رواية عزلة السقر للكاتبة لبنى الموسوي الفصل الخامس والعشرون
كَ فَراشَةِ الجِنانِ أنا. أجنِحَتي تَحتَرِقُ لِأجلِهِمْ،
وَلَيسَ سوى اِبتِسامَة العَافِية إنْ رُسِمَتْ عَلى ثَغرِهِمْ لِلنيرانِ تُخمِدُها
الاِنسانِيةُ أمرٌ مُتعِبْ وَلكِنَها نِعمَة. إياكَ أنْ تَفقِدُها.
قدر: العفو من حضرتك بس يعني شمعنى شركة نُعمان الثابت من دون باقي الشركات؟!
رؤوف: أولاً لأنها ثاني أفضل شركة للمقاولات وجميع أعمالها مُتقنة وخالية من الاخطاء، ثانيًا العمل عندهم على هذا المشىروع جارِ من فترة طويلة وكان من المفترض يتعاقدون مع مصحة غير مصحتنا لكن بسبب وجود ذويهم ك مرضى عندنا عرضوا علينا الفكرة وبعد الإطلاع والتدقيق شفت التصميم راقي إلى أبعد الحدود مثل سعة المساحة كثرة الطوابق تعدد المداخل إحكام النوافذ اِضافة لموقعها خلف يلا الثابت مُباشرةً وتحيط بيها أراضيهم من جميع الجهات يعني الوصول لها مُستحيل وبهذه الطريقة راح نحمي مرضانا من أي جريمة مخططة ونتجنب تِكرار الأخطاء الحصلت بالفترة السابقة، أما أهم وأعظم نقطة عرضهم المغري من حيث السعر وطريقة التدفع والتنفيذ.
قدر: هه شنو تقصد بالسعر دكتور؟ يعني مثلاً فعلوا لنا عرض التخفيضات!
رؤوف: الشراكة دكتورة، نعم راح نتشارك وياهم من لحظة الإنتقال، عليهم رأس المال ب نسبة 75 وعلينا باقي النسبة اِضافة لجُهد العمل والتوظيف الجيد.
يامن: وشنو الاِستفادة الحقيقية من تقديم مثل هكذا عروض بالنسبة لهم ك شركة مُنتجة!
رؤوف: كسبهم لمشروع عمل جديد يُضاف لمشاريعهم دائمة التطور، الثابت طموحهم بالعمل جدًا عالي وهالشي يأكده كُثرة شركاتهم بالبلدان العربية مو فقط بمصر وأكيد المصحة مو اِستفادتهم الوحيدة عندهم اِستفادة جانبية مثل تنفيذهم لمشروع سكني يُجاور المصحة بيوته معروضة للإيجار لكل الموظفين وبأسعار رمزية واللي أغلبكم راح يستفاد من هذه النقطة من حيث قُرب المسافة وكُلفة الإيجار وجمال التصميم، أني شخصيًا وبعد الإطلاع على المشروع السكني راح أنتقل لهناك قبل الجميع، البناء ولا بالأحلام.
رسول: فعلاً العروض مُغرية مو مال رفض.
رؤوف: إذًا حان وقت التصويت.
قدم لنا السكرتير بطاقات التصويت، جلوسي ب جوار يامن قرب راسه عليَّ يهمس ب مسامعي.
يامن: شنو رأيچ ب هذا الكلام؟
قدر: ما اِقتنعت.
يامن: ولا أني لأن مثل هذه العروض تعتبر خسارة لهم مو مكسب، إذًا شنو الهدف منها؟!
قدر: نفس تفكيري وأتمنى تكون النتيجة رفض.
حچيتها ونصيت على البطاقة صوتت وسلمتها، دقائق وصار موعد إعلان نتيجة التصويت من قبل المُدير.
رؤوف: ثمانية نعم اِثنين لا. رفع نظره علينا: يامن وقدر ممكن أعرف سبب رفضكم للمشروع؟!
يامن: ما مرتاحين للعرض ولا مقتنعين بيه.
رؤوف: يعني مجرد سبب شعوري مو سبب مادي؟
يامن: نعم.
رؤوف: لعد نتوكل على رب العالمين ونبلغهم بالموافقة عسى أن نكون صائبين ب اِتخاذ القرار.
يامن: سوي اللي تشوفه مناسب دكتور.
غادرت المكتب ب اِنزعاج واضح على ملامح وجهي، ما گدرت أتوجه للعمل مُباشرةً أعصابي صارت تحتاج لقليل من الاِسترخاء بعد الصدمة التلقيتها مع بداية الدوام، بعدني جالسة ب غرفة المكتب أحاول أجذب الطاقة الإيجابية لعقلي دخل يامن يتكلم بالموبايل.
- يعني على العشرة زين، ماشي هسه راح أطلع.
- ها خير وين رايح.
- منين ما گاعد أجيبها ما تجي عدل، بعدني ما تممت غير جلسة وحدة ومضطر أخذ زمنية لأن راتب الوالد صار بيه خلل ومو مال أخليه يتبهذل بالدوائر وحده
- أروح أني بمكانك؟ مثل متعرف ما عندي حاليًا غير جلسة شغف يعني فارغة تقريبًا.
- هذا كلام منچ قدر! تتوقعين يعني راح أوافق على روحتچ للدوائر الحكومية وأني موجود؟!
- أدري ما راح توافق بس ش أسوي أريد أساعدك ب أي طريقة، آآآ شگد راح تاخذ زمنية؟
- ساعة ساعة ونصف مو أكثر إن شاء الله.
- زين شنو رأيك بين متروح وترجع أشيل عنك جلسة
- لا صعبة عليچ وعليهم، اصرفي نظر عن الموضوع.
- عليَّ ماكو صعوبة بس عليهم نعم لأن لهذا اليوم أني ما تعرفت على مجموعتك ما عدا أجود، صدگ جلسة أجود بعدها لو أول جلسة؟
- لا بعد.
- محلولة لعد، أشيل عنك جلسة أجود لليوم خصوصًا علاقتي بيه جيدة نوعًا ما يعني الأمور بيناتنا راح تمشي على خير إن شاء الله.
- راح أتعبچ وياية.
- يماني! مو بينك وبين بلوة عمرك هالكلام، لتزعلني
اِبتسم لي ب اِمتنان وغادر المكتب، جبرت نفسي أتوجه لغرفة أجود رغم التعب، وصلت طرقت الباب صاح تفضل دخلت تفاجأ بقدومي، كان متمدد على السرير عدل گعدته فورًا، سلمت رد السلام بصوت حاد سريع النبرة يدل في علم النفس على قلقه من حضوري.
- اعتذر إذا أزعجتك لكن دكتور يامن طرأ عليه ما حال دون حضُوره ل جلستك واجيت أني أسد مكانه، أكيد في حال لو ما كان عندك مانع أما إذا عندك نلغيها.
- لا دكتورة تفضلي ماكو مشكلة.
نهض من جلسته متوجه للطاولة، تحركت وراه سحبت الكرسي وقابلته بالجلسة، اِبتسمت رجع لي الاِبتسامة مُجاملة نزلت كل شي على الطاولة وشبكت أصابع ايدي ببعضها.
- اي شلون صرت إن شاء الله أحسن؟
- الحمد لله.
- يستاهل الحمد، وهسه ما راح اسأل وين وصلت ويا دكتور يامن بالجلسة لأن ب طبيعتي ما أحب أستنفر العمل ب اِجراء رتيب حتى لا يطغى الملل على حديثنا
- على راحتچ.
- أختصر لي الأم بكلمة.
- سابقًا گلت لحضرتچ سبب دمار المجتمع المرأة.
- أمك أنتَ بالذات، أوصف لي إياها بكلمة.
- الدناءة بجميع مُرادفاتها.
- ما فكرت بينك وبين نفسك ولو للحظة واحدة ممكن تكون مظلومة؟!
- أيًا كان السبب مو من حق الأم تتخلى عن قطعة من روحها ومو أي تخلي، ترميه بالشارع!
- وإذا أكتشفت بيوم من الأيام مو هيَّ الراميتك ومثل ما أنتَ تأذيت ب هذا الفعل هيَّ تأذت أضعافك، شنو راح تسوي ساعتها وشلون ممكن تسامح نفسك على أذيتك لنفسك قبل أذيتك لها بظلمها بظن السوء؟
- الشخص الاِنتشلني من ذاك الشارع گال شفتها بعيني شلون كانت متوجهة للمكان وهيَّ تراقب الطريق حتى تتأكد محد يشوفها إلى أن رمتني وأختفت.
- وليش ما يكون هذا الشخص كاذب بالخبر، وإذا كان صادق منو اللي يأكد هالمرأة فعلاً هيَّ نفسها أمك؟!
- الشخص مو كاذب لأن ما يحتاج اللجوء للكذب إذا حب يوصل لي معلومة مُعينة، هذا الشخص يملك من الصدق ما يوصله لمرحلة الصلافة والحقارة.
- إذًا ما بقى لنا غير الخيار الثاني.
- ظاهر الأمر يؤكد الحقيقة ليش حتى نلجأ للفرضيات
- وهل من الصواب أن نحكم على الأمور ب ظاهرها؟
- إذا كان الظاهر واضح، نعم.
- في مُطالعة من مُطالعاتي الكثيرة لأحد الكتب الدينية وكان هذا الكتاب ديني يحتوي على مجموعة معلومات تُخص علم النفس الفطري بالإنسان، قرأت فيه حوار في الإسلام دار بين على ابن أبي طالب وعمر ابن الخطاب راح أرويه عليك وأوجه لك سؤال، عادي؟
- عادي.
- دخل عمر ابن الخطاب على على غاضبًا وقال يا أبا الحسن أن فلان قد كفر في دينه، أجابه على وكيف كفر؟ قال: لقيته عند الطريق فَ سألته كيف أصبحت يا ابن اليمان؟ أجابني أصبحت والله أكرهُ الحق وأحبُ الفتنة وأشهد بما لم أره وأحفظ غير المخلوق وأصلي من غير وضوء ولي في الأرض ما ليس لله في السماء، ف تبسم على وقال لا يا ابن الخطاب لم يكفر
وهسه راح أوجه لك السؤال، هل كفر أم لم يكفر؟
- طبعًا وبدون شك كفر.
- لا لم يكفر.
- السبب؟!
- تكملة الحديث، قال على لقد صدقك فيما قال يا عمر أجابه وكيف ذلك؟! قال على يكره الحق إلا وهوَ الموت لقوله تعالى (وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين)، ويحب الفتنة لقوله تعالى (إِنما أموالكم وأولادكم فتنة) فَ هوَ يحب أمواله وأولاده، ويشهد بما لا لم يراه فَ هوَ يشهد لله بالوحدانية ويشهد بالموت والبعث والقيامة والجنة والنار والصراط ولم يرى كل ذلك، ويحفظ غير مخلوق فَ هوَ يحفظ كتاب الله عز وجل (القرآن الكريم) وأنهُ غير مخلوق، ويصلي من غير وضوء وهل الصلاة على محمد تحتاج لوضوء؟ وقوله لي في الأرض ما ليس لله في السماء، صدق، فَ إنَّ لهُ زوجة وأولاد وليس لله ذلك، الرجُلُ لم يكفر.
هذا الحديث كان درس كبير للبشرية لكي لا يحكموا بالظاهر من القول والفعل، ممكن تكون المرأة الرمتك مو نفسها أمك، ممكن تكون ابن حلال وبعض النفوس الضعيفة سلبتك من حضنها حتى ترميك للمجهول وتحرمكم من بعض، ممكن تكون ضعيفة حيله أخذوك من ايديها مع شل الحركة ورغم محاولاتها للمقاومة فشلت تحافظ عليك وبالتالي خسرتك.
نقطة واحدة تنزرع داخل أعماقنا بسبب فكرة مُعينة صحيحة كانت أم خاطئة كفيلة حتى تعيشنا ب صراع نفسي يأخذ بنا نحوَ التهلكة، (مرضك أمك) أنتزعها من عقلك تتعافى روحك ويستقيم قلبك، التفكير ب أشياء صارت جزء من الماضي وإن كانت مؤلمة غير صحيح، الأمور اللي توجعنا والذكريات اللي تبكينا لازم نتخلص منها، لازم ننتشلها من ذاكرتنا حتى تصح أبداننا، خليك اِيجابي رغم المحن العشتها بحياتك وكن على يقين أن البُشرى تعقب الصبر، أصبر على الماضي وأغسل الذنوب بالإستغفار وانتظر مستقبل أجمل من الله تعالى تعويضًا عما فاتك.
نصى للأسفل رافع ايده على راسه وأخيرًا قرر يتجاوب وياية بالافعال قبل الأقوال.
- شلون انتزعها وأحس هيَّ السبب بكل شي عشته؟!
- اِعطيناها بعض المُبررات المُقنعة لكن إذا كانت فعلاً هيَّ متخلية عنك ب اِرادتها ف وين الفائدة من الاِستمرار من اللف والدوران داخل هذا التفكير!
- تعرفين شنو يعني تفكرين ب أنه أنتِ ممكن تكونين بنت حرام أو بنت حرام فعلاً بس تحاولين ب كل مرة تغالطين نفسچ وتراوغين الحقيقة بأفكار مالها صحة!
- وشنو شعورك إذا بعد كل هذا التفكير والعذاب تطلع ابن حلال؟! وإذا ابن حرام هذا الشي مو ذنبك أجود لأن حاشا لله أن يُحاسب عبده ب ذنب غيره، تأكد رب العالمين إذا يريد يحاسبك يحاسبك على كل الأفعال الاِرتكبتها بعد الوعي والإدراك والبلوغ الشرعي أما مسألة مُحاسبته لنا على النسب ف هوَ الظلم بعينه وربنا أعدل العادلين، قدرك تنولد من رحم مجهول لسبب مجهول لكن هل هذه الولادة غير الشرعية راح تخليك بدائرة المذنين مُقدمًا؟! أكيد لا لأن رب العالمين خلق الإنسان مُسير ومُيسر ومُخير (مُسير ومُيسر) فيما مضى من قدر الله أن تولد بطريق الحرام وهذا ما لا تُحاسب عليه وكذلك ما تتقرره أنتَ بأفعالك بعد أن تولد يُكتب بكتابك قبل أن تولد إن كُنتَ من أهل السعادة أم من أهل الشقاء، أما (مُخير) ففي جميع أفعالك بعد البلوغ والإدراك، وهوَ هذا بالضبط الراح تتحاسب عليه واللي إطلاقًا ما له أي اِرتباط بطبيعة وجودك بهذه الدنيا، له علاقة فقط بعقلك الخاضع للشيطان بداعي سوءة الماضي وشرور الحاضر.
- عشت حياة صعبة.
- انساها.
- بهذه السهولة؟!
- صح صعبة وياك أني بس مو أصعب من وجودك هنا وأنتَ محكوم سنتين بسبب أفعالك الناتجة عن مرضك النفسي والاستحوذ عليك من الحياة الرافض تنساها.
- التربى بالشوارع بين السيارات والمتسولين بدون أب ولا أم ولا تعليم ومحاوطيه شلة من المُجرمين ميهدأ لهم بال ولا تغمض لهم عين إذا ما سمعوا ليلاً يصرخ من الألم ويستنجد من شدة العذاب، تتوقعين منه ممكن يكون إنسان سوي يستوعب كلامچ؟!
- نخلق منه إنسان سوي مو صعبة.
- غاط بالحرام دكتورة الكلام هذا اجى بوقت متأخر.
- بسم الله الرحمن الرحيم (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنهُ هوَ الغفور الرحيم).
- بس مو ذنوبي.
- سجدة واحدة تسجدها ب قلب خاشع وتوبة نصوحا كفيلة أن تخلق منك إنسان جديد خالي من المعاصي والآثام، لا يأس من روح الله ما دامت أبواب التوبة مفتوحة والحياة مُستمرة، مثلاً الإنسان العاش حياته كلها ميصلي ومن بلغ سن الثلاثين أو الأربعين صار يفهم ويقدر معنى الصلاه، الشيطان هنا راح يجيه من زواية ضيقة لتفكير محدود حتى يبعده عن التوبة، شنو يوسوس؟ لتصلي، ما راح يتقبل منك ربك، عشت عمرك بلا صلاه قابل الجاي أكثر من الراح وشلون تعوض، الصلاه عامود الدين وأنتَ ما عندك صلاه للآن إذًا ما عندك دين، أترك عنك التفكير بالصلاه وعيش الحياة ألعب تونس أطلع طب بالنهاية أنتَ بجهنم ليش دتخسر الدنيا والآخرة سوى، لا أجود رب العالمين يگول لك توب صلي أسجد لي ولو باقي من عمرك يوم واحد متعرف يمكن بهذه السجدة أمحي كل سيئاتك أو تُحاسب على ما مضى من التقصير ولكن بهذه السجدة يكن مصيرك في ختام الحساب (الجنة).
- هوَ طبيعي أني أبقى متمسك بالخوف رغم الاِيجابية اللي بكلامچ؟!
- نعم طبيعي لأن بعلم النفس أدمغتنا تمتلك ما يسمى ب التحيز السلبي اللي يجعلنا نتذكر ونتأثر بالأمور السيئة أكثر من الحسِنة، يعني مثلاً ممكن تكون اليوم قدمت شيء جيد ك رسمة جميلة أثنى عليها مُدربك وذمها الزميل من باب الغيرة، أنتَ هنا راح تتناسى مدح المُدرب وتتشبث بذم الزميل لأن علميًا تحتاج أمام كل أمر سلبي خمس أمور اِيجابية حتى تمحيه وأني حاليًا قدمت له أمر واحد مُقابل كم السلبيات الهائل العشت بيه منذ الولادة وحتى الكِبر ف أكيد كلامي ما راح يأثر عليك بسهولة وأن وجدتهُ صائبًا.
- وشلون راح اگدر أغير من تفكيري ب هذه الحالة؟!
- طور ذاتك بتنمية العقل.
- شلون؟
- لازم تعرف الآتي.
الإفراط في التفكير مرض
الإفراط في اللين ضعف
الإفراط في الراحة خمول
الإفراط في البخل شح
الإفراط في المال تبذير
الإفراط في الحذر وسواس
الإفراط في العبوس جفاء
الإفراط في الشدة قسوة
الإفراط في السكوت مقت
الإفراط في العصبية جنون
إعتدل في كل شيء ل تعتدل الحياةُ معك.
ويجب عليك أن تعلم.
أيامك لن تعود، أفعل ما يسعدك لما هوَ آتٍ
إحتفظ ب قلبك لشخصٍ يستحقه
أخسر العالم كله بصراحتك ولا تكسب الناس بنفاقك
أختر قلبًا وليسَ وجهًا
الأفعال ما تؤكد صدق المقابل وليست الأقوال
تجاهل كل شيء يأخذ فرحتك، عش حرًا
ما لم تراه بعينك لا يحقُ لكَ الحديث عنه وإن خَصك
قبل أن تتعلق في أي شخص كان عليك أن تعلم الجميع سيرحل إن لم يكن بالغدر ف بالممات
أحتفظ بصحتك عن طريق توظيف العقل لما يبهج القلب ويسعده.
أنظر إلى الأمام فما فاتك لن يعود وما س يفوتك لن يعوض.
صفن على وجهي ب نظرات شديدة التأمل.
- همْ عشتِ ماضي؟
- عشت وأصعب مما تتخيل لكن عرفت شلون أوظف السلبية النزرعت بداخلي بالشكل الاِيجابي.
- وما ولد هالماضي شر ب روحچ؟
- بالأصل نحنُ خُلقنا من الشر والخير لأننا بشر ولسنا ملائكة، ف الشر داخلي اي نعم موجود، أكره، أحقد، أغضب، أثور، أدعي على الشخص اليأذيني من أعماق قلبي، لكن ب مجرد ما أتذكر غضبي هذا لا شيء أمام غضب الله سبحانه وتعالى عند كسر قلب عبد من عباده أفوض أمري له وحده من دونِ شريك وأتغلب على شري بقوة الإيمان.
- يمكن لأن تربيتِ ب بيئة سوية؟!
- اللي تربت وياية بنت الشارع متعمل عملتها، هذا مو قياس التربية جزء من تقويم الفرد وليسَ التقويم ذاته
رجع ظهره على الكرسي يحك ب أذنه.
- ها احتاريت بالجواب
- شلون عرفتِ؟!
- حك الأذن أو سحبها أثناء الحديث يدل على الحيرة
باوع لي مبتسم ب هدوء بعدما وضع ايده على رقبته.
- حلو معناها بدينا ننسجم لأن هذه الحركة بالذات تدل على قناعتك بكلامي وتخليك عن موقفك
- معقولة هالحركات البسيطة تخليچ تفسرين دواخلي!
- لغة الجسد عمرها ما كانت بسيطة.
- طريقة كلامچ وتفكيرچ وكل شي بيچ يشبه الدكتور يامن وكأني گاعد أشوفه گدامي!
- يمكن لأن أخوان.
- أخوچ؟!
- بالرضاعة ومتربين سوى بكل مراحل حياتنا
- حلو شعور الأخوة.
- كلنا هنا إخوانك أبدًا لا تشعر ب نفسك وحيد وأنتَ بيناتنا وحتى بعد متتعافى وتغادر جدران هذه المصحة تأكد راح نبقى موجودين بحياتك إذا كنت راغب ل هذا الشي، بالنهاية احنا صرنا عائلة وحدة.
- شكرًا لكلامچ.
- العفو وهسه ممكن تگوم وياية.
- وين؟
- تگدر تگول راح نكمل الباقي من الجلسة عمليًا.
حچيتها ونهضت، فتحت الباب تقدم مستغرب، طلعنا سوى نزلنا للطابق الأرضي متوجهين لغرفة البنات واللي جمعوهن ب مكان واحد بعد اِقترابهن من التماثل بالشفاء التام، فتحت الباب صاحيات لكن كل وحدة منهن بسرير مُنعزلات عن بعضهن بالجسد والروح وهنَّ على هذه العُزلة المخيفة منذُ وقوع الجريمة وللآن.
طلبت منه ينتظرني عند الباب ودخلت، أبدًا ما أعارن وجودي داخل الغرفة أي أهمية، تقربت من ميلاف شعرها مُبعثر بطريقة فوضوية جدًا، سحبت الكتر منه وبدأت اصففه ب أطراف أصابعي وأني أگول
- أختچ محتاجتچ وأنتِ كذلك محتاجتها ليش رافضة تتحركين من مكانچ؟ گومي حبيبتي اقتربي منها وأحضنيها بوجودكم لجانب بعض تنتهي كل هالمخاوف.
ما وضحت على ملامحهن أي علامة من علامات التأثُر بالكلام، رجعت للباب فتحتها أجود دينتظر طلبت منه يدخل بالغرفة وأشرت له على الكرسي بعده ما مستقر بجلسته رفعت راسها ميلاف مجرد ما شافته اِنتفضت من مكانها بذعر متوجهة لسرير عِناق سحبتها على صدرها حاضنتها بقوة لكن هالمرة بدون صراخ اِكتفن فقط بالهمهمة البسيطة تعبيرًا عن رفضهن لوجوده معاهن بنفس المكان.
ب هذه الطريقة نجحت أقربهن من بعض أولاً، وبدأت معاهم مرحلة جديدة من العلاج عن طريقة جعل الطرفين في مواجهة مُباشرة وتامة مع مُسبب الخوف (الرِهاب المُضاد).
عِناق: خليه يطلع حبابة.
أجود: دكتورة.
قدر: لحظة أجود. اِلتفتت ناحية عِناق: ماشي راح أخليه يطلع من المكان بشرط واحد
عِناق: شنو؟!
قدر: وحدة منكم تتقدم منه تلمسه لأنه مريض مرض خطير وعلاجه الوحيد اللمس المُباشر ب يد مريض آخر
عِناق: لا!
قدر: إذًا مضطر يبقى ويانا لحين اِنتهاء الجلسة ومن الممكن بعد لحظات تشوفوه جالس بالقرب منكم، أني بلغت وما مسؤولة عن الباقي.
عِناق: ميلاف أني خايفة!
باوعت لأختها بنظرة الشفقة ونهضت مضحية بنفسها لأجل راحة عِناق، تقدمت نحوَ أجود الاِرتباك واضح على وجهه قبل وجهها وصلت يمه أقتربت ب خطواتي منهم حتى يشعرون بالأمان، مجرد ما حركت كَفوفها غمض عينه بتوتر، لمست أكمام قميصه وسحبت ايدها بسرعة البرق ظنًا منها الأمر تم ب هاللمسة، اِبتسمت بوضوح اِلتفتوا عليَّ بوقت واحد مستغربين التصرف.
قدر: تؤ، مو بهذا الشكل ميلاف.
ميلاف: شنو؟!
قدر: اللمس لازم يكون على البشرة مو الملابس.
ميلاف: وجهه؟
قدر: وجهه ايده أنتِ حرة المهم تلمسين البشرة ومو بسرعة تسحبين ايدچ خليچ شُجاعة حتى يصير زين ونطلعه خارج الغرفة نخلص منه.
ثبتت عيونها داخل عيونه بنظرة مليئة بالقلق والتوتر، بقت تباوع له تنتظر منه ردة فعل تدل على أذيته لهن من شافته مُسالم وهادئ تجرأت ترفع ايدها.
لمست ظاهر ايده بهدوء ملحوظ وسحبت كفها برجفة أطراف الأصابع، باوعت لي تتساءل بنظراتها إذا تم الأمر أو لا؟ هزيت راسي بالإيجاب رجعت لسرير عِناق مُباشرةً وحضنتها من جديد
أجود: أروح؟
قدر: طالعين سوى، انتهى عملي وياهم لليوم.
حچيتها وتقدمت عليهن، قَبلت وجناتهن بحُب وغادرت المكان ويا أجود متوجهين للطابق الثاني، طرقت باب غرفة شغف ودخلت وحدي كالعادة جالسة ترسم بس شافتني رمت القلم من ايدها مبتسمة بفرحة، أشرت لأجود يدخل ولمجرد دخوله نهضت من مكانها خايفة وحشرت نفسها بزاوية الغرفة القريبة من السرير تباوع علينا برعشة واضحة على أطراف بدنها.
تقدمت نحوها حاضنتها بهدوء، سكن اِرتعاشها داخل حضني، همست ب اذنها حتى تطمئن ورجعتها للسرير، رفعت الدفتر دترسم الخزانة الموجودة بالغرفة، اِلتفتت على أجود أشرت له بالجلوس وبدأت جلستي وياها بحضوره واللي أخذت وقت ساعة ونصف تقريبًا.
صحيح كان التوتر واضح على تصرفاتها طول الجلسة وبين دقيقة والثانية تحول نظرها على أجود بداعي الاِطمئنان من الثبات بجلسته لكن بالنهاية تجوابت معي بطريقة اِيجابية إلى أن اِنتهت جلستنا.
أشرت لأجود يطلع ينتظرني بالباب، واِلتفتت عليها.
- هذا مريض الدكتور يامن لكن بعدما غادر لعمل طارئ صار من مسؤوليتي واضطريت أخليه يرافقني بالجلسة
- (أمان وين لسه ما اجاني؟ ).
- شعجب! على العموم هسه أوصل أجود وأرجع أشوفه.
- (انتظرچ مو تنسيني).
- تتدللين حبيبتي.
غادرت الغرفة برفقة أجود متوجهين للطابق الرابع.
- شفت ما مدى صعوبة هذه الحالات الصارت أمامك؟
- ليش خرسة هذه؟
- بسبب شيطان من الذكور حتى تتغير نظرتك على أن المرأة هيَّ الشيطان والرجُل هوَ الضحية.
- والبنات؟
- أيضًا ضحية من ضحايا الذكور التي لا تُعد.
اِنفتح المصعد ب هالاِثناء، أمان كان راجع للمصحة بس لأن منصي على موبايله ما اِنتبه لنا، تجاوزنا ديروح وقفه صوت أجود يسلم عليه، رفع راسه ب نظرة ذهول بعدما شافنا برفقة بعض لكن سرعان ما تحمحم بجدية ك محاولة منه للسيطرة على اِنفعالاته الواضحة بتعابير الوجه ورفع ايده لمُصافخة أجود.
أمان: مريت عليك للغرفة ما لگيتك.
أجود: اي كنت ويا الدكتورة.
أمان: محتاج شي؟
أجود: سلامتك وسلم على دمار.
رفع ايده بحركة الترحيب وراح، دخلنا للمصعد جملته بأذني (مريت للغرفة وما لگيتك) معقولة ديتقابلون!
- أجود ممكن سؤال؟
- اي دكتورة تفضلي.
- أنتَ وأمان همْ دتلتقون هذه الفترة؟
- اي يمر لي ب اِستمرار وأحيانًا دمار يجي وياه.
- حاول تبتعد عنهم.
- ليش؟!
- لتسأل، حاول وبس.
اِكتفى بالسكوت، دخلنا للطابق الرابع صادفنا يامن توه ديطلع من غرفة أجود شكله كان يبحث عنا.
قدر: خلصت شغلك؟
يامن: اي الحمد لله، أنتم وينكم؟
قدر: خلي أجود يشرح لك شلون تمت الجلسة، ها أجود شنو رأيك؟
أجود: إن شاء الله دكتورة.
(بينَ التعب والاِنجاز ينقضي الوقت ولا تنقضي المهام إذا أنَّ الحياة خُلقت للعَمل لا للكَسل).
قدر: بيبي أني داخلة أنام راسي مصدع بالأربعة وربع ضروري تگعديني أخاف ما أحس على المنبه.
زهرة: وين تردين يمة؟!
قدر: عندي نواقص أشتريها وأرجع ما أطول لتخافين
ما عِنْدَها مِنْ خَفايا؟
ومَنْ عَساهُ أنْ يَعلَم ما في صَدرِها مِنْ نَوايا.
هَلْ قَدَرُنا بَعْد تَعَقدُ الأمُورِ سَ تَهدَأ؟
هَلْ أنَّ اِستِسلامَها عَمّا تَبحَثُ عَنهُ مِنَ الآن سَ يَبدَأ؟
هَلْ سَ تَنتَهي الحِكايَة؟
أمْ أنَّ الوَسيلَةَ الَتي تُبرِرُها الغَاية هيَّ مَنْ سَ تَختِمُ هذهِ الرِواية؟
وَيا لَها مِنْ رِواية! تَعقِيدٌ مَلحوظْ بِواقِعٍ مَفروضْ، وَفِعلٌ مَرفوضْ، لا يَعتَريهُ سوى سُوءَ الفِعالْ، مِنْ ذُكُورٍ لا يُحسَبونَ عَلى الرِجالْ، يَنسِبونَ المُرُوْءة إلى المُحالْ، وَالغَدرُ عِنْدَهم فُعلٌ حَلالْ، أقرَبُ النَاس لَمْ يَسلموا مِنْ شُرُوْرِهِمْ، تَرتَعِدُ الأبْدانُ في حَالِ حُضُورِهِمْ، وَبِسَبَبِ بَشاعَةِ ما فَعَلوا تُباحُ شَرعًا دِماء نُحُورِهِمْ، فَ آنا لِقَدَرِنا الوصُولْ، وَهُمْ يَسيرُونَ في طَريقٍ مَجهولْ، هَلْ سَتَدقُ لِلحَربِ طُبولْ؟ نَعَمْ فَ لابُدَ لِلعَدلِ مِنْ حِلولْ.
وَالآن. هيَّ سَ تَسيرُ لِ تُكمِل الطَريقْ.
بِ إيّمانِها الحَقْ، بِ أنَّ الفَرَجَ لابُدَ أنْ يَعقِبَ الضيقْ
فَ هَلْ لِ دَربِها مِنْ رَفيقْ؟!
مع حلول الموعد ارتديت ملابس بعيدة كل البعد عن ستايلي المُعتاد وحملت باروكة الشعر داخل حقيبتي، لبستها لمجرد ما غادرت الشقة أحاول أخفي تفاصيل وجهي بيها مع النظارة الشمسية وسلكت السم الخلفي للعمارة حتى أنهزم من رِجال أمان المحاوطين المنطقة من الجانب الأمامي للبناية.
تجاوزت الباب بسلام ووصلت للشارع الثاني، اِلتفتت بِنية العبور وقفني صوت هورن قوي، باوعت ب ذهول نزل أمان جامة السيارة ونزع مناظره مبتسم ب برود.
- أنزعي باروكة المهرجين واصعدي للسيارة.
- أنتَ شجابك لهنا؟!
- گلت اصعدي.
اِستداريت ب غضب، قبل لا أعبر الشارع قطع طريقي بجسمه وسحبني من ايدي صعدني لسيارته غصب
- أمان وتالي؟ أريد أفهم أنتَ شلون عرفت راح أطلع!
- أنتِ گلتي لي.
- أني!
- اي وحتى للتأكيد رايحة لذاك البيت المهجور تكملين بحثچ عن هذا شنو يسموه؟ ها غريب.
- أبدًا أنتَ مو طبيعي!
- أدري.
درت وجهي ساكته ردت أبلغه بس لا، خليه على عمى عينه مو كافي ديعرف كل تحركاتي!
وصلنا للمنطقة بدأت استكشف تفاصيلها ب دقة عكس المرة الماضية كان الظلام دامس ما تمكنت حتى من حفظ الطريق.
نزلنا بعدما طلبت منه يركن السيارة مسافة عن البيت، المنطقة غير صالحة للسكن البشري نهائيًا بس مع ذلك أكو بعض البيوت البسيطة ذات الطابق الزراعي والمُتباعدة عن بعضها البعض بالمسافة، تركت أمان يستكشف المكان الخارجي ودخلت وحدي، مجرد ما خطت قدمي للداخل اِنصدمت بشدة ظلام المنزل! تقدمت بسرعة اباوع بالغرفة، بانين النافذة بناء جديد وغالقين مَصدر النور بشكل تام!
معناها جاي لهنا خلال هالأيام بس ليش غالق المَنفذ؟!
- شبيچ صافنة؟!
فزيت على صوته بس ما رديت.
- مو داحچي وياچ جاوبيني صاير شي غريب بالمكان
- اي صاير.
- وهوَ؟!
- النافذة هذه مُغلقة بالجديد ما كانت هالشكل من اجيت بالمرة الماضية.
- عندهم غاية!
ويا ما نطقها ب نبرة الشك سمعنا صوت اِرتطام قوي،
اِلتفتنا ب وقت واحد مذهولين من غرابة الموقف، باب الغرفة اِنغلق علينا من الخارج بفعل فاعل!..