رواية عزلة السقر للكاتبة لبنى الموسوي الفصل السابع عشر

رواية عزلة السقر للكاتبة لبنى الموسوي الفصل السابع عشر

رواية عزلة السقر للكاتبة لبنى الموسوي الفصل السابع عشر

كُنتُ أنظُرُ لِأَعْيُنِهِمْ الَتي تَتَأَلَمْ،
وَعَنْ ما في دَاخِلِهِمْ تُحاوِلُ بِالصَمتِ أنْ تَبُوحَ وَتَتَكَلَمْ
حَتى سَألتُهُمْ ذَاتَ مَساءْ.
ما الَذي يَجعَلُكُمْ تَقبَعونَ في حُفَرِ الأَوهَامْ؟!
أجابَوني بِ تَرَدُدٍ وَ تَلَعثُمٍ: لَ رُبَما الخَوفُ مِنْ نُطقِ الكَلامْ.
- غريب!
- اي نعم غريب.

دق ناقوس الخطر ب راسي: غريب المُتخفي من أيام وليالي طويلة مُستحيل يظهر نفسه للعلن تحديدًا لشخص يُعتبر سائل عابر مجهول الهوية مثلي تمامًا وبمنتهى السهولة والسلاسة إلا إذا كان طرف ثالث هدفه من هذا الفعل اللعب ب اِسلوب المكر والخديعة على الحبلين!
تحمحمت، خلعت المناظر وسندت جسمي على بنيد السيارة مبتسمة ب اِستنكار.
- بس هذا أبدًا مو صوت غريب اللي أعرفه!
- ليش حضرتچ من وين تعرفيني؟!

- يعني همْ تريد تتوهني عن صوتك و همْ أنتَ نفسك تائه عن صوتي، إذن الگاعد يكلمني مُستحيل يكون غريب.
- وهوَ منو غريب ما أعرف أحد ب هذا الاسم؟
- قبل دقيقة گلت أني غريب!
- يعني متصلة على من رقم دولي غريب! معناها أنتِ غريبة وآنة غريب.
- هاا هيچ الحچي صار مثل لعبة الغُميضة!
- هسه غير تگول هيَّ منو.
- مو قبل لا أعرف أنتَ منو.
- تحچين لو انهي الاِتصال؟
- ما راح تنهيه قبل لا تگول لي أنتَ منو وغريب وين؟

- يابة دروحي.
حچاها ب ضجر وغلق الخط بوجهي: مو مشكلة خلينا نشوف غيرك ما راح توگف عليك.
- ألوو السلام عليكم.
- وعليكم السلام، منو وياي؟
- عمو أبو عدنان؟
- اي، منو أنتِ!
- أريد توصلني ب غريب إذا ممكن.
سكت ل ثواني وسكوته المُفاجئ اِعطاني اِيعاز ب وجود تخطيط فوري لمحاولة سريعة في المراوغة بالكلام.
- غريب شيني ما جاي أفهم عليچ؟!
- ما معقولة ما تعرف غريب!
- غريب يعني واحد اسمه غريب لو شيني قصدچ؟
- اي نعم.

- واحنا ما عندنا واحد ب هذا الاسم، أكيد متوهمة.
- حضرتك مو قاسم أبو عدنان أحد أبرز شيوخ عشيرة ×××××××× ب محافظة العمارة (ميسان)؟
- چا مو گلنا اي لكن ما عندنا واحد من الويلاد ولا من الكبارية يحمل اسم غريب الجاية تنشديني عليه.
- بس ميلاف وعِناق ما على لسانهن غير ذكر هالاسم بالتحديد من دون باقي الاسماء، شنو معناها!
- يعني أنتِ من طرفهن؟

- نعم دكتورتهن الخاصة واِتصلت ب حضرتك ل كونك عمهن أولاً وأكبر أفراد عائلتهن ثانيًا.
- بوية شيني السالفة غير صايبهن خيط سوادين شلون تاخذين بحچاياتهن وأنتِ دكتورة يعني المفروض أكثر وحدة تعرف هالمرض شيني جاي يعمل بيهن.

- وياك أني، ميلاف وعِناق حالتهن ميؤوس منها جدًا وعلاجهن بالنسبة للطب شبه مُستحيل هنَّ تقريبًا اليوم فقدن عقلهن بشكل تام بعدما تعرضن لحريق مُفاجئ داخل المصحة بسبب عطل بالمنظومة الكهربائية وهالعطل أدى لفصل الكهرباء عن جميع طوابق المصحة وتعطيل كاميرات المراقبة يعني للأسف مسألة قضاء وقدر كان ضحيتها أربعة من مرضانا الشباب من ضمنهم ميلاف وعِناق.
- شيني يعني ماتن؟!

- لا الحمد لله محد مات، بس گلت لحضرتك من هول الصدمة فقدن عقلهن بشكل تام ونهائي.
- چا بعد عليمن متصلة على بوية!
- اِتصلت لأن قبل الحادث ما كان على لسانهن غير بس غريب گلت أكيد واحد من عائلتهن بلكي من يعرف بالخبر يجي يشوفهن ويساعدهن على تجاوز ولو جزء بسيط جدًا من صدمتهن النفسية خصوصًا وأنتم من دخلن للمصحة ولليوم ما فكرتوا تزوروهن.

- أرجع وأگول ما عندنا واحد بالعشيرة يحمل اسم هذا غريب الصرعتي روسنا بيه، وبالنسبة للزيارة أنتِ تعرفين هنَّ بمصر واحنا بالعراق يعني مو شبخة نهر حتى نجيهن شوكت ما رادن! ونگول اجينا شيني الراح يستفادنه هنَّ من هالجية وعقلهن مثل ما تفضلتي ضارب بحيث يلهجن باسم شخص ما موجود اصلاً
- صدگ هنَّ ليش عايشات بمصر إذا أهلهن بالعراق؟!
- أمهن عگب ما مات رجالها أخذتهن ومشت.
- عود صدگ مثل ما مكتوب ب ملفهن، اِنتحرت؟

- بلي بوية اِنتحرت لكن ما لي خبر بسبب الاِنتحار وهنَّ عگب عملة أمهن اِنطگ راسهن وتسودنن للأخير
- ولو دوختك عمو، بس يعني خطية من شفتوا أمهن اِنتحرت وهنَّ حسب علمي ما عندهن أحد بمصر غيرها ليش بقيتوهن هنا وما رجعتوهن وياكم للعراق؟!

- بالعكس السويناه لمصلحتهن، بالعراق ماكو مصحات بيها خير تخدم البشر يخلصوها على المريض مهدئات ومنومات لا يعالجون ولا يراعون وبالأخير يظلن بنياتنا مو مال نرميهن بمچان يصير لهن گبر وهنَّ لساهن عايشات وياخذن النفس ولو بلاية عقل.

- هنا حقك والله ما گلت غير الحقيقة، زين سؤال ثاني وسامحني دوختك وياية بس ما صدگت أوصل لواحد من عندكم حتى أعرف بعض الاسئلة الگاعد تدور براسي عن حياة المريضات التحت اِشرفي واللي مستحيل أحصل جوابها منهن وهنَّ فاقدات الاِدراك تمامًا.
- تفضلي بوية اسألي التردينه.
- زين صار لهن شگد ساكنات مصر تحديدًا القاهرة؟
- من شي سنتين سنتين ونص.
- وحدهن؟!

- چا ويامن! إذا قصدچ أمهن تزوجت عگب وفاة أخوي لا ما تزوجت ظلت أرملة لحد ما تبعت زلمتها.
- زين ليش سافرت ب بناتها لمصر؟!

- هيَّ عايشة ببغداد، بغدادية يعني وأخوي الله يرحمه عگب الزواج راح عاش وياها ببغداد وخلف بنياته همْ ببغداد لكن ساعة اللي تعب جابهم واجى لينا ومن توفى ما صرفت ليها عيشتنا خِصة هيَّ ما عندها أهل يحكموها گومي حملي بنياتچ وسافري لمصر واحنا همْ خليناها بحالها ما طولها بعيدة وما تضرنا بشي، هذه هيَّ قصتها وقصة بنيات أخوي بالمختصر المفيد.
- معقولة اِنتحرت لأن عندها سر يخص الشرف!

- استغفري ربچ، شيني هالحچي والحرمة ميتة حرام كل شي ولا العرض وأنتِ حرمة مثلها.
- أستغفر الله، گلت هالكلام بسبب اسم غريب اللي ما گاعد يفارق لسان البنات، ظنيت وجوده مرتبط بأمهن
- بوية ماكو غريب بالموضوع وتالي وياچ! صح احنا سمحنا ليهن بالسفر لكن هذا ما يمنع نظل نراقبهن من بعيد لبعيد حتى نحافظ على شرفنا، الحرمة عاشت ويا بنياتها وحدها وماتت وحدها.
- لعد ليش اِنتحرت عقلي راح يوگف!

- ما عندي خبر أكيد لكن أگدر اتنبأ ليچ بناءً على القرابة اللي بيناتنا، الحرمة چان مخها مو صاحي كلش حتى أذكر بفرد نوبة رادت تنتحر بسبب طلابة عادية تصير بين أي اثنين متزوجين والله سترها وتلاحگها أخوي على أخر لحظة وهمْ چانت تريد تشب النار ب روحها.
- يا دخيلك ربي وأني اگول البنات على منو طالعات!
- الله يتولاهن ب رحمته الواسعة.
- آمين رب العالمين.
- وهسه هنَّ شيني وضعهن الصحي، عَدن الخطر لا؟

- اي الحمد لله بس للأسف مثل ما گلت لحضرتك من الصدمة عقلهن انتهى ميفيد بيهن حتى العلاج.
- يعني شيني بعد ما تردوهن بالمصحة!
- لا عادي ما زال أكو دفع مادي يبقن شگد ما تحبون وما أتصور إذا أخذتوهن تتحملون جنونهن، حاليًا عمو وضعهن صعب لدرجة ممكن يرتكبن جريمة بشخص
- دخيلك يا ربي!
- إذا تردون أبلغ الاِدارة حتى تجون تاخذوهن أخاف ما عندكم اِمكانية للاِستمرار ب دفع اجور المصحة.
- لا بوية وين ناخذهن!

خلوهن عندكم وندفع لا تخافون.
- على راحتكم.
- رايدة شي بعد؟
- لا شكرًا واعتذر جدًا عن الاِزعاج.
- ماكو اِزعاج ويمتى ما حبيتِ تتصلين اِتصلي بوية وآنة همْ بس أتفرغ أسوي له جية عليكم حتى أشوفهن
- تنور مصر بيك.
- وأنتِ شيني الموديچ لمصر؟!
- أني مولودة هناك أصلاً والمصحة اللي أعمل بيها هيَّ مصحة عراقية خاصة بالعراقيين بس همْ عندنا حالات مصرية قليلة.
- الله يوفقچ ويفتحها ب وجهچ.

- يوفق الجميع، يلا عمو صار لازم استأذن مع السلامة
- الله وياچ بنيتي وعودن ظلي طمنينا عليهن.
- إن شاء الله.
سديت الخط، رجعت الجهاز لجيبي وثبتت ايدي بشكل مُعاكس على بنيد السيارة، الكلام وإن كان جزء منه مُقنع إلا أنهُ تظل أكو بعض الثغرات الواضحة ما بين سطوره وأني ما راح أرتاح ولا يهدأ بالي إذا ما تمكنت من ملئ جميع الثغرات بكلامي وبطريقتي الخاصة.

نهضت بعد العُزلة الذهنية متوجهة للشقة، وصولي صار ويا الأذان صليت ومباشرةً نمت ما صحيت إلا على صوت بيبي مطفية المنبه وواگفة فوگ راسي تحاول تگعدني لأن رن هواي وأني غاطة ب نومي.
گعدت تعشيت وتوجهت للمصحة، ردت أخذ بيبي من طريقي تبات عند بيت عمو سَلمان أخاف أبقيها وحدها بالشقة لكن رفضت وبعدما شافتني مُصرة دزت على بنت خالة جمالات الصغيرة تبات وياها حتى تسكتني.

وصلت ب وجهي للطوارئ تحديدًا لغرفة الدكتور جمال طرقت الباب ودخلت ما كان موجود، توني اِستداريت أطلع دخل ويامن وياه ديتناقشون ب هدوء.
قدر: صاير شي؟!
يامن: العصر رحتِ ليش رجعتِ ب هالسرعة!
قدر: ميلاف وعِناق ب خير جاوبوني؟
يامن: عِناق للأسف دتواجه مشاكل بالجهاز التنفسي نتيجة للاِلتهاب الرئوي الحاد وهالشي ديعرض حياتها للخطر لأن حالتها للآن غير مستقرة.
قدر: يعني؟!

جمال: لسه بنحاول نعمل اللي يطلع في ايدينا والباقي سايبينوا على رب العالمين.
قدر: ما راح تموت، ما لازم تموت دكتور لأن إذا صار وماتت بالفعل راح نخسر أختها وأن بقت عايشة!
جمال: الكلام ده مش في ايدية ولا في ايديكِ الكلام ده في ايدين ربنا وأنتِ ست العارفين.
قدر: ونعمَ بالله
رفعت كفوفي على راسي استجمع نفسي من الضياع الصرت أدور بيه بعد سماعي ل هذا الخبر.
قدر: زين أگدر أشوفها؟

جمال: دلوقتي هيَّ في العناية المُركزة يفضل لو تأجلي الموضوع لبكرا الصبح.
قدر: تمام، دكتور يامن باقي لو تروح؟
يامن: لا أروح لازم أسبح وأغير ملابسي من البارحة وأني بالمصحة، الصبح أرجع.
قدر: زين ممكن أخذ من وقتك خمس دقائق دنحچي بموضوع ضروري.
يامن: تعبان دكتورة أجليها ل وقت ثاني.

حچاها وطلع، زعله ديزيد التعب تعبين والمشكلة رغم كل شي صار ويانا ب هاليومين بعده راسه يابس ومُصمم يبقى على موقفه، شلون أحلها وياه ما أدري!
استأذنت من الدكتور جمال ومريت على غرفة ميلاف نفس وضعها فاقدة تمامًا ومُنعزلة عن العالم الخارجي حاولت أذكر اسم أختها بشكل مُتكرر داخل مسامعها بهدف تنشيط الذاكرة لكن للأسف ما أبدت أي رد فعل غير الأنين المصحوب بالهلوسة الفكرية.

اِنجبرت على المُغادرة متوجهة ل غرفة أجود، طرقت الباب ودخلت فز من منامه متوجع ب وضوح.
- أجودنا البطل شلونه هسه؟
- الحمد لله.
- أخذت العلاج لو بعدك؟
- اي الدكتور يامن كان عندي بالغرفة قبل دقائق غادر
- تمام أرجع لنومتك وإذا احتاجيت شي بس أكبس هذا الزر ويصير عندك الموظف خلال ثواني وأني همْ خفر شوكت متريدني بلغ الشباب وأجيك في الحال.
أجود: شكرًا دكتورة بس دمار ممقصر.
قدر: دمار!

دمار: أيون، كأني سمعت واحد ديصيحني.
اِلتفتت مبتسمة.
قدر: بسم الله، منين تطلع أنتَ!
دمار: من الباب شوفي...
فتحه غادر الغرفة و رجع دخل، سده من جديد.
أجود: نام ارتاح، ليش دتعب نفسك بالروحة والجية
دمار: أكو عاقل ينام بالمصحة!
قدر: ليش أكو عاقل هنا! صدمتني والله.
دمار: أگول مرت...
قدر: دمار!
دمار: سكوت مقابل سكوت، تتدللين.
قدر: ش عندك ويا أجود؟!

دمار: ما عندي وعيون السقر. رفع ايده للأعلى: حتى مسدس الخرز تركته بالبيت، لتظلميني.
قدر: يلا أجود نام مضطرين نتركك لأن أمان لسه بلا علاج.
دمار: راجع لك صديقي.
أجود: ب اِنتظارك.
أشرت له يطلع و غادرت قبله، دأمشي بالممر تساوت خطواتنا، رفعت عيني خرزته. اِبتسم
قدر: اِبتعد عن أجود رجاءً الرجُل ما ناقص نماذج من أمثالك يدخلون لحياته، كافي اللي عاشه لليوم.
دمار: أمثالي همَ نفسهم أمثاله، أطلعي منها دكتورة.

حچاها وتقدمني بالمشي، صفنت على كلامه أحاول ألگى له تفسير! صحيت على صوته واگف بباب الغرفة ويأشر لي أتحرك، دخلت بلا مُبالاة أمان نايم بعُمق حتى من دخلنا ما حس، تجاوزني دمار متوجه ناحيته
دمار: سقر، گوم حبيب مرتك الرقيقة شَرفت.
أمان: قصدك، مرتي الجَلادة.
حچاها مغمض عيونه أشك بيه صاحي لأن حفظته كلش زين هوَ بالحالتين مُستفز إن كان بالوعي أو بدونه.

قدر: گعده أريد أعطيه العلاج وأروح وراية أعمال أهم من اِستفزازكم.
دمار: مع الأسف يا مرت أخوية، أخوية أهم من الكل حتى وأن تعبچ اِستفزازه
قدر: أتَعِب آل الثابت وما أتعَب، بعدك متعرفني.
حچيتها و تقدمت أكتم عصبيتي ب نظرة الاِستهزاء.
قدر: أمان أگعد لازم تاخذ العلاج تأخر الوقت.
أمان: ليش أگدر أنام ودمار قدري يصارع نفسه بنفسه فوگ راسي!
قدر: ممم، بدت هلوسة الأوجاع تسيطر على دماغك
فتح عيونه باوع لي ب نظرة جدية.

أمان: منو أنتِ؟!
دمار: مرتك.
قدر: شَبحك.
أمان: ناوليني العلاج والباب وراكم أنتم الزوج، بدون مطرود طبعًا.
ثنيت طرف شفتي ب اِستهزاء وغادرت تاركة دمار يمه بعدما أعطيته العلاج، سويت لي جولة طويلة على المرضى أخرهم شغف من شفتها غاطة بالنوم صعدت للطابق الثالث ارتاح بغرفة المكتب، دخلت لگيت روح نايمة على السرير الجانبي ومغطية نفسها ب سترتها دأغلق الباب فزت على صوته، عدلت گعدتها بسرعة.

- أسفة اِقتحمت غرفتچ بدون استئذان بس من غادروا رسول ويامن أعتقدت الغرفة فرغت ما أدري بيچ موجودة هنا.
- ولا يهمچ حبيبتي غرفتنا غرفتچ، بس ولو فضول مني ليش ما گاعد ترجعين للبيت ترتاحين، صار لچ أيام هنا حتى ملابسچ ممغيرتهن هالشي تعب عليچ.
- اليوم بعد الدوام أروح أسبح وأغير ملابسي.
- ما راح تحچي لي قصتچ يعني؟!
- ممكن، بس مو هسه.
- على راحتچ، يلا أرجعي نامي لا تهتمين لوجودي.

- لا صار لي ساعتين نايمة، تعالي أنتِ اِرتاحي ب مكاني وأني نازلة أستلم المرضى عنچ إذا صار شي أگعدچ
- بس ما شبعتِ نوم.
- ساعتين كافي عود الفجر أرجع أنام شوية حتى أگدر أصحصح لجلسات مجموعتي، نوم العوافي حياتي
- الله يعافيچ!
بس حچيتها غادرت، اِحتاريت شلون أفسر موقفها بس متأكدة مسألة مبيتها بالمصحة متعلقة بمشاكل عائلية.

جبرت نفسي أنام حتى أگدر أقاوم تعب النهار، للأربعة فزيت من كيفي، نزلت للطوارئ لگيت روح موجودة بين الردهات تتنقل من مريض لمريض تحاول تلبي اِحتياجاتهم، شكرتها مُمتنة لتطوعها وموقفها الاِنساني لأن هالعمل يُعتبر خارج عن مهامها الوظيفية وطلبت منها تصعد ترتاح بغرفة المكتب قبل بداية الدوام.

مريت على ميلاف وعِناق وضعهن بعده مثلما هوَ عليه بعدها توجهت لأجود وأمان ما گدروا ينامون طول الليل بس بمقدار مدة المُسكن ومجرد ما ينتهي مفعوله تبتدأ الآلام رحلتها داخل جسدهم المُنهك.
بالتسعة الصبح أعطيت لأجود علاجه تاركته ب وسط صراع الأوجاع ورحت لغرفة أمان هوَ الثاني كان أيضًا يجود ب نفسه من شدة الألم لكن ب صوت مكتوم.
دمار: همْ زين اجيتِ توني ردت أبلغهم يصيحوچ، ما گاعد يهدأ ولا يگدر ينام شوفي لچ حل.

قدر: هالشي طبيعي ولازم يتحملون حروقهم بعدها جديدة يعني الموضوع يحتاج شوية وقت
دمار: زين تحتاجيني لو أروح أشوف أجود؟
قدر: روح، باقية هنا حاليًا من أنوي أغادر أنطيك خبر
بس حچيتها طلع، تقدمت على أمان نزلت اللي بيدي على الميز وباوعت له، كان مغمض وعابس على ملامحه بألم واضح. همست وأني أجهز له بالعلاج من دون ما أراقب ردة فعله على الكلام الراح أگوله.

- ترى جدًا عادي إذا بينت وجعك أو حتى صرحت بيه بالنهاية تبقى إنسان من دم ولحم ممكن ينهار من صداع مُستمر حتى وإن كان بسيط إلا إذا كنت قاصد من هالكبرياء والضغط الواضح على نفسك ب مواجهة آلامك توصل فكرة للمقابل إنك فعلاً مو إنسان ولا تمت للإنسانية ب أي صلة لا بالجسد ولا بالضمير!

لحظة سكون زادت من حيرتي! اِلتفتت عليه ما تحرك له جفن ولا كأنه يسمعني: الكلام ويا أمثاله عبث لتتعبين نفسچ قدر، على الأقل بالوقت الحالي.
- يلا گوم حتى تاخذ علاجك.

فتح عينه، ديسحب نفسه من نومته على السرير تأذى بشكل واضح بس كالعادة ظل مكابر الآه ما طلعت منه، مديت له كفي باوع لي مُمتعض اضطريت اِبتسم مُجاملة حتى يتقبل مساعدتي بس حتى هالاِبتسامة ما فادت وياه، سند جسمه بطرف السرير معتمد على ايده السليمة وعدل گعدته ب غاية الجدية.
ما اِهتميت ب صراحة، نصيت عليه جردته من الملابس الطبية وفتحت الشاش من جسمه دأفحص الحروق، اِنصعقت ب سؤاله المُفاجئ!

- البارحة بالخمسة العصر شنو كنت تسوين ب مقر الهيئة؟
ضغطت على مكان الحرق ب قوة خرجت الآه من لسانه رُغمًا عن أنفه.
- وبمنو كنتِ تتصلين على مدار 15 دقيقة؟!
كررت الحركة بطريقة أقسى من سابقتها، غمض كاتم أوجاعه ب عبوس الملامح.
- عن أي غريب دتبحثين؟!
قبل لا ألمس كتفه، أخذ ايدي بين ايده عاصر أطراف أصابعي داخل قبضة كفه وعيونه تجدح بالشر.
- الرحمة حلوة مرتي الحلوة.
- هه الرحمة!
- الرحمة.

شد قبضته على كفي ب قسوة مُفرطة، سمعت طگت عظامي من بين الهدوء الكان طاغي على أرجاء المكان.
- أذيتني وخر!
- أنتَ دتأذين نفسچ وإلا أني أخر شي أريده، أذيتچ
- ايدي أمان كافي الكاميرات كلها مشتغلة.
- الكاميرات گلتِ لي؟!
رفع كفه قاصد لمسي صرخت بيه اترجاه ميسويها، حك لحيته ب مكر وباوع للكاميرات.
- حتى تعرفين سقر إذا راد شي ماكو قوة على وجه الأرض تگدر تمنعه بس نظرة عيونچ المُتوسلة منعتني.

دفعت راسه للجهة المُعاكسة ب عصبية حتى أفحص حروق منطقة الكتف، مد ايده مسك خُصري وسحبني عليه صح جسمي عازل بين حركة ايده والكاميرا لكن طريقة السحب القوية واضحة مثل وضوح الشمس
- ما ناوية تعقلين يعني؟!
- الكاميرات.
حچيتها گازة على أسناني ب عصبية وعيوني خازرته.
- أني لو أنتِ! لتشوفيني سكتت على تمردچ گلتِ هذا مريض وميطلع ب يده شي يسويه، ترى كل شي يطلع مني، كل شي مرتي العنيدة، وفهمچ بعد كفاية.
- مسربت.

- حاولت أبحث عن هالكلمة حتى أعرف معناها للأسف ما طلع وياية شي بس الظاهر هيَّ كلمة مُنحرفة مثل تفكيرچ المُنحرف اللي صور لچ أشياء أني ما قاصدها بتهديدي ونتيجتها گلت لي، مسربت.
- هوَ أنتَ لوما مسربت ما تجبرني أخضع لك ب هذه الطريقة القذرة بس تأكدت راح أرجع لك الصاع صاعين
- غريب منو؟!

- مو شغلك هذا ليش بأي صفة تتدخل بحياتي العملية والشخصية وإياك تگول مرتي والله العلي العظيم هيچ أغرس أصابعي ب كتفك هذا المحروق بدون رحمة.
- غريب منو؟
- گلت هذا الشي ميعنيك
- سألت غريب منو لتخليني أتصرف تصرف يأذيچ.
- شغل خاص ماله أي علاقة بموضوعكم، ليش مُصمم إلا تعرفه، والله حلوة هذه!
- أنتِ گلتيها، مُصمم.
- اِستدار أريد أفحص ظهرك.
- مو قبل ما أحصل جواب مُقنع على سؤالي.

- ميخالف نتناقش أثناء العمل ترى كلش عطلتني كافي عناد.
دار لي ظهره، دأفحص المنطقة رجع كرر السؤال، ما أدري شلون گدرت ألزم أعصابي وايدي على جرحه.
- أمان وتالي!
- نفسه اللي حاول يقتل البنات؟
- صح بالبداية تصورناه حريق مُفتعل لكن بعد مراجعة الكاميرات وإتمام التحقيق اِكتشفنا الحريق صار نتيجة لتماس كهربائي وأعتقد علنا عن هالشي ليش دتخلق قصص براسك وتصدگها!

- شنو الكهرباء مسوية تعاقد ويا الأخوات! الظاهر الفولتية عندهن مرتفعة مقارنةً بالموجدين.
- اي وهسه شنو المطلوب!
- نفسه مو صح؟
- لا مو صح.
- بلي صح والدليل توليتي مهمة التحقيق ب نفسچ.
- أنتَ شنو!
- مسربت.
- لا والله شيطان، حتى الشيطان ديتعلم المكر منك!
- إلى الشرف.

توني أريد أصرخ ب عصبية اِنفتح الباب ودخلت أمه ويا نُعمان، ايدي على ظهره بعدتها بسرعة، تقدمت بخطوات عَجولة حضنته تبچي مبين توه وصلها الخبر، ظل متضايق من قربها يحاول يبعدها عن حضنه وهيَّ متمسكة أخر شي اضطريت أتدخل وأبعدها ب نفسي
قدر: بس جسمه خالة، الحروق لتنلچم ب يدچ.
مَرجانة: يا هذه مو نفسها دكتورة أختك؟!
أمان: أسمحي لنا دكتورة.
قدر: اي تمام بس أخذ علاجك.

أعطيته العلاج وتركتهم ب مفردهم، مريت على أجود من صار عند دمار علم بوجود أبوه طلع مباشرةً متوجه لأمان، چيكت وضعه وغادرت توني متجاوزة غرفة الطوارئ الداخلية وقفني صوته.
دمار: أمان طالبچ. باوع للممر الموظفين موجودين لزم نفسه عن الاِستفزاز: دكتورة.
رجعت بخطواتي بدون ما أناقشه، دخلت بعدهم يمه.
قدر: نعم.
أمان: لو سمحتِ تاخذيها لغرفة شغف تريد تشوفها.

صفنت عليه ب تعجب! أسلوبه من يتكلم عنها أبدًا مو أسلوب ابن وأمه لدرجة حتى كلمة أمي ما گاعد تطلع من لسانه، يا ترى شنو السبب أو بالأصح شنو السر وراء هذه العلاقة المُتهالكة بين هالإثنين!
قدر: اي تتدللون، تفضلي وياية
أمان: دكتورة قبل لا تغادرين بس هذا الشاش ملفوف زايد من الخلف وگاعد يضايقني ممكن تجين تشوفيه.

شكيت بالموضوع لأن مستحيل أمان يطلب المساعدة حتى وإن كان فعلاً محتاجها معناها أكو سر وراء هذا الطلب الغريب!
تحركت ب اِتجاها، أشر لي على منطقة المَتن، نصيت عليه ما أحس إلا لمسات ايده تتجول على بطني.

حاولت أتماسك، شد قبضته على الطرف السُفلي للبلوز المرتديته وسحبني عليه ب غاية الهدوء، تجاوبت وياه بحركتي ونصيت عليه أكثر، دمار حس علينا سمعته شغلهم بالكلام، مباشرةً لفحت حرارة أنفاسه داخل مسامعي بصوت يكاد أن يكون أقرب للعدم رغم ملامسة شفته لبشرة وجهي بشكل مُباشر.
أمان: لتسمحين لأي بشر يقابل شغف.
أبتعدت عنه رفع حاجبه بصيغة الأمر، أشرت له بعيوني مفهوم وصعدت ويا أمه للطابق الثالث.

قدر: إذا ممكن دقيقة؟ أشوف أخاف واحد من الكادر الطبي بادي الجلسة وياها ب غيابي.
مَرجانة: اي عيني أخذي راحتچ
دخلت شغف گاعدة على سريرها دترسم، بس حست عليَّ نهضت بسرعة رادت تاخذني لحضنها قطعت الموقف بحركة سريعة ورجعتها للسرير.
قدر: أشش بهدوء سوي روحچ نايمة نهائيًا لتتحركين
شغف: آه آه!
قدر: نامي بسرعة بعدين نحچي، ماكو وقت.

تمددت التعجب ب نظراتها، أشرت لها تغمض، سحبت الغطاء على جسمها وتصنعت النوم بعدما دفنت وجهها بالوسادة خوفًا من أن تفضحها رمشة عيونها
تحركت اتلفت ويا كل خطوة داتأكد من تمثيلها، فتحت الباب أمها واگفة تنتظر دخولها، رديته وتقدمت اعتذر منها.

- اسفة خالة بس شغف بعد اللي صار اِنهارت أعصابها لأن مثل ما تعرفين الحريق صار بهذا الطابق لذلك همَ مضطرين هالفترة يعتمدون على المُهدئات بينما تتمكن من تجاوز أزمتها برجوع أخوها لغرفته الخاصة مُشافى
- يعني نايمة؟!
- للأسف، وصعب أصحيها لأن توها ماخذة المُهدئ.
- زين أگدر أشوفها حتى لو من بعيد؟
- طبعًا، ما طلبتِ غير حقچ.
فتحت الباب مدت راسها شافتها نايمة تراجعت بسرعة.

- طمنيني على صحتها شلونها هسه؟ كلما أريد أجي أشوفها يمنعوني ما أعرف ليش.
- لأن هالشي لمصلحتها، شغف حاليًا رافضة الاِختلاط بالجميع ما عدا أمان بحكم تواجده وياها بمكان واحد وإذا على صحتها الحمد لله في تحسن ملحوظ
- وهذا الحريق، شلون هيچ مصحة ضخمة يصير بيها تماس ووين بغرف المرضى هالشي مو يضر سمعتكم!
- قضاء وقدر يعني ما صار نتيجة تقصير حتى يضرنا
نُعمان: ها شو واگفة هنا؟!

مَرجانة: بنتك نايمة هسه لأن ماخذة مُهدئ ف ما گدرت أشوفها.
نُعمان: نايمة!
حچاها وتقدم ب اِتجاه غرفتها، صاح وراه دمار يحاول يسحبه من المكان، ما اِهتم لصوته، لزمت گلبي إذا دخل وشافها گاعدة راح تنفضحين قدر لأن مستحيل بعد يصدگون كلامچ مهما حاولتِ تبررين.
غمضت عيني ويا ما فتح الباب، سمعت أمها دتعاتبه لأن شك بكلامها، فتحت أتنفس براحة فدوة ل ذكائها حتى من غادرنا ظلت ملتزمة ب كلامي.

سد الباب وتقدمهم بالمشي، تحركوا وراه، نهاية الممر اِلتفت دمار يأشر لي ب يده كل شي تمام، بس اختفوا من انظاري دخلت الغرفة ب اِستعجال بعدها نايمة حتى من لمست شعرها ما فتحت. همست مبتسمة
- خلصت التمثيلية وحصلتِ 10/10.
- فتحت تضحك.

نصيت حضنتني بادلتها الحضن بلهفة، ردت احچي لها السبب الخلاني أطلب منها تتصنع النوم، هزت راسها تبلغني ب هالحركة البسيطة أنهُ هيَّ صار عندها علم بالموضوع وسحبت الورقة تراويني رسمتها.
ساعة وأخذتها تشوف أخوها، لليل أني بغرفة ميلاف داحچي ويا الممرضة سمعتها تئن بصوت واضح اِلتفت مفتحة عيونها! تركت كل شي من ايدي وتوجهت لها بس وصلت يمها باوعت لي مباشرةً، معناها وعت.
- الحمد لله على سلامتچ حبيبتي.
- عِناق.

- بخير لتخافين، بس شدي حيلچ واطلعي منا بسرعة حتى أني ب نفسي أخذچ تشوفيها.
- حرگها مثلي؟
- منو هوَ؟!
- باوعت لي الخوف ب عيونها.
- شفتيه مو؟ احچي لتخافين من شي أني يمچ.
فضلت السكوت كالعادة لأن مجرد التفكير بالكلام يزرع الرعب ب داخلها وهالشي واضح من نظرة عينها.
بقيت يمها أكثر من ساعتين و هيَّ تصارع نفسها بين أوجاع الجسد ومخاوف الروح إلى أن رجعت للنوم من جديد ساعتها بس يلا گدرت أغادر الغرفة وأني مطمئنة.

زياد: إيه يا دكتور ماشي؟
يامن: اي نعم رايح أرتاح، محتاجين شي؟!
زياد: لأ سلامتك.
قدر: يامن لحظة.
تجاهلني وكمل الطريق نفذ صبري بعد ما أطيق أتحمل هذا الوضع أكثر من هالحد، رجعت للمكتب أخذت أغراضي وطلعت متوجهة لغرفة دكتور الخفر بلغته بمغادرتي وبلغت البقية أخر شي توجهت لغرفة أمان
قدر: ها نايم؟
دمار: لا هيچ بس مغمض عينه ما ديگدر ينام.
قدر: تمام أني طالعة...
أمان: وين؟!

حچاها مغمض، باوعت عليه ردت أنزل بالحچي أشر دمار ب أصبع السبابة على حلگه يسكتني.
قدر: إذا احتاجيتوا شي الشباب موجودين، وأني همْ ما اتأخر أصلي الصبح وأجي ما أنتظر لبداية الدوام
حچيتها وطلعت، صاح أمان وراية تجاهلت صوته هوَ بس هذا الناقص أعطيه تقرير يومي بكل تحركاتي!
ب وجهي رحت لبيت عمو سَلمان، دست الجرس مرتين على التوالي وبقيت أنتظر، دقيقة فتح الباب أيمن بس شافني عبس وجهه رفعت ايدي أسلم تركني ودخل.

سديت الباب وفتت وراه، ماكو بالصالة غير عمو ومرته بوستهم وگعدت نحچي ب موضوع المصحة، نصف ساعة ونهضت متوجهة ل غرفة أيمن، طرقت الباب دأنزل المقبض مقفول! ظليت اترجاه ب صوت خافت يفتح لي حتى نگدر نتفاهم، ماكو عاند.
تركته ورحت لغرفة يامن، دخلت واگف على المرايا يجفف ب شعره توه طالع من الحمام، تفاجأ من شافني بس رغم هذا حاول يتصنع اللامُبالاة ورجع باوع للمرايا يواصل تجفيف شعره.
- نعيمًا.
- شكرًا.

- كمل أريد احچي وياك ضروري.
- تعبان أريد انام.
- أنتَ مو تريد تعرف وين كنت طول الأربعين يوم هذه أني أجيت مخصوص حتى أشرح لك الموضوع.
- فوتي.
دخلت گعدت على طرف السرير، طفى السشوار قبل ليكمل أعرف بيه شگد متلهف ل معرفة الحقيقة، تقدم راد يگعد مقابيلي طلبت منه يصيح أيمن، بدون أي نقاش راح صاحه لأن يعرف موقفهم واحد مني
يامن: يلا احچي نسمع.

قدر: راح احچي بس أتمنى منكم تسمعوني للأخير ما أريد مُقاطعة ولا هوسة إلى أن تفهمون السالفة بالكامل
يامن: احچي قدر!
قدر: أني كنت مخطوفة.
رفعت ايدي مُباشرةً أقاطع ردة فعلهم المتوقعة.

قدر: بس اسمعوني اترجاكم تسمعوني ب هدوء، أني نفسي ما اعرف شنو اللي صار، طلعت بالليل عندي كم شغلة أريد أجيبها واجهوني مسلحين وجبروني انصاع لأوامرهم بالسلاح، 40 يوم وهمَ محتجزيني وما كفاهم هالشي احتجزوا بيبي وياية بس بمكان ثاني وطلبوا مني اتصل بيك يامن حتى متكشفون خطتهم ولا تشكون بغيابي إلى أن اجى اليوم الحرروني بيه بدون سبب، هذا كل اللي صار بالحرف الواحد
يامن: منو ذولة وشنو عندهم وياچ حتى يخطفوچ؟!

قدر: تذكر المرحومة قطر الندى الكانت ب مجموعتي وعلى اساس انتحرت بعدين اكتشفوها مقتولة واللي قاتلها أخوها نفسه؟
يامن: اي أذكر.

قدر: أني كنت شاكة ب مقتلها وأتصور أنتَ لاحظت هذا الشي، وفعلاً ظليت وراء الموضوع لحدما توصلت للدليل القاطع اليدين أخوها بعدين كلمت مُعتز باشا تذكره أكيد؟ وعن طريقه رجع التحقيق اِنفتح واِنكشفت أوراق القضية بالكامل، همَ ما أعرف من وين واصل لهم خبر أنهُ أني العامل الأول بفتح القضية لذلك اِحتجزوني بس ليش تركوني بدون قتل هذا الما گدرت أتوصل له لحد هذا اليوم!
يامن: وليش ما حچيتِ من أول؟!

قدر: شنو احچي يامن وإذا حچيت ب شنو راح ينفع الكلام! على العموم مُعتز باشا ديحقق بالموضوع وإلا ما يوصل لنقطة تعثره بيهم أني متأكدة من ذكائه
أيمن: زين ما گدرتِ تتعرفين على أشكالهم اسمائهم
قدر: لا أبد لأن كانوا حذرين بكل تصرف يتصرفوه.
أيمن: وأنتِ؟!
قدر: لتخافون ما سووا لي شي ولا حاولوا يلمسوني بس من ناحية الضرب أي أكلت ضرب لما انتهيت...
يامن: أني كم مرة حذرتچ تبتعدين عن هالمواضيع المتجيب لچ غير المشاكل.

قدر: يعني اكتشفت البنية مقتولة، أسكت!
يامن: وشلون ترديني أصدگ هالكلام بعد كل الكذب العيشتينا بيه بالفترة الراحت!
قدر: تمام راح أتصل بمُعتز باشا بس قلبها أحب أكول لك مع الأسف لأن وصلتني لمرحلة أثبت صدقي بغيري
يامن: من ايدچ قدر.
باوعت له ساكتة، شنو يحچي حقه ما أگدر ألومه.

اِتصلت ب معتز باشا المتفقة وياه مُسبقًا أي شخص من أهلي يسأل عن موضوع غيابي يگول نفس الكلام الأني گلته ليامن وأيمن حاليًا، وفعلاً تكرر الحديث بيني وبينه أمام مسامعهم بصيغة السؤال وجوابه.
ما هدأوا إلى بعدما تأكدوا الموضوع صار ب يد البوليس ورغم كل هذا ظلوا يرزلون بيَّ وما ملحگين.

قدر: كافي ترى مليت، شنو أنتم تعلموا شوية التعامل الراقي من أبوكم غبت ورجعت غير كلمة الحمد لله على السلامة بنتي ما سمعت من لسانه.
يامن: عود عبالچ أقتنع بالمسلته الگلتيها خصوصًا من أخذتِ سيارته على اساس يومين وترجعيها! لا عيني صحي النوم الرجال يگوم يگعد يسألنا أختكم وين راحت طول هالفترة بس گال أني ما أگدر أتدخل أنتم أولى مني بمحاسبتها وهيچ ترك الموضوع علينا
أيمن: فوگ عملتها عندها لسان وتحاسب!

قدر: أنتَ بالذات ما أريد أسمع صوتك. ضربته على كتفه بقوة: بعدك بطول گطف الجكارة وبكل صلافة تتجاهل أختك بس بسيطة أيمن أني أعرف شنو دواك
يامن: لتاكلينا بلسانچ ولا تتصورين راح أسكت وأعتمد بس على الكلام السمعته منچ، لا راح أروح بنفسي اسأل مُعتز باشا عن كل التفاصيل ويصير خير ساعتها
قدر: روح شنو قابل دتخوفني!
أيمن: دشوف لسانها! أني أشك هيَّ الكانت خاطفتهم المساكين مو العكس.

قدر: يمة يمة شگد مساكين ما أسولف لكم.
ابتسموا، ضربتهم على صدرهم بوقت واحد والغصة بصوتي.
قدر: اشتاقيت لكم مَلاعين.
يامن: تعالي.
فتح ايده يضحك حضنتهم سوى، ساعة وأني گاعدة بيناتهم مدللة مثل الأميرات، للعشرة استأذنت دأروح أصر يامن إلا يوصلني بنفسه، طلعنا بسيارتي والطريق كله يحقق بالموضوع أعرفه ما راح يرتاح بسهولة.

وصلنا للشقة كمل تحقيق ويا بيبي، يعاتبها وهيَّ مثل الصنم لا تاخذ ولا تعطي خطية تخاف تحچي شي وتتورط وياية تدري بيَّ شگد متحفظة على خصوصياتي
- كافي حباب، لعبت نفسي غير السيرة!
- تگعدين بالبيت حركة منا منا ما أريد تسمعين؟ وإذا احتاجيتِ شي اِتصلي وأني أجيبه لچ
- أحبسني بعد أحبسني! تعال صدگ أنتَ شلون عرفت بيومها أني طالعة بالليل وبيبي الصبح؟!
- البواب غير لعد ألمن گاعد بالباب فزاعة خضرة.

- والله من التعب صايرة ثولة أعترف.
- يا ليت لو تثولين صدگ لأن الذكاء العندچ مسبب لنا مشاكل لها أول ما لها تالي.
- وتصير أخو الثولة؟! لا ما حبيتها منك
أخذني لحضنه يضحك.
- شنو رأيچ لو تجين تعيشين ويانا وجودچ راح يخفف عنا غياب يُمنى، اترجاچ لتعاندين مثل العادة.
- أني الاترجاك، إذا مو لخاطري ف لخاطر بيبي سد على هالموضوع لأن تعرف بيها مستحيل تتقبل تعيش ببيت مو بيتها وجربتها سابقًا وشفت شنو سوت.

- شفت عيني شفت.
- ناوي تبات هنا گول حتى أفرش لك ب گلبي.
- يلا أفرشي.
دأسد الباب لزمه يضحك بصوت عالي.
- شنو صدگتِ!
- ليش شكو بيها قابل أنتَ غريب.
- لا حبيبتي أروح، قفلي الباب وانتبهي زين لتخلين بالي وياكم.
- تتدلل.
- يلا مع السلامة.
راد يطلع سحبته من أكمامه.
- شو گولها قبل لتروح ترى اشتاقيت ب تبذير.
- أحبچ يا بلوة عمر يامن.
- شگد كذاب.
بعثر شعري ب ابتسامة خفيفة وغادر مُباشرة، من التعب دخلت بوجهي للسرير.

في سَريرِها الدافِئ تَغفو بَينَ اليَقضَةِ وَ المَنام.
هُنالِكَ رَنينٌ مُتَواصِل،
أحَدُهُمْ يَتَصِل،
مَنْ هوَ؟! وَ ماذا يُريِدُ أنْ يُخبِرها في هذِهِ الساعَةِ المُتأخرَةِ مِنَ اللَّيْل؟!

أجابَتْ مِنْ بَينِ نُعاسِها لِ تَتَلقى ذَلِكَ الخَبر الَذي لَطالمْا اِنتَظَرَتهُ، لَقَدْ وَصَلَتْ، مِنَ الحَقيقَةِ اِقتَرَبَتْ، وَلِكلامِهِمْ بِ آذانٍ مُصْغِية قَدْ أنصَتَتْ، تَكَلَموا، هيا أخبِروني بِالمَزيد، ما عِندكُمْ مِنْ جَديد؟ فَ أنا أُريدُ الحَقيقَةَ كامِلَةٌ بِلا إضافَةٍ وَلا تَجْميل، هذا ما قالَتْهُ بِالتَفْصيل.

وَالآن مِنْ فِراشِها بِهمَةٍ نَهَضَتْ، ما أمامُها مِنْ لِباسٍ قَدْ اِرتَدَتْ، وَلِشقتِها بِغايَةِ الهدُوءِ مِنْ السُلَّمِ الخَلفِي لِلعِمارَةِ هيَّ غادَرَتْ، حَتى إلى ذَلِكَ المَكانِ القَصي مِن أرْيافِ المَدينَةِ وَصَلَتْ، فَ ماذا بِرأيِكُمْ فَتاتنا وَجَدَتْ؟
نُباحُ الكِلابُ المُرتَفِع في كُلِ مَكان
لا يوجَد في ارجاءِ الحَقلِ مِنَ الإنسِ أحَد.

عَلَ ما يوجَد فِيهِ فَقطْ مَجموعَةٌ مُتَفَرِقَةٌ مِنَ الجَان!
فَحيحُ الرِياحُ في لَيلٍ شَديد الظَلام
وَعدَةٌ مِنَ الرُكام
طَريقٌ تُرابي لا يَعتَلي سَطحهُ سوى ما تَبَقى من حُطام
وَماذا بَعدْ؟! سَ تَدْخُلُ قَدرُنا كي تُجيبْ
بَعدَ رؤيتُها لِلبِناءِ الغَريبْ
مِنْ مِيلٍ قَريبْ.

أصوات الحيوانات السائبة تأتي من كل اتجاه، باوعت أتفحص المكان ب عيوني أكذب لو اگول ما انرعبت لأن كل شي بيه يدعو للرعب حتى معالمه الغريبة!
المنزل مقابيلي، تمشيت له ب خطوات بطيئة، سحبت الموبايل من جيبي شغلته حتى أتمكن من رؤية الطريق، فتحت الباب ودخلت هبت الروائح الكريهة مقتحمة أنفاسي رفعت كفي غطيت وجهي بيه وتقدمت مِصباح الموبايل شغال لكن ظُلمة المكان الشديدة أقوى بكثير من سطوع ضوءه المحدود.

خربشات على الجدار ب رموز غريبة وأرضية متجردة من أي فرش وأثاث أما الهدوء ف منزوع تمامًا من زوايا المكان بسبب اِرتطام النوافذ المُستمر من قوة الرياح
تقدمت أكثر، أمشي خطوة وأتوقف الثانية، وصلت لأحد الغرف مجرد ما فتحت الباب فززني صوت النافذة بعدما اِرتطم بقوة نتيجة الضغط المُعاكس للريح.

تحركت ببطؤ وأني أسمع أصوات خطواتي تنطلق في انحاء الغرفة على شكل صدى نتيجة الفراغ الكبير في المساحة، صرت أتجول بحذر من زاوية لأخرى أحاول أتفحص تفاصيل المكان بشكل دقيق لعلي أتمكن من الوصول للطرف البدائي اللي من خلاله أگدر أوصل لمُجمل الحقيقة إلى أن رجعت من جديد لنقطة البداية (باب الغرفة).

اِستداريت أغادر للغرفة المُجاورة جبرتني أقدامي على التوقف، بداخل هذه الغرفة أكو رائحة غريبة إلى جانب الرائحة الكريهة للمكان وكأنها رائحة الموت!
رجعت دخلت صافنة على زواياها ب غرابة، عبارة عن أربع جدران بباب واحدة تتوسط الجدار الجانبي نافذة كبيرة جدًا اطلالتها تقع على الشارع الأمامي للمنزل
لمحت كتابة على الجدار القريب من الباب، تقدمت عاكسة المِصباح عليها (لا تقترب ف هذا البيت مسكون).

ما اِهتميت للكلام، مشيت خطوتين للباب رديته على المنتصف ومديت راسي أباوع أكو أثار لدخان النار على الوجه الخلفي للباب معناها هنا بالضبط تمت الجريمة!
رفعت راسي ب ذهول، خطوات أقدام شديدة الوقع دتقترب ب اتجاه الغرفة! ضغطت على زر القفل طفيت مِصباح الجهاز ومديت ايدي مسكت المقبض ب قوة.

ويا ما اِستعديت لدفع الباب على الشخص المُتقدم مد رجله بالحافة يمنعني من أغلاقه واِقتحم الغرفة بحركة جدًا خفيفة رغم شدة ظلام الطريق...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب