رواية عزلة السقر للكاتبة لبنى الموسوي الفصل العاشر

رواية عزلة السقر للكاتبة لبنى الموسوي الفصل العاشر

رواية عزلة السقر للكاتبة لبنى الموسوي الفصل العاشر

أنا أخوضُ مَعهُم حَربًا مُعاكِسة، حَربٌ شَرِسة
سِلاحيَّ الفِكر.
وَسِلاحهم الأنَفة.
أنا أُحاوِلُ الخُروجَ مِنْ هذهِ الحَرب كاسِبةٌ لِ وِدِهمْ
وَ هُمْ يُحاوِلونَ الخُروجَ مِنْ هذهِ الحَرب تَارِكينَ خَلفَهم عَداوةٍ وَبغضاء بِ أقصى ما عِندهم.
وصلت للمغاسل سمعت رسول يئن، طرقت الباب مرة مرتين بعدها صحت رسول راح أدخل؟ من مجاوبني اضطريت أفتح الباب وأفوت بدون ما أنتظر الإذن منه.

واگع بالگاع الدم مخضب لحيته والمغسلة مكسورة يمه
اسرعت ناحيته، رفعت راسه من الأرضية بصعوبة رغم قوة بدني إلا أنهُ ضخامة جسمه تفوق قوتي ب كثير
- گوم رسول اترجاك ساعدني لتنجلط ضغطك صعد
- بس اِنتظري لحظة.
حچاها ب ملامح عبوسة يحاول يتمكن من الحركة.
- شبيك ب شنو دتحس؟ رجلك متشنجة يعني!
هز راسه بالإيجاب ونصى عليها كاتم وجعه بصعوبة.
- المغسلة السبب مو؟
- اي، دخت فجأة ردت أسند نفسي عليها وگعت بيَّ.

- زين انطيني إيدك أني أساعدك تگوم.
حچيتها ولزمت كفه، عدلت گعدته و أخيرًا، مجرد ما اِستقام بجسمه صار الدم يتدفق ب غزارة، ثبتت ظهره على جدار الحمام وطلعت ب عَجلة جبت علبة المناديل ورجعت لگيته فاقد الوعي تقريبًا.
جثيت على رُكبي يمه، سحبت راسه ثبتته ب مستوى الرقبة والعمود الفقري ب وضع مستقيم وبديت أمسح الدم وأني أحاول أجبره على اِستنشاق العطر الموجود على معصم إيدي ب وقت واحد.

الحمد لله فاق بعد ثواني ضئيلة، اِنتظرته شوية حتى يستعيد وعيه بالكامل بعدين نهضت دأطلع أصيح يامن يساعدني لزم كف إيدي ب قوة، منعني أتحرك
- وين رايحة؟
- أبلغ يامن ب وضعك علمود ناخذك للمستشفى.
- ميحتاج صرت أحسن.
- شنو صرت أحسن! أنتَ شايف حالك ش صاير بيه
- قدر اترجاچ لتجادلين هواي، كافي عليهم مصيبتهم ما عايزين تشغليهم بيَّ، هذا أني گدامچ بخير وعافية
- زين گوم أني أخذك بس ساعدني وأوگف على حيلك.

- ما أريد مستشفى.
حچاها وثبت كفوفه على معصم إيدي، سندته بسرعة عانينا بشكل مينوصف يلا گدر يستقام بوگفته
ردت أخذه ل غرفة يامن رفض، نومته بغرفة الضيوف وقست له ضغطه مو بس صاعد مفول لو ما الله ستره ونزف خشمه دم كان اِنجلط الرجُل لا مُحال
رحت جبت شريط حب الضغط. انطيته حباية وراها سويت له عصير ليمون، ساعة تقريبًا وأني واگفة على راسه إلى أن بدأ يستعيد عافيته شي بعد شي
- ها شلون صرت هسه؟

حچيتها وأني أنظر له ب قلق واضح جدًا على ملامحي
اِكتفى ب هز راسه واِستقام ب الگعدة.
- رجلك شلون صارت؟ ضغطت عليها ب قوة: ها همْ دتأذيك احچي عفية حتى أعرف شلون أتصرف
- لا، بلا زحمة عليچ بس جيبي لي شي أسود من يامن ألبسه حتى أگدر أصلي.
- لو ترتاح هسه، ب وضعك هذا الحركة مو زينة عليك
- محتاج للصلاه.
- تمام شوية وأرجع لك.

طلعت من يمه لغرفة يامن طرقت الباب ودخلت بعده على نفس الگعدة حتى ما أهتم ل وجودي أو سأل عن سببه على الأقل، أخذت منه ملابس ل رسول ورجعت حاولت أخليه يروح يم يامن رفض يريد يختلي بروحه، انطيته الملابس وطلعت سديت الباب وراية
طاقتي نفذت. سندت راسي على باب الغرفة مغمضة عيني، ثواني و فصلت عن بشاعة الواقع.
ماضي، طفولة، ذكريات حلوة، ضحكات بريئة.
هذه يُمنى، وذولة أهلها.
هنا أني، وهناك أهلي.

جمعتنا صارت مجرد ذكرى مؤلمة وكل شي تلاشى بين ليلة ويوم إلى وصلنا القدر ل نقطة النهاية!
صحيت من عُزلتي على صوت الموبايل ديرن. مديت إيدي سحبته أسل تتصل، الحقيقة ما گدرت أتجاهل اِتصالها لأن هيَّ من الأساس متكلمني إلا عند الضرورة القصوى لذلك اِنجبرت على الرد رغم عدم قدرتي على الكلام بالوقت الحالي بسبب الضغط النفسي الگاعد أعيشه.
- الوو السلام عليكم.

- وعليكم السلام، قدر صدگ هذا الخبر السمعته أخت أيمن توفت اليوم!
- للأسف اي.
- يا ربي شنو هالصدمة والله ما دأستوعب! أشوفه طول اليوم مختفي على غير عادته و من اِتصلت عليه حتى اطمئن ما جاوبني، اِضطريت أبحث عن حسابه بالفيس و شفت أصدقاءه مسوين له مشاركه ب منشور بيه خبر وفاتها.
سكتت الحسرة واضحة ب أنفاسها المُضطربة: عود هوَ صحيح الشي المكتوب، ماتت ب حادث سيارة؟
- اي نعم صحيح.

- لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،
البقية ب حياتكم حبيبتي
- البقاء لله وحده.
- اِلتزمت الصمت ل ثواني: أيمن شلونه بالي ظل وياه
- شلونه يعني؟ أدعي له ما محتاج غير الدعاء حاليًا
- أكيد وهسه راح أگوم أصلي لها الوحشة، أمانة عزيه بالنيابة عني وگولي له خاتمة الأحزان إن شاء الله
- يوصل، رحم الله والديچ.
بس نهيت الاِتصال توجهت ل غرفة أيمن، طرقت الباب ودخلت نايم ومغطي جسمه بالكامل، تقدمت للسرير.
- أيمن گاعد؟

- اي.
گعدت على طرف الفراش وسحبت اللحاف من وجهه، مباشرةً دار عني للجهة المُعاكسة يخفي وجعه.
- هيچ صارت يعني، تضم دموعك عن أختك!
رجع باوع لي. سحب كف إيدي محتضه تحت خده وغمض، نزلت دموعه الحارة بللت أطراف أصابعي.
- بردانة هسه، عطشانة، موجوعة، زين هيَّ مو تخاف من الظلمة كلش شلونها ويا ظلمة القبر، خايفة؟
- أيمن!

- صوتها ب إذني قدر، من دفناها وغادرنا أحسها تصيح ورانا لتعوفوني أخاف وحدي بس من گلت لهم دتصيح محد صدگني لأن محد سمعها غيري.
- هذا الشيطان يصور لك كل هالأوهام حبيبي لأن همه الوحيد اِستغلال أوقات ضعف الإنسان حتى يبعدهم عن رب العالمين ويزعزع إيمانهم ب قضاءه.

يُمنى إنسانة نظيفة راحت قبل لتتلوث ب ملذات الدنيا لذلك لازم نكون واثقين وياها الأحسن مني ومنك وياها رب العالمين سبحانه وتعالى واللي مستحيل يترك عباده ضايعين بأصعب وأول لحظات من حياتهم الثانية، اِستغفر ربك وتعوذ من الشيطان الرجيم وحاول تشيل هالأفكار السلبية من راسك.
- لحد الآن ما گاعد أگدر أستوعب أختنا ماتت!

- شوف هوَ صح محد يسد مكان الثاني بس بالنهاية أني موجودة، أختكم الثانية، ليش دتحچون وكأنما ما عندكم أخت غير يُمنى لو ممعتبريني وحدة منكم
سحب كفي من تحت خده قَبله وباوع ل عيوني ينطق الكلام ب غصة تقطع نياط القلب.
- أنتِ مو بس وحدة منا وبينا، أنتِ روحنا.
اِبتسمت ب وجع.
- صدگ أسل اِتصلت تسأل عنك وآمنتني أعزيك نيابة عنها وعن لسانها أگول لك خاتمة الأحزان إن شاء الله.

اكتفى ب هز الرأس و نام على ظهره رافع معصم إيده على عيونه، رفعت كفي ب كل هدوء بعدتها عن وجهه
- أدري مستحيل راح تگدر تنام ف أني أشوف لو تگوم تتوضأ حتى تصلي وتقرأ قرآن شوية بلكي تخف آلامك وينزاح الهم من صدرك (ألا بذكرِ الله تطمئنُ القلوب)
گال ونعمَ بالله ونهض مباشرةً متوجه للمغاسل، رجعت للصالة توني فاتحة القرآن سمعت صوته يمي يتساءل عن سبب كسر المغسلة، اضطريت احچي له الحقيقة.

تركني وراح ل غرفة الضيوف. بعد نصف ساعة تقريبًا طلع هوَ ورسول، مروا من يمي قاصدين غرفة يامن
من شفتهم إجتمعوا ب مكان واحد سحبت نفس شوية
أخذت القرآن وبديت اقرا،
ساعة مو أكثر وكلمن رجع ل مكانه حتى رسول.

ما نمت بيومها ومن الأساس محد گدر ينام بس الفرق همَ منقسمين بين المُنعزل ب روحه ودموعه مبللة وسادته وبين الخلص ليله بالصلاه وقراءة القرآن، أما أني بقيت أفتر بيناتهم من غرفة ل غرفة خصوصًا خالة نِبراس وضعها وحالتها النفسية ما كانت تسمح لي أبتعد عنها ولو لدقائق حتى من كنت أروح اطمئن على غيرها تبقى بيبي مگابلتها وگاعدة إلى أن أرجع يمهم.

خلصت الفاتحة و الوضع نفسه ماكو شي تغير و لا اكو واحد گدر يتجاوز صدمته، تعبت كلش أعصابي اِنهارت وبالي كله يم المرضى التركناهم ب منطقة حرجة
بالليل قررت أرجع لشقتي. توجهت لغرفة خالة، بيبي يمها، فتحت الباب وأشرت لها من بعيد بس نهضت من مكانها غادرت الغرفة انتظرها بالممر
- ها بنيتي خيرچ؟
- بيبي صار لازم أرجع للشقة...
- يا يمة شلون...

- بس خليني أكمل كلامي، أولاً مثل مدتشوفين صار يومين و هذا الثالث عيني ما مارها النوم تعبت كلش محتاجة أرتاح شوية، ثانيًا بعد اللي صار ما أعتقد رسول ويامن راح يگدرون يداومون بالمصحة فَ من واجبي أروح أسد مكانهم بين ميتجاوزون هذه الأزمة ويرجعون لدوامهم وحياتهم الطبيعية إن شاء الله
- بس يبيبي العالم تعبانين عيب بحقنا نعوفهم ونروح
- ومنو الگال أنتِ راح تجين وياية!

- صخام الصخم راس خوالچ، وأعوفچ تباتين وحدچ
- شنو السالفة بيبي لتكبرين الموضوع ليش قبل لتجين لمصر منو كان عايش وياية! غير كنت وحدي
- ما ينطيني گلبي أخليچ وحدچ هوَ أني من تطلعين للدوام بالليل أبقى ألوب لحدما ترجعين هالدور تباتين بالشقة طول الليل وأني مو يمچ، لا يمة لا ما ترهم.
- بس زهرتي عمو سَلمان وزوجته محتاجيچ أكثر مني اترجاچ لتعاندين وخليني أروح مرتاحة.

ب صعوبة قنعتها هيَّ وخالة حتى يتقبلون مُغادرتي أما يامن رحت بدون ما أواجهه لأن أدري هالمواجهة فوق طاقتي خصوصًا هوَ ب وضع مستحيل يستوعب الكلام بيه بعدما توقف عقله وصارت مشاعره الحَكم الوحيد
وصلت للشقة ب وجهي للحمام ذبيت تعبي بيه وطلعت خليت أجهزتي الشحن، ظلمت المكان وتمددت على فراشي. الوحشة ش كُبرها وكأنما يُمنى كانت عايشة ب هالمكان واليوم زواياه مُفتقدة ل وجودها.

لا اِراديًا نزلت دموعي غمضت عيني ب تعب أحاول أنام فجأة صار شريط ذكرياتي وياها يمُر على ذاكرتي مثل الفلم القصير، رفعت الوسادة ضغطتها على راسي ب قوة وبديت أشتت تركيزي ب قراءة القرآن
تعبت. سكنت أنفاسي ورخت أطرافي سحبت اللحاف احتضنته على صدري وأني أتوسل ب عقلي الباطن يخدعني ولو بالأوهام إنهُ قدر نامت.
نَامتْ وَ عَيناها الجَميلَتان فَاضتْ بِ الدُموعِ الساكِبة
لِ تُبلل وِسادتَها.

في كُلِ مَرةٍ وَ كَرة يَزورُها شَبحُ الفُراق المُخيف
لِ يَكونُ ضَيفُها مَلكَ المَوت
فَ يَسلبُ مِنها أغلى وَ أعَز ما تَملُك
ثُمَ يودعُها مُغادرًا مَعَ أرواحِهم الجَميلة لِ يُبقيها وَحيدة
وَحيدةٌ بِاِعجوبَة وَكأنَّها زَهرةٌ في صَحراءٍ قاحِلة أرضُها مِنْ تُرابٍ وَماؤها مِنْ عَدمْ، لا تَمتَلكْ سوى الدُموعَ الَتي تُسقيها في كُلِ ليلةٍ كَي تُبقيها عَلى قَيدِ الحَياة.

وَ أيُّما حَياة! هيَّ وَهمٌ. يَأخذُها جَبرًا نَحْوَ النَدم
نَامتْ وَ قَلبها السِحريُ يَعتَصرُ الألَم
في صَدرِها هَمٍ وَ غَم
وَ روحُها الشَفافةُ تَكادُ أنْ تُغادرُ مِنْ شِدةِ الهَضم
قَدْ باتَ حُزنُ الكَونِ في جَوفِها ضَيفًا ثَابتًا
كَما هوَ الوَشم.
فَاقتْ وَ نَبض القَلبِ غَيرِ مُنتَظِم
وَ ظهرُها ذَاكَ القَوي
مِنْ شِدةِ المُصابِ تَشعرُ أنَّهُ في لَحظةٍ قَدْ يَنقَصِم
أيامُها الحَتمية أمسَتْ عَاقِرة.

تَفكيرُها العَميقُ بَاتَ يَشتَكي العُقُم
في كَفِها اليَمين تَحمِلُ مِعطَفًا
في كَفِها اليَسار تَلبسُ ساعَتًا
تُغادرُ مَكانَها.
في عَينِها تُراقبُ أوقاتَها
في الثامِنةْ. تَدخلُ في عُزلتِها
تَدفُنُ سِرًا حُزنِها
كَ بذرةٍ صَغيرةٍ تَستَوطنُ الأعماقَ تَنثرُ وَشيَها
تُواصلُ مَسيرَها
تُحاربُ الدِماءَ تَعبرُ وَريدَها
حَتى تَصِلْ لِ قَلبِها
تَنوي النُزولَ فيهِ غَيرَ إنَّها. بِ الوَتينِ قَسرًا تَصطَدِم.

وَصَلتْ لِ عَالمِها المُوازي وَ البؤس يَنخُرُ في العَظْم
قدر: صباح الخير دكتور.
رفع إيده مبتسم اِبتسامة هادئة وأشر عليَّ ب سبابته.
رؤوف: والله عرفتچ مرة بألف زلمة.
- اعذرهم دكتور، الشي الديمرون بيه حاليًا فوق طاقة تحمل البشر أكيد فترة بسيطة ويرجعون لطبيعتهم
- هذا مو مبرر ليش شنو فرقهم عنچ؟!

- الفرق بيني و بينهم شاسع دكتور. بالنهاية أني أظل اِمرأة يعني عادي أداوم والحُزن واضح على ملامحي، عادي إذا شفتوا التعب طاغي على وجهي الشاحب وأبد ما عندي مشكلة إذا ظهرت لكم ب مظهر العيون الذبلانة من كثرة السهر والمنتفخة من شدة البكاء لأن هالشي جدًا طبيعي لمخلوقة اِنخلقت من طين المشاعر الحساسة حتى تكون طينتها مُلائمة لاِستيعاب كم العاطفة المُفرطة بالنعمة النفردت بيها من دون الخلائق (الأمومة).

أما الرجُل اِنخلق بشكل مُعاكس تمامًا بشكل صلب من الاِستحالة يسمح لمشاعره تتغلب على عقله وهذا هوَ السبب اللي مديخليهم يخطون الخطوة الأني خطيتها اليوم وأتصور حضرتك رجُل وتعرف حجم الصعوبة اليواجهها أي رجُل بالعالم إذا سيطر الضعف عليه
- يتهرب لأن ميحب يظهر ضعفه للمُقابل.

- بالضبط لذلك من الواجب علينا نقدر حالتهم النفسية ونحترم عُزلتهم لأن أكيد متى ما يحسون نفسهم تجاوزا مُصابهم و تخلصوا من الضعف السيطر عليهم فجأة راح يرجعون ب شكل أقوى و أصلب، الموضوع م يحتاج غير فترة زمنية بسيطة لأن مثل متعرف حضرتك كل شي يتلاشى مع الزمن حتى ألم الفُقدان.

- تعجبني الطريقة التستخدميها ب تفسير الأمور وهذا الشي الديخليچ تكونين أنجح دكتورة بالمصحة من بعد يامن وأيضًا هذا الشي الديخليني أتمسك بيچ رغم كُثرة النقاط السلبية الحاسبها عليچ وأولها طريقة قبولچ غير القانونية للعمل داخل المصحة بالواسطة
- اِبتسمت: واسطتي هيَّ الواسطة الوحيدة اللي مراح تضر حضرتك ولا راح تنتهي ب يوم من الأيام دكتور
- ليش هوَ منو يتجرأ ويخالف القانون غير أهل القانون.

- هذا قانون الحياة، المهم دكتور الوقت فاتني و لازم أتحرك على عملي بس اِجيت لهنا حتى اسألك إذا تحب ألتزم ب مجموعة يامن أو رسول بين ميرجعون لعملهم
- دكتورة خلينا نترك الوضع على حاله بالوقت الحالي عسى ولعل ميطولون ب عُزلتهم في سبيل نمنع تشتيت العمل داخل المجموعات أما إذا تأخر رجوعهم أكيد ما عندنا غيركم أنتِ و أشرف و مِنة تحملون هالمسؤولية الصعبة عنهم و اِطمأنوا لكل شي أكو مقابل.

- واجبنا هذا دكتور، على العموم أني حاضرة متى ما اِحتاجيتوني و هسه صار لازم استأذن من حضرتك
- موفقة بنتي.
غادرت مكتب المُدير على الطابق الثاني مباشرةً، مجرد ما اِنتهيت من عملي ويا الشباب المصريين توجهت لغرفة شغف طرقت الباب و دخلت. أول ما شافتني وگفت على رُكبها و فتحت لي إيدها مثل الأطفال.

تقدمت ب اِتجاه سريرها حضنتها ب لهفة، طفلة بمعنى الكلمة حتى تعلُقها بيَّ تعلُق مُبالغ بيه لأن في حال فقدتني لأي سبب كان ما راح تتقبل خسارتي ولا راح تتحمل بُعدي و ممكن ترجع ل نقطة الصفر التعبت يلا گدرت تتجاوزها و أكيد هالشي مو صحيح بس شنو أگدر أسوي و هيَّ لگت بيَّ الحنان الفاقدته من أهلها.

اِبتعدت عني صافنة ب عيوني، سحبت الدفتر من على الميز وبدت تكتب. قربت الكرسي من السرير گعدت أنتظرها تنتهي من الكتابة شوية وقدمت لي الصفحة
- (سألت سماح عنچ گالت صديقتچ توفت ب حادث)
- مو صديقتي هذه أخت و أكثر.
- (البقية ب حياتچ)
- البقاء لله سبحانه وتعالى.
- (مبين على عيونچ التعب، ليش داومتِ لو باقية كم يوم بالبيت بين مترتاحين)
- راحتي بيناتكم حبيبتي ليظل بالچ، المهم أنتِ شلونچ
- (عندچ صورة إلها؟ )
- منو؟!

- (هيَّ البنية الماتت، أختچ يعني)
- أكيد عندي.
- (وينها موجودة وياچ هسه؟ )
- اي موجودة بالموبايل.
- (أگدر أشوفها؟ )
سحبت الموبايل من جيبي. الصور الشخصية خازنتها ب حافظة خاصة طلعت لها أحدث صور أخذناها بأخير عزيمة جمعتنا قبل وفاتها ب يومين ضبط.

مجرد ما صارت عيوني على صورتها اِختنگت ب شكل قدمت لها الموبايل ساكتة لأن بس احچي تبين الغصة ب صوتي، أخذته صافنة على ملامحها بعدين باوعت لي تاخذ موافقتي بالتصفح هزيت راسي بالقبول
بدت تتصفح ب هدوء و التساؤلات واضحة ب نظرات عيونها، كانت صورة جماعية أخذناها واحنا مجتمعين على سفرة المائدة. مديت إيدي أشرت لها بالتعريف
- هذا والدها، والدتها، بيبيتي، أخوانها الشباب، وهيَّ.

مررت اِبهامها على وجه يُمنى ب رفق وبقت تتمعن بهذه الصورة ل ثواني بعدين قبلتها ب كل براءة!
تصفحت أكثر إلى أن وصلت لصورتنا أني على اليمين ويُمنى على اليسار ويامن بالمنتصف دياخذ لنا سيلفي بالمطبخ من دخل علينا أخير مرة وكانت تناقشني بموضوع رسول.
ما قلبتها بعد ظلت تتأمل اللقطة ب عُمق.
شوية و رفعت نظرها عليَّ،
أشرت لي على الصورة و رجعت تأشر على نفسها
- شنو ما فهمت عليچ؟!

سحبت موبايلها أشرت عليه وعلى جهازي بوقت واحد
- آه آآآ
- ها تردين أنقل هالصورة ل جهازچ؟
- أمم أمم
- وليش؟!
رفعت الدفتر الخاص بالرسم ولوحت لي على الموبايل
- تردين ترسميها قصدچ؟
- أمم أمم أمم أهاااا
- ترسمينا أني وهيَّ وأخوها؟
- رفعت إبهامها سوت لي علامة ال Ok.
- ويا ترى شگد راح تطول هالرسمة ب يدچ؟
- هممم
رفعت أصابعها الخمسة و رجعت رفعت لي إصبعين.
- من خمسة أيام إلى أسبوع مو صح؟
- أمم أمم.

- تمام زين عندچ رقم مثبته عليه أي برنامج من برامج التواصل الإجتماعي؟
هزت راسها بالنفي و فتحت البلوتوث عرفتها ش تريد
نقلت لها الصورة و أخذتها ل غرفة المُعالجة
بعدما اِنتهيت من عملي وياها توجهت لغرفة عِناق هيَّ الثانية همْ كانت مفتقدتني مثل شغف و أكثر.
- وينچ ليش مدتجين؟!
قبل لا أجاوبها باوعت لوجهي ونصت نظرها الملابس
- ماتت مووو، حرگت روحها بالنار و عافتچ مثل ماما.

- تنهدت ب حسرة: رحتِ شفتِ أختچ ب هاليومين؟
- بس مرة سماح أخذتني وما قبلت أروح بعد، عاركتها
- يلا جهزي نفسچ دنروح أكيد هسه منتظرتنا لنتأخر
- أحط حُمرة؟
- حطي.
- وأنتِ؟ وجهچ صاير بلون هذا الميز، أصفر، حطي
قبل لا أجاوب رن الموبايل بجيبي سحبته المدير يتصل
- حبيبتي جهزي لي نفسچ بين ما أرجع، تمام؟
- تمام بس لتتأخرين.
هزيت راسي بالموافقة وطلعت من يمها، فتحت الخط
- نعم دكتور.

- بنتي تگدرين تجين ل غرفتي رايدچ ب موضوع مهم
- بس أني حاليًا داخل الجلسة، ما بيها مجال تأجل لي الموضوع لبعد ساعة أو ساعة ونصف ك أقصى حد
- ما راح تتأخرين عشر دقائق مو أكثر و ترجعين على رأس عملچ، يلا دأنتظر لتطولين عليَّ.
- تمام تتدلل دقيقتين وأكون عندك.

سديت الخط منه ودخلت على عِناق واگفة أمام المرآة تعدل ب وجهها، سألتها إذا أگدر أروح دقائق وأرجع لها رفضت، اِنتظرتها شوية بعدين أخذتها لغرفة ميلاف ما فتت وياها من الباب دخلتها وقفلته وراية للاِطمئنان
وصلت ل غرفة المدير طرقت الباب ودخلت من طريقة كلامه والمقدمة البدأ الحديث بيها عرفت الموضوع ما راح يعجبني.

- خير دكتورنا العزيز؟ وإذا أمكن طبعًا تدخل مباشرةً ب صلب الموضوع بدون هالمقدمات لأن حقيقة شغلت بالي
- أمان.
- زفرت النفس ب ضجر: ش بيه بعد أستاذ أمان!
- طالب النقل من مجموعتچ و مو بس هوَ شغف وياه
- لحظة بس لحظة أريد اتأكد من الشي السمعته، أمان يريد ينقل من مجموعتي لو سمعي بيه خلل!
- لا السمعتيه صح، أمان رافض تكونين أنتِ دكتورهم الخاصة وطلب النقل لمجموعة دكتورة مِنة بالتحديد.

- مو على كيفه، اي اي لتباوع لي هالشكل دكتور أرجع وأعيدها مو على كيفه، يريد ينقل هوَ حر ما ألزم بيه بس شغف تعبت وياها ومستحيل أنطي تعبي ب سهولة
- بس يا بنتي هذا طلبه واحنا لازم...

- لتكمل أترجاك ترى الشي الديصير هنا أبدًا مو طبيعي هوَ أصلاً أمان وين يريد يتعالج حتى يختار الدكتورة التعالجه على مزاجه، تدري لحد الآن ما گدرت أتمم جلسة وحده على بعضها وياه من التسيب والإنفلات اللي هوَ عليه بسبب المجال الواسع الفسحته حضرتك لهذا المُتعجرف من حرية الحركة وإتخاذ القرارات التناسب اهواءه ومزاجياته!

- أعتقد تكلمنا ب هالموضوع سابقًا وگلت حالة هالرجُل متستعدي الحجر ليش دتلفين وتدورين بنفس النقطة
- وأني ممعترضة على خروجه من المصحة دكتور بس لمن كلما أجي لغرفته حتى ابدأ الجلسة وياه ألگاه طالع هنا الشغلة تصير واگفة، ميريد يتعالج يغادرنا حتى يريح ويرتاح ما مستعدة أني أتحمل تقلباته وقراراته غير المدروسة والله شنو؟! داخل ب فلوسه.

- هسه أنتِ ليش مدوخة راسچ، ما عاجبته ك دكتورة خليه يروح بالعكس هالشي أريح ما زال ممتفاهمين
- وستين عمره، ينقلع مملزمة بيه بس شغف لا لأن مو من حقه يتحكم ب مصيرها بس لأنه أخوها.
- قدر بنتي! اِبتسم ب ذهول: أنتِ گلتيها. أخوها.

- إذا هوَ أخوها ف أني دكتورتها و الحمد لله متفاهمين جدًا ومنسجمين ب جلساتنا العلاجية حتى وصلت وياها لمراحل متقدمة للغاية مستحيل أسمح له يرجعها لنقطة الصفر، حرام هالطفلة شنو ذنبها ب مزاجيته
- وشنو الحل برأيچ إذا هوَ خلانا أمام خيارين لا أكثر يا نحولهم ل مجموعة مِنة يا ينسحبون من المصحة
- أها يريد ينسحب الأفندي!
- نعم لأن أعتقد حاط ب باله رفضچ ل طلب النقل.
- تمام دكتور أني راح أتصرف.
- بدون مشاكل بنيتي.

- ليش من شوكت أني متعاملة ويا المشاكل بالعصبية
- حاليًا الظرف الدتمرين بيه اِستثنائي ف كل شي وارد
- زين والله طلعتوا تعرفون ب ظرفي!
- قدر!
- استأذن من حضرتك.
حچيتها وغاردت الغرفة روحي طافرة، ما أعرف ليش ديفسح له كل هالمجال حتى يتحكم ب مصيره ومصير أخته من دون باقي المرضى!

دخلت للمصعد ضغطت على زر النزول ورجعت ظهري للخلف اِرتچيت بتعب: أستغفر الله العظيم وأتوب إليه أني منهارة نفسيًا ب شكل بس الله يعلم بيه وهذا جاي يلعب على أعصابي ب دم بارد.

وصلت لغرفة أمان طرقت الباب ودخلت أحاول أسيطر على إنفعالاتي كان جالس الطاولة القريبة من النافذة فنجان القهوة ب يده وبالإيد الثانية الجريدة اليومية يقرأ ببرود أعصاب واضح جدًا على ملامحه وهالشي أكد لي هوَ كان متوقع قدومي لغرفته ب هذه الدقائق بالتحديد وممكن يكون منتظرني من الأساس.
صفنت عليه كاتمة غضبي ب صعوبة.
رغم دخولي اِستمر على نفس الهدوء ولا كأني موجودة
- باوعي لي خل نتناقش شوية. تجاهلني.

أمان أني مو گاعد أحچي وياك أرفع عينك و باوع لي
حچيتها ب نترة واضحة، رمى الجريدة ودار وجهه عليَّ مستنكر إسلوبي ب رفعة الحاجب ونظرة العين الحادة
- لتباوع لي هالشكل.
- هسه نباوع لو م نباوع حيرتينا وياچ!
- باوع بس مثل البشر الطبيعي ولو أنتَ وين والطبيعة وين شتان بينك وبينها.
- تفضلي الباب وراچ. إلا إذا كنتِ إنسانة مو طبيعية حالچ من حالي وتفهمين لغة الحوار الخاصة بيَّ
- عندك لغة حوار! واو. صدمتني هه.

- أنتِ متأكدة دكتورة شو مرات أشك بالموضوع، إذا تعرفين بيَّ إنسان مو طبيعي وما عندي لغة حوار وگفتچ هذه گدامي شنو معناها! لو هوَ غباء وبس
- مهما وصل الغباء مرحلة متقدمة عندي تأكد من سابع المستحيلات يتفوق على غبائك وأنتَ دتحاول ترضي غرورك وتروض كبرياءك ب مواجهتي عن طريق طفلة
- شنو دتحچين! ترجمي لو سمحتِ.

- تريد تغادر مجموعتي أنتَ حر بس مو من حقك تاخذ قرار يخص شغف بدون مترجع لها أو تسأل عن رأيها على الأقل، بالنهاية قرار النقل راجع لها مو ل حضرتك
باوع لملامحي مبتسم ب اِستفزاز و نزل نظره لجسمي الموشح بالسواد من الأعلى للأسفل
- دكتورة خليچ ب مشاكلچ الخاصة ولتتدخلين ب غيرچ
- دكتورة!
- أرجع و أگول الباب وراچ، بدون مطرود طبعًا.

- تمام مثل م تحب أستاذ أمان أني أصلاً بعد كل هذا مستحيل أتقبلكم ب مجموعتي. لا أنتَ. ولا أختك.
حچيتها و طلعت رگعت الباب ب قوة: أني لك بسيطة إذا ما كسرت خشمك وخليتك تتوسلني ما اتسمى قدر
دخلت لغرفة شغف گاعدة الدفتر ب يدها تحاول تكتب كالعادة هوَ هذا شغفها الأكبر بعد الرسم، من شافتني فرحت كلش رمت الدفتر من حضنها وعدلت الگعدة.

- يا خسارة تونا بدينا نتعود على بعض بس الله يسامح اللي كان سبب ب هالفراق ولو جدًا يعز عليَّ وداعچ
- همهمت ب اِستفهام تتساءل عن سبب كلامي.

- أمان، طلب نقلچ لمجموعة ثانية داخل هذه المصحة تحديدًا لمجموعة زميلتي دكتورة مِنة، باوعي هيَّ صح كلش حبابة وراح تهتهم بيچ وتعالجچ مثلما كنت حابة أعالجچ بس مستحيل تلگين يمها الشي اللي لگيته يمي، أني ما معتبرتچ مريضتي وبس أنتِ بالنسبة إلى بنتي الروحية والحب الحاملته بداخلي اِتجاهچ ب عُمق حب الأمهات الأنتِ ما حسيته ولا لمستيه غير بيَّ.
- هئ هئ
سحبت الدفتر كتبت ب اِستعجال وگامت ب اِتجاهي.

- (حبابة لترحين أني ما أريد غيرچ معليچ ب أمان)
- ما أگدر أعذريني، حتى لو أنتِ تردين وحتى لو أمان بنفسه رجع طلب مني أعالجكم أني مستحيل أوافق، أخوچ أهاني شغف ومو دكتورة قدر التسمع الإهانة بحق نفسها وتبقى ساكته.
- (أني أحچي وياه والله أخليه يعتذر لچ بس أبقي)
- أسفة ما أگدر، لتزعلين مني حبيبتي.
درت وجهي غادرت المكان تاركتها وراية تصرخ بصوت مكتوم، اِنقهرت جدًا عليها بس مضطرة لمثل هالتصرف.

دخلت ل غرفة ميلاف اجت تركض اِستقبلتني ب حرارة مثل اِستقبال أختها بالضبط، ما گدرت أبدأ بالجلسة وياهم فكري مشتت ونفسيتي تعبانة لذلك بقيت گاعدة يمهم بس أجاوب على الاسئلة اليطرحوها عليَّ واللي اغلبها بدون معنى وبعيدة عن المنطق
نصف ساعة تقريبًا و اِنطرق الباب. صحت نعم تفضل دخلت سماح الوجه مخطوف
- ها سماح خير؟!
- يسعادة الدكتورة المريضة شغف ه تموت نفسها من العياط ومش راضية حد يهوب ناحيتها غير حضرتك.

- تمام صار معلوم.
طلعت وياها بعدما قفلت الباب على البنات، مريت من يم غرفة أمان الباب مفتوح ومموجود داخلها كلش حلو معناها الأفندي يمها وهذا هوَ المطلوب.
وفعلاً لگيته بغرفتها واگف يم راسها ولازم إيدها يحاول يهدأ بيها وهيَّ من البچي وجهها صاير خريطة
تقدمت ثنيت رُكبي وگعدت ب جانب سريرها رجع أمان مسافة عنا، سحبت كفها محتضنته بين كفوفي بعدني ما ناطقة كلمة رمت نفسها على صدري تبچي ب حرقة.

- كافي حبيبتي لتسوين بروحچ هيچ ترى راح تزعليني منچ وأذا يعني اِفترقنا! إعتبريها معرفة حلوة واِنتهت بسلام وأكيد الأيام تجمعنا من جديد، بالنهاية الدنيا كلش صغيرة وإلا ما الوجوه تتلاقى بعد الغياب
- أمم أممممم. أشرت المكان تطلب مني أبقى.
- ما أگدر وداعتچ ما أگدر، اترجاچ لتضغطين عليَّ.

سحبت إيدي تنحب ب صوت عالي تمامًا مثل الطفلة التتمسك ب أمها ساعة التجي تودعها، شگد ما أحاول أوصف حالتها مستحيل أنجح. اِنهارت ب شكل أسوء بكثير من الشكل الشفتها عليه ب أول لقاء جمع بيناتنا
- سُكرتي الجميلة ليش دتأذيني وعيونچ ما أگدر أبقى حاولي تتفهمين موقفي وتعذريني.
اجاني صوته ينطق الجملة ب نبرة مُترددة.
أمان: أبقي دكتورة.
شغف: أمم أمم.

باوعت لي ب لهفة ونظرات مليئة بالتوسل، نهضت من يمها موجهة نظري ناحية أمان
قدر: شنو گلت؟
أمان: أبقي.
قدر: اي مو على مزاجك أني!
حچيتها وغادرت بسرعة أسمع صوتها منهارة بس لازم أقوي نفسي ما ظل شي ويتحقق كل اللي خططت له
طلبت من سماح ترجع عِناق ل غرفتها وصعدت للطابق الثاني دخلت لغرفة المكتب اِتصلت على فنجان قهوة شوية وصار عندي، بعدني أرتشف منه للمرة الثانية اِنطرق الباب اِبتسمت ب اِنتصار وصحت تفضلوا.

دخل المُتعجرف. حديت نظري عليه وتكلمت ب جدية
- نعم ش عندك هنا؟!
- شغف...
- لتكمل لأن موضوعها من ساعتين ما عاد يعنيني أبدًا
- بس أنتِ شفتِ شنو صار ب حالها!
- مو مهم أني شفت المهم أنتَ تشوف أستاذ أمان.
- دكتورة لتعاندين.
- والله هالكلام لازم توجهه ل روحك لأن مستحيل أكو بشر ب هالدنيا يگدر ينافسك بالعناد والكبرياء
- بس البنية محتاجتچ وهذا واجبچ.

- كان واجبي، لكن بعد طلبك للإنفصال من مجموعتي صرتوا خارج قوس عن مهامي الوظيفية
زفر النفس ب قلة صبر و عبس على ملامحه.
- شنو دتتحديني!
- لا أني دأتحدى ضميري و إنسانيتي بس حتى أعرفك ويا منو جاي تلعب
- للمرة الأخيرة راح أطلب منچ تگومين تشوفيها.
- الباب وراك بدون مطرود طبعًا.
رفع حاجبه مستنكر كلامي ومد إيده على مقبص الباب فتحه وغادر الغرفة ب عصبية، خفت ليسويها عناد.

اِفتريت بالكرسي الأفكار تدور ب راسي مثل الدولاب، وإذا عاند مو صعبة عليچ قدر تجيبين راسه مرة ثانية ما زال أمر شغف ب يدچ كوني مُطمئنة ب تقييد أمان
ركزت نظري على الباب متأكدة راح يرجع وإذا ما رجع وحب يغادر المصحة أضعف الإيمان ألوي ذراعه بشغف عن طريق العزف على أوتار مشاعر الأمومة البيناتنا.

دقائق ورجع الباب اِنطرق من جديد عدلت گعدتي على الكرسي مبتسمة ب اِستهزاء، صحت ب نبرة جدية نعم تفضلوا، دخل أمان الغضب مجتاح معالم وجهه
- ها شنو بس لا تيهت الطريق، على العموم ندليك ولا يهمك الطابق الثاني الغرفة الخامسة والمصعد نهاية الممر على إيدك اليسار، تفضل الباب وراك.
- اسمعيني لچ...
- تؤ تؤ تؤ، عيييييب. هذه أبدًا مو أخلاق ولا رجولة من حضرتك يا عيني.

- أحييچ على هالذكاء الشايلته، عرفتِ شلون تستغلين الموقف ل صالحچ.
- من حقي. أنتَ الكان من المفترض عليك تعرف كلش زين أختك شلون وصلت ل هذه المرحلة وشنو الخله حالتها تتقدم للأحسن قبل لا تفكر تفرقني عنها أُستاذ
- وهسه اجيت ب نفسي أطلب تبقيها ب مجموعتچ
- هه بهذه السهولة! اي ولا بأحلامك
- احچي.
- ممم، مثلاً تعتذر حتى ب دوري أفكر ب أمر رجوعكم لمجموعتي ولو صعبة بس لخاطر شغف أحاول أتقبلك.

سمعته فشر بالإنگليزي بصوت ناصي. عبرتها بمزاجي
- ها ما راح تعتذر هسه؟
نظر لي ب اِستهزاء ودار وجهه ديفتح الباب حچيت.
- ل هالدرجة صعب عليك تنطق الإعتذار! على العموم خل يكون ب علمك هذه أخر فرصة أقدمها وفضل مني قدمت أكثر من فرصة بس إذا طلعت من هالباب بدون متعتذر ما راح أتقبلكم ب مجموعتي لو أعرف أخسر عملي داخل هالمصحة وأتصور صارت عندك فكرة كافية عن شخصية الدكتورة المسؤولة عن حالتك أمان.

دار وجهه نظر لي ب غضب جامح وبنبرة مُمتعضة گال
- تعرفين شنو سويتِ!
- لا ما أعرف ولا أريد أعرف بس أريد أسمع الإعتذار
ثنى طرف شفته ب سُخرية و قابل كلامي ب اِبتسامة التَهكم.
- يلا أسمع، هواي أخذت من وقت اِستراحتي.
- اعتذر.
- طلعت الشغلة أبسط ب كثير مما تتصور مو صح؟
دار وجهه مُغتاظ وغادر المكان بدون ميجاوبني، كافي لهنا قدر هسه تگدرين ترتدين إنسانيتچ من جديد.

نهضت من مكاني متوجهة للطابق الثاني، دخلت غرفة شغف هوَ يمها وهيَّ بعدها على نفس الإنهيار بس شافني طلع بسرعة، سديت الباب وراه واِلتفتت فاتحة ذراعي لإستقبالها طفرت من سريرها ل حضني مباشرةً
بعدتها عني أمسح أثار الدموع من على وجناتها.
- أخوچ طلع يحبچ فوق الوصف سُكرتي ل درجة قبل ينطق الإعتذار ب خشمه اليابس هذا بس حتى يزيل من گلبچ الحلو هالوجع ويرجع اِبتسامتچ البريئة.
- همهمت ب لهفة تتساءل عن النتيجة.

- قبلت إعتذاره لخاطرچ لأن مو بس أنتِ حتى أني ما أگدر أبتعد عنچ، يبدو أنهُ أني همْ محتاجة لوجودچ بحياتي مثلما أنتِ محتاجتني وهذه هيَّ المرة الأولى اللي يجتاحني بيها هالإحساس الغريب والله يستر من هالإجتياح وعواقبه.
صفنت ب وجهي تحاول تفسر كلامي ب عقلها، گرصت وجناتها أضحك وأخذتها لحضني، بعدنا نتبادل هالمشاعر العميقة رن موبايلي اِتصال من رئيس الهيئة.

طلب مني الحضور للمكتب اِنطيته موعد على الأربعة العصر لإنشغالي ب دوام المصحة.
- مساء الخير سعادة الباشا.
- أهلاً ي قدر. رفع إيده لمصافحتي: البقية ب حياتك وربنا يجعلها أخر الأحزان.
- البقاء لله.
- وان كان مش وقتو بس بردو المجهود الجبار اللي بذلتيه في قضية الملهى وعز الدين العطار يحتم علينا إننا نتقدم لك بالشكر الجزيل عن شجاعتك وقوتك
- العفو سعادتك أنا م عملتش غير واجبي.

- طيب دلوقتي مستعدة للمهة الجديدة اللي ه نديهالك
- أكيد ي افندم.
- أمان ظاهر محمد الثابت الملقب ب السقر...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب