رواية عزلة السقر للكاتبة لبنى الموسوي الفصل السادس والأربعون
بارت مُفاجئ لعيونكم
وَكَيفَ لِلمَرءِ أنْ يَدفُنَ نَفسهُ تَحتَ التُرابْ تَعمدًا
أوَيحيى القَلبُ فِينا مِنْ دونِ نَبضِهْ؟
يامن: حاول ينتحر يعني؟!
قدر: يمعود اِنتحر أصلاً مو حاول ينتحر لوما ستر رب العالمين وتدخل نُعمان الدفع ايده ويا ضغطة الزناد كان هسه الرصاصة مستقرة بوسط راسه، يعني سواها فعلاً حتى أني جفلت لأن مكنت متوقعة هالتصرف منه كُل ظني مجرد تهديد حتى يضغط على والده بس الظاهر يعرف ابنه أكثر من الكُل لذلك كان حذر وياه وبقى على مسافة قريبة مجرد ما حس وصات للنهاية ويا دمار وراح ينهي حياته تدخل ونقذ الموقف.
يامن: شلون گدر يسويها؟ هوَ شكله الخارجي يوحي على إنهُ إنسان جدًا مُتزن مستحيل يبدر منه مثل هذا التصرف اللا عقلاني!
قدر: يامن دمار اِنتهى، ما كان بوعيه تعرف شنو يعني ما كان بوعيه، دخل بحالة شبه هستيرية فقد الاِدارك تقريبًا ألم روحه غلب على ألم جسده المُنهك، صار ميفكر غير بشغف ومشكلة شغف كان عنده اِستعداد أو مو عنده اِستعداد لا هوَ قدم روحه فداء لأخته، مو مهم عنده يموت مو مهم يتركهم ويروح مو مهم يخسر كُل شي أهم شي عنده يتجاوز صدمة شغف ويطلعها من هذه الكارثة حتى وإن كان الثمن روحه يعني بين قوسين ديگول لها روحي فدوة لراحتچ لأن هوَ متأكد بوفاته نُعمان راح ينهد وهذا الشي المعرفته أني غير من يومين بس، ساعة اللي شفت ردة فعل نُعمان على تصرف ابنه شلون كانت.
يامن: ليش شنو كانت ردة فعل نُعمان على اِنتحاره؟
قدر: خاف خوف مستحيل اگدر أوصفه لك، أول مرة أشوفه بهذه الحالة وجهه صار كركم يريد يوگف على رجله ميگدر جسمه كله ينفض من رهبة الموقف نصى بمكانه يتنفس بصعوبة اِختنگ بالغصة بچى بس حاول ميبين هالشي بعدين فجأة نهض من بيناتنا متوجه لدما حضنه بلهفة واِنهار بشكل علني گدام الكُل.
يامن: هوَ دمار ابنه لو ابن أخوه شو تاهت عليَّ؟
قدر: أني همْ اِحتاجيت صفنة طويلة يلا فهمت شجرة العائلة مالتهم، باوع باِختصار أم أمان اللي هيَّ مَرجانة كانت متزوجة أخو نُعمان مثلما متعرف ونُعمان همْ متزوج قبلها وحدة حسب علمي متوفية، مَرجانة خلفت من أخو نُعمان الله يرحمه أمان وولد ثاني متوفي حسب كلام أمان، ونُعمان خلف من زوجته الأولى دسار ودمار بعدين من تزوجوا نُعمان ومَرجانة خلفوا بنات اثنين اللي هنَّ شغف وميراج.
يامن: يعني دسار ودمار ولد عم أمان وإخوان شغف من جهة الأب هيچ صح؟
قدر: بالضبط.
يامن: وبعدين شنو صار؟
قدر: ماكو اِنخبص القصر وبيبي خبصتني وياهم بعد لسه دنحاول نستوعب الموضوع سقط دمار مغمى عليه وهذا هوَ مثلما تعرف له يومين نايم بالمستشفى حالته جدًا سيئة وصل لمرحلة اِحتاج لاِنعاش القلب الله ستر ومصارت عنده سكتة قلبية عاد همْ زين أمان مشغول ويا ابنه مگاعد يتصل وإلا شنو راح اجاوبه ساعتها.
يامن: وهسه شلون صار وضعه؟
قدر: ديتحسن الحمد لله لأن نُعمان من شاف موقف ابنه وحس ممكن يخسره على ساعة اِضطر يروح يتنازل عن شغف ويرجع يبلغه بالموضوع حتى يستعيد عافيته وفعلاً هالخبر زرع بداخله ولو القليل من القوة وإن شاء الله خلال 24 ساعة بالزايد يغادر المستشفى أما شغف هذه هيَّ گدامك نقلناها بعد التنازل للمصحة مُباشرةً حتى ابدأ الجلسات وياها من مراحلها الأولى وطبعًا دمار طلب من والده يجي للمصحة حتى يعتذر من شغف بس أني منعته لأن هيَّ بحالة تخليها صعب تستقبل واحد منهم بالوقت الراهن.
بس حچيتها نصى على نفسه رافع ايده أعلى رأسه.
قدر: اي هوَ كُل شي بالحياة نصيب، لو واحد مستعد يفدي روحه علمود أخته لو واحد يتبرى من أخته علمود روحه، اِختلاف شعور أو ربما ضمير
رفع عينه خزرني خزرني گلت راح يجيبني بكف يعدل لساني قبل راسي.
قدر: اتشاقى شبيك متتحمل شقى، متعرف سوالفي
يامن: يگول لچ فد مرة طحنوا الصلافة طحن تمام وزرعوها بالطين، اِنخلقت قدر.
قدر: ويگول لك فد مرة طحنوا العناد طحن من هذا التمام وزرعوه بالطين اِنخلق يامن، يا سبحان الله
رفع حاجبه مثل السيف لو أسوي له بز ينفجر بوجهي
قدر: زعلان الأسمر ما يگلي مرحبا، مرحبا حبيبي بلوة عمرك مشتاقة ليمانها ومضغوطة نفسيًا ممكن حضنك
يامن: يرجع أمان وحضنيه.
حچاها ودخل لغرفة شغف، بعز قهري اِبتسمت: شنو هاي معقولة يغار! لو قصده من هالكلام يبسمرني.
ضغطت على راسي وتبعته واگف قريب من الباب وهيَّ مغضمة عينها بشدة تتصنع النوم، تقدم بخطوات بطيئة وصل يم السرير ثنى رجله منصي بمستواها.
يامن: شغف، أبوية أنتِ افتحي عيونچ باوعي لي
بس حچاها سحبت الغطا على وجهها.
قدر: لتحاول يامن ماكو أي اِستجابة بالوقت الحالي.
زفر أنفاسه بضجر وغادر الغرفة، الأيام تمشي ووضعها من سيئ إلى اسوء ويانا بجسدها وروحها معزولة بالعالم الموازي متتجاوب ويا الجلسات متتأثر بالكلام قاطعة الأكل تقريبًا رجعت للوحدة متحب واحد يدخل عليها وتتذمر إذا شخص غريب حچى وياها حتى ميلاف وعِناق صارت تكره مُخالطتهن وصلت لمرحلة حتى أني متتقبلني وإذا لمستها بعفوية تفز صارت تشوف كُل اللمسات قذرة الوحيد اللي إذا لمسها تظل على طبيعتها دمار وهذا الشي ميتجاوز اللمس أما كلامه نفس كلامنا ميأثر بيها نهائيًا.
بعد رجوعها للمصحة اِضطريت أترك القصر وأبات يمها ظهري كان ينكسر من نومة الكرسي بغرفتها تبهذلت كلش لا ليلي مثل العالم ولا النهار حتى بيبي صارت تحچي عليَّ بس شسوي هذا هوَ الحل الوحيد
أمان مختفي من أخر مرة وقت حادثة شغف خابرني ما اتصل بعد، اسأل عنه دمار يگول زين دوم يسألني عنچ وعن شغف بس مشغول ويا ابنه ما فارغ يتواصل وياكم صراحة كلامه ما دخل لعقلي وخفت ليكون وضع سَقاء متأزم وهذا السبب الديخليه يبتعد.
نفسيتي تعبت إلى أبعد الحدود من كُل اِتجاه الضغوط مزاحمتني ما أدري ليش تمنيت أمان يرجع يمكن لأن متأكدة هوَ الوحيد الراح يزيح هذا الحمل عن ظهري
بعد شهرين وأسبوع بالتمام والكمال وصل لي خبرين من دمار الأول أمان اليوم راجع للقاهرة والثاني بيبي واگعة بدون سبب وناقليها للمستشفى!
تركت المصحة وطلعت أركض، من وصلت لگيتها على الأجهزة بين الحياة والموت اسأل شبيها يگولون ممبين.
فقدت عقلي كُل شي ولا بيبيتي هيَّ الشخص الوحيد اللي من انظر لعيونه أحس أهلي بعدهم عايشين، بقيت يمها لليل تبلغت بوصول أمان خالة نِبراس موجودة اِضطريت استأذنها لأن بالي يم سَقاء گلت بس الليلة أشوفه والصبح أكمل جلساتي بالمصحة وأرجع أخذ مكانها حتى تروح لبيتها ترتاح شوية من تعب هالمكان.
رجعت مخنوگة مخنوگة كلش دخلت لغرفة سَقاء وهنا تلقيت الصدمة الحتى وإن كنت متخيلتها لكن مو بهذه الصورة المؤلمة، سَقاء منتهي لدرجة مگدرت اتعرف على ملامحه من شدة تآكُلها بسبب هذا المرض اللعين!
أمان واگف الضعف ماخذ جسمه واللحية تارسه الوجه بعدني اباوع له من غير مينتبه على وجودي دخلت مريم تبچي گعدت يم سَقاء حاضنته بلهفة، ما منعها هالمرة تركها ويا أبنها وأمها وتحرك من مكانه قبل ليطلع رمقني بنظرة مليئة بالتعب وتوجه لغرفته.
أني همْ تبعته، دخلت توه ديروح للحمام گعدت انتظره تأخر يلا طلع بس اجت عيني بعينه خنگتني الغصة، رمى الخاولي على الطبلة وتقدم ناحيتي بس سأل عن صحة بيبي محسيت دموعي شلون صارت تنزل!
أخذني على صدره بلهفة محتضن راسي بين كَفينه.
أمان: لتبچين راح تصير أحسن وإذا عجزوا الأطباء هنا عن معرفة سبب مرضها أخلي دمار ياخذها ويطلع للخارج، ما أحب أشوفچ ضعيفة
سحبت نفسي من حضنه أمسح بدموعي.
قدر: ليش رجعتوا وشنو هذا حال سَقاء مو دائمًا من اسأل دمار يگول لي بخير، اِنصدمت من شفت شكله
أمان: ما ادري حچي فارغ ودكاترة فاشلين ما گدروا يعالجوه وأخير شي يگولون المرض منتشر بالجسم ومن هالخرافات، ما أرتاح گلبي لوضعهم رجعت حتى أخذه هاليومين وأطلع لألمانيا الدكتور هناك راح يسوي لي دعوة سريعة بس لازم أتفق ويا الوزارة بالأول
باوعت له مخنوگة ميريد يستوعب ابنه اِنتهى.
حس بيَّ ضعفت خله وطلع، بس اِنسدت الباب عليَّ بچيت لا مو بچيت اِنهاريت شبيَّ ما گاعد أعرف!
دخلت سبحت أبرد جسمي شوية توني طالعة اِنصدمت بوجود أمان وسَقاء وياه نايمين على السرير، اِبتسمت لهم بتعب ووگفت على المرايا جففت شعري بسرعة تاركته مفتوح وتقدمت عليهم عمري كان مفتح عيونه بس حس عليَّ يمه اِلتفت حضني بذرعانه التعبانة، أخذته لصدري بلهفة نصيت على راسه أمنع دموعي تنزل گدامه دقيقة وباوعت له أضحك بتصنع.
قدر: هوَ المرض هيچ يحلي الواحد لو شكلك تونست بالسفر بدوني وورد وجهك على تغيير الجو
سَقاء: لا ما تونست ما طلعت كله مريض وبس اتوجع
باوعت لأمان دار وجهه عني مبتعد مسافة.
قدر: مممم ميخالف احنا أبطال وراح نتجاوز هالمرض ونهزمه ومن نكبر نتذكر هذه اللحظات باِبتسامة بعدما نشوف روحنا شلون تجاوزناها بكُل شجاعة
سَقاء: يعني أني راح أكبر ما أموت؟
حضنته بسرعة.
قدر: لا يا روحي اسم عليك تموت شنو عمرك طويل.
سَقاء: اي حتى أكبر وأصير مثل بابا أبني مستشفى علمود الصغار ميتمرضون مثلي
متحملت الكلام، تركتهم ورجعت للحمام ما طلعت منه إلا بعدما هدأ الوجع الاِحتل صدري فجأة، تمددت يمه حاضنة راسه بذراعي باوع لي مبتسم والتعب بعيونه
قدر: أنتَ ألمن تحب أكثر شي؟
سَقاء: بابا وماما الحلوة أنتِ وعمو دمار وعمة شغف وخالو يحيى وبيبي الحجية وشوية ماما مريم
قدر: واحنا نحبك كلش كلش بگدما أنتَ تحبنا وأكثر.
سَقاء: أريد كيكة اشتري لي لو سوي لي
قدر: خلينا ننام هسه وباچر نتفاهم على سالفة الكيكة
حضنته ما اگدر احچي أكثر، كُل المؤشرات تدل على قُرب وفاته بس تبقى رحمة الله الواسعة فوق كُل شيء
شوية ونام أمان كان منصي على الوسادة التعب ماخذ حيله ورافع كفه على صدر ابنه صافن ما أعرف بشنو ديفكر، وضعت كفي أعلى كفه صحى يباوع لي.
قدر: راح يصير زين إن شاء الله إحساسي هيچ يگول.
أمان: أريد أشوف شغف بس لازم أعدل نفسي وأزين قبل لا اروح لها ما أريدها تقلق بسبب منظري
قدر: هيَّ صار كم يوم أحسها مو طبيعية وضعها تأزم شوية يمكن لأن طول غيابك فَ من الأفضل متروح لها ما طول ناوي ترجع تسافر لأن مو مال تشوفها نفسك يومين وترجع تختفي، هيچ راح تتأذى أكثر.
أمان: ميخالف لازم أشوفها حتى لو من بعيد
سكتت بس احچي كلمة زايدة راح يشك، خليه يروح يشوفها من بعيد عادي يلگاها نايمة مراح يحس بشي.
فجأة گام سألته وين جاوب لدمار، بس طلع اتصلت على خالة نِبراس حتى يطمئن گلبي وراها سديت الخط منصية راسي يم راس سَقاء وعيونه تتأمل ذبول وجهه البريء الكان قبل أشهر يشع بالحيوية والجمال.
- مسربتنا الصغير المرض الحقير شسوه بوجهك الحلو اِشتاقيت لضحكتك واتمنى ترجع لشقاوتك، متأكدة لو تكبر راح تكون مثل أبوك بالضبط طيب وحنين رغم سربتته أنتَ بس أكبر حباب، لتموت وتكسر أمان ترى ماكو شي بالدنيا يكسره ويهد حيله غيرك مثلما كسرتني الدنيا وهدتني قبله بأطفالي، قوي نفسك تحدى هذا المرض وقاوم وجعه أهدي له فرصة يسفرك بيها لألمانيا عسى ولعل تلگى علاجك هناك مثلما أهدى لك راحته وصحته وكُل شي يملك في سبيل يعالجك من هذا المرض اللعين ويريحك من ألمه.
لزمت كف الصغير دموعي تهل بغزارة وجع مينوصف سيطر على أعماقي تعب بجسمي خمول بحركتي كُل شي بيَّ خرج عن المألوف إلى أن غفيت.
صحيت الشمس طالعة، أمان متمدد على ظهره صافن على السقف وهوَ بيناتنا نايم بعمق، بس تحركت حس باوع لي صبحت عليه ما رد اِكتفى باِشارة الرأس ونزل نظره على ابنه أحس الحياة انطفأت بعينه
أمان: گايم أصيح بيبيته تبقى يمه حتى أنتِ تداومين
قدر: وأنتَ؟
أمان: أخلص شغلة دعوة السفر وأمر على المصحة أشوف شغف حتى وراها أخذ سَقاء للدكتور
قدر: إذا تريد ما أدوام أبقى يمه حتى لينشغل بالك
أمان: لا روحي شغف بحاجتچ، بيبيته عنده متقصر
حچاها وطلع، باوعت لسَقاء نايم بشكل غريب رفعت كفي على أنفه الحمد لله ديتنفس قَبلته من جبينه ورحت للحمام غسلت وطلعت غيرت ملابسي جمعت أغراضي واگفة على المرآة دأمشط بشعري لمحته تحرك درت وجهي بسرعة رافع عيونه برعب ركض عليه.
ما گاعد يتنفس الطفل مختنگ، رفعته لحضني أحاول أسعفه بچيت أصرخ سَقاء لتسويها، أخر كلمة نطقها (بابا) وراها غمض عيونه يودعنا لمثواه الأخير
نزلته للفراش جسمي يرعش مگاعد استوعب مات.
رجعت بخطواتي ايدي على حلگي أريد أسيطر على توازني ما اگدر، سحبته لحضني من جديد نصيت على صدره الخالي من النفس اشهگ بأعلى صوتي.
- طلبت منك فرصة لأبوك ما گلت موت بهذه السرعة، شلون أوجهه شلون أبلغه أنتَ رحت من ايده، شلون راح يتقبل خسارتك هوَ سوء وضعك الصحي كان رافض يستوعبه شلون راح يستوعب موتك، سَقاء يا روحي أنتَ فتح عيونك ارجع للحياة بمعجزة مو ردت تكبر وتصير مهندس مثل أبوك ليش اِستسلمت للموت
أمان: قدر! ليش دتبچين؟
اِلتفتت عليه نظري متلاشي من شدة الدموع، نهضت بسرعة رميت نفسي بحضنه اشهگ بحرگة بس گلت له سَقاء مات طلعت اليبو من الحجية، دفعني حيل يصرخ
أمان: مات شنو، ابني ميموت مستحيل ميموت
نصى عليه ماخذه لحضنه يطبطب على وجناته بهدوء
أمان: سَقاء بابا گوم شو فتح عيونك، گوم أريد العصر أخذك للدكتور حتى إذا گال الكيكة زينة عليك اشتريها لك مو أنتَ مشتهيها، بعده نعسان خلوه نايم.
رجعه للفراش عدل المخدة جواه وغطاه بعدها نصى على وجهه يبوس بكل جزء بيه، أني أبچي الحجية تولول وتنعاه بصوت عالي اِلتفتت فجأة يصرخ علينا
أمان: كافي شنو هالبچي الطفل نايم ما مات
حچاها وگام متجاوزنا اِلتفتت وراه الكُل ملتمين بباب الغرفة على صوت الصياح، دفعهم حيل راد يغادر رجع باوع لسَقاء وحول نظره على الحجية
أمان: يوم رايح أني للوزارة بالتسعة گعديه حتى ياخذ علاجه وحضري لي الفحوصات العصر أخذه للدكتور.
ويا ما حچاها دخلوا يحيى ودمار بوقت واحد عيونهم مفتوحة من الصدمة يباوعون لسَقاء من شافوا الهوسة وسمعوا أصوات نياحنا استوعبوا موته
أمان: دمار هاي أنتَ بعدك ممبدل دفضني مو تأخرنا
تجاوزه دمار مصدوم، گعد يم سَقاء يمسح على وجهه حچى وياه عمو گوم الموت مو لك لتسويها وتأذينا، ديحضنه ركض أمان دفعه من صدره حيل
أمان: شبيك أنتَ شبيك گوم دنطلع تأخرنا.
گام من مكانه بسرعة حضن أمان يبچي، سحبه من ايده بعدما دفعه عن صدره يريده يروح وياه للوزارة يگول له ابنك مات يصيح لتچذب أخر شي صرخ دمار محتضن راس أمان بين كَفينه يخضه بحركة قوية يحاول بهذه الطريقة يصحيه حتى يستوعب الحقيقة
دمار: ابنك مات أمان، سَقاء مات مات أمان ماااات.
بس حچاها باوع أمان على ابنه بنظرة الاِدراك رمشة مترمش عيونه، تركه دمار شال سَقاء يطلب من يحيى يجيب أمان ويجي وراه للمستشفى بعده بالباب دخلت مريم تركض بس شافت منظر ابنها بحضن عمه ملخت خدودها تصرخ، يريد يطلع متخليه ملزمة بملابس سَقاء وتصيح على دمار نزله خل احضنه.
نزل بالأرض منوم سَقاء على رجله، سحبته لحضنها تولول أمها يمها بحالة اسوء بأضعاف من حالة بنتها ميراج تبچي مرجانة تلطم على وجهها حتى نُعمان الدمعة صارت واضحة بعيونه
تقدم أمان خطواته أثقل من حمل صدره، سحب ابنه منها رجعه لدمار وهيَّ تتوسل يخلوه بس أخذه وراح رمت نفسها بحضن أمان شادة قبضتها على قميصه تبچي بشوغة الفاقدة ضناها.
تركها شوية تفرغ گلبها على صدره بعدها اِنسحب ويا يحيى يتبعون دمار، نُعمان ودسار وراهم.
طلعت من القصر بعدما طلبت السيارة وبلغت المصحة بظرفي وراها اِتصلت على أيمن حتى يصير عندهم علم بالموضوع، أريد أسوق ما اگدر الدموع حاجبة الرؤية عن عيني نزلت بالطريق غسلت يلا گدرت أوصل للمستشفى، ساعات طويلة يلا سلموهم الجُثمان طلعنا للمقبرة أسوق وعيوني على أمان گاعد بسيارة دمار وسَقاء بحضنه صلب بصلابة الحديد الدمعة متنزل من عينه!
وصلنا للمقبرة هوَ أخذه ويا دمار وأني رافقت يحيى والبقية شوية وجابوه، گعد أمان يم حفرة القبر حاضنه بقوة ويهمس بصوت غير واضح داخل مسامعه فتح الكفن لمس وجناته وطبع قُبلات الوداع على اجزاء وجهه قَبله من كُل مكان حتى ثغره أخر شي رجع حضنه على صدره حضنة كسر بيها أضلاعه، مغمض عيونه ويتنفس بوضوح لو يبچي يرتاح هالكبت راح يوگف گلبه، على ساعة يموت ورا ابنه من القهر.
أخذه يحيى من حضنه يودعه ويبچي بصوت عالي من التعب هدلت ايده همْ زين أمان تلاقف سَقاء قبل لا يسقط بحفرة القبر لأن گاعدين يمها.
نزل أمان للقبر بدل الدفان، سَقاء بحضن دمار نصى عليه يَقبل بوجهه ويبچي حچى جملة فطر گلبي بيها
دمار: لو ماخذ عمري وباقي لأبوك يبعد عمره لعمك.
رفع أمان راسه من القبر عيونه دم أخذه من ايد دمار ونزله بنفسه للحد، بهذه الاثناء اتصل أيمن يسأل عن المكان خليت الشباب يجاوبوه ثواني وصاروا گبالي كلهم جايين حتى عمو سَلمان ورسول
يحيى ودمار مگنبصين يم حفرة القبر واحد ايده على راسه والثاني مغطي عيونه وأمان بالداخل، تأخر الدفان منتظر مديت راسي منصي على ابنه حاضنه ويحچي بس شنو يحچي ما أسمع.
من البچي لزمني الصُداع، رجعت نفسي ليورا ارتچيت دقائق وطلع بدأوا يهلون التراب عليه وعيونه تراقب ابنه بأخر لحظات تجمعه وياه بهذه الدنيا الفانية.
بالجهة الثانية مريم واگفة ويا أمها تودع ابنها بالدموع من خلصوا تقدمت منزلة راسها على التُراب تنحب بحرقة اِنقهرت عليها شعور فقد الولد يذبح واِنقهرت أكثر على وضع أمها الحجية لأن هيَّ مربيته سَقاء بالنسبة لها ولد مو حفيد بحيث من نزلت على ترابه اِنهارت.
الحجية: ولك بيبي ليش هيچ شلون تروح وتخليني، بعد من يا حلگ اسمع كلمة البيبي منو يتأمر ويتدلل عليَّ منو اللي إذا ما اهتميت بيه يزعل ويجافيني؟ ولك يمة سَقاء كسرت ضلوع گلبي گطعت شرايين دمي سلبت روحي من جسمي، المرض الياخذك كون ماخذ بيبيتك قبلك وليدي يا ابو طول الحلو والضحكة المرحة بعد يا وجه يسوه أصبح بيه يا صوت يستاهل اسمعه بعد صوتك ويا حضن يرد لي عافيتي وحضنك لامه التراب، رحمتك ربي أنتِ انطيته وأنتَ أخذته بس أخذ وجع فراگه من گلبي مو راح أموت.
صارت تَقبل تراب قبره وتنحب منحس إلا تخربطت سحبها أمان يصرخ على يحيى تقدم بسرعة أخذها وراح مريم وياهم، البقية همْ عزوا أمان وغادروا ما ظل أحد بالمكان مرافقه غيرنا أني ودمار.
بعدهم متقابلين على قبره وأني مسافة عنهم من كُثرة البُكاء تثاقل النفس داخل صدري لمحت أمان نهض من قبر ابنه متوجه للقبر المجاور رفعت نفسي بصعوبة وما صدگت عيني من قرأت اسم صاحب القبر!
سَقاء ظاهر محمد الثابت.
أخو أمان الحچى لي عنه والمتوفي اسمه سَقاء!
ظل گاعد عنده وقت طويل صافن على القبر والحسرة بعيونه وكأنما أكو حديث ديدور بينه وبين أخوه سرًا
شوية وراح دمار يمه توه گعد بجوار القبر تهامس أمان وياه نهض متوجه نحوي قبل ليوصل عرفت شيريد.
گال يلا نروح هزيت راسي بالموافقة، تركته وتقدمت حطيت كفي على تراب سَقاء اقرا الفاتحة ردت احچي وياه الغصة منعتني أحس جبل على صدري بحيث ويا ما أسحب النفس اتألم، نهضت أمسح بدموعي وصلت يم أمان ربتت على كتفه بهدوء وغادرت بدون كلام.
دمار: أهلچ وين مدفونين؟
قدر: شوية للأمام
دمار: يلا لعد ما طول وصلنا لهنا نروح نزورهم
قدر: هوَ طلب منك تاخذني وتروح
دمار: محتاج يبقى وحده وحقه مصيبته اليوم عظيمة.
هزيت راسي بتعب وواصلت المسير، وصلنا لقبور أهلي بسبب وفاة سَقاء اِنعاد عليَّ يوم وفاتهم خصوصًا أطفالي الفرق الوحيد أني ما حضرت جنازتهم بيومها ولا وودعتهم الوداع الأخير قبل لينامون تحت التراب
مر وقت طويل ودمار تاركني براحتي، حسيت الطاقة خلصت لو أبقى أكثر يمكن يصير لي شي، ودعتهم ومشيت وياه عند السيارة اِفترقنا هوَ راح يطمأن على الحجية أم يحيى وأن توجهت لبيبي.
وصلت الحمد لله وضعها أحسن من البارحة بس بعدها تعبانة، غسلت خفيت تعب وجهي ودخلت عليها ما كانت بحال يسمح لها تركز بشكلي يا دوب تفتح ثواني متلحگ تلمح المُقابل وترجع تغمض عيونها.
صار الليل وخالة نَبراس گاعدة كسرت خاطري صار لها من البارحة بالمستشفى، أشرت لها وطلعت اجت وراية
قدر: روحي ارتاحي خالة أني يمها.
نِبراس: هوَ أني منتظرتچ ترحين، روحي يمة رجلچ يحتاجچ يمه تخففين عنه مصابه وتشاركيه حزنه وإذا على الحجية لتشلين همها أني موجودة
قدر: بس ميصير هيچ أنتِ من البارحة هنا
نِبراس: شكو عليَّ شو هذه حيطان وبالبيت حيطان ماكو فرق، يلا دروحي تعطلتِ
حضنتها أتشكر منها وغادرت مجبورة، فعلاً أمان هسه يحتاجني حتى لو ما حچاها أني أعرفه يحتاجني.
وصلت للقصر الحزن مخيم على اِنحائه سألت الشغالة عن الحجية أم يحيى گالت هيَّ بخير، تركتها متوجهة للغرفة فتحت الباب أمان ماكو، رحت لغرفة سَقاء همْ مموجود وينه هذا معقولة يم دمار لو بعده لسه مراجع!
رحت لغرفة دمار هذا الثاني همْ ماكو اتصلت بقلق.
قدر: هاي وينكم؟
دمار: أني بالمصحة عند شغف
رفعت ايدي على راسي اتأفأف بضجر.
قدر: نسيت ما بقى براسي عقل، زين أمان وينه؟
دمار: محتاج ينفرد بروحه شوية
قدر: وين؟
دمار: گلت محتاج ينفرد بروحه
سكت شوية: راح للشقة التزوجتوا بيها
قدر: عندك المفتاح؟
دمار: ادخلي لغرفتي بالميز الجانبي بأول جرار تلگين مجموعة مفاتيح أخذي المفتاح اللي بالمدالية الحمرا
تشكرت منه وسديت الخط، دخلت للغرفة أول مفتحت الجرار صار الچُكليت بوجهي تارسة كُله مدري شيسوي بيه، اِبتسمت بألم وطلعت بعدما سحبت المفتاح
قَلبهُ مُثقلٌ بِالهُمومْ
لا يَعرفُ عَلامَ يَندبُ حَظَهُ وَلمَنْ يَلومْ
يَتقَيحُ ألمًا.
يَصارِعُ عَجزًا
وَجَسدهُ المُنهَكُ ذَاكْ مَلِيء بِالنُدبِ غَارِقٌ بِبحرِ السُمومْ
يُوجدُ عَقدٌ لَهُ بَينَ العَقلِ والقَلب مَبرومْ
دَونَ فِيهِ قائِلاً
يُخلَقُ السَقرُ مِنْ جَديدٍ بَعدَ كُلّ مُصابٍ مَشؤومْ.
فتحت الباب ودخلت الظلام دامس والشقة جدًا هدوء لدرجة شكيت بيه مموجود، غلقت الباب بخفة متوجهة للغرفة فتحتها مُباشرةً كان جالس بالأرض ظهره على السرير مدد رجله بتعب وصورة سَقاء بيده يتأمل ملامحه الغايبة عن انظاره على الضوء الخافت للثُرية
تحمحمت ألفت اِنتباهه، بدون ميرفع راسه گال:
أمان: شجابچ؟
قدر: اجيت أخذك من تعبك
أمان: اتصلي على دمار يجي يرجعچ للقصر.
سديت الباب وتقدمت باِتجاهه، ظل على نفس الگعدة گنبصت يمه اباوع لصورة سَقاء مجرد ما ركزت على اِبتسامته البريئة خانتني الدموع ونزلت.
قدر: سَقاء، اسم أخوك هذا
بس حچيتها هب من مكانه، ديمشي لزمت كف ايده بقوة ونهصت ساندة نفسي عليه
قدر: ليش دتسوي بروحك هيچ؟ ليش دتكابر؟ ليش رافض تفصح عن تعبك حتى بينك وبين نفسك، اضعف أمان الضعف على فقد أحبابنا عمره ما كان شي مُعيب
أمان: روحي قدر.
سحبت فكه بأطراف أصابعي لحيته ترست كف ايدي
قدر: أنتَ مو قوي؟ متبچي مو؟ ماكو شي يگدر ينزل دموعك حتى مُصاب أبنك يلا لعد باوع لعيوني وواجه دموعي على سَقاء لتتهرب بنظراتك مني خليك مكابر
باوع لعيوني يحاول يتحدى بس مجرد ما لمح دموعي نزلت ضعف بوضوح، دار وجهه عني ديغادر الغرفة گال باِنكسار واضح النبرة والغصة تارسة صدره
أمان: للمرة الثانية الحياة كسرتني بسَقاء.
اهتزت أكتافه بقوة تقدمت خطوتين وگفت گدامه، بلا شعور رمى راسه على صدري وصار ينحب بصوت تقشعر منه الأبدان، اِنهار أمان بعد تماسك طويل، اِنهار بطريقة صعب أسردها ومستحيل أوصفها اِنهياره كان بمثابة سقوط الجبل الشامخ، سقر الكان جبل ثابت بعيني اليوم هوَ بين ايدي مهزوز وضعيف...