رواية عزلة السقر للكاتبة لبنى الموسوي الفصل الثاني والعشرون
آهٌ عَلى غَدرِ الزَمانِ وَحِقدِهِ
إنْ جارَ ظُلمًا عَلى العَينِ النائِمةْ
إنْ باغَتَ القَلبَ بِقَلبِ غَيرِهِ
فيهِ خِصالٌ مِنْ شُرورٍ صارِمةْ
باتَتْ مَحَطَ الغَدرِ مَنْ كُنتُ لها
روحًا وَكانَّتْ لي فَتاةً ناعِمةْ
وَتِلكَ الكُفوفُ الَتي في صِغرِها لَطالَما
قَبَلتُها حُبًا وَأمسَتْ بي كُفوفًا طاعِنةْ.
Flash Back (فلاش باك)
«تجول الماضي مِنَ الزمان في أزقةِ ذاكِرةِ النسيان».
مثل أي عائلة مثالية أم وأب جمعهم حب حاد المشاعر عميق الجذور تكلل بالزواج رغم صعوبة الظروف واللي أسفر عن اِنجاب بنتين اِعتبروهن ثمرة غالية الثمن لعشقهم القاتل كَ إنهنَّ من ثمار الجنة تمامًا.
ما كانت الحياة العشناها سهلة اِطلاقًا، والدي كان مجرد شوفير للدوائر الحكومية يتقاضى أجور أسبوعية بالكاد تكفي لسد الحاجات الأساسية للبيت وباقي الأمور أصبحت في طي الإستغناء رغم حاجتنا الماسة لها في بعض الأحيان حتى نگدر نعيش حياتنا مثل العالم بدون منشعر بالنقص وفقر الحال.
ورغم كل شي كنا أسعد عائلة بالوجود، الحنية البگلب والدي اِتجاهنا حروف لغات العالم أجمع تقف عاجزة عن وصف جزء صغير لا يتجاوز مقدار الذرة منها، عطفه ورحمته وحبه لزوجته وبناته شيء يفوق ويغلب الخيال وكأنه رجُل كامل والكمال لله سبحاته وتعالي.
أما والدتي مثال للمرأة التي إذا أحبت فدت حياتها لمن تحب بدون خوف بدون تفكير بدون تردد، كانت تعطي بِلا تعب وتخدم من غير مقابل، حاربت الدُنيا قبل أن تحارب أُناسها من أجل الحفاظ على هذه العائلة الصغيرة التي كلفها بناءها غربة الوطن وحقد الإخوان.
(ضحى) أختي الوحيدة، بنتي الأولى وروحي الثانية، ما كان عندي أغلى منها بالدنيا لدرجة كنت افضل راحتها على راحتي وسعادتها على سعادتي، لو تطلب النفس الأتنفسه همْ مُستحيل أعزه عليها، علاقتنا تعدت كونها علاقة أخت ب أختها من ناحيتي، علاقتي بيها صارت علاقة اِرتباط الروح بالروح مع تعدد الأجساد.
من منظوري الخاص ورغم صغر سني يعتبر الإستقرار النفسي أهم بكثير من الإستقرار المادي لهذا كنا عايشين بدائرة الاِكتفاء الذاتي بالنفس لأن كلنا نمثل شخصية واحدة بداخل اِطار عائلي مُتعدد الأطراف.
لكن ومع شديد الأسف ما اِنكتب لهذا الاِستقرار الدوام بعدما حل علينا المرض ك ضيف ثقيل جدًا ما رحل إلا بتشيت أمان هذه العائلة وزع الغصة في قلوب أفرادها
مُصعب: إستبرق وينچ تعالي.
رفعت نظري من الكتاب على صوته المُتعب اِنصدمت والدي الطول عمره شامخ مثل العلم دخل للصالة مُتكأ على جدرانها! فزعت من مكاني مديت له جسمي سند نفسه عليَّ، اجن ماما وبيبي على صوتي يركضن.
إستبرق: يا مُصعب شبيك؟ دخيلك ربي.
زهرة: وخرن سون له مجال ديتنفس متشوفن وجهه
قدر: بابا فدوة شبيك لتخوفنا؟!
مُصعب: تعبان ما أدري شبيَّ، مُرهق، حاس بغثيان وعندي أوجاع قوية بطني متخليني أوگف على حيلي.
زهرة: وليدي أكيد مستبرد، برة تعرگ من الشمس تجي تدخل للبيت تلوحك المروحة ترجع تطلع تعرگ شلون بعد ما تستبرد هسه أني أسوي لك گلاص زهورات من ايدي هذه يخليك تركض مو بس تمشي.
مُصعب: رحم الله والديچ يمة.
راحت للمطبخ تسوي له وهوَ ظل يجود بنفسه ميعرف شيسوي حتى يخفف أوجاعه، تسنده الوالدة يگوم ثواني ويصيح راح اوگع گعديني تگعده يصرخ اختنگت أريد أتنفس گوميني وهيچ بقينا حايرين بيه!
جابت بيبي الزهورات ب صعوبة شرب، معدته ما گاعد تتقبل أي شي وويا كل شربه يريد يستفرغ أخر شي ما تحمل وتقيأ علينا، ظلينا نصرخ اِحساسنا يگول الشي الديصير وياه مو طبيعي بس بيبي معارضتنا بالشعور وممكن تكون حاسة مثلنا بس تحاول تسكننا بكلامها.
إستبرق: لا لازم أخذه للدكتور ما أگدر أسكت.
زهرة: احچي ويا أبو يامن هوَ يوديكم.
إستبرق: ما أريد أزحم العالم ويانا أدبرها وحدي.
زهرة: وحدچ شنو والرجال هذا وضعه أني جاية وياچ
إستبرق: يا يمة والبنات شلون؟!
زهرة: بنيتي مخلفة لچ لبوة وتخافين. أشرت عليَّ
قدر: اي ماما روحوا ليظل بالچ أني موجودة.
إستبرق: أختچ من تگعد غديها نامت بدون أكل وهمْ شوفي واجباتها أخاف اتأخر عند الدكتور.
قدر: من عيوني تتدللين.
ما تأخروا دقيقة وطلعوا حتى لبست الصاية على لِبس البيت، ربع ساعة وگعدت ضحى من شافت الوالدة ماكو تنحست وظلت تتحجج رغم عمرها 7 سنوات بس بعدها متعلقة بأمها مثل تعلق الطفل الرضيع.
- كافي يا عمري شلعتِ گلبي تعالي أكلي حتى أدرسچ
- ما ما أشتهي.
- وإذا گلت ضامة لچ شي كلش تحبيه؟
- شنو هوَ؟
- روحي لجنطة المدرسة مالتي تلگيه بالجيب الخارجي.
بس حچيتها راحت تركض، رجعت السوارات ب يدها والضحكة تارسة الوجه، اِنحنت بحركة التحية ورفعت نفسها على أطراف أصابعها ترقص لي رقصة الباليه.
صفقت ب حرارة أشجعها، ركضت بسرعة رهيبة رمت جسمها عليَّ وگعنا للخلف، ضحكتني رغم المخاوف.
عدلت نفسي وهيَّ بحضني قَبلتها من وجناتها ب لهفة.
- يلا هسه ناكل ووراها ندرس مو؟
- بعد رقصة صغنونة حبابة حبابة.
- يلا گومي بس بسرعة.
- اي.
ركضت مسافة عني وبدأت بالرقص، نفسي أنقطع وأني أصيح كافي ما گعدت على الصينية إلا والأكل بارد
رجعوا من الطبيب بوقت متأخر جدًا، نفسيتهم سيئة وجوههم شاحبة كل شي بيهم ميبشر بالخير إلا اللسان
گالوا وضعه تمام والصار وياه ميخوف، مجرد ضعف يحتاج له مراجعة مستمرة للدكتور خلال هذا الأسبوع حتى يتخلص منه بشكل نهائي.
مشت الأيام والوالد طريح الفراش، كنت أشوف القلق بعيون والدتي لكن الكلام ميكفي حتى أخذ من لسانها الحقيقة إلى أن اجى اليوم الرجعوا بيه من الدكتور منهارين بشكل واضح! ما فهمت منهم شي لأن رافضين يتكلمون بوضعه گدامي، لليل كنت بغرفتي ويا ضحى بينما تنام لأن مستحيل تغفى بغيابي وراها نهضت اطمئن على صحة الوالد، طلعت نايم وحده بالصالة مشيت متوجهة لغرفتهم سمعت صوت بكاء واضح تقربت من الباب أتسمع على غير عادتي.
- سرطان بالكبد يمة تعرفين شنو يعني سرطان!
- گولي يا الله.
- يا الله بس أنتِ الوحيدة التعرفين مُصعب شنو يعني بحياة إستبرق، يمة إذا مُصعب مات بنتچ تموت وياه
- اسم الله عليچ وعليه من طاري الموت، إن شاء الله يتعافى ويرجع ينور علينا البيت لأن ما نسوه بلا حسه
- شلون حاچيني! سرطان يمة والسرطان لعين ياكل بفلوس البشر قبل جسمه وأني ما عندي شي والله ما عندي لا ذهب لا ورث لا صخام حافية يمة حافية.
- كافي مو راح تموتين، شنو رأيچ أتصل على أخوانچ أطالبهم بحقي العفته لهم ومشيت بلكي هيچ يكون الله هداهم بعد كل هالسنين وناسين حقدهم عليچ.
- خابري، أبوس ايدچ وايدهم خابري، حتى مستعدة أنزل على رجلهم أبوسها بس يسامحوني ويساعدوني
فتحت الباب ودخلت، كانت نايمة بحضن بيبي باِنهيار مُخيف بس شافتني نهضت تمسح عيونها المُنتفخة من شدة البكاء معتقدة بعدني طفلتها ذيچ التگدر بحركة بسيطة تخفي حزنها عني مهما كان عميق.
- بابا راح يموت؟
رجعت لحضن بيبي منهارة، وقفت عاجزة عن وصف الشعور الداهم أعماقي بعد هذا الخبر بس كل الأگدر أگوله ما نزلت من عيني دمعة رغم بشاعة الموقف!
منا عرفت قدر تغيرت، بسقوط عامود البيت اِنجبرت أني أكون عاموده في سبيل اظل محافظة على قوام أركانه وميسقط على راس أهلي مثلما سقط صاحبه.
اتصلت بيبي على خوالي بعد سنين من الاِنقطاع وكان ردهم على طلبها ما عندنا أخت اسمها إستبرق وأنتِ إذا تردين حقچ تعالي أخذيه بس تحلمين يطلع من حدود العراق وبردهم هذا اِنقطع خيط الأمل الوحيد الكان بداخلنا لشفاء الوالد.
تغيبه عن العمل أدى لاِستغنائهم عن خدماته كونه عامل بأجر أسبوعي وليسَ موظف، ساء الوضع المادي للعائلة بعد نفاذ الأموال على مراجعة الأطباء وصرنا نفتقر حتى للقمة العيش، عمو سَلمان ما كان يعرف بالحقيقة الوالدة وهمته باِستمرار صرف الراتب للوالد بسبب وضعه الصحي وكان الدافع وراء هذا التصرف معرفتها لوضعه الإجتماعي الضعيف لأن هوَ كذلك موظف ويا دوب گاعد يلحگ على مصاريف بيته.
وبيوم من الأيام راجعة ويا يامن من المدرسة من شدة الجوع أريد أستفرغ، صادفنا بائع متجول لألعاب الأطفال من خلاله وصلت لحل مؤقت نتخلص بيه من سوء ظروفنا المادية الخاصة بالمعيشة على الأقل
- يماني أريد أگول لك سر بس أوعدني يظل بيناتنا.
- بدون وعد أني ما أطلع سر يخصچ.
- ماما تريد تراجع ببابا للدكتور وفلوسها قليلة سمعتها تحچي ويا بييي تريد تداين منكم بس تستحي.
- ليش تستحي احنا أهل؟
- ما أدري المهم أنتَ وصل هالكلام ل خالة بلكي يعني تگدر تساعدها من كيفها.
- أكيد تساعدكم تعرفين ب نفسية أمي.
وفعلاً لليل اجت خالة نِبراس ب يدها مبلغ يسد الجزء الأول من المشروع اللي ببالي، الوالدة رفضت تاخذهن لكن من قسمت اليمين عليها ووعدتها راح تعتبرهن دين متى ما الله قدرها ترجعهن، وافقت تاخذ
قدر: ماما ممكن نحچي شوية.
إستبرق: تعالي بنتي.
قدر: ظروفنا صارت صعبة كلش وذني الفلوس اللي بيدچ راح يفيدنا بشكل مؤقت أسبوع أسبوعين ينصرفن ونرجع لنقطة الصفر وفوگ هذا مستحيل راح تگدرين ترجعين الدين للعالم ف يعني عندي لچ فكرة أو تگدرين تگولين مشروع بسيط من خلاله نگدر نرجع نوگف على حيلنا مرة ثانية ويستمر بابا بمراجعته للدكتور حتى يبقى عايش ويقاوم المرض.
زهرة: والله أني من يومي أگول هالبنية ذكية وحاسة جاية بشي يسوه مو بس حچي.
إستبرق: انتظري يمة، وين تريدين توصلين احچي؟
قدر: عربانة صغيرة ميكلفنا اِستأجارها غير مبلغ جدًا بسيط ومسواگ من أقرب بقالية تسوي لي بيه من هذه الايد الحلوة الماكو أكل بالدنيا يوازي مذاق أكلها فول وطعمية وحمص أطلع يوميًا أبيعها بأحد الأحياء الشعبية نكسب منها مبلغ يعيشنا ويعالج بابا.
إستبرق: أنتِ شنو دتحچين!
قدر: بس لتصيرين عصبية وحاولي تسمعيني، فكرت هواي ما لگيت أنسب من هالحل خصوصًا أنتِ تعرفين هالأكلات الشعبية مرغوبة كلش من الناس الصبح وبالليل وبما أنه أني الصبح مشغولة بالدوام أبيعها بالليل اترجاچ لتعارضين إذا مو لخاطري لخاطر بابا
إستبرق: سدي حلگچ أحسن.
زهرة: ليش يمة كلام بنيتچ عين العقل ما حچت غلط ودتشوفين وضعنا شلونه اللگمة حسرة علينا صارت والرجال محتاج علاج مراجعة طبيب أكله تسنده أحسن ما يموت من ضعفه بدل المرض.
إستبرق: يوم دخيلچ شنو دتحچين، بنتي بعدها بعمر المراهقة تردين أشمرها بين الزلم بيدي!
قدر: أولاً أني سنة بس تفصلني عن الجامعة يعني مو مراهقة ولا بعمري تعبتچ بخصوص هالموضوع وأنتِ بنفسچ گلتِ بنتي عقلها أكبر بهواي من عمرها وأبد ما عانيت بتربيتها، ثانيًا أني گد حالي وأعرف شلون أدافع عن نفسي إذا تعرضت لموقف مو زين أبسط شي أسوي مثلما علمتيني أضرب اليتحارش بالمنطقة الحساسة وأخليه يحتار بروحه من الألم.
إستبرق: سدي الموضوع لتخليني أزعل وياچ.
زهرة: فكري يا إستبرق، بنتچ هيَّ نجاتچ ومثلما گلت من قبل أنتِ مخلفة رجال بجسم مرة.
إستبرق: أبد لتحاولون ما أشمر بنتي للشارع واِنتهت
حچتها وطلعت من الغرفة ب عصبية.
قدر: بيبي فدوة احچي وياها، بابا راح يموت لازم أني أساعده ما عنده غيري بعد.
زهرة: احچي يمة بدون ما تطلبين ناوية احچي.
طلعت وراها، باوعت بالمطبخ ماكو مديت راسي من نافذة الممر لگيتها گاعدة عند راس بابا ماسكة ايده ومنهارة لكن بصوت مكتوم.
- إستبرق گاعد أموت، الألم ياكل بگلبي مو بجسمي
- اسم الله عليك حبيبي، أخذ عمري كله بس ظل على راس بناتك سالم وفدوتكم حياتي.
- عمرچ طويل.
- شنو اسوي حاچيني؟ نصت تَقبل كفوفه بلهفة: والله لو يصير اشيل سنين عمري الباقية وأهديهن لك، مُصعب أنتَ مو بس رجلي أنتَ أهلي سندي عزوتي حب حياتي اللي قاتلت حتى احافظ عليه، أني لو فقدتك أموت ولتگول اسم الله هذه أني گدامك راح أرفع راسي وأدعي يا رب إذا أخذته أخذني وراه عمر بدون رجلي ما أريده وإذا متقبل مني سجدة وحدة سجدتها لك بگلب خاشع أحلفك بيها تستجاب دعائي ولتخليني أعيش حياتي وراه بالحسرة.
- كافي شگاعد تسوين لتدعين على نفسچ.
- أنتَ نفسي والموت إذا راد ياخذك ياخذني وياك.
رفع راسه يصرخ من الألم، نصت عليه تشهگ بصوت يقطع نياط القلب، موقفهم هذا راح يظل محفور مثل النقش داخل ذاكرة بنتهم طالما بنتهم عايشة.
الليل كله أسمع صوته يصرخ، وصل بيه الوجع يبچي بنحيب العمري ما شفت دمعته نزلت گدامي.
الصبح ريگت ضحى وجهزتها للمدرسة بعدها جهزت نفسي، واگفة على المرايا أمشط دخلت الوالدة عيونها من شدة البكاء وكثرة السهر المُتعب مُنتفخة.
- بنتي اسمعيني ما أريدچ تتأخرين على الدوام.
- اي ماما أسمع.
- أني الليل كله أفكر بالكلام الگلتيه وشفت الحق وياچ مو وياية لأن أبوچ إذا ما يراجع وياخذ العلاج يموت
- لتكملين، أني ما أريد غير موافقتچ.
- ردت أطلع أبيع بمكانچ والله العظيم ردت بس أبوچ منو له كل هالوقت؟ منو ياخذه للحمام منو يغير له إذا إحتاج تغيير محد غيري لأن تعرفين رجال و...
- لتكملين فدوة. قَبلت كفوفها: كل واحد من عندنا راح يساعده بالشي اليگدر عليه وعملچ هذا محد يگدر ينفذه غيرچ أنتِ.
- گلبي متفتت وأني أدفع بيچ للشارع بيدي بس شنو أگدر اسوي گدام أمر رب العالمين.
- ما قصرتوا، طول عمرنا عشنا عيشة الأميرات بجال بابا وجالچ بس الأقدار أقوى مني ومنكم.
وهيچ عملت بالشارع وآه يا عمل الشوارع شنو شفت بيه وشگد عانيت لدرجة لو كان أكو ذرة أنوثة بداخلي فقدتها بعد هالشغل وتحولت رجُل بالقول والفعل.
واجهت كثير متاعب تخص المدرسة، تراجع مستوايا الدراسي بشكل ملحوظ رغم محاولاتي المستمرة للسيطرة على درجاتي بحيث كنت أشتغل والكتاب بيدي ميفارقني إلى أن أرجع للبيت اعطي المصرف للوالدة وأنام على وجهي من شدة التعب.
واجى اليوم النكشف بيه عملي عند أهلي الثانين، توني راجعة من الشارع التعب ماخذ كل حيلي انصدمت بوجود يامن وأهله عندنا لأن صديق عمو سَلمان شايفني ورايح مبلغه بوجودي داخل الحي الشعبي.
قدر: اترجاكم نصوا صوتكم بابا ميعرف وإذا عرف راح يتعب لأن مو سهلة عليه أطلع أشتغل بالشوارع.
سَلمان: لعد سهلة عليَّ بنتي!
قدر: أكيد لا بس محد يعرف الظروف الصعبة العشنا بيها غيرنا احنا لذلك اترجاكم ما أريد تعارضون وأبد لتگول مصرفكم عليَّ لأن عائلة كاملة وعلاج مستمر ومصاريف دكاترة ما راح تگدر عمو أنتَ يا دوب مكفي عائلتك ولا احنا النتقبل الصدقة حتى من أهلنا.
نِبراس: بس بنتي الشارع مو لچ.
قدر: الشارع لكل الناس خالة.
يامن: لعد الحل الوحيد أطلع أني أبيع ب مكانچ.
سَلمان: يامن!
يامن: يابة شنو منتظر مني أخلي أختي تواجه حثالة البشر بمفردها؟! مستحيل أقبلها.
قدر: أني اصلاً ما راح أوافق على طلبك.
يامن: مو بكيفچ.
قدر: بلي بكيفي واترجاك لتأذيني وتأذي أهلك.
طال النقاش وبسبب حدة الكلام صار عند الوالد علم بالموضوع، بعدما طلعوا سمعته صاح للوالدة حسيته عرف وفعلاً دخلت للصالة لگيته يناقشها بغضب.
- بابا، لتأذي نفسك بالتفكير ولتحاول تمنعني صدگني مرتاحة بالعمل وماكو أي تعب عادي ماما هيَّ الگاعد تشتغل أني مجرد أروح للحي الكتاب بيدي اقرأ بينما يجي شخص يطلب صحن مني، المسألة بسيطة جدًا مو مثلما متصوريها أنتم.
- أبوچ ما ظلت له عين حتى يحكم عليچ بالكلمة.
تقربت منه الغصة خانگتني، گعدت عند راسه ونصيت أقبل بيده وراها تمددت يمه محتضنته لصدري.
- ماكو أب مثلك بالدنيا، عمرك ما أذيتنا بكلمة ولا بيوم قصرت علينا بشي، الخبزة قبل لا توصل لحلگك تقدمها لبناتك والضحكة قبل لا تمر شفتك تزرعها على وجهنا بالكلمة الحلوة والنظرة الحنونة، أنتَ أب مثالي آلاف البنات يتمنون وجوده بحياتهن، زوج صالح ملايين النسوان يتحسرن على صفاته المموجودة بأزواجهن، إذا قدر اليوم قوية وگد حالها فالفضل يرجع من بعد رب العالمين لك ولتربيتك لأن منك أني اِستمديت شجاعتي وعلى ايدك بنيت شخصيتي لتنسى أني الكنت وراح تظل تگول عليها بنتي بنت أبوها مرة بألف زلمة ينشد الظهر بيها.
اِكتفى بالاِبتسامة المصطنعة وطلب منه نطلع لأن يريد ينام، ثاني يوم كالعادة طلعت على عملي بعدما رجعت من المدرسة توني گاعدة خلف العربانة انصدمت بيامن، وگف يم الكرسي ينادي بصوت عالي حتى يجذب الناس ويشترون مني، باوعت له بعصبية
- أنتَ ليش عنودي؟!
- بس مو أعند منچ.
- يامن لتسوي هيچ لأن راح تزعل أبوك منك ب هالعناد
- أبوية هوَ اللي دزني حتى أساعدچ.
- گول والله؟!
- مو أنتِ على أساس ذكية، ما فكرتِ شلون اِندليتچ!
- اي صدگ! يعني هوَ دزك فعلاً ما گاعد تكذب؟
- وداعة هالعيون الحلوة ما أكذب، هوَ البارحة بالليل بعدما رجعنا منكم اجاني للغرفة وگال أنتَ رجال معدل وكلامك صح ميصير تخلي أختك بالشارع وحدها روح ساعدها بس شرط تدرسون زين ووقت الإمتحان تتركون الشغل وأني أشيل المصرف لأن حلمي بيكم بالطب النفسي ما أريده يضيع، هذا اللي صار بالحرف.
وبيوم تونا راجعين من العمل كالعادة يامن مستحيل يروح لبيتهم اليقابل باب بيتنا إذا ميدخل وياية حتى يساعدني بالأغراض، دخلنا للصالة ركضت ضحى تلگتنا بملامح عبوسة.
ضحى: وينچ تعالي احچي ويا ماما ما تقبل تنطيني فلوس اشتري ألوان.
قدر: ولا يهمچ هذه الفلوس اشتري الأقلام اللي ترديها تتدلل علينا ضحو.
إستبرق: بس ميصير هيچ يا أمي احنا من غير شي يا دوب ملحگين على مصاريف الدكاترة والبيت.
قدر: ميخالف ماما هذا مصروفي مال الدوام لتخلي لي بالجنطة باچر ما أريد.
إستبرق: ونفسچ شنو متفكرين بيها؟!
قدر: ياما وياما قطعتوا من زردومكم حتى مينقصنا شي صار الوقت حتى أني أخذ مكانكم وما أحسس أختي اللي هيَّ بمثابة بنتي بغصة النقص.
يامن: مصرف دوام قدر عليَّ خالة لتشغلين بالچ.
ضحى: هلا هلا يامن الحلو هلا هلا
قدر: كافي رگص عيب كم مرة لازم أعلمچ.
يامن: يلا راح أروح تردون شي؟
قدر: مو ردت الدفتر تنقل الملخص انتظر بس اجيبه
يامن: اي همْ زين ذكرتيني، اِستعجلي.
رحت للغرفة جبت له الدفتر ورجعت لگيت ضحى يمه بالباب تحچي بصوت أقرب للهمس، تقدمت أسمع.
- أنتَ ليش عملاق؟ جسمك ضخم وأني صغيرونة.
- من تكبرين تصيرين عملاقة مثلي.
- من أكبر راح أتزوجك، أني أحبك هواي يامن.
- ولچ ضحى!
صرختها وتقدمت هوَ همْ خطية أخذ الدفتر وراح حتى يتلافى الإحراج الخلتنا بيه هالبلية.
- شنو هذا الكلام السمعته مو عيب؟!
- ليش عيب؟ أني أحبه والله.
- ولچ الله شالني لأن ما اگدر أدعي عليچ، يا حب هذا وينچ وين هالسوالف بعدچ بگد النعال.
- أني نعال! روحي بعد ما احچي وياچ.
لا وهيَّ أم الراهي سوتها صدگ وزعلت!، كلش عندها طِباع صعبة وأحيانًا تصرفاتها تكون مُخيفة لأن أكبر من عمرها بكثير لكن ب شكل سلبي مو إيجابي بحيث أهلي عانوا بتربيتها رغم صغر سنها عكس تربيتي.
بعد مساعدة يامن إلى رجعت سيطرت على دراستي وحسنت من درجاتي وصرت أستعد للإمتحانات النهائية واللي ما بقى لها غير أيام قليلة.
اليوم وبعد أشهر من العمل المُتعب رجعت من المدرسة لگيت بفرعنا سيارات كثيرة وحمايات أمنية واگفين بالتحديد عند باب بيتنا، ركضنا أني ويامن بخوف كل ظننا الوالد صار له شي لكن تفاجأنا بوجود الوزير الكان الوالد يعمل ك شوفير خاص له.
سألت الوالدة عن سبب زيارته گالت حسب كلامه ما كان عنده علم بوضع الوالد مجرد گالوا له مريض وبعد ميگدر على الدوام لكن من عرف بحقيقة مرضه اجى يأدي الواجب ويروح.
كنت عند الباب، سلم ديغادر صرت بوجهه وكانت هذه النظرة هيَّ نقطة الإنطلاق لمعاناتي الحقيقية، انعجب ربما بشكل وربما بقوام جسمي أو بشخصيتي الواضحة من نظرة عيني ودخلت مزاجه حتى يتخذني صفقة مثل الصفقات المتعودين عليها ك مسؤولين في البلد.
بعد يومين مو أكثر اجاني بعرض مغري صعب ينرفض.
طلب الزواج، ومقابل هذا الزواج راح يتكفل ب علاج الوالد وزراعة الكبد له بأحسن المستشفيات، بدون أي تردد وافقت، مو هذا حلمي ولا المستقبل الكنت أخطط للحصول عليه والزواج بالذات كان بعيد كل البعد عن تفكيري ويمكن أخر إهتمامتي خصوصًا وأني بعدني طفلة ما شايفة شي من حياتي الحُرة لكن لأجل أهلي وعلى أمل شفاء الوالد ضحيت ووافقت بسهولة وأصلاً استعجلت بالخطوة رغم المعارضة الشديدة من أغلب أهلي على هذا الزواج.
فارق شاسع بالعمر بالطبقات بالتفكير بالبيئة، ما كان بنظرهم هذا الزواج ناجح لكن أني أتخذت منه صفقة مُربحة بدون ما أفكر ب مداها البعيد.
اِمتحنت وطلعت المعدل الكنت أطمح بيه بعدما تركت العمل بالشارع وتفرغت تفرغ تام لدراستي ومجرد ما اِنتهت الإمتحانات تزوجت من غير فترة خطوبة.
فورًا هوَ بدأ بالعمل على علاج الوالد، أني وماما قدمنا الفحوصات المناسبة حتى نتبرع له بالكبد واثناء ما كنا ننتظر النتائج اِنصدمت بخبر حملي السريع والمُفاجئ
خفت كلش لتطلع نتائجي مُطابقة والحمل يمنعني عن التبرع لكن النتيجة راحت لصالح غيري، الوالدة كانت هيَّ المُتبرع الوحيد والمُناسب اليحتوي على جميع الشروط الواجب توفرها لإتمام عملية الزراعة.
وهيچ بلشنا نستعد للعملية، خلال هالفترة طلبت من هاني أبقى عند أهلي حتى أساندهم وما عارض بل اجى بنفسه ليلة العملية بات وياية عندهم.
بدأوا باِجراء العملية بوسط رعب شديد كانت نهايتها رفض جسم الوالد للجزء المتبرع به ووفاته بعد أربعة أسابيع من العملية، اِنهارينا أني وبيبيتي تمامًا بس رغم كل هذا حاولنا نتماسك حتى ماما الدتسأل عنه باِستمرار متشعر بخبر وفاته المُفجع.
لكن رب العالمين اِستجاب ل دعائها وفعلاً مثلما تمنت أعطته عمرها بتدهور حالتها الصحية بمجرد ما حست بوفاته وبالنهاية لحقت بيه وتركونا اِثنينهم خلال مدة زمنية بسيطة متتجاوز الشهرين!
بوفاتهم اِنطفت حياتي وتدهورت حالتي الصحية جدًا لدرجة صرت أعاني من النزف الحاد واللي بدأ يعرض حملي للخطر وبسبب هالشي أتخذت قرار بترك المرحلة الأولى من الكلية لكن هاني بنفوذه القوي عفاني من كل الاِمتحانات ما عدا الاِمتحان النهائي وهيچ گدرت أعبر هالمرحلة على خير رغم تقصيري بدراستها.
يمكن الشي الوحيد العوضني عن وفاة أهلي والمعاناة المؤذية العشتها خلال أشهر الحمل هوَ خبر السونار بعدما تبلغت رب العالمين راح يعوضني التعب ب توأم غير مُتماثل من جنسين مختلفين (ولد وبنوتة).
بقدر ما تعذبت بحملي بقدر ما فرحت وتعلقت بيهم وهمَ بداخل أحشائي لدرجة رجعت أحب الحياة وصرت أهتم بنفسي أخاف عليها وأعتني بالغذاء اليومي وأداوم على المراجعة للأطباء إلى أن ملؤوا عليَّ حياتي البائسة ونوروا دنياي العتمة بولادتهم البهية.
(بَينة ومُبين) أجمل عوض إلهي عن كل شي مُر جرعته من يوم ما تمرض والدي وتبهذلت بعمل الشوارع إلى يوم فاجعتي بخسارتهم المُفاجئة.
بيبي ما كانت مرتاحة لوجودها بلتي، انتظرتني أولد وساعدتني بالأطفال إلى أن كبروا شوية وراها وبدون مقدمات قررت ترجع للعراق بعد سنوات طويلة من الغربة، حاولت أمنعها لأن أدري ما عندها أحد هناك لكن كان جوابها ولدي موجودين ما راح أبات بالشارع لتخافين عليَّ، وفعلاً سوتها وتركتني.
فتحت عيني بحضنها هذه أمي الثانية خسرتها لچمت جرح فقداني للوالدة وما گدرت اتخطاها بسهولة لوما نعمة التأقلم المنعم علينا بيها رب العالمين.
مشت حياتي بروتين مُمل وبدأت أميل بمشاعري بشكل واضح اِتجاه هاني اليوم عن يوم ديثبت لي أني ما غلطت بقرار اِرتباطي بيه برجولته وحبه ومواقفه الحلوة وياية وويا أهلي لدرجة نجح يفزز بيَّ المشاعر الكانت مدفونة وطلع مني الأنثى النائمة حتى أبدأ وياه حياة مُختلفة تمامًا عن حياتنا بداية الزواج.
كبرت أختي الحلوة التربت على ايدي وصار عمرها 15 سنة وهنا گدرت ألاحظ الحب المخفي البينها وبين يامن واللي كانوا يتبادلوه بنظرات العيون لا غير إلى أن اجى اليوم القرر أخوية يفصح لي بيه عن مشاعره.
- أحبها قدر، أحبها حُب ما اگدر أوصف لچ إياه، كل شي بيَّ يحبها عقلي گلبي روحي رجولتي مو طبيعية هالضحى شنو سوت بأخوچ من جملة وحدة.
- يا جملة ولك؟!
- من أكبر راح أتزوجك، أني أحبك يامن.
- عزا بعينك، من يومها أنتَ تفكر بيها! ضربته بقوة على زنده: طفلة ولك طفلة.
- وعلى أساس هسه هيَّ بعيرة مو طفلة، أكيد مو هذا قصدي بس يعني اني من غير شي كنت أحبها على حبچ ك طفلة طبعًا بس من گالت هالعبارة السطرتتي بيها فكرت بيني وبين نفسي ليش لا يامن سويها وتزوجها من تكبر، ليش أكو بجمالها لو بحلاوة لسانها ولچ خليني ساكت لو احچي بعد تطرديني.
- هوَ أنتَ شبقيت والله اجت حچاية بحلگي بس عيب.
- أريد أتزوجها وبهذه السنة.
- يامن طفلة!
- طفلة تربى بحضني أحسن ما تربى عند الغريب.
- هاني مو غريب هذا ب مقام والدها هوَ اللي ساعدني بتربيتها من كل الجوانب، بعدين أني بعمري ما تصورتك تفكر بهذا التفكير الشرقي، وين ثقافتك!
- أختچ غسلت مخي بنظرة عيونها لا أكو ثقافة بعد ولا بطيخ، تزوجيني إياها لو أخطفها؟
- زين أنتَ شلون تجازف بمشاعرك يمكن تحرم عليك لأن أني أختك بالرضاعة؟!
- لتخافين سألت من كان عمرها عشر سنين، ماكو أي حرمة لأن ماكو أي رابطة تجمعنا أنتِ بس التحرمين عليَّ وعلى كل شخص يخصني بالقرابة الأولى لأن أنتِ الراضعة وياية مو أني.
- خوش والله مضبط أمورك عدل.
- طبعًا، مثلما گالتِ ميصير أجازف بمشاعري بدون علم تام وأكيد مشاعر كرزتي هذه الحلوة.
- ألزم حدك راح تنكفخ.
- كفخي بلكي تصحيني من هالمشاعر، أخوچ تعب.
- لا عيني ميهون عليَّ تعبك اسألها بنفسك إذا موافقة تقدم لها بس من هسه أگول لك الزواج بعد الاِمتحانات
گرص خدي گاز على أسنانه.
- لچ أنتِ شنو، أحلى أخت بالدنيا فدوة ل هالعيون
- حيال.
بَينة: مُبين خالو هنا اجري اجري.
حچتها وطلعت تركض ضحى وياها، رمت نفسها على حضنه وعاد هوَ شلون ميكيف على سوالفها خلصوها قهقهة راسي انسطر.
قدر: لحظة يامن بس احچي وياها: بَينة شو باوع لي
بَينة: نعم مامي.
قدر: أني كم مرة نبهتچ ممنوع تحچين مصري؟!
يامن: والله حلوة هذه غير مولودين بمصر وأبوهم همْ مصري شتريديهم يحچون أسباني!
قدر: لتتدخل هيَّ تعرف قصدي، يلا بوني بدل اجري شنو تگولين؟
بَينة: أركض. اِلتفتت تضحك: مُبين أركض خالو هنا
طلع الشقي الثاني وبدأت مغامراتهم ويا يامن، كلما يجي يلاعبهم بدون ملل بحيث صاروا يطالبونه بزيارة يومية حتى تستمر هالمغامرات المُمتعة.
بعد ساعة كاملة من اللعب سحبتهم منه حتى يرتاح.
- كافي يلا گلبك راح يوگف من الضحك.
عدل ملابسه وگعد يتنفس بصعوبة.
- هسه احچي لو شنو؟!
- احچي واخذوا راحتكم أني رايحة وياهم للغرفة.
وافقت ل مجرد ما فتح الموضوع وياها لأن هيَّ أيضًا كانت تبادله نفس المشاعر، ثاني يوم العصر زارتني خالة نِبراس ومن زيارتها المُفاجئة عرفت السبب يامن
- قدر بنيتي، ما أريد تفهميني غلط بس سؤال ب روح أهلچ تجاوبيني عليه بصراحة وبدون زعل.
- أكيد خالة تفضلي اسألي.
- أنتِ تشوفين أختچ مُناسبة ليامن؟! لتزعلين يمة بس أني أعرف مثلما ما تحبيها تحبيه ومثلما تريد لها الخير تردي له لذلك متأكدة راح تتفهمين سؤالي.
- أفهم ميحتاج تشرحين.
- يعني يامن عاقل هادئ رزن حكيم مثل شخصيتچ مو مثل ضحى شلون يجتمعون وهل يا ترى إذا اجتمعوا زواجهم راح يكون ناجح؟! أختچ بنتي مثلما أنتِ بنتي وصديقة يُمنى الروح بالروح كل عيوبها عندي قبل حسناتها وما گاعد أقتنع ب هالزواجة اِطلاقًا.
- ممكن أوافقچ الرأي بس هيَّ تحبه وراح يغيرها أكيد أما يامن مجنون بيها خالة مو بس يحبها شنو نريد نسوي يعني إذا أكو مشاعر بالموضوع لو زواج تقليدي أگول اي حقچ وخلينا نصرف نظر عن هذا الاِرتباط.
- هذه المشكلة يحبها ولچ حتى ما مستعدين ل زواجه لأن يا دوب توه نهى دراسة التخصص وبدا يشوف طريقه بس خبلنا يريدها ميت حتى تصير ببيته ما أدري شمسوية له هالفصعونة.
- أدعي لهم لعد الله يسعدهم ويهدي سرهم أنتِ أم للإثنين ودعاء الأم مُستجاب.
- يا رب، ليش شنو أريد أني من هالدنيا غير سعادتكم وراحة بالكم.
تم العقد وكانت فرحة يامن بالدنيا كلها، حبها بصدق حبها حُب طاهر وعذري حُب لا يمكن وصفه بالكلام الوصف الوحيد المُناسب له الأفعال وبس.
قدر: ترى حيل زودتيها ضحى، راعي الرجُل شوية!
يامن: خليها تمون وتتدلل ليش عندي غيرها بالدنيا؟
قدر: مع ذلك لازم تقدر وضعك ميصير هالشكل.
ضحى: والله اللي يريد يتزوج لازم يتحمل خو ميجي ياخذ بنات العالم بلوشي.
قدر: أنتِ وتالي ويا هذا اللسان القذر؟!
كانت جالسة بالقرب منه، حضنها ل صدره يضحك.
يامن: كم مرة أعيد وأگول لا يغركم لسانها گلبها مثل القشطة أبيض ونظيف.
قدر: يلا دشوفي شلون يدافع لچ حتى تقدرين النعمة
ضحى: ومنو گال لكم أني ممقدرة. گرصت خده حيل: أموت عليك يا عسل أنتَ يا جميل.
يامن: وأني أعشقچ موت مو بس أموت عليچ.
قدر: ها أخوان نحن هنا!
ضحى: هسه أنتِ مو متريدنا نتعارك! حيرتينا وياچ
قدر: والله هذه الگطمة طيرت عقلك يامن، ما اگول غير بس الله اليعينك.
ومنا بدأت المشاكل بالظهور، ضحى مثل أغلب البنات المراهقات متفكر بشي بقدر التفكير بالمظاهر ويامن رجُل لا يزال في بداية الطريق ميمتلك المادة الكافية حتى يحقق لها جميع الشروط التعجيزية.
بعد فترة قليلة من خطوبتهم وتحديًدا بعد الاِمتحانات النصفية اِنصدمنا بنتيجة ضحى واللي كانت الرسوب بجميع المواد تقريبًا ومنها صعقتنا بالخبر الأسوء وهوَ قرار تركها للدراسة، حاولنا أني ويامن إلى أن عجزنا حتى نخليها تتراجع عن قرارها لكل كانت حاسمة أمرها بشكل نهائي غير قابل للتراجع!
يامن وبعد غياب عائق الدراسة عن طريقه حب يعجل بالزواج لكن بكل مرة يفتح الموضوع وياها تقابله بالرفض القاطع وأصرارها على اِتمام الزواج بالوقت المُقرر.
اليوم طلعوا يستكملون تجهيزات الزواج، أقل الساعة واِنفتح الباب دخلت ضحى الوجه أصفر والملامح عبوسة نهضت بسرعة أريد أعرف شنو بيها دخل يامن وراها حالته أسوء من حالتها بصورة مُضاعفة.
- خير إن شاء الله شبيكم يمعودين؟!
- قدر تعبت، قسمًا بالله العلي العظيم تعبت ما أگدر أتحمل أكثر من كل هذا راح أنفجر.
- تعال اگعد فهمني شنو صار؟
تركته بالصالة ورحت للمطبخ اجيب له ماي، رجعت دأناوله الگلاص انتبهت لايده ترجف بوضوح من شدة العصبية، اعطيته يشرب وگعدت يمه كفي على ظهره.
- اهدأ حبيبي ماكو مشكلة مالها حل، شنو صار احچي
- تريد تنفصل تخيلي.
- شنو!
- قدر أني ما قصرت وياها بشي، رغم وضعي المادي السيئ حاولت حتى ما اخليها تحس بنقص، ما ردت احچيها بس مجبورة حتى دين من رسول تداينت بس علمود أحقق لها رغباتها ومتحس بالنقص.
- يامن أني...
- خليني أكمل رجاءً، ضحى لو ماخذها على الطريقة التقليدية للزواج كان من أول شهر رميت عليها اليمين بس هذه غير، هذه أني أحسها مسؤولة مني من قبل لا أرتبط بيها، بيناتنا شي أكبر من الحب بيناتنا تعلق بيناتنا اِنجذاب بيناتنا عشرة عمر طويلة متختصر بالسنين، أحبها وراح أبقى أحبها لو شتسوي.
- ما أحتاج لكل هذا الكلام لأن أني أعرفك شنو وأعرف أختي شنو.
- يعني تتصورين سهلة عليَّ تتطلب شي وما أگدر ألبيه لها، ولچ والله لو تطلب روحي متغلى عليها بس شسوي هذا وضعي وهذه حالتي منين اجيب حتى أرضيها أمد ايدي للحرام مثلاً!
- معليك بيها هسه أني صاعدة احچي وياها وغصبًا تنزل تعتذر منك.
- ما أريد غصب أريدچ تقنعيها، أني راح أسافر علمود المؤتمر ومن المقرر بس أرجع يتم الزواج، لتخرب علينا فرحتنا بعنادها الما له داعي، فهميها هذا الشي.
- ولا يهمك، گوم يلا توم وجيري ينتظروك لاعبهم بينما احچي وياها وأرجع لك.
- اي والله مشتاق لهم، همَ بس الينسوني هموم الدنيا
ربتت على كتفه وصعدت لغرفة ضحى، طرقت الباب صاحت تفضل دخلت گاعدة على السرير والوجه محتقن
- ها اشتغلت طناگيرچ على المسكين!
- اسكتي قدر كل شي متعرفين.
- لا وأنتِ الصادقة اعرف كل شي خصوصًا أنتِ مربيتچ على ايدي وأعرف كل دماراتچ بدون متحچين.
- يعني راح تحكمين عليَّ بالغلط قبل لا تسمعيني!
سديت الباب وتقدمت مبتسمة، گعدت مقابلها على السرير وأخذت كفوفها بين كفوفي.
- حقچ، عروسة وتريدين تفرحين بالطريقة الترضيچ بس يا حبيبتي لا تنسين يامن توه متخرج منين يجيب ترى والله خطية.
- اي كان أجل موضوع الزواج ليش هالإستعجال!
- إستعجل لأن يحبچ يا ثولة، يعني معقولة كل هالحُب البعيونه لچ وتالي تسأليني هالسؤال؟! بعدين أني قصرت وياچ حاچيني! تردين شي أطلبيه مني وراح أجيبه لچ مهما كان ثمنه لأن ماكو شي يغلى على بنتي.
- شنو تجيبين مثلاً، الغرفة اللي على مزاجي لو الذهب اللي عجبني؟! أدري أني متزوجتچ لو متزوجته.
- بس ذهبچ وغرفتچ ما قاصرات عمري أنتِ!
- اسكتي يمعودة مو گاعدة بيلا مليانة خدم وحشم ومتروسة بالذهب والخير وجاية تحچين، أني الأخشاب اللي هنَّ حقي ما گدرت أختارهن مثل البنات.
- ليش تحچين هيچ؟! أني مقصرة وياچ بشي؟ ليش من شوكت بيني وبينچ أكو فوارق أنتِ جزء مني وبيَّ واللي أملكه كله يعتبر ملكچ، ما حبيت منچ هالكلام.
- مخنوگة قدر، ما مرتاحة والله ما مرتاحة.
- حاولي تنظرين للجانب المليء من الكأس واتركي عنچ الفاضي، إذا تردين تقارنين حياتچ وياية ف الكفة راح تملين لصالحچ بدون مُناصفة، تزوجتِ عن حُب من رجُل يعشق النفس التتنفسيه، اِنخطبتِ عن اِرادة عشتِ وياه فترة حلوة قبل الزواج، أكو توافق بالطبقات بالبيئة بالعمر، أخذتيه عن قناعة وأخذچ عن رغبة روحية مو جسدية مثل هاني، هاني أخذني طمع وتجارة لكن مع مرور الأيام گدرت أثبت نفسي بحياته وصار يصعب الاِستغناء عني رغم الفوارق الشاسعة.
يلا حبيبتي امسحي دموعچ الحلوة وإنزلي صالحيه، يامن عنده الموت ولا زعلچ، متدرين شنو كانت حالته من حچى وياية بس لأن يحس نفسه مزعلچ ولو من غير قصد، ها وبعد ما أريد أسمع كلمة ننفصل على هذا اللسان أنتِ اِنخلقتِ ليامن ويامن اِنخلق لچ متصيرون غير لبعض، مفهوم.
- بس قدر...
- راح يسافر بعد يومين، معقولة تخليه يروح زعلان وزواجكم بعد رجعته مُباشرةً! يلا دگومي.
هز راسها بالإيجاب، سحبتها ل حضني أضحك.
- أحبچ يا بنتي الأولى ولچ حتى بَينة متجي يمچ شي
- وأني أحبچ.
- يلا لعد امشي صالحي يامن بطريقة لطيفة.
نزلنا سوى كان يلاعب الأطفال بالغرفة، فتحنا الباب نايمين عليه بنفس الوقت محتارين شيسوون بجسمه وهوَ يقهقه من الضحك، بس حس علينا بعدهم ونهض
تقدمت ضحى وگفت أمامه، باوع لها بنظرة عتب بس نطقت الأسفة سحبها لحضنه ب لهفة عميقة.
يامن: تزعل الدنيا مني ولا زعلچ، ووعد حبيبتي بس أستقر بالوظيفة والله يمكني راح أنفذ لچ كل شي ردتيه وما گدرت أحققه هسه بسبب سوء الحال.
ضحى: وجودك بحياتي كافي، بطلت ما أريد شي بعد
قدر: أهلهل؟! ديروا بالكم تتعاركون مرة ثانية.
هاني: مشاكل مشاكل كل يوم مشاكل.
يامن: يا أهلاً بأبو مُبين.
تقدم يضحك تسالم وياه ورجع حضني.
هاني: ايه يحُبي ما جهزتيش لدولقتي ليه؟!
قدر: ثواني وأجهز حبيبي، اعذرني اِنشغلت وياهم.
روح: راح انجن قدر! ليش لعد يامن ما تزوج ضحى لليوم وليش أنتِ وهاني اِنفصلتوا، گلبي يوجعني كلش خايفة من شي خطر على بالي واتمنى أكون غلطانة.
رفعت راسي للأعلى أتنفس بصعوبة من شدة البكاء.
لا أكتُبُ اليَومَ نَثرًا، فَأفْعالُهُمْ الشَنيعَةُ وَحدَها تَكفي لِتُخبركُمْ كَمْ يَحمِلُ البَشرُ في داخِلِهِ شَرًا.
مُبين: مامي مامي.
قدر: نعم يا روح المامي.
مُبين: عايز أقول لك حاجة بس متزعليش مني.
قدر: احچي عراقي وأني ما أزعل منك.
مُبين: سمعت بابي يتكلم ويا ضحو ويقول إذا راحت قدر لعملها انتظرچ تشغلين الأطفال وتجين لغرفتي
بلعت ريق بتوتر وجسمي صار يرتعش من هول الكلام
قدر: لا حبيبي أكيد مفتهم غلط، مو هيچ قصدهم.
مُبين: بس بابي قَبلها من هنا. أشر على شفته!
قدر: روح على غرفتك مُبين وإياك تحچي هالكلام لأي شخص ثاني وإلا أزعل عليك ها.
مُبين: حاضر.
حچاها وراح يركض، نهضت على حيلي الما بقى منه غير القليل أفتر بالغرفة بطريقة صعب تنوصف.
اي أني ذكية اعترف بس مستحيل هالذكاء ياخذني لتصديق كلام مُبين وأشك ببنتي لربيتها على ايدي من كانت طفلة إلى أن شبت، ممكن تطعني ب ظهري.
لا مستحيل هاني أبوها بيناتهم أربعين سنة وهوَ اللي رباها على ايده شلون يطمع بيها!
وأني أني أمها شلون تتجرأ وتغدرني!
ما گدرت أسكت، رغم قلبي رافض لتصديق الحقيقة بس عقلي يدفعني للشك رغمًا عني.
ما رحت للدوام بيومها حتى أخذ وقت مناسب للتفكير الليل كله ما نمت عقلي يودي ويجيب بس مجرد التخيل يخليني أنهار شلون لعد لو واجهت الواقع!
قدر: يلا ضحو أني رايحة ما أوصيچ عليهم.
ضحى: من عيوني قلب بس تتأخرين لو ترجعين من وقت مثل قبل يومين؟
قدر: اتأخر يمكن لليل يلا اجي لتنتظروني على العشا
ضحى: تمام حبيبي الله وياچ.
غادرت البيت أمام أعيُن حرس الفلة ورجعت دخلتها بالإتفاق ويا البواب وبدون علمهم.
نزعت الشوز ودخلت من الباب الخلفي، سمعت صوتها طالع من غرفتها تحچي ويا أولادي ركضت بسرعة متوجهة لغرفتي، بقيت أراقب الكاميرات نصف ساعة ورجع هاني لليلا وقف عند الباب يتناقش ويا الحرس متأكدة يسألهم عليَّ وراها دخل اسرعت لغرفة الملابس فتت وسديتها فاتحة العين السحرية على المنتصف.
دقائق مُستحيلة الوصف اِنتهت بدخولهم بوقت واحد للغرفة، ركزت نظري المشوش من شدة التعب، مسكوا ايدين بعض وأخذها لحضنه بعدما طبع قُبلة مجنونة المشاعر على ثغرها تعبر عن مدى رغبته العارمة لقربها وهوَ يجردها من الملابس إلى أن عراها تمامًا!..