رواية فتاة الشيطان للكاتبة كيم جايلن الفصل التاسع
حائمة بين عشرات المستندات والملفات. بل المئات منها، أطلقت زفيراً طويلاً وهي تمدد ذراعيها بحريّة في الهواء. همست إلى نفسها: ظننت أنَّ الأمر سيكون أسهل بقليل. ما هذا إنه يومي الأول وقد أُهلكتِ من العمل، ماذا أبقيتُ لسائر الأيام، هذا المدير سيجعلني أموتُ قبل أن يحين موعد وفاتي!
أطلقت نظرة خاطفة على من ذكرته بسرّها للتوّ لتجده يضع نظاراته الطبية ويراجع ملفاً سلّمته إيّاه منذ قليل بتمعّن و رويّة. ارتسمت ابتسامة لا إرادية على ثغرها لتردف إلى نفسها: إنه وسيمٌ حدَّ اللعنة! اخخ لم كل الوسيمين باردين المشاعر هل يطبّقون قاعدة الروايات الدائمة؟!
ضحكت على فكاهتها لينظر إليها بتساؤل قائلاً وهو يزيل نظاراته ويضعها على المكتب بجواره: هل أنتي بخير؟
نفت برأسها بسرعة لتحمحم وتنظر إلى مكتبها. استمر بالنظر إليها لتتوتر قليلاً وتبدأ باللعب بأصابعها.
اطلق ابتسامة صغيرة على طفولتها لكنّها تلاشت فوراً ليردف معيداً النظارات إلى خضراوتيه: إذا شعرتِ بالتعب، يمكنكِ الذهاب والتجوّل في الشركة قليلاً.
اومئت بفرح لتنهض متوجهة إلى الخارج بينما جايك أعاد نظرهُ نحو الملف ليردف: انتظر خطأً منها لأقومَ بطردها و لكن. ولا خطأ!
في طريق ماري التي كانت عائدة من المقهى بعد احتسائها كوباً من القهوة الايطالية، سمعت ضوضاءاً في أحدِ المكاتب وبفضل فضولها القاتل وضعت أذنها على الباب لتسترق السمع وتسمع صوت فتاة شبه مألوف تصرخ: ارجوووك. ابتعد عنيي!
أجفلت ماري لتشلّ أوصالها عندما سمعت الطرف الآخر يقول بصوته الرجولي: اثبتي بلا حركة أو صوت وإلّا وضعت هذا المسدس في رأسك!
همست ماري لنفسها وهي مرتعدة: إنه الوقت المناسب. لم أتعلم فنون القتال عن عبث!
ركلت الباب بقدمها لتدخل بسرعة مستعدة للقتل ل تقف مندهشة في ستيفن وايما وجوكسن واضعين هاتف ستيفن على الطاولة وهم يقفون أمامه ويقومون بتصوير إحدى الفيديوهات!
همست ماري: ما اللعنة؟!
نظرت إلى يد جوكسن التي كانت تحمل مسدّس أطفال يقوم برش الماء!
صرخت بهم: ماذا تفعلون بحق الجحيم؟! أجابتها ايما بكلِّ براءة: نصوّر فيديو لنقوم بنشره على أحدِ مواقع التواصل الاجتماعي. هل تريدين الانضمام إلينا؟
ضربت ماري جبينها بكفّها بتقول بغضب وحنق: أنا اعمل منذ 3 ساعات دون رحمة وانتم تصوّرون هذه الفيديوهات السخيفة، أهذا هو عملكم يا رفاق!
ابتسم ستيفن ببلاهة ليردف: لم أحظَ بحياتي بعملٍ مريحٍ كهذا!
أجابته وهي تقلب عينيها: أساساً أنتَ لم تعمل في حياتك صديقي!
ثم وجهت حديثها نحو الجميع: اعذروني عليّ أن أذهبَ لأكمل عملي. وأنتم. سكتت قليلاً لتكمل: افعلوا ما شئتم. أيها الحمقى!
خرجت بسرعة وأغلقت الباب خلفها لينظر الثلاثة إلى بعضهم لينفجروا ضحكاً ثم يكملون مشهدهم التمثيلي!
طرقت ماري باب مكتبها وجايك بهدوء لتسمع صوته الرجولي: تفضل.
دخلت لتبتسم ابتسامة طفيفة قائلة: اعتذر لو تأخرتُ سيدي.
أجاب بهدوء دون النظر إليها: لم تتأخري لا عليكِ. اجلسي في مكتبكِ وأكملي عملك!
توجهت إلى مكتبها دون أن تجيبه بشيئ لتجلس ناظرة إلى الملفات بملل. لم تقترب من أحدها بل أمسكت إحدى أقلام التلوين السوداء والصفراء وبدأت في الرسم على المكتب.
انتهت من رسمتها التي تحمل زهرة عباد الشمس الصفراء ذا اللون الذهبي الملفت للنظر لتهمس إلى نفسها: كأنّ الورد انخلق من جمالها!
ضحكت عندما تذكرت في نفسها أنها وردة أيضاً!
رمقها جايك بحدة لتبتسم بخجل رادفة: أعتذر سيدي. سأعاود العمل حالاً.
بعد انتهاء هذا اليوم الشاق عاد كلّاً من ماري وستيفن إلى منزلهما. دخلا بهدوء لتستقبلهم ماثي وهي تبتسم قائلة: هيه يا رفاق. كيف كان يومكم الأول؟!
ماري أجابت ب: مريع!
أما ستيفن فأجاب ب: رائع!
ضحكت ماثي بعفوية لتردف: وكيف هذا؟ أجابتها ماري باندفاع: انا ابتُليت ب كوني مساعدة رئيس ابشركة المتعجرف البارد الصارم الذي لا يتكلم مع جنس بشر وكل ما لديه بالحياة هو العمل! أما السيد ستيفن ف هو يعمل مع أهضم ثنائي في الشركة بأكملها في مكتبٍ لا يفعلون فيه شيئ سوا الضحك والمزاح!
أردف ستيفن وهو يرفع حاجبه لها باستفزاز: تؤتؤ. تغارين!
لم تجبه لتتوجه إلى غرفتها صارخة بأختها: وانتي ماثي؟ كيف كان يومك الأول في رئاسة تلك الشركة؟
تذكرت ماثي ذلك الشاب المجنون جوكسن لتطرده من مخيلتها رادفة: جيد. عملت كثيراً لكنني سأحصد ثمار جهدي عاجلاً أم آجلاً!
ابتسمت ماري لتعاود الصراخ من غرفتها: ماذا حضرتي على العشاء؟!
فتحت ماث عينها لتركض نحو المطبخ صارخة: نسيتُ الدجاج المحمّر بالفرن!
ضحك ستيفن ليتوجه هو أيضاً إلى غرفته ليبدّل ثيابه وفي مخيّلته تمرّ أحداث يومه السعيدة. مع أصدقائه الجدد!
في الصباح استيقظت ماري بنشاط دون أن يوقظها أحد لتتثائب وتقوم بالتوجه نحو الحمام لتغتسل وتقوم بروتينها اليومي. عندما انتهت من الاستحمام ارتدت قميصاً شتوياً أسوداً برقبة عالية مع بنطال ابيض وحذاء ب ذات اللون. ارتدت بعدها المعطف المفضل لديها ووضعت وشاحاً على رقبتها لتشعر بالدفئ أكثر،.
ثم سرّحت شعرها وعقدت جديلتين جانبيتين لتبتسم إلى نفسها بالمرآة وتأخذ حقيبتها وتخرج من الغرفة.
كان التلفاز مشتعلاً دون وجود أحد في غرفة المعيشة. نظرت إليه لتجد مذيعاً قصير القامة يتحدث بعفوية ومرح: للمرة الثالثة هذا الأسبوع. تقوم مافيا الشيطان بعملية تهريب ل كمية كبيرة من الأسلحة إلى دولة بريطانيا دون انتباه الشرطة البيلاروسية لها! كم هي مافيا لعينة ولديها أساليبها الذكية في التخطيط للمعارك!
وعى المذيع على نفسه بماذا يتحدث ليحمحم قائلاً مرة أخرى: أوه بماذا أهذي أنا. تعرفونني أعزائي المشاهدين أحب المزاح كثيراً لذلك لا تأبهو بما أقوله!
ضحكت ماري متحدثة إلى نفسها: تلك المافيا اللعوبة. لابد وأنها متعاقدة مع هذا المذيع الظريف ليتحدث هكذا. اخخ ما أروع العمل معهم!
سمعت صوت أختها خلفها تقول: من هم؟ أجابت ماري بسرعة ودون تفكير: شركة أومانوس بالطبع وهل يوجد غيرها!
ابتسمت ماثي ابتسامة تسليكية لتردف إلى أختها: ستيفن ينتظرك بالسيارة أسفل المنزل، اذهبي قبل أن تتأخري عليه.
اومئت لها ماري لتودعها ملوّحةً بيدها ثم تخرج مغلقةً الباب خلفها لتتنهد ماثي وتتوجه إلى المطبخ لتأكل شيئاً قبل ذهابها هي الأخرى إلى شركتها.
عندما وصلا توجه كلّ منهما نحو مكتبه، طرقت ماري الباب بهدوء لكنها لم تلق أجابة لتطرقه مرة أخرى دون سماعها رداً أيضاً لتهمس إلى نفسها: ربما السيد جايك لم يصل بعد. يجب أن أدخل وأباشر عملي قبل قدومه!
فتحت الباب لكنها اصطدمت ب ايما لتدفعها بقوة وعي تصرخ: ابتعدي انتي أيضاً عن طريقي!
سقطت ماري أرضاً لتتأوّه ألماً وهي تضع يدها على قدمها التي وُضع ثقل جسدها عليها بعدما دفعتها ايما بكل وحشية وكأنها تصبّ غضبها عليها.
ل يترك جايك مكتبه بسرعة متوجهاً إليها. انحنى إلى مستواها من الأرض ليردف وهو يضع يده على كتفها بحنان: ماري. هل انتي بخير؟!
شعر بالقشعريرة في جسده وهو يفعل ذلك. فمنذ زمن طويل لم يقم ب لمس جنس حوّاء او التحدّث معهم حتى!
هزّت رأسها بالنفي لتردف وهي مغمضة أعينها ويديها تحيطان بقدمها الصغيرة: كلا لست بخير. إنها تؤلمني جداً!
لم يعرف جايك ماذا يفعل ف ما كان من ردة فعله إلّا أنّه قام بحملها لتشهق قائلة: هييه ماذا تفعل؟!
أجابها وهو يتحاشى النظر إلى وجهها: سآخذك إلى الطبيب بالتأكيد لن أقوم بالرقص معكِ تحت أنغام الموسيقى الكلاسيكية!
قلبت عينيها من حديثه التافه الذي يقلل من قيمتها لتصرخ به: أنزلني أستطيعُ السير بمفردي!
أنزلها أرضاً بسرعة لتخطو خطوتها الأولى ثم تقع متأوّهة مرة أخرى. رفع حاجبه لها بمكر ليتنهد ويعاود حملها قائلاً بجدية: تشبثي بي حتى لا تقعي ايتها الطفلة!
نظرت إلى وجهه مباشرة لتحاوط رقبته جيداً جالبة إليه إحساس القشعريرة مرة أخرى!