رواية عزلة السقر للكاتبة لبنى الموسوي الفصل الأول
مِن قلب مصر / القاهرة
س أتجول وإياكم في شوارعها بين القصور الفاخرة وحاراتها الشعبية البسيطة لنعود إلى إحدى احيائها السَكنية حيث تقنط فيها فتاة هيَّ كَ الحلم!
بل هيَّ تفوق الأحلام لتكون لنا ولكم كَ الخيال.
من قوتها يأخذ الرجُل قوته
ومن رقتها نُسجت رقة حواري الجِنان
في حنيتها هيَّ أم
وفي مواقفها المُشرفة يتجسد سند الأباء.
صَنعت نفسها بنفسها ودَهست على أوجاعها ب عجلات أحلامها حتى اصبحت مُهرة تجوبُ أرجاءَ الأرض وظهرها مُتجردٌ مما يُدعى خَيال...
قدرٌ...
تِلكَ التي تقدمت ب شجاعة نحو اولائِكَ الذين أرادوا أن يخطوا لها قدرها بِ حِبرهم
وحين وصلت إليهم.
جردتهم ب رمشة عينٍ من قَلمهم
أخذتهُ
ب يدها وضعته
أمامَ أعيُنهم رفعته وبِلا تردد كَسرتهُ
لتسحب بعدها ريش النَعام من شعرها الحرير
ليُسدل على كتِفيها بِ رقة
وتكتب قدرها بِ إصرارٍ وقوة.
وهيَّ تقول: أنا قدرٌ والقدر لا يَصلح إلا أن يخُطَ نفسهُ بِ نفسهِ.
في صباح من صباحات ديسمبر.
في الطابق الثاني من عمارة الحاج فرغلي
وقفتُ أمام الشقة الرابعة لأفتح بابها ب مِفتاح الإذن الذي حصلتُ عليه من قدرنا وبهذا تمكنتُ وإياكم من الدخول إلى حياتها لنتعرف على مكنوناتها الخَفية.
الشقة هادئة للغاية.
يبدوا إن بطلتنا لا تزال حالمة في نومها العَميق
حسنًا س ننتظر قليلاً حتى تستفيق.
ماذا تريدون لم أسمع جيدًا؟
اها جولةٌ في مسكنها! لكم ذلك ولكن ب هدوء.
انظروا هنا الصالة إنها متوسطة المساحة لكنها جميلة للغاية وفضل هذا يعود إلى الذوق الرفيع لصاحبة المكان
تعالوا معي لنتعرف على باقي تفاصيل الشقة.
إنهُ المطبخ يقع في المقدمة
وها هيَّ الحمامات
هُناك ثلاث غُرف. لنفتحها ونرى
هذه غرفة للجلوس
الثانية فارغة تمامًا مُتجردة حتى من فرش الأرضية
اششش صوت الباب مزعج للغاية
آآآه! هذه غرفتها لقد استيقضت بسبب الإزعاج.
دعونا نعود سريعًا قبل أن تكتشف وجودنا، نعم صحيح هيَّ اعطتنا الإذن بالدخول لكن هذا لا يعني أن نقتحم غرفتها الخاصة وهيَّ نائمة. سامحكم الله فضولكم هوَ من دفعني لفعل هذا الأمر وجعلني أتطفل لإستكشاف المكان لكن لن أسمع كلامكم بعد اليوم ابدًا كي لا نقع في المشاكل. الفضول صفة سيئة عليكم أن تتجردوا منها
ها هيَّ قد خرجت.
انظروا إلى جمال شعرها المُبعثر وعينيها الناعستين
غسلت ثم ذهبت للمطبخ.
كلا. كلا لن ألحق بها كفوا عن التطفل رجاءً
الآن خرجت ب يدها كوب القهوة متوجهة نحو النافذة
اجلسوا وانصتوا ب هدوء ف رحتلنا طويلة وشاقة للغاية أتوسل إليكم أن تلتزموا الصمت يا جيشي الخلوق وتبقوا كما عهدتهم في قمة الثقافة تبدون الرأي بكل ودٍ وإحترام
لا تنسوا هذه الوصية كي لا نخرجُ من هذا المكان في يومٍ ما مطرودين. الكلام فيما بيني وبينكم هذه الفتاة التي ترونها أمامكم شرسة ومخيفة لا توقعوني معها لطفًا.
- فتحت البالكون اباوع على ضجيج الشوارع المزدحمة بالبشر وجودهم وحركتهم السريعة ينطوني طاقة عجيبة حتى ابدأ يومي بنشاط وأتجرد من كسل النوم
رفعت عيني على السماء باردة ثلج والجو مغيم شكلها راح تمَطر واني نقطة ضعفي المطر. سحبت فنجان القهوة من الطاولة أخذت رشفة ب إستمتاع هوَ الوحيد اليرجع مزاجي لطبيعته بعد ليلة مليئة بالتعب والمغامرات.
رن موبايلي ب هالأثناء، من شدة إندماجي بالمنظر ما گدرت أرد. تجاهلت صوته سارحة ب خيالي إلى أن انتهى الإتصال
وجهت نظري الساعة صارت السبعة لازم أتحرك
شربت رشفة أخيرة من الفنجان ونزلت الستائر
ركضت للحمام أخذت دوش سريع وجففت شعري تركته مفتوح بين ما أبدل أضوج ألمه بعد الإستحمام مباشرةٍ لأن ب هالطريقة راح أساعده على التقصف.
سحبت البنطرون البيجي لبسته و وگفت أمام بلوزاتي مُحتارة، النظرة المُعتادة كل صباح مستحيل أختار بشكل عشوائي لازم أضيع عشر دقائق من وقتي بالصفنة
فزيت على صوت الموبايل يرن من جديد. مديت إيدي أخذت البلوز الزيتوني لبسته ورحت للميز مجرد لمسات خفيفة من المكياج بعدها سشورت شعري ورفعته ذيل حصان وهيچ صرت جاهزة للدوام.
- باوعت لنفسي بالمرايا مبتسمة: صار الوقت اللي بيه تغادرين ل عُزلتچ ال ذهنية وتتخلصين من هالعالم
بست إنعكاس صورتي وسحبت الجنطة، غادرت شقتي أغني ب دندنة مع إبتسامة رقيقة تلون ملامحي الهادئة
وحياة قلبي وأفراحُه
وهناه في مساه وصباحُه
وحياة قلبي وأفراحُه
وهناه في مساه وصباحُه
ما لقيت فرحان في الدنيا زي الفرحان في نجاحُه
كان حلم جميل في خيالنا
ولا غابشي في يوم عن بالنا
كان حلم جميل في خيالنا.
ولا غابشي في يوم عن بالنا
وبنى لنا قصور وفرشها زهور
في حياتنا ومستقبلنا
- اشي اشي إيه الفرحة دي كلها ربنا يدمها عليكِ نعمة
- ههههه صباح الخير خالة جمالات
- يسعد صباحك ي ست البنات أزيك عاملة ايه يبنتي
- الحمد لله واعتذر كلش أول البارحة رجعت متأخرة شگد حاولت أخذ إجازة علمود أحضر كتب الكتاب بس شسوي المدير ما قبل ينطيني عندنا ضغط بالعمل
- ولا يهمك يحبيبتي احنا عارفين ومقدرين ظروفك.
- ابتسمت ب إمتنان: يلا خالة صار لازم اروح محتاجة شي
- استني شوية رايحة فين
حچتها ودخلت للشقة تركض، شوية وطلعت لي حاملة ب إيدها كنافة: حلي بقك من حلوان أخوكِ عادل
- والله ما اگدر من الصبح معدتي متتحمل الحلاه
- اهي ب تكسفيني يعني
- ما عاش ال يكسفچ. أخذتها حطيتها ب حلگي: ألف مبروك منه المال ومنها العيال يا رب، شايفين كل خير
- عقبال عندك ي ست الكل
- لا خالة دخيلچ خلي الدعاء ل شغلي عوفي ال زواج.
- واللهِي أنا في زمناتي كنت زيك...
- خاااالة. گرصتها من خدها: تأخرت الشغل كلش
- أيوه أهربي أهربي ماهو ده الأنتِ فالحة فيه
- ههههه والله مو هروب بس حفظت السالفة على گد ما عدتيها عليَّ، يلا باااااي
- ربنا معاكِ يحميكِ ويحرسك من كل شر وبلية قادر يا كريم
لوحت لها ب إيدي ونزلت السريع
توني طالعة من باب العمارة صار ال بواب ب وجهي
- صباح الخير عمو حسين
- يسعد صباحك ي ست هانم
- السيارة جاهزة؟
- أيوه جاهزة بس يعني عدم المؤاخذه مش شايف في إيديكِ مظلة والدنيا شكلها ه تمطر قوي
- ليش أكو عاقل يحمي نفسه من أحلى شعور سماوي
صعدت بالسيارة اضحك. مسح لي الجامة من الضباب طلعت له فلوس انطيتهيا، ب صعوبة قبل ياخذ
تحركت مسافة. سحبت الموبايل من الجنطة يامن اللي كان يتصل، ربطته البلوتوث ودگيت عليه
أول مكالمة ما رد،
الثانية رفضني.
تركته براحته يمكن مشغول أو ديسوق وميگدر يجاوب.
الشوارع زحمة بشكل خانق بصعوبة وصلت لمكان عملي، نزلت تلگاني كريم رميت له السويچ من بعيد
- صباح الخير
- صباح الهنا ي سعادة الدكتورة
- دكتور يامن وصل
- أيوه وصل من شوية
لوحت له بالسلام ودخلت اتمشى ب هدوء، وصلت لغرفتنا طرقت الباب ودخلت.
صبحت عليه رد ب لامبالاة،
گعدت ب مكاني وعيوني تراقبه مندمج بالأوراق يسوي نفسه ممهتم لوجودي
- يامن، يامن تسمعني؟
الووو نحنُ هنااااا هل تسمعني حووول.
هيوو شبيك يالمعقد مو داحچي وياك! شنو انطرمت
- شكو
- يابة عود مرحبا
- رفع حاجبه ب إستنكار ودار وجهه عني.
- زعلان الأسمر ما يگلي مرحبا
زعلان الأسمر ما يگلي مرحبا
ما رايد أكثر غير چلمة مرحبا
زعلان الأسمر ما يگلي مرحبا
هجره ولا معقول وآنة الأصالح ما يگلي مرحبا
زعلان الأسمر ما يگلي مرحبا
يزعل على ويگول ما اريد اسامح ما يگلي مرحبا
زعلان الأسمر ما يگلي مرحبا
هوَ الزعل شيفيد من گله يزعل ما يگلي مرحبا.
زعلان الأسمر ما يگلي مرحبا
غيره ابد ما اريد ليش يتبدل ما يگلي مرحبا
زعلان الأسمر ما يگلي مرحبا
زعلان الأسمر ما يگلي مرحباااااااااااااااااااااااااااااا
- وحمس حتى حمسسسسسسسس
لو عارف محسن الله يرحمه عايش ويسمع أغنيته تغنت ب هالصوت ال چان غم روحه مليار مرة لأن فكر بيوم من الأيام يغني لنا هالأغنية
- عادي اصلاً اعرفك تغار من صوتي الحلو
- تحرك بالكرسي، صدر صوت: أعتقد وصلچ الجواب
- هههههههه سخيف.
- لا العفو يبوي وين نگدر نوصل لسخافتچ
- كافي زعل والله كنت تعبانة وإلا أصير بلا عقل لو أرفض عزيمة خالتي، ليش أكلها همْ يتفوت؟!
- متأكدة هذا سبب زعلي؟
- إذا قصدك الإتصال والله العظيم الصبح يلا شفت مكالماتك تعرفني من أنام أدخل غيبوبة
- تجاهلني ورجع يكتب.
- يامن، يامن كافي عاد زودتها هذا كله لأن مجاوبتك.
- لچ أم نص عقل خفت عليچ يا إتصال هذا الدتحچين عنه، يعني فجأة وبدون سابق إنذار تعتذرين عن العزيمة وأتصل متردين رغم بعدنا بأول الليل لا وحتى الصبح ما كلفتِ نفسچ ورديتِ على إتصالي كل هذا وتردين ما أزعل، للعلم اجيت ودگيت الباب عليچ لما إيدي وگعت لدرجة ردت اكسرها لو ما أم عادل گالت شفتها قبل ساعة دخلت للشقة
- اسفة يماني حقك عليَّ وان شاء الله متتكرر
- أنتِ بخير
- بخير ما طولك ب حياتي.
- ديلا گومي ورانا كومة شغل لأن عندنا جرد هالأسبوع كله يا دوب نلحگ نقفل السجلات
- يعني مو زعلان؟
- امشي أم نص عقل ليش گلبي يگدر يزعل عليچ
- اروح فدوة لگلبك ي گلب أخيتك أنتَ
إبتسم ب حب وحاوط كتفي ب ذراعه. طلعنا سوى.
أسبوع من أصعب ما يكون انتهى ب إغلاق ملفات هذه السنة وبهالطريقة نكون ودعناها و ودعنا ضيوفنا حتى تنتهي أيامها بحلوها ومرها وتبدي أيام جديدة لسنة جديدة مع ضيوف جُداد واللي كنت أتصور راح تكون سنة عادية حالها حال غيرها لكن للقدر رأي مُختلف تمامًا
غادرت المصح ويا يامن خيط الغروب واضح والزايد من عتمة المكان إمتلاء السماء بالغيوم.
سلمت عليه وكلمن صعد ل سيارته.
تحركت مسافة حسيت اكو شي غريب سيارتي مگاعد تمشي ب شكل مستقيم!
وقفت مسيرها ونزلت.
شنو هاي يربي تايرين عندي نازلات ب وقت واحد!
رفعت إيدي على راسي ب ضجر: أف غير حظ عليَّ وقتچ هسه تعطلين مو حتى سبير ما عندي غير واحد يعني لازم أرجعچ للكراج وأرجع ب تكسي
ضربت التاير ب رجلي وصعدت اسوق ب هدوء،
وصلت للكراج انطيت لكريم فلوس و وصيته يصلحها من الصبح لأن احتاجها، بدونها حركتي تتقيد جدًا.
رجعت اتمشى للشارع العام، بعدني ما واصلة مطرت الدنيا، إستعجلت ب خطواتي صار الشارع گدامي السيارات تمشي بسرعة شگد أشرت محد وگف لي
زاد المطر بشكل واضح.
حميت الملفات ب معطفي ومشيت مسافة
منزلة راسي وعيوني على الأوراق بالي كله يمها خايفة لتلوحها نداوة بسبب غزارة المطر، ما أحس إلا اجتني ضربة بكتفي من قوتها وگعت للخلف
ملابسي تنگعت
ظهري توجع
الملفات تطشرت. يا إلهي شوف شنو صار ب حالي!
إلتفتت وراية رَجُل من سواد قاتم ك أنه رَجُل الظل
القبعة سوداء
المعطف أسود
الملابس سوداء
حتى حذاءه بوز ذو جلدٍ داكن السواد
صرخت بصوت عالي: اعمى خوما اعمى شنو متشوف
حتى ما إلتفت عليَّ
اكتفى ب رفع إيده للأعلى ك إعتذار و واصل طريقه
نهضت ب عصبية أنفض ملابسي من الماي: والله لوما بعيد عني مسافة كان عرفته حجمه هالحيوان
أخذت الأوراق من القهر جمرت بعز البرد: كل تعبي راح يا أسلام، كل تعبي رااااااااااح.
إلتفتت الشارع رفعت إيدي أشرت لسيارة الأجرة مو أول ولا ثاني ثالث وحدة يلا وگفت لي
صعدت روحي بطرف خشمي، راد السائق يتكلم سكته بطريقة مؤدبة لأن كلش ما عندي مزاج أخذ وأنطي وياه بالكلام
عين الشارع والعين الثانية الملفات، مديت إيدي لجيب معطفي شنو السالفة الموبايل وين!
دورت ب إستعجال
جيب المعطف
البنطلون
الحقيبة
ماكو بس لا وگع ويا ما وگعت، رفعت عيني السائق
- ي اسطة معليش نرجع للمكان الأخذتني منو.
- تكرم عينك ي ست هانم
- متشكرة
همزين ما إبتعدنا هواي، بس وصلنا فتحت الباب ونزلت ركض دورت بالمكان ماكو! رجعت طلبت موبايله منه ما قصر الرجال قدملي أياه قبل لا أكمل كلامي، إتصلت على رقمي يرن بس ماكو رد: يا ربي معقولة واحد لگاه مرمي الأرض وسرقه! شنو هالمصيبة
- إيه ي افندم ه نفضل واقفين هنا كثير ولا آيه
- لا خلص خلينا نمشي
صعدت السيارة وبالي كله يم الموبايل
يمكن نسيته بالمصح.
بس لا لا اني دأتذكر خليته بجيب المعطف قبل لا اغادر الغرفة، زين معقولة أكون متوهمة! والله كل شي يصير لأن ذاكرتي ب هالفترة صايرة تمامًا مثل ذاكرة السمكة بسبب ضغوطات العمل والحياة
وصلت للبيت جففت الملفات الحمد لله أوراقها سليمة بس ورقتين تداخلت بيهن الكلمات والأرقام بين بعضها البعض وصار لازم أعيد كتابتهن.
طول الليل أشتغل عليهن ل 12 خلصتهن. نهضت من مكاني التعب ماخذني، طگيت رگبتي ودخلت للحمام غسلت وفرشت أسناني دأشرب ماي بالمطبخ سمعت موبايلي الثاني يرن رميت الگلاص من إيدي ورحت أركض طلعته من الجرار حتى شحن ما بيه صار لي يومين هاملته. رديت بسرعة
- الوو
- إزيك يبنتي؟ أنتِ جاهزة
- وصلوا؟!
- أيوه وصلوا ولازم تستعجلي شوية
- حاضر نصف ساعة وأكون عند حضرتك.
سديت الخط وحطيت الموبايل الشحن بين ما غيرت ملابسي شحن شوية وراها تسحبت ب هدوء كالعادة من الجهة الخلفية للعمارة، بعد ساعات مُتعبة رجعت للبيت رميت نفسي على وجهي حتى ما گدرت أغسل وألبس شي مريح للنوم، ما حسيت إلا على صوت ساعة المنبه، طفيتها ونهضت من الفراش بصعوبة التعب بعده ب جسمي
وصلت للدوام، طرقت باب الغرفة ودخلت يامن موجود سلمت عليه وإنداريت للمكتب أدور على موبايلي
- ها ش مضيعة.
- موبايلي ما ادري وين ضيعته
- صايرة ثولة ب تبذير
- يامن!
- بس فهميني اكو واحد يحط موبايله بمكان وينساه
- يمعود حقك متعرف شنو صار وياية البارحة
- خير يا رب
- حچيت له الموقف بالكامل.
- ادري اني مو توني چنت تاركچ ليش ما اتصلتِ عليَّ بدل هالبهذلة كلها؟!
- هسه منو الغبي بتبذير اني لو أنتَ؟ دأگول الصخام ضايع شلون أتصل ب خشمي.
- اي مو على اساس هوَ ضاع وأنتِ بباب المصح شحال لو ما تذكرتِ الموبايل ورى ما انمسحت بيچ شوارع القاهرة، بعدين وإذا ضاع قابل ما حافظة رقمي بس گولي اني داتحجج اگولچ أنتِ على راسي
- هسه ش مدريني صارت بعد. سد الموضوع
- وموبايلچ
- الظاهر إنسرق بعدما تركته بالشارع ورحت
- لا يا مُنعدمة التركيز ما إنسرق ناسيته هنا، هاچ تفضلي
حچاها وطلع الموبايل من جيبه تنفست ب راحة
أخذته من عنده أضحك وكفخت شعره ب حركة خفيفة.
- عابت خو من أول طمأني لو متگدر إذا متنصب عليَّ
- أحب الحرشة
- سرسري ب تبذير
- هههههههه مقبولة منچ رفيقة دربي
خلعت الجاكيت ب إبتسامة وطلعنا سوى للإدارة.
الليلة ليلة رأس السنة الجديدة، ب ثمانية وعشر دقائق صرت أستعد للخروج مثل كل سنة.
وگفت گدام المرايا وبدأت ب وضع الميك آب، إختاريت الألوان الترابية للظلال والأحمر الناري ك أحمر شفاه بعدها تشيكت ب فستان يحمل لوني المفضل (الأحمر) وزينت جوانب شعري ب ورد صغير أبيض اللون بعدما سشورته وبرمت أطرافه وبهذه الطريقة صرت مستعدة لإستقبال السنة الجديدة ب كامل الطاقة والحيوية رامية كل شي صار وياية بالماضي خلف ظهري مُتناسية كل الأوجاع المستوطنة صدري.
قبل لا أغادر الشقة إتصلت على بيبي حتى أعايدها لأن اعرفها تنام من وقت وبس اتأخر صعب أحصلها بعد
- يا هلا بالغالية بنت الغالية
- هلا بيچ ي نظر عيني وكل عام و أنتِ أحلى و أطيب وأحن بيبي بالدنيا كلهااااا
- بعد عمري التذكر بيبيتها ليش اكو طيب من بعد طيب گلبچ؟ الله يسعدچ ويعوضچ الخير عن كل شي شفتيه وعشتيه ب حياتچ، ما تستاهلين غير السعادة
- أحبچ اني، أموت أموت أمووووت عليچ.
- واني بعد أحبچ ليش ش عندي غيرچ ب هالدنيا.
حچتها ب عبرة واضحة
- بيبي شبيچ؟!
- ما بيَّ ي بيبي بس مختنگة على شوفتچ
- يروحي حقچ عليَّ بس والله مداشوف دربي، أدعي لي افرغ هالفترة واوعدچ راح اجي واشوفچ
- لا تكلفين على نفسچ بنيتي راحتچ عندي أهم مني
- راحتي ب شوفتچ غير أنتِ أمي الثانية ولوما إصرارچ والله العظيم فلا أقبل تعوفيني وترحين يمهم.
بقينا نحچي بالربع ساعة، اكو شي بداخلي يگول هيَّ مو بخير بس أرجع واگول مجرد أوهام ش يريد يصير قابل وهيَّ عايشة بين أهلها وناسها!
طلعت ب سيارتي، الشوارع مكتظة بالبشر. افتريت شوية أغير جو بعدين اشتريت باقة ورد أحمر وتوجهت لبيت أهل يامن متعودين كل سنة نحتفل سوى
طرقت الباب اجاني صوت أيمن صاح منو. ما رديت
رفعت الباقة گدام وجهي ثواني و سمعت الباب إنفتح
- معقولة! اكو ورد يهدي نفسه ترى ما صايرة ابددد.
- بعدت الباقة عن وجهي اضحك: حيال وربك حيال
- مشكلتچ الوحيدة معدومة الثقة ب النفس
- ماماتي أنتَ اصلاً أوزع على الكرة الأرضية ثقة اخاف متدري
نِبراس: هذا صوت قدر
قدر: اي خالة
نِبراس: هلا بنيتي ألف هلا
هاي وينچ ليش تأخرتي توني ردت أتصل عليچ
تقدمت مبتسمة أخذتني لحضنها،
سلمت على عمو سَلمان و بوست يُمنى.
گعدت عيوني تدور بالصالة شو ما له صوت وين صار
يُمنى: على شنو دتدورين
قدر: ههههههه يامن وينه ليش مموجود بالبيت.
يُمنى: طلع قبل شوية بس گال ما اتأخر هسه على جية
أيمن: اني اگولچ وين راح، يجيب ورد مثلچ لأن أنتم شغلكم كله بالنبات اليگول دتعايدون حديقة حيوان مو بشر بس اريد اعرف بشنو قصرت وياكم البقلاوة
قدر: عفناها الك أبو بطن
أيمن: هاها عود من تجوعين أكلي ورق الورد أم حلگ
نِبراس: يوم واحد بس يوم لتتكافشون
هسه إذا مو علمودنا ف علمود راس السنة لو إلا تبدوها مثل توم وجيري من الروس
قدر: خالة هذه خلفتچ اني شكو.
أيمن: عيدي شنو گلتِ
يُمنى: حبابين أبوس إيديكم الحلوة لتتعاركوووون
يامن هيييييييلب
بعدها محاچية إنفتح الباب ودخل يامن. الورد ب إيده
كلنا ضحكنا ب صوت واحد عبالك سمعها
قضيت وياهم الساعات الأخيرة من هذه السنة وبديت وياهم أول لحظات السنة الجديدة. للوحدة تقريبًا استأذنت أرجع للبيت، يامن أصر يوصلني رغم عندي سيارة بس هذا طبعه كلما اجي يمهم واتأخر ميرتاح إلا يوصلني ب نفسه. عود يخاف عليَّ حقه ميدري بالمضموم.
سلمت عليهم وطلعنا سوى. أخذ مني السويچ ساق عني، الطرق مُزدحمة ب شكل وكأنما كل الناس طالعين يحتفلون بالشوارع محد باقي ب بيته
ساندة راسي الكشن اباوع من الجامة على فرحة البشر وخيالي سارح بغير عالم. صحاني صوت يامن
- صايرة تصفنين ب تبذير وهالشي خطر لأن يحولچ من كائن حي بشري إلى كائن حي يفر ب آذانه 24 ساعة
- يامن بشرفك لتبلش
- شبيچ شو فجأة تعكر مزاجچ؟! صاير شي وياچ
- ما ادري.
- سكت شوية. ترحين لكورنيش النيل تغيرين جو
- هسه؟!
- اي هسه، شنو الغريب بالموضوع العالم كلها دتحتفل هناك مثل متعرفين اليوم مو يوم عادي
- ما ادري بكيفك
بس حچيتها غير الطريق.
وصلنا للكورنيش الدنيا مخبوصة هناك،
صف السيارة ونزلنا بعدنا ممتحركين رجفت من البرد
- لا يامن عفية خلينا نرجع
- ليش؟!
- باردة كلش واني ما لابسة غير هالفستان الخفيف
هز راسه مبتسم وتقدم عليَّ ينزع ب سترته.
وصل يمي رماها على أكتافي و احتضني بين إيديه
- امشي يا بلوة عمري امشي
- وأنتَ؟
- لابس بلوز ثخين لتخافين عليَّ. يلا تحركي
مباشرةً نزلنا من الكوبري للكورنيش من الأسفل حتى نصير قريبين من النهر. گعدني مقابيله وراح
شوية واجى ب إيده الذرة قدم لي وحدة ووگفنا نباوع
المفرقعات تارسة نهر النيل وضجيج الإحتفال منتشر بكل المكان.
إلتزمنا الصمت لفترة طويلة. ناكل ونباوع على المنظر الجميل لكن هالجمال ب عيون الغير أما عيني مدتشوف غير الذكريات المؤلمة واللي اتمنى تحدث المعجزة التمحيها من راسي نهائيًا حتى تبطل أوجاعها تزاحم أحلى لحظات سعادتي
فجأة حسيت ب لمسة حنونة تطبطب على أكتافي
إلتفتت. يامن ديحرك إيده على ظهري ب حركة رقيقة
هالإيد الكانت ولا زالت وراح تظل الإيد الوحيدة التمحي ب لمستها أوجاعي وتدمل ب حنيتها جراحي
- بعدچ تتذكريهم؟
- ليش اني گدرت انساهم حتى اتذكرهم!
لكن أقسم ب معزتهم عندي والماكو بالدنيا معزة توازيها
حقهم راح يرجع ما زال النفس يصعد وينزل ب صدري
- معقولة قدر تفكر بالإنتقام وهيَّ التداوي البشرية من أحقادها!
- هذا مو إنتقام هذا جزاء ومثل متعرف الجزاء واجب فَ من أمِنَ العقاب أساءَ الأدب
- الجزاء نوعان. سماوي وقانوني غيره يعتبر جريمة
- واني أوافقك الرأي
- لعد.
- يامن صاير لحوح بتبذير
- ههههههههه.
شنو هاي تشترين مني تبيعين عليَّ! بس مقبولة يابة
- نرجع؟ تعبت كلش
- آه ومالو، أنتَ تأمر ي جميل
- همْ مصري!
- ما احنا عايشين في خيرها وقليل الأصل اللي ينكر فضلها عليه
- ههههههه امشي رجعني وأنتَ ساكت ما اريد لا عراقي ولا مصري خليك ساد حلگك لأن راسي يوجعني
هز راسه وانحنى گدامي يأشر لي ب إيده اتحرك،
صدگ ضحكني رغم قوة شخصيته ومكانته بس بعده لسه يتصرف وياية مثل ما كان يتصرف بالطفولة
وصلني ورجع لبيتهم ب تكسي.
بس غيرت ملابسي نمت مباشرةً من شدة التعب
اليوم عندي عطلة بداية السنة. خلصت النهار بالبيت لليل اتصل يامن طلب مني نطلع إعتذرت،
تفهم موقفي. يعرفني بين فترة والثانية احتاج أنعزل ب روحي عن العالم
ثاني يوم گعدت من الصبح نفضت غُبار الماضي وتأنقت مثل عادتي وراها توجهت لمكان عملي بكل نشاط
بالطريق اتصل يامن اعرف باله مشغول وياية، راد يمر عليَّ بلغته طالعة وراح أوصل. سلم وسد الخط.
وصلت من وقت حتى الكراج فارغ تقريبًا.
انطيت سيارتي لكريم يركنها ومريت على المطعم
أخذت كوب حليب وتوجهت لغرفتي،
فتت سحبت الستار و وگفت أشرب الحليب ببال شارد
سارحة ب خيالي أمام النافذة.
اباوع للسيارات رايحة راجعة بسرعة رهيبة تشبه سرعة الزمن، دخل عليَّ يامن. حمحم. إلتفتت مبتسمة
سحب الكرسي جلس وطلع من جيبه وردة حمرا قدمها إلي، أخذتها من إيده ممتنة.
- صباح الفل ي ست الكل، ربنا يجعلها سنة خير عليكِ وعلى حبايبك وناسك
- ههههه صباح النور وشكرًا الوردة بس بطل تحچي مصري والله موتتني حتى لساني إنعدى منك
- له له طيب ليه ومالها اللهجة المصرية ما أنتِ ساكنة القاهرة ي مدام
- يامننن بس عاد لا والحمزة أفتح راسك ب هالمزهرية
- هههههههههه صايرة خطيرة ولچ
- اعجبك
- يلا خلينا نفتتح السنة الجديدة ب حالات جديدة
- ليش جابوهم؟!
- أي بس شلون ذبوا عليچ مجموعة واحد يگول للثاني اني اضرب منك لا والمصيبة بيهم مجرمين
- عادي تعودت خل اروح اشوفهم
- يلا اجي وياچ اشوف مجموعتي لسه متعرفت عليهم
طلعنا سوى هوَ صعد للطابق الرابع واني نزلت للثاني
وصلت للسكرتارية.
سألت على غرفهم همزين مجمعيهم جنب بعض
طرقت باب الغرفة الرابعة ودخلت. ولد شاب واگف مقابيل النافذة سلمت إندار عليَّ يدخن
- مرحبا شلونك؟
- هز راسه وگعد ع الكرسي يهز ب نفسه.
- قبل كل شي أنتَ تعرف التدخين هنا ممنوع لو لا
- أعرف
- لعد ليش تدخن؟!
- ب مزاجي
- هااا تمام يلا على راحتك
رميت الأوراق من إيدي ودفعت الميز حيل
صار صوت قوي بسبب إحتكاكه ب الأرض وگف يصيح
- شنو هاي ليش دتسوين هيچ!
- شبيك؟!
- شنو ش بيَّ! مدتسمعين هالصوت شگد مزعج
- والتدخين همْ مزعج بالنسبة إلى ف جوز منه بالأول حتى اني أجوز وأرفعه ب كل هدوء
بس حچيتها تقرب مني ب نظرات ما إلها أي تفسير.
وصل يمي سند إيده ع الحايط. طوقني
أخذ نفس من الجگارة ب إيده الثانية ورفع راسه للأعلى فجأة نصى يزفر بالهوى على وجهي
إختلط الدخان ويا أنفاسي. وقفت ب ثبات
إختنگت كلش بس مهتميت صراحة لأن متعودة على جنونهم مو شي جديد عليَّ
- رفع إيده مبتسم: هسه راح اطفيها ولا يهمچ.
حچاها ونبت الجگارة ب زندي
شهگت ألم على صدمة أحاول أكتم الوجع ب صدري
صفن ب عيوني.
أبحرت نظراتي داخل عيونه المليانه شر وحقد.
تأملتها ب عمق يا ترى شنو الوصلك لكل هالوحشية؟!
بعدني ب رهبة الموقف، إبتعد عني مبتسم. ثواني بسيطة وصحيت من صفنتي على نبرة صوته الحادة
- اتصور ب هالطريقة يكون تعارفنا انتهى دكتورة
- انتهى.
بس حچيتها دار وجهه يرجع لمكانه
مديت إيدي على مقبض الباب نزلته بألم داطلع گال:
- مرة ثانية خلي يكون لبسچ مستور حتى يكون الألم أخف أو على الأقل ألبسي الصدرية قبل لتجين لغرفتي
- ممم، تمام خلينا نتبادل الدعوات ك أصدقاء.
أدعي لك واساعدك على الشفاء
وبالمقابل تدعي لي رب العالمين يهديني حتى اتحجب
بالنهاية أمري وأمرك راجع لله عز وجل فقط
- وهل لهذا الكون ربٌ يحميه
- مُلحد؟!
- ب ربكِ وبجميع الأرباب؟ نعم مُلحد
- وشنو اللي خلاك توصل للإلحاد
- ما أعتقد هالشي يعنيچ.
- ما بيها شي تگدر تعتبرني من اليوم صديقتك يعني مثل متعرف راح تجمعنا أيام طويلة ولازم نتأقلم على وجودنا بمكان واحد حتى نوصل للنتيجة المطلوبة.
- يعني أفهم من كلامچ أنتِ ناوية تعالجيني وتحميني من الشر الموجود ب داخلي!
- ممم ممكن.
- هه كان الأحرى أن تحمين نفسچ من هالألم دكتورة قبل لتفكرين بحماية الغير. ااا أو لا مو كان المفروض الرب اللي تآمنين بيه يحميچ لو ربچ عاجز عن حمايتچ
تجاهلته وغادرت المكان.
أول وأصعب حالة تجيني بتاريخ تواجدي ب هالمصحة
همْ مريض نفسي
وهمْ ملحد
الله يقدرني على مساعدته وإنتشاله من هذه الأوهام.
كنت لابسة بلوز أكمامه مفتوحة على طولها ومربوطة مع بعض بسلاسل ناعمة جدًا لذلك الجگارة لامست الجلد ب شكل مباشر
الألم لا يُطاق لكن مجبورة اتعرف على باقي المرضى.
طرقت الباب الخامسة ودخلت بنت جدًا صغيرة عمرها ميتجاوز ال 16 سنة نايمة مثل الملاك والتعب ماكل ملامح وجهها البريء.
دخلت ب هدوء سحبت الغطا على جسمها لأن مقرفصة من شدة البرد وخرجت متوجهة للغرفة السابعة،
صاحبة هالغرفة كانت ايضًا بنت.
- مرحبا.
باوعت لي بنظرات خوف وعيونها تلمع من شدة الحزن
- لتخافين حبيبتي اني من اليوم صديقتچ قبل لا أكون الدكتورة المشرفة على حالتچ يعني مستحيل أأذيچ
- بس أنا مش مجنونة، أرجوكِ خرجيني من هنا
- ومن اللي قالك إن المطرح ده مطرح مجانين
- أرجوكِ متعاملنيش المعاملة دي بجد أنا مش مجنونة
- بصي
- أنتِ اللي بصي
- حچتها وسحبت العكاز، سندت نفسها عليه ونهضت من مكانها تمشي ب صعوبة. وصلت يمي لزمت إيدي ب قوة.
- ب تآمني ب إيه عشان أحلف لك بيه؟
والمصحف الشريف أنا مش مجنونة همَ بس اللي عايزين يجننوني علشان الفلوس، أرجوكِ صدقيني
- همَ مين بقى؟!
هدت إيدي ب خوف ورجعت ب عگازها للخلف.
- لا لا أنا مش ه تكلم اكيد أنتِ معاهم
- أنا معاكِ مش معاهم
- لو معاية بجد ساعديني أخرج من المكان ده أبوس إيديكِ
- أحكي لي بالأول وأنا اوعدك ه احاول اساعدك
- ما اقدرش أتكلم ما اقدرش.
صفنت عليها. شكلها غريب وتصرفاتها أغرب وطول ما احنا نتحدث كانت تسحب ب خشمها مثل المدمنين!
- أنتِ ب تتعاطي حاجة؟
- لأ
- طيب خلينا نتكلم
- مش ه تكلم
- وأنا يطلع ف إيدي إيه أعملهولك وأنتِ رافضة تتكلمي ساعديني عشان أقدر أساعدك
- أنتِ كذابة،
أنا متأكدة همَ اللي باعثينك علشان تخلصيهم مني
- همَ مين؟! احكي متخافيش من حاجة
- همَ اللي مبيخافوش ربنا
- أذوكِ
- كثير
- همَ السبب في الوصلتيلو
- أيوه
- وحشين أوي مش كده.
- أوي أوي
- بس احنا ه نهزمهم. بقوتنا وشجاعتنا وحبنا للحياة
- أنا كنت بحب الحياة أوي بس همَ اللي كرهوني فيها
- ه تفضل الحياة حلوة مهما كان فيها بني آدمين مش كويسين أصل احنا اللي بنحليها بطيبتنا وبالخير اللي مالي قلوبنا
- بصي أنا بفكر أقتل نفسي قبل م همَ يقتلوني
- بس الحياة عايزة الناس الطيبة تفضل متمسكة فيها
- وأنا عايزاها أوي بس خايفة أعمل إيه
- متخافيش أنا جمبك
- يعني ه تساعديني؟
- ه اساعدك بس أنتِ كمان حاولي تساعديني وتتكلمي
- أنا نعست عايزة أنام مش عايزة أتكلم
- طيب. نامي دلوقتي وه نتكلم في وقت ثاني
تمددت تنام. تقدمت عليها غطيتها ولمست شعرها برقة والإبتسامة تارسة وجهي أحاول أزرع الأمل بيها
قابلت نظراتي ب نظراتها التعيسة واللي تحمل بداخلها هواي كلام عجز لسانها عن نطقه، غمضت عيني ألم على تعب، رجعت باوعت لها عيونها دتتأملني
إلتفتت على جانب السرير.
مكتوب اسمها قطر الندى محمد عبد المعطي
- يلا ي قطر الندى نامي بقى علشان تستريحي ولما تفيقي نبقى ه نتكلم أصل أنا عندي كلام ه يبسطك أوي
حچيتها مبتسمة ومشيت ب إتجاه الباب. بعدني ممغادرة صاحت ب نبرة توسل مغلفة ب رعشة الرعب
- متسيبينيش
- إلتفتت اباوع عليها ب تعجب.
- أستحلفك بالله متسيبينيش أنا خايفة ليقتلوني
- محدش يقدر يوصل ليكِ وأنتِ هنا
- لا يقدروا أصل أنتِ متعرفيهمش
- طيب شوية وأرجع لك مش ه اتأخر. استنيني.
هزت راسها بالموافقة. طلعت بسرعة ما اتحمل هالألم أكثر أحس روحي دتطلع لازم أشوف حل لإيدي
رحت للصيدلية أخذت مرهم ومسكن ورجعت لغرفتي
ضمدت مكان الچوية وبلعت المسكن قرابة الساعة يلا خف الألم شوية، ساعتها بس يلا گدرت أسحب النفس لصدري
طلعت اتمشى رجع كلام هالمريضة يدور ب راسي: يا ترى شنو قصتها وليش گاعد احس فعلاً اكو واحد ورى وجودها ب هالمكان مو مجرد هلوسة!
قررت أرجع لها بلكي الگاها صاحية واگدر افهم قصتها شنو أما باقي المرضى مو مشكلة خلي يتأجل تعارفي عليهم على غير وقت أو على غير يوم لأن حسب ما شفت وسمعت منها قصتها نهائيًا متتحمل التأجيل.
وصلت لغرفتها دخلت بعدما طرقت الباب وهنا تلقيت أول صدمة من السنة الجديدة! البنية مُنتحرة عن طريق شنق نفسها بِ ربط فرشة السرير ب قاطع الستار أو هذا هوَ الظاهر كَ تمويه منهم من أجل دفع شك إدارة المصح وعدم التوصل إلى كشف جريمة القتل الإرتكبوها داخل أسوار هذا المكان...