رواية عزلة السقر للكاتبة لبنى الموسوي الفصل الخامس عشر
داخِلُهُ شَديدُ السَواد، حَتى أنَّهُ لا يَعلَم ماذا يُريد
غَريبٌ في طَبعِهِ وَفي مَزاجِهِ مُمَيزٌ فَريد
إنَّهُ مُشَفرٌ لِلغاية
وَفي شَفَراتِهِ هُنالِكَ رِواية
فَ مَنْ يَا تُرَى لِ فَتحِ تِلكَ الشَفَرات يُجيد؟ وَبَطلُ حِكايَتنا غَامِضٌ عَنيد.
- حذرتچ وأرجع أحذر، من تحچين وياية اِنتبهي على نبرة صوتچ لأن الگدامچ ماله أمان.
- أعرف مالك أمان ولا أني المتلهفة على الحديث وياك ويا ليت تغادرني فورًا لأن مالي مزاج لأي نقاش.
- شنو سويتِ بالاِتفاق؟
- أكو غبي مبلغك أني خارقة القدرة ومن أريد شي بس اگول له كن ف يكون!
- يعني ما رحتِ للمقر؟!
- رحت، وأعرف بيك مراقبني وتعرف رحت بس يوم واحد مو كافي حتى أنفذ لك التريده ميحتاح لها ذكاء
- دتلعبين بالنار، واللعب بالنار خطر على الأطفال.
- أمان. تنهدت ب قلة صبر: حل عني وكل شي طلبته راح يصير بس محتاجة وقت بسيط حتى لا أنكشف
- ماشي وراچ مثل الظل، نشوف وين توصل وياچ.
- الله كريم.
اِستدار يغادر الغرفة اِقتحم عطره أعماقي.
- عطرك.
نظر لي ب اِستفهام.
- نعم!
- عطرك هذا غيره واترجاك مترش منه بعد طالما أنتَ موجود داخل المصحة.
- السبب؟!
- يامن تعرف عليه وأخاف يشك بالموضوع إذا صارت وتقابلتوا صدفة.
رفع كفه تلمس بيه لحيته واِبتسم ب نظرة حقيرة.
- وشلون تعرف عليه؟
- بالطريقة نفسها التتعرف بيها على عطر أختك.
- مو هذا قصدي.
- تفرها عليَّ أفرها عليك لذلك من الأفضل تلزم لسانك حتى متسمع مني كلام يمس رجولتك ويغضب رب العالمين
- تمام، ما راح أغيره.
- تغيره، مجبور تغيره وإلا مستحيل تتخيل شنو ممكن يصير لك قبل ليصير لي إذا عرف يامن بالموضوع!
رفع عينه على السقف ب طريقة مُستفزة.
- تخيلت. ثنى طرف شفته: عادي.
- زين ممكن تصعد لي اللفل شوية وتتخيل أختك شغف متزوجة واحد ميسوه ومن دون علمكم؟
رجع رفع عينه مبتسم ب حقارة.
- تخيلت، بس اللي طلع وياية أختي عندها عمل سري أغلبه ب أماكن غير محترمة ومشبوهة وهمْ من دون علمنا.
- دتهدد حضرتك!
- لا لو سمحتِ ما أريد تفهميني صح.
حچاها ورجع ايده للخلف نزل مقبض الباب، فتحه راد يغادر صحت وراه.
- أمان العطر غيره...
طلع متجاهلني: أستغفر الله ربي و أتوب إليه، شلون راح تخلص ويا هذا العنيد أحس نهايتي على ايده!
تبعته بسرعة وصلت لممر الطابق الثاني شفته عن بُعد توه ديفتح باب غرفته، دخلت للسكرتارية روح موجودة بس شافتني وگفت على حيلها.
- وين صرتِ مو گلت لچ اِنتظريني؟
- اصبري لحظة، يا شباب أريد عطر بلا زحمة بس مو نسائي.
- آه نادر عندو ي دكتورة، استني ثانية.
راحت، دقيقة ورجعت العطر ب يدها، أخذته متوجهة لغرفة أمان طرقت الباب ودخلت مباشرةً كان بالحمام على صوت خطواتي طلع مستغرب وزاد اِستغرابه من شافني گدامه بعد دقائق بسيطة من الوقت الجمعنا.
- خير؟!
- خير إن شاء الله.
تقدمت واضعة ايدي خلف ظهري، ظلت عيونه تراقب تحركاتي، وگفت مقابيله وبحركة سريعة رفعت زجاجة العطر لكن سرعة بديهة هالرجُل فاقت الحد المعقول لدرجة قبل لا أضغط على فوهة الزجاجة شد قبضته على معصم ايدي وبعدها عن جسمه ب قوة
حاولت أتصارع وياه غلبني ب صلابته، ب هالاِثناء ومن دون قصد ضغطت على فوهة الزجاجة دخل العطر بعينه، تركني بسرعة ورفع ايده يفركها ب ألم واضح.
- عيني من احترگت صفحة عشيرتچ.
- أنتَ ردتها.
استغليت إنشغاله ب ألمه وبديت أرش عليه عطر بشكل عشوائي، ترسته، نصف الزجاجة خلصت عليه.
- ايدچ ولچ ايدچ، كافي.
حچاها وگح ب قوة، إذا أني الواگفة مقابيله اِختنگت هوَ ش صار بيه لعد الگاعد أرش عليه ب شكل مباشر!
- هاي شسويتِ؟!
- حمام العافية إن شاء الله وبعد دير بالك تعاند.
اِلتفتت أغادر سحبني من ايدي على حضنه، ب عيونه الحمر باوع لعيوني فاتحها ب صعوبة وطوقني من خُصري بين ايديه، بعدني ما دافعته سحبني ل صدره أكثر وطبع قُبلات عديدة على أنحاء مُتفرقة من نحري مرورًا بوجهي واِنتهاءً ب طرف الشفة السُفلية!
دفعته ب غضب،
إذا الجبل ممكن ينزاح من مكانه هوَ ينهز ساعتها!
اِبتعد ب مزاج عالي جدًا واصل بيه ل ذروة الاِستفزاز.
- هيچ عطرنا صار واحد، نصيحة لتتقربين ناحية يامن اليوم وإلا راح تضطرين تجين لغرفتي ب يدچ عطر ثالث وتضطريني أرجع أوحد عطر أجسامنا من جديد
- أنتَ...
- مسربت، حفظناها ميحتاج تكملين.
زفرت النفس ب عصبية وغادرت فورًا: بسيطة بس خل أخلص من زعل يامن ويصفى لك بالي ساعتها أني أعرف شلون أتعامل وياك.
رجعت زجاجة العطر ل نادر اعتذر منه، فرغت بسبب عناد هالمسربت، ما گال أي شي خطية بل على العكس رفض ياخذها من عندي لولا إني أصريت عليه.
أشرت ل روح وطلعت قبلها، وگفت عند الدرج ثواني وتبعتني أكذب لو اگول ما خايفة، لا والله كلش خايفة مجموعتي تعبي وصعب جدًا على الواحد يخسر تعبه
- شنو هذه الريحة أدري سابحة بالعطر؟!
- وگع عليه بالغلط، المهم احچي شنو صار ويا المدير
- قسم المجموعة بيناتنا بالتساوي.
- يعني؟!
- اِنطاني الشباب وسلم ل حضرتچ البنات.
اِبتسمت بالخفية.
- أحسن حل عاشت ايده.
- اي مو سألني، گلت له الشباب گدرت أتعامل وياهم قصدي على المصريين بس البنات متعلقات بدكتورتهن السابقة ب طريقة يصعب وياها يتعودن عليَّ.
- تمام، صح أني تعبت وياهم جدًا بس مو مشكلة راح أستثمر تعبي ب مساعدتچ يعني أي شي تحتاجين أني موجودة أبد لتترديين بالسؤال.
- شكرًا متقصرين وأكيد راح احتاجچ هواي لأن مثل متعرفين خبرتي العملية صفر، أني حتى الدرسته نسيته صار لي سنتين متخرجة وگاعدة بالبيت.
- ولا يهمچ، أني راح أكون وياچ خطوة ب خطوة.
- حبيبتي.
- يبقون هنا مو؟
- اي ونفس الغرف ما راح يتغير شي.
- جيد، أتمنى لچ عمل موفق إن شاء الله.
- وأنتِ كذلك.
اِستدارت تروح، خطوتين ورجعت باوعت لي.
- راح أزحمچ وياية من أول دقيقة.
- بالعكس، سؤالچ يفرحني.
- هوَ شنو الفرق بين الذهان والهذيان اِصطلاحًا؟
- الهذيان يجعل المريض غير مدرك للواقع مع وجود خلل في الوعي والتفكير واعراضه عادةً تتطور بسرعة رهيبة ممكن ب أيام أو حتى ساعات قليلة.
أما الذهان يكون المريض مدرك للواقع ويفهم كذلك البيئة المحيطة بيه لكن يفسرها بطريقة تختلف تمامًا عن حقيقتها يعني بين قوسين (يفقد الاِتصال بالواقع) وهذا المرض يتطور بصورة تدريجية عكس الهذيان ومن أمثلته الهلوسة، الأوهام، اِضطراب التفكير
- اي صح تذكرت الذهان أخذناه ضمن الأمراض الأشد خطورة نفسيًا على المريض.
- وعلاجه أصعب، كذلك نسبة الشفاء منه تكون أقل.
- أعتقد صار يحتاج لي مطلاعة ب أسرع وقت.
- ما بيها شي، المطالعة تقوي معلوماتچ قبل لا تنشط ذاكرتچ، أني لحد الآن مستمرة بيها وراح أبقى مستمرة
- أكو كتب معينة تعتمدين عليها؟
- أكيد.
- إذا متصير زحمة أريدها.
- تتدللين، من ينتهي الدوام إن شاء الله مري ل مكتبي بالطابق الثالث حتى تنطيني رقمچ وأدزها لچ على شكل ملفات تستفادين منها بينما تشترين الكتب.
- عاشت ايدچ تعبتچ كلش.
- ماكو أي تعب حبيبتي.
تركتني وتوجهت ل غرفة أمان، ما أعرف ليش ظليت واگفة ب مكاني أتخيل شكله من يعرف الخبر طلع من مجموعتي وصار ضمن مجموعة دكتورة روح.
اِبتسمت ب شماته: كوني على ثقة يا قدر مراح تطول يمه أكثر من دقيقتين، دقيقتين وبس.
بعدني ما حاچيتها طلعت ضايجة، ما أدري أنقهر على هالمسكينة الحظها وگعها ب واحد مثل أمان لو أفرح وأتشمت بالسقر الخربت كل مخططاته ب هالحركة
ضحكت رُغمًا عني.
اِنزويت حتى لتشوفني و تنحرج، بس دخلت للغرفة الثانية طلعت متوجهة لغرفة شغف، طرقت الباب مرة وبقيت واگفة ثواني ومديت ايدي المقبض فتحته نايمة ومغطية راسها، ما حچيت شي، صفنت أفكر بطريقة افاجأها بيها دخلت روح مبين تريد تسألني رفعت ايدي بحركة الهدوء سكتتها قبل لتحچي
تقربت مني تتساءل عن السبب ب نظراتها، همست.
- أطلبي من شغف تگوم ب طريقتچ.
- ما أعتقد تقبل، أصلاً هيَّ كلما أدخل الگاها على هذه النومة ومبين قاصدة تسوي هيچ حتى تنهزم مني
- ميخالف حاچيها وأني راح أتدخل.
- شغف، شغف حبيبتي گومي يلا كافي عناد أدري بيچ گاعدة بس ميعجبچ تحچين وياية.
باوعت لي، أشرت لها تستمر.
- شغوفة ماما گومي جبت لچ وياية هدية كلش راح تحبيها، فتحي عينچ وشوفي.
ماكو جواب! تقدمت ب خطوات غير مسموعة إلى أن وگفت يم سريرها ب مسافة بسيطة. اِبتسمت.
- اتركيها دكتورة الظاهر ما مشتاقة لي.
مستحيل ب عمري أنسى ردة فعلها، كفت الغطا تباوع بتعجب ومجرد ما شافتني گدامها اِنتفضت من السرير ل صدري مباشرةً دموعها تسبق خطواتها و احتضنتني ب لهفة الطفل المفتقد حضن وحنان أمه أيام وليالي.
- لتبچين كافي، شو باوع لي ارفعي راسچ.
أخذت طرف حنكها بين أصابعي. بس اِلتقت عيوننا رجعت رمت نفسها داخل حضني تبچي ب حرقة.
صرت أمسح على شعرها ب حركة رقيقة والايد الثانية محاوطة كتفها، حسيت على روح غادرت الغرفة من دون متكلمني بالموضوع الاجت علموده بس حتى متقطع علينا حرارة اللقاء بعد هذا الغياب الطويل.
- يلا مو كافي بچي! تعبت ب مكانچ.
باوعت لي الدموع ب عينها، فجأة تحولت نظراتها من حُزن ل عصبية وتركتني ورجعت للسرير، گعدت عابسة ملامحها بشدة تمامًا مثل الطفلة ساعة التاخذ بخاطرها إذا زعلها شخص عزيز.
ضحكت، تصرفاتها تاخذ العقل بسبب البراءة المخلوطة ويا طينة خلقها! تقدمت أناديها ب أنواع الدلع بس گعدت على طرف السرير دارت وجهها عني زعلانة.
- حقچ والله وأكيد تتساءلين عن سبب غيابي المُفاجئ بس وعيونچ الظرف البعدني كان أقوى مني ب كثير
- رفعت حاجبها بالرفض ممقتنعة ب كلامي.
- شنو أسوي حتى ترضين.
- هزت راسها تنفي أمكانية رضاها.
- يعني أروح؟ هذا هو بعد متريديني ولا تحبيني!
- أممم.
- خوش رايحة، أصلاً دكتورة روح تريدچ لها بس أني موافقت عبالي تردين تبقين وياية مثل ما أريدچ
درت وجهي للباب والاِبتسامة ملونة ملامحي، مشيت خطوتين بالثالثة انسحبت ب قوة، اِلتفتت بچت
- لتبچين إذا ترديني مستحيل أغادر.
هزت راسها بالاِيجاب وحضنتني، بادلتها الحضن بلهفة
- اسفة، مو قصدي أترككم كل هالفترة بس ش اسوي الظروف بعدتني عنكم غصب وجدًا تعبت يلا تجاوزتها.
أخذتني من ايدي للسرير، سحبت السجل من الميز ونزلت بيَّ تحقيق وين وشلون وليش، ويا ليت أگدر أجاوب على اسئلتها ساعة تقريبًا وأني أراوح وياها بنفس الأجوبة إلى أن تعبت من الموضوع وانجبرت تتقبل أجوبتي غير المنطقية رغم عدم قناعتها الواضحة.
- يلا خلينا نسد موضوع غيابي واحچي لي أنتِ شنو سويتِ بالفترة الما كنت بيها يمچ.
رفعت الوسادة طلعت دفتر الرسم من تحتها، فتحته على الصفحة المحفوظة وقدمت لي إياه، أخذته منها واِنصدمت بالدقة والإبداع والاِحترافية الراسمة بيها الصورة الجامعتني ب يامن ويُمنى الله يرحمها!
صفنت ب غصة، مگاعد أگدر أرفع عيني من جمال هذه اللوحة الفنية الكاملة المتكاملة رُغم صغر سن الفنانة الرسمت معالمها ب كامل الهيئة وبأدق التفاصيل
باوعت على صورة يُمنى أحاول أمنع دمعتي من النزول اشتاقيت لها، كلش اشتاقيت.
فجأة مدت شغف أصبع الإبهام تأشر لي على الكتابة الموجودة ب أعلى اللوحة وكأنها حست بيَّ و دتحاول تخفف عني ب هذه الطريقة!
رفعت نظري اقرأ الكلمات ال گدرت تتغلبت على قوة قدر وتحكم على صلابتها بالهزيمة أمام حرارة دموعها
(كُنَّا روحًا واحِدة،
والأرواح وإنْ غادَرَتْ دُنياها لَنْ تَفتَرِق).
- أنتِ أعظم فنانة ممكن أشوفها ب حياتي تدرين؟
رفعت كف ايدها قَبلته من الباطن.
- شكرًا على هذه الصورة الما أعتقد راح تجيني هدية تتغلب على قيمتها المعنوية بالنسبة إلي.
- (فرحت كلش لأن عجبتچ)
- بس عجبتني؟! گولي طار عقلي بيها وعيونچ الحلوة
- (والتلوين حلو؟ خايفة ميعجبچ لأن نوعية هالألوان جديدة يعني أول مرة أستخدمها)
- كلش حلو والله بس منو جاب لچ إياهن؟
- (أمان)...
- كل شي باللوحة حلو حبيبتي، عاشت ايدچ المبدعة
- (تتدللين وإذا تردين أرسم لچ بعد گولي عادي).
- لهنا نكتفي من الرسم بالوقت الحالي ونگوم هيچ مثل الشُطار للسحب نشوف النتائج الهامليها من شهر
- (حبابة خليها غير مرة، مشتاقة لچ وما شبعت منچ)
- وين أروح؟ موجودة وياچ وراح تشبعين من شوفتي لحد متملين، گومي يلا صحتچ أهم.
مديت لها كفي مسكته مبتسمة، أخذتها لغرفة السحب النتائج متراجعة درجتين، ظليت يمهم إلى أن انتهوا من عملهم وياها يلا تركتها بغرفة الاِفاقة ورجعت.
مريت على السكرتاية انطيت خبر لسماح بوضع شغف أخاف يسأل أمان عنها حتى تبلغه وتوجهت لغرفة عِناق، طرقت الباب ودخلت كانت تفتر بأرجاء المكان بقلق واضح ومنظرها المُرهق يأكد تراجع حالتها
بس شافتني تقدمت تركض اِتجاهي ب سخط جامح ومن دون مقدمات أخذت شعري بين ايدها تملخ بيه حيل وتسب وتغلط ب مختلف الألفاظ، اِحتاريت شلون أمتص غضبها وهيَّ من شدة الزعل مدتتقبل مني الكلام لدرجة وصلت بيها الحالة تطردني من غرفتها!
طلعت وقفلت الباب وراية بينما تهدأ شوية وتستوعب وجودي أروح أشوف ميلاف ونرجع لها سوى.
طرقت الباب ودخلت حالتها متقل عن حالة أختها هيَّ الثانية همْ من شافتني عبرت عن اِنزعاجها من غيابي بالغلط والصياح ومن اِشتد غضبها خرمشت وجهي بقوة جرحتني جرح عميق بالجانب السفلي لقرص الوجه.
لجوؤهم لاِستخدام العنف ك تعبير عن الغضب يعتبر مؤشر سلبي جدًا ل تراجع حالتهم ب شكل خطير يفوق الصورة الرسمتها ب بالي عن الحالة النفسية الممكن يكونون وصلوا لها بناءً على كلام الدكتورة روح!
- أطلعي يلا، ولي منا، ما أريدچ بعد لتجين، ما أريدچ
- اي اجيت أخذچ تشوفين عِناق وأروح لأن أكو غريب ديهدد حياتي وحتى حبسني وشربني حب، بالعصير.
وسعت عيونها ب ذهول وتقدمت ناحيتي خايفة، نصت تتساءل عن تفاصيل الموضوع ب همس شديد.
- غريب حبسچ؟!
- اي.
- وضربچ؟!
- اي.
- وين بالشقة نفسها لو أخذچ ل مكان بعيد؟!
- بالشقة.
شهگت رافعة ايدها على شفتها.
- أخذيني ل عِناق ما أريد أبقى هنا، أني خايفة، كلش خايفة.
حچتها وصارت تتلفت حول زوايا الغرفة حاضنة ايدي ب قوة تعبر عن حجم الخوف الاِحتاح دواخلها بعد ذكر الغريب.
- لتخافين، احنا هنا محد يگدر يوصل لنا.
- أخذيني حبابة.
مديت لها ايدي مبتسمة ب هدوء، مسكتها و حشرت نفسها ب جسمي تحاول تحتمي بيَّ من مخاوفها.
وصلنا ل غرفة عِناق، مجرد ما فتحت الباب تحركت بسرعة تريد تهجم عليَّ، قطعت الطريق ميلاف بجسمها
سحبتها مسافة تهمس ب مسامعها ثواني واِلتفتت عِناق تباوع لي مصدومة.
عِناق: غريب عرفچ؟!
ميلاف: اي هوَ، وحبسها وضربها همْ، كله بالشقة.
عِناق: انهزمي بسرعة لتخليه يشوفچ، انهزمي.
قدر: هوَ أني انهزمت منه يمكم لأن هنا ما راح يگدر يوصل لي بس ش اسوي أنتم طردتوني!
عِناق: يعني إذا تبقين هنا ما راح يجيچ ولا يضربچ؟
قدر: أكيد.
عِناق: أبقي لعد أبقي، بعد ما أطردچ والله.
قدر: أظل ميلاف؟
ميلاف: اي ظلي حبابة إذا يلزمچ بعد يأذيچ كلش وهمْ تحترگين بالنار مثل ماما، هوَ حرگها.
قدر: صدگ هوَ حرگها؟
عِناق: ميلاف!
انطتها الضوء الأحمر ب نظرتها، قطعت الكلام مباشرةً.
حاولت أتغلب على مخاوفهم ب تغيير موضوع غريب عن طريق اِفتتاح الجلسة بالاسئلة العامة، مهما سعيت أن أوصف تراجع حالتهم النفسية همْ قليل جدًا قُبالة الحقيقة، كل شي بيهم راجع لنقطة البداية للنقطة الكانوا عليها أول لحظات دخولهم المصحة، عُنفهم، ميولهم للإيذاء، هلوستهم، اِضطراباتهم العقلية، حتى قوة الوعي ودقة والاِدراك متراجعة للمراحل البدائية تحديدًا ل مرحلة الطفولة.
أخذوا كل وقتي، ل نهاية الدوام وأني مشغولة وياهم باوعت الساعة صارت الثلاثة: كافي حتى اِستراحة ما أخذت اليوم، رجعت ميلاف لغرفتها وتوجهت للمكتب
دخلت، رسول گاعد يسجل نتائج مجموعته رفع راسه على صوات خطواتي بس شافني اِبتسم.
- تحب أساعدك بينما أرتاح ما عندي شي نهيت عملي
- لا خليها على ايدي حتى ما أدوخ بعدين، شكرًا.
گعدت الكرسي وسحبت الملف من گدامه، أني واقرأ بيه سألته من دون ما أرفع نظري.
- شلونك هسه، إن شاء الله تعودت على غيابها؟
- أحاول.
- متأكدة راح تتغلب على ضعف مشاعرك ب قوة إيمانك
تحمحم وبلع ريقه ب وضوح.
- تغديتِ لو لا؟
- لا.
- زين لعد اليوم اتأخر عندي شغل هواي ولسه ممتغدي اِنتظريني رايح أجيب شي ناكله سوى.
- لا أني طالعة فورًا.
- اي ما بيها أشكال تغدي وروحي.
- لا أشكرك، تدري ب بيبيتي أول ما أدخل للشقة تصب الغدا جوعانة مو جوعانة آكل يعني آكل.
- الله يحفظها لچ إن شاء الله.
- ويحفظ لك الأهل.
توه نهض دخلت روح، سلمت، ردينا بوقت واحد، راد يطلع اِلتفت يگول اِنتظريني، ديغادر الغرفة روح من غير متنتبه ظلت عيونها تراقب خطواته، تحمحمت بوضوح اِنتبهت على نفسها وباوعت لي مرتبكة.
- اِنتبهي على گلبچ روح، لتسمحين للحب يأذيه.
- شنو؟!
- هيچ، عشوائيات تعب نهاية الدوام.
گعدت مبتسمة، أخذت رقمها وبقينا نتناقش بموضوع الكتب، ربع ساعة وغادرت ناسية موبايلها المكتب.
دخل رسول اللفات ب يده، قدم لي لفة وعصير طبيعي أخذتهن منه مُمتنة.
- ليش زحمت نفسك مو تدري هسه راح أطلع.
- هيَّ لفة يمعودة زحمة أيش!
- عاشت ايدك بس اعتذر مراح أشاركك بالأكل حاليًا.
- براحتچ المهم هيَّ ب اسمچ، رايح اتغدا ويا يامن هوَ الثاني همْ لسه ما ماكل، على ريوگ الصبح.
- زين تسوي، عافيات إن شاء الله.
- يعافي بدنچ.
نصى دياخذ أوراقه دخلت روح، ساعدته ب تضبيطها وجمعتها داخل الملف، سحبه يتشكرني بعدين اِلتفت ديغادر صارت ب وجهه اومأ لها بالتحية وطلع مباشرةً، هالمرة توخت الحذر وحاولت تسيطر على اِنفعالاتها معتقدة ب هالتصرف تگدر تبعد الشك عنها.
- العفو، بس موبايلي يمكن نسيته هنا
- اي هذا.
- شكرًا.
- تتدللين، اگول روح تغديتِ لو بعد؟
- يعني شي خفيف، حليب وبسكت
- تفضلي هذه اللفة.
- لا ميصير، هوَ جابها لچ.
- ماكو فرق وأني هسه طالعة بينما أنتِ بعد وراچ تعب ودوام طويل، أخذي مني ألف عافية.
- الله يعافيچ حبيبتي.
لليل گاعدة بالصالة ويا بيبي هيَّ تشاهد تلفزيون وأني أتصفح ب أحد الكتب العلمية، رن موبايلي مسج على الواتساب، سحبته من الطاولة مصدومة بالاسم
السقر،!
قلبت الموبايل اتأكد، اي والله هوَ موبايلي.
فتحت المحادثة بوسط ذهول عظيم من غرابة الموقف كان باعث رسالة وحدة ب طريقة مُختفلة عن المُعتاد.
يومين فقط. أنتهى يوم، وباقي يوم / للتذكير.
شنو كل هذا التنقيط! والله مصيبة ماخذ راحته كلش لدرجة حافظ رقمي يمه ومخزن رقمه يمي.
صفنت على المحادثة ب نظرة متوسطة بين الصدمة والاِستهزاء، كاتب السقر حضرته! بسيطة.
رحت ل جهات الاِتصال طلعت رقمه و انطيت تعديل، مسحت اسم السقر وكتبت مكانه «المسربت».
- اي هسه هيچ تمام، خليك بجهازي أخذ راحتك أصلاً
- تحچين وياي؟
- شنو بييبي!
- أنتِ هسه دتحچين، وياي؟
- لا بس دأفكر ب صوت عالي، أسفة.
- عادي يمة على شنو تتأسفين!
رجعت دخلت للبرنامج راسلت يامن ما عنده نت وحتى لو عنده متأكدة ما راح يرد عليَّ.
طلعت من محادثته ل محادثة أيمن، ما صدگت ألگاه نشط، دزيت له (مشتاقة لك نيلز! )، مباشرةً طلع من البرنامج بدون ميدخل على محادثتي.
هوَ الثاني همْ زعلان! شلون يا ربي وحقك تعبت.
ثاني يوم الصبح نزلت من العمارة، لگيت عمو حسين البواب واگف عند سيارتي وفاتح البنيد يفحص بيها.
- صباح الخير عمو، صاير شي؟!
- يسعد صباحك ي ست الكل، أيوه المحرك تبع العربية مش شغال باين أنو عايز يتغير.
- هذه شلون بيها راح تموتني!
- ودلوقتي أعمل إيه، أبعثهالك الميكانيكي يعني؟
- لا خلص نويت أبيعها تعبتني كلش، صيح ل شامل يشوف محركها وخليه ياخذها ل معارض ××××× أني عود أمر أتفاهم وياهم اليوم لو باچر حسب تفرغي
- على عيني ي بنتي.
- تسلم عينك.
تمشيت للشارع العام أخذت سيارة أجرة ورحت للدوام مر اليوم عادي للأربعة العصر طلعت متوجهة لمقر الهيئة وصلت لهناك تأخرت يلا تمكنت من مُقابلة الرئيس منا لما انتهيت من عملي وياهم حل الغروب.
غادرت المكان الأوراق الرسمية ب يدي، وگفت على الشارع العام بعدني انتظر سيارة الأجرة تعدي من يمي وگفت مقابيلي سيارة حديثة أشرت لي بالنفي حتى يتحرك نزل الجامة ونصى يباوع لي، انصدمت ب دمار
- شلونچ؟
- مو زينة ب شوفتك.
- دوم إن شاء الله، أصعدي يلا
- هه من عقلك تحچي!
بعد السترة عن خصره طلع السلاح وضربه الدشبول
- تصعدين لو لا؟!
مديت ايدي على مقبض الباب سبقني ب فتحه، صعدت
- تهديد تهديد تهديد، كل شي عندكم بالحياة تهديد!
- وسفة تهديد شنو! ما عاش ولا كان اللي يهدد مرت أخوية وأني موجود
- والله عايشين اللحظة أنتَ وذاك المسربت! بعدين هالسلاح الطلعته شنو إذا مو تهديد؟! بس لا مسدس أبو الخرز وما أدري
- عاجبچ تجربين خرزة منه؟
- رجعنا للتهديد!
- دنمزح وياچ، شبيچ متتحملين مزح! وإذا على هذا السلاح كل ما بالموضوع ضايقني شوية ونزعته، وين المشكلة بعد؟!
- اي صحيح، هه.
شغل السيارة تحرك مسافة ساكتين.
- سمعت تردين تبيعين سيارتچ، صحيح هالشي؟
- ميحتاج أجاوب شو أنتم تعرفون عني كل شي، مو بعيدة حتى هذا النفس الأتنفسه تطلعون حاسبيه عليَّ
- ب بيش رايدتها؟
- والله ميخفى عليكم، إذا تردون تعرفون، تعرفون.
- عرفنا وبعدين؟
- أني أدري، متسأل نفسك هالسؤال الغبي!
دار وجهه الطريق مبتسم، يا الله شگد يشبه أمان فولة ومقسومة نصفين خصوصًا ب اِبتسامتهم المستفزة
باوعت للطريق بضجر، سمعته يدندن ويا نفسه أغنية أجنبية، اِلتفتت بس باوعت له اِبتسم ب وضوح.
- خير أكو شي يضحك، ضحكنا وياك؟!
- متأكدة؟
درت وجهي ضايجة، أسكت أحسن لي.
- ما سألتِ يعني وين رايحين؟
- لجهنم وين يعني.
- الذكاء مو شي جديد على قدر باشا.
- والصلافة مو شي جديد على آل الثابت.
تجاهلني وكمل الطريق، بقت عيوني الشارع وصلنا لحي المقطم نزلنا أمان دينتظرنا ب سيارته مقابل أحد البنوگ، مشيت وياه لموقف السيارة فتح لي باب الصدر وقبل لا أصعد نصى يحاچيه ب اِبتسامة.
- جبت لك، مرتك.
- أهلاً، مرتي.
باوعت عليهم مستغربة: لا قدر أبد لتستغربين، ذولة اشتغلوچ ب حرب الأعصاب الباردة خليچ ثابتة وأعرفي شلون تتعاملين وياهم.
- انتظركم بالسيارة أني.
- عصير برو.
- تأمر.
اِبتعد عن الباب، انتظرني، بس صعدت سده وراح.
- اي أستاذ أمان، ممكن أعرف شنو معنى تصرفك هذا من خليت صديقك يجيبني مثل المجرمين!
- أحب المُفاجآت ما أحب التخطيط المُسبق للأمور.
- تخطيط مُسبق! لو تريد تباغتني حتى إذا عندي نية أفكر وأخطط ضدكم ينقطع حبل أفكاري وتنهدم مُخططاتي، على العموم لتخاف ما راح أخلف بالاِتفاق
- شنو سويتِ؟
- تفضل اسم الموكل ب مهمة شركات الثابت وتحت همْ مكتوب التاريخ باليوم والشهر والسنة والوقت وياه حتى تتأكد من صحة أقوالي ساعة اللي گلت لك أني اِنسحبت من مهمتكم والمعلومة الوصلت لك مغلوطة
باوع للورقة، قرأها ب تركيز، قلب أنحاءها ب اِستفهام أخر شي طواها وضمها ب جيب سترته.
- التالي؟
- عندكم تسليم بضاعة مجهولة المصدر يوم 20 ب هذا الشهر ب ميناء الاِسكندرية، راح يكبسكم البوليس بحجة التفتيش العشوائي للميناء بعد عشر دقائق من بدأ عملية التسليم، أكثر من هذا ما عندي.
- المعلومة منين حصلوها؟
- ما عندي علم بس أكيد من داخل شركاتكم
- لازم تعرفين.
- أحاول.
- راح تعرفين ماكو شي اسمه أحاول
- صار.
طرق دمار جامة السيارة، نزلها، سلمه العصائر وراح.
- تفضلي.
- شنو هذا؟!
- دم البقرة.
- الدم مخصوص لمصاصين الدماء لذلك تفضل أشربه
- بدت فقرة العناد! أرفعي عينچ على المرايا الگدامچ شوفي وجهچ بيها وأشربي وأنتِ ساكتة
- وشنو علاقة هذا ب هذا؟!
- هذا يعوض ذاكَ.
حچاها وغمز لي عرفت قصده، نزلت الجامة ب عصبية فرغت العصير كله بالشارع وشمرت العلبة عليه.
- رجعوني يلا.
- ليش رميتيه ممكن أفهم؟!
- وأني ش عرفني هالعصير شنو بيه ما بيه حتى أشربه.
رفع ايده نبت أطراف أصابعه ب فكي وشربني عصيره جبر، اضطريت أسايره مو وقت العناد واحنا بالشارع
- لو عندي نية أعطيچ شي هيچ بالمباشر أخليچ تبلعيه غصبًا عنچ مو ب حاجة لأساليبچ المُلتوية أني.
- قذر، والله قذر
- هسه قذر لو مسربت أرسي لچ على بر؟!
- كل الصفات السيئة تنطبق عليك، ماكو فرق.
سحب موبايله مبتسم اتصل على دمار طلب منه يجي كان قريب من المكان، ثواني وصار يمنا.
- وصلها وأرجع لي.
- هنا؟
- على الاِتصال.
- تمام.
نزلت بسرعة بدون ما أباوع ب وجهه، مشيت خطوتين صاح ب صوت ضاحك:
- مرتي.
- وسم.
- ديري بالچ على نفسچ وخلينا نشوفچ، لتغيبين هواي ترى نشتاق.
- اِستفزازك ميحرك مني شعره، لتحاول.
غمز لي وصعد الجامة يلبس ب مناظره، جبل جليدي مو بشر وحق من خلقه ب هذا البرود!
صعدت ويا المُستفز الثاني، الطريق كله يرمي عليَّ بالكلام إذا مو بشكل مُباشر ف عن طريق أغنية أو كلمة عابرة، منا لما وصلنا أعصابي تلفت.
نزلت بعدما رگعت باب سيارته حيل، توقعته يحچي شي بس صدمني من حرك السيارة وراح ب كل هدوء
أسْبُوعٌ جَديدٌ يَمرُ بِلا جَديد
اِنتَهى وَعيدُهم وَ تَلاشى التَهديد
وَبَدأَتْ قَدَرُنا تَسيرْ في الطَريقِ المُعاكِس لِتُحَققَ ما تُريد
إنَّها السَّاعَة الثالِثة إلا الثُلثَ فَجرًا
خَارِج أسْوار المَصَحَةِ تُوجَد هُنالِكَ خَطَواتٌ غَريبة
تَدْعَو لِلشَكِ وَ الرِيبة
مَنْ يُوجَد هُناك؟ مَنْ يُحاولُ قَتلَ أحَدهم.
شَخصٌ مُلَثَمٌ يَحمِلُ بِ اليَدِ مِقوَدًا
يَقتَرِبُ مُتَخَفيًا
إنَّهُ يُريدُ أنْ يُحقِقَ مُبتَغاه فَ لِمَنْ هوَ يَتحركُ قاصِدًا؟!
وَبَدأَ الصُراخ، هُنالِكَ مَنْ يَستَغيثُ مِنْ نَارِ حِقدهم راجيًا المُساعَدة، نَارٌ مُلتَهِبة، أجسادٌ مُحتَرِقة، فَ مَنْ سَ يَمِدُ يَدَ العَونِ وَجميع الأبوَاب مُغلَقة!
لِ نُغمِض الأعيُن ثُمَ نَحبِس الأنْفاس وَ بِصَمتِ الكَلام لِحين اِنتِهاء الكَلام نُتابِع.
جرس الإنذار صدح صداه داخل جدران المصحة يوعز لوجود خطر الحريق، استيقضت من منامي مرعوبة، الصوت قريب جدًا معناها الحريق بالطابق الثاني
خرجت مسرعة، المجموعة كانت مُتفرقة في اِجتماعها إلى قسمين، اِنذهلت من كثافة الدُخان الطاغي على ممر الطابق واللي أكد على قوة الحريق.
تقدمت بسرعة أصرخ بأعلى صوتي على أمن المصحة
- مجموعة الدكتورة قدر دتتعرض ل حريق قوي جدًا ارجوكم ساعدونا بدون تأخير.
هرولت حافية القدم، الأبواب جميعها مُفتحة ما عدا بابين، يا إلهي! عِناق وميلاف داخل الغرف ديواجهن لهيب النيران الحارقة ب مفردهن...