستقبلها المجهول. لو بقيَ لها مستقبل من الأساس!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب