رواية أسطورة ماريا فيسكونتي للكاتبة كيم ميرا الفصل العاشر

رواية أسطورة ماريا فيسكونتي للكاتبة كيم ميرا الفصل العاشر

رواية أسطورة ماريا فيسكونتي للكاتبة كيم ميرا الفصل العاشر

تسلل بهدوء حريصا على عدم ايقاظ أحد أو إصدار أي صوت يلفت الإنتباه إليه، أن رآه أي شخص و هو يحمل بيده قيثارة بيده فلن يسلم من أسئلتهم قط فالجميع يعلم أن ماريوس لا علاقة له بالعزف، مطلقا!
لم ستبقى الكثير على وصوله للدرج و بهذا سيكون على مقربة من الباب، أسرع راكضا يود الانتهاء من ما يفعله لكنه فجأة وجد نفسه يرتطم بشخص ما كان يركض للأسفل أيضا.
جوليان؟!

استفسر ماريوس و هو يرمش بغباء محاولا اخفاء القيثارة خلف ظهره...
ماريوس؟!
نطق جوليان بملامح فارغة يخبئ باقة من الورود خلف ظهره...
ما الذي تفعله؟
سألا في ذات الوقت، و كلاهما في الآن ذاته حاولا اختلاق أي عذر...
انا ذاهب للمقبرة
انا ذاهب لتحطيمه
رفع حاجبيهما باستنكار، من الواضح أن الواحد منهما يكذب على الآخر.
أي مقبرة ستذهب لها في السادسة صباحا، هل لديك موعد مع الأشباح؟

منذ متى و انت تملك قيثارا و تريد تحطيمه أيضا...
أنت لا تفرق بين العزف و الصراخ؟
نظرا بعضهما، جوليان ببرود و ماريوس بشك.
لا دخل لك بي
نزلا الدرج بسرعة يحاولان تخطي بعضهما و ما إن فتحا الباب حتى تجمدا مكانهما
هذا ما كان ينقص!
همسا يلعنان حظهما، كان ايريك يحدق بهما باستغراب بينما تحاول ايليت إبعاد يده التي تحجرت تشدها اليه.
الى أين؟
الجحيم!
نطقا ثم سارعا للخارج...

ألا يمكن للشخص أن يحضى بقليل من الخصوصية في منزله؟!
ما بهما هذان؟
تساءل ايريك و هو يراقبهما يركبان سيارتهما منطلقين خارج البيت غير أنه وجه انتباهه لفتاته التي لطمت ذراعه بقوة محمرة الوجه.
اللعنة عليك ايريك، لقد علما عن امرنا
ما إن نبست بكلماتها حتى فرت هاربة من امامه، وسع عينيه بصدمة...
هل ستغضب منه ثانية؟
ايليت جميلتي، سأشرح لك فقط، ايليت
كان يهمس بصراخ و هو يسرع خلفها...
المسكين!

أربعة عشر طعنة وحشية، هذا كان سبب وفاة السيدة جوليكا اورسيني و التي تلقتها من أيدي طفلها ليوناردو اورسيني البالغ من العمر أربعة عشر سنة، أحاطت الشرطة المحلية القصر الواقع بالغابة الغير محمية شمال مدينة فلورانسا،
أغمضت عيني بهدوء و حاولت ان اتنفس بشكل صحيح، بلعت ريقي و اغلقت الملف متحاشية صورة والدة التوأم، كان المنظر دمويا بشكل موحش جعل من دماء وجهي تفر هاربة.

أخبرتك ماريا، هذا الشاب ليس لك، اسمعي لقد انفصلت عن راسيل فلنكن مع بعض...
امنحينا فرصة أرجوك
أخذت نفسا عميقا، كلماته تلك تزيد من صداعي و فضاعة الوضع.
زفرت ما أحبسه داخلي و أردفت بهدوء عكس العواصف التي تدمر دواخلي.
أعلم عن هذا الأمر، لقد أخبرني ليوناردو عن هذا
رمش بعدم استوعاب قبل أن يضحك ينفي ما قلته له.
انت تكذبين
كان يهز رأسه بغير تصديق لكنني واصلت حديثي بهدوء و برود عجبت مصدرهما.

نيكولاس، لا فرصة لك معي، انا أحب ليوناردو و هو يحبني، هو الآن زوجي و يستحيل ان اتركه، عش حياة بعيدة عني فلم أعد أراك سوى قريب لي
منعته عن الكلام باستقامتي و مددت يدي نحو الطريق المؤدي للمخرج.
شكرا لزيارتك، لدي عمل لإنجازه
أجل طردته بطريقة غير مباشرة، كان ينظر لي يوسع عينيه لكنني أردت فقط ان أبقى بمفردي، قدمي تكادان تلقيان بي أرضا.

حمل نفسه و بخطوات خائبة جر ذيول فشل خطته، و قبل أن يتجه للردهة توقف و نبس بضعف دون ان يلتفت إلي.
لا مأمن لك مع شخص غدر بوالدته، أقول هذا خوفا عليك ماريا،
و بهذه الكلمات تركني خلفه، ما إن سمعت صوت إغلاق الباب حتى انهرت على ركبتي جالسة على العشب الأخضر، أحاول تنظيم انفاسي و ضرب صدري بيدي السليمة غير انني لم أستطع فعل هذا، صرخت بقوة و انا أبكي...

أبكي بحرقة على الشؤم الذي حضيت به، على النهاية التي أبت تأتي و تريحني من هموم حياتي التعيسة، هل الجميع يعانون هكذا؟
أم انني بالفعل نذير شؤم؟
بكيت و بكيت كثيرا و بكيت السماء معي تصب غضبها بصوت الرعد و لمعة البرق، اما عني فاكتفيت بدموعي و صرخاتي التي جرحت حنجرتي...
أين انت يا نهايتي؟

أسرع للحديقة يبحث عنها يحمل القيثارة الضخمة بنية اللون و غير مهتم بزخات المطر، عيناه تجوبان جل مساحة الحديقة المحيطة بالنهر لكنه لا يجدها، أيعقل انها اختفت مجددا؟!
كان على وشك العودة لسيارته كي يحاول الاتصال بها لولا أنه شعر بتلك النقرات على ظهره العريض.
أتبحث عن أحد؟
سألته و هي تضحك فاستدار بسرعة نحوها.
اااه حمدا للرب!
اعتقدت انني أضعتك مجددا.

نبس يرخي أعصابه التي كانت على وشك الاحتراق، عاد ينظر إليها فابتسم مفرجا عن ضحكة صغيرة، شعرها المموج ابتل بالكامل و ملابسها التصقت بكامل جسدها تظهر منحنياته.
نزع سترته و وضعها عليها تحت نظراتها له، كانت ترفع رأسها و ترمقه بعنين عسليتين واسعتين غير مصدقة ما يحصل معها.
دعينا نذهب للسيارة، سآخذك لمكان آخر.

رمشت عدة مرات قبل أن تومئ له، بدى لها ماريوس شخصا غريبا، غريبا جدا و لأبعد الحدود، كيف له و هو من الطبقة الرفيعة ان يهتم بعازفة متجولة لا يعرف عنها شيئا سوى اسمها.
ماري!
أيقظها من سهوتها و هو يفتح باب السيارة لها، أخذت نفسا عميقا و دخلت السيارة، ستسأله لاحقا عن سبب هذا الاهتمام.

مستلقية على العشب الأخضر، المطر توقف منذ ربع ساعة تقريبا، انا مبتلة بالكامل لكن الحرارة داخلي لم تنطفئ، الخيبة، الخوف، الإشمئزاز، و حتى الانكسار!
لا تنفك صورة السيدة اورسيني تواتي مخيلتي و تجعل معدتي تنقبض في شعور مقرف.
هو قاتل، لا أصدق انني تزوجت قاتلا عديم الرحمة، احببت وحشا.

همست لنفسي اراقب الغيوم الرمادية، سمعت صوت طرقات ميرنا على الباب لكنني لم أفتح، لم ارد أن استقبل أحدا، لم ارد أن ارى احدا...
ليتني لحقت جدتي
ما إن نبست بهذه الكلمات حتى انزلقت دمعة من عيني لحقتها أخريات، كنت أبكي من دون صوت، الانقباض في بطني يزداد لكنني لا آبه به...
ليت والدي يجدني و يقضي علي، فلا أمل لي بعيش حياة عادية!

ما هذا؟
سألته غير مصدقة لما يقدمه لها.
شاهدت الفيلم الذي تحدثت عنه
برر بهذه الكلمات تقديمه لورود البنفسج، أخذت الورود و هي تحاول ان لا تنفجر ضاحكة لمدى سخافته و التي بدت لها لطيفة حقا.
شكرا لك جوليان...
علي أية حال ما الذي سنفعله اليوم
نظر و هو يرمش بغباء، حسب الفيلم سيعطيها الورود فقط، لا شيء غير هذا.
لم تجهز شيئا صحيح.

اومئ بالنفي فأخذت نفسا عميقا، هو تحاول ان لا تنهار و تستلم للحزن لكن على ما يبدو ان جوليان سيقودها الجنون و استئجار غرفة بمصحة عقلية.
أتعلم جوليان، سأتدبر انا الأمر
لم يجبها و انما حدق بها في هدوء ينتظر خطوتها القادمة، أمسكت يده و سحبته خلفها تسير بخطى مسرعة نحو مكان لا يعلمه غيرها...
مكان تعتقد انها ستنسى به كل ما يحدث معها!

أي رحلة هذه التي تتحدثين عنها و نحن في فصل الشتاء ميرنا؟
عاتبت السيدة ايلين ابنتها التي لم تتوقف عن توضيب أغراضها في حقيبتها.
المدرسة تقيم حفلة ميدانية في فصل الشتاء لا خلل في هذا الأمر، اريد التنفس بعيدا عن أجواء القصر الكئيبة
تنهدت المرأة بحدة، من أين لابنتها هذا العناد.
أي جنون هذا ميرنا، التحضير لمراسم زواج ابن عمك قائمة، الى أين تفرين و هذه أهم أوقات تواجدك!

توقفت ميرنا عن ما تفعله، ملت من التظاهر أن كل شيء بخير.
ابن عمي تزوج البارحة و كفي عن إلصاقي به حسنا!
لن اتزوج الآن و لو على جثتي و خاصة من شخص تعتقدين انت أنه مناسب لي!
حملت حقيبتها و أسرعت الى الأسفل متجاهلة تلك التي تصنمت مكانها لما سمعته لتوها...
تريد ان ترفه عن نفسها قليلا و الرحلة خير فرصة لذلك.

سمعت صوت فتح الباب فاستقمت بسرعة امسح دموعي، كنت على وشك ان أدخل لولا الدوار الذي داهمني فتشبثت بطاولة الشاي، بلعت ريقي و أغمضت عيني أحاول تنظيم انفاسي.
ماريا
نبس ليوناردو بقلق قبل أن يسرع باتجاهي، امتدت يداه حولي يساندني من أجل ان يدخلني، ساعدني بالجلوس على أريكة غرفة الجلوس...
هل انت بخير؟
ما الذي حصل معك بحق السماء!
لما انت مبتلة هكذا؟
سألني بقلق.

كنت أحدق بعينيه، أبحث عن ذلك الطفل الذي قتل والدته لكنني...
لكنني لا أجد سوى ذلك الشخص الذي أنقذني من هلاكي.
أردت استنشاق بعض الهواء
أجبت بتنهد ازيح عيني عليه، لا أصدق انني احدق بعيني زوجي الذي اكتشفت أنه قتل والدته!
بل و أبحث عن حجة لتبرئته.
ماريا، ما الذي يحدث معك
سألني مجددا بعنين حادتين يقبض على ذقني بلطف حريصا على ان لا يؤذيني
لما فجأة بدت عيناه مخيفة حقا!
ليوناردو انا،
انت ماذا تحدثي ماريا.

أخذت نفسا عميقا و اجبته مغمضة العينين.
انا اريد الابتعاد عنك
اصابعه التي كنت أشعر بها على ذقني ارتخت فجأة، نظر عميقا بعيني، كان تغيري منذ الصباح واضحا، حالتي الآن مثيرة للشفقة.
أبدو كمتسولة لا ككونتيسة!
ما الذي تهذين به؟
همس بهدوء ينظر لي بترقب، يبحث عن جواب للأسئلة التي تشغل باله.
انا اريد بعض الوقت لنفسي، أشعر بأن كل ما يحدث سريع حقا و اريد أخذ استراحة
تستريحين من زواجنا الذي تم البارحة؟

صوته كان باردا، اللمعة التي تزين عينيه عادة و هو يتحدث معي اختفت و بدت سوداويتاه فارغة من دون ذرة مشاعر.
كلا هذا،
و اللعنة ماريا، بالكاد احافظ على نبرة صوتي و انا أتحدث معك، اما ان تفسري ما حدث معك و جعلك تتغيرين هكذا و إلا سأقلب المنزل على من جعل حالتك هكذا.

زممت شفتي انتظر الأرض بعينين محمرتين، لم ألاحظ انني أهز قدمي اليمنى الا عندما حطت يده على فخذي يوقني عن الحركة، تنهد و قام يجلس بجانبي بدل الأرض، كنت متوترة و حموضة معدتي ترتفع في كل لحظة تطرق فيها صورة السيدة جوليكا بالي.
بيديه حاوط وجهي و نظر لي بهدوء، ابهاماه يمسدان على وجنتي بحركة تجعل فيها أعصابي ترتاح.
اهدئي و تحدثي معي انا...
ما الذي يزعجك؟!
من الذي تجرأ و ضايقك؟
أقسم انني سأقتله ان فعل لك شيئا.

أعتقد أن صمتي و شرودي بكلماته كان نابعا عن اعجابي بها ربما
لكنني كنت أركز مع تلك الكلمة...
سيقتل، سيقتل مجددا، هو قادر على قتل الجميع...
هو وحش دون رحمة!

قيثار جيد
تم
عازفة
تم
ممثلة للمسرحية
تم
قرد لجلب الحضور
تم
كان يردد و هي تجيبه بأن كل شيء موجود، حدق بسقف المستودع، كل شيء موجود اذا لما لا يأتي الناس؟
اااه انا صاحبة حظ سيء فقط، لا صوت ولا شكل ولا أداء
ان القلة القليلة التي تأتي للمشاهدة تكون من أجل پيكورو
وجه إليها نظرة غريبة جعلتها تسأله بشك.
ما بك؟
بحق السماء من أين خطر لك اسم هذا القرد؟
ابتسمت بغباء و اجابته ضاحكة.
لم اجد إسما غيره.

تنهد بيأس ثم عاد ينظر للأمام، كان القرد ذو الفراء الرمادي يقف امامه لا يعلم ما سبب قدومهم لهذا المستودع المهجور.
ما الذي تريدين ايصاله بمسرحيتك الموسيقية
استفسر ماريوس عله بجوابها يفهم ما العطب بما يحدث.
القصة مضحكة و جميلة، تتحدث عن الفتاة التي تجد نفسها معشوقة شاب إيطالي، بينما هي على وشك الزواج من شاب آخر
امثل ما يحدث بأغنية و مسرحية.

ارتخت كل عضلة بجسده و نظر لها بملامح فارغة، اهو الغبي الذي لم يفهم المشكلة ام انها التافهة؟!
و من يؤدي جميع هذه الأدوار؟
أنا طبعا...
اوه لا أنا و پيكورو
رفع حاجبيه و سألها يصطنع السعادة.
وااو و هل يؤدي پيكورو دور الإيطالي أو من يريد ان يتزوج بك
عبست ملامح ماري لسخريته منها، ليس و كأن الأمر بيدها و بدل ان تصرخ بوجهه هي ابتسمت باتساع و نبست بنفس نبرته المزيفة.

و هل ترى أمامي صفا من الممثلين و على ان اختار عشيقي و زوجي؟
كان پيكورو جالسا بينهما، كلما تحدث أحدهما ينظر إليه...
لابد أنه يفكر كم أنهما غبيان!
هو يمثل دور العروس لا الزوج ولا العشيق دون شك!

الصمت، هذا كان عنوانا اتخذناه في طريقنا و نحن باتجاه قصر عائلته، لم اخبره عن سبب تغيري، استشاط غضبا و بدل ان ينفثه امامي عبر عنه بلكم الحائط الا ان أدمت يده.
لا أعلم ما على فعله...
انا ضعيفة...
انا أستسلم...
أقسم انني لم أعد قادرة على تحمل المزيد...
أن اكتشاف هوية زوجي الذي أصبح زوجي البارحة فقط يجعل كل خلية بي تهتز خوفا.
ليس منه هو...
علي ما أعتقد.

لا أملك شعورا، لا شعور سوى الألم و فقدان الشغف بالتنفس...
بت أكره نفسي لأنني تبعتهم في حلمي.
يا ليتني لحقت بجدتي...
لكنت الآن أنظر لهم من السماء و اتمنى لهم قصة بنهاية جميلة.
ألهذه الدرجة تريدين الابتعاد،
تحدث يفيقني من الغيبوبة التي كنت بها، كان شاردا بالطريق التي يقودنا إليها بالسيارة...
نحن على مشارف المدينة.
ماذا
لقد سمعتني بالفعل
شددت على قبضتي و حاولت ايجاد عذر...
ما يحدث الآن لا علاقة له،.

لا علاقة له بماذا؟
سألت نفسي داخليا...
للأمر علاقة بكل شيء، بمستقبلنا، بزواجنا، بحياتي انا!
لست قادرة على الكذب ماريا، أستطيع كشف كذبك بل و كشف نيتك بالكذب ان أردت
أخذت نفسا عميقا و همست بصوت منخفض بالكاد سمعه.
سأخبرك بما يحدث لكن...
أحتاج بعض الوقت بعيدا عنك!
كل ما جرى اليوم و البارحة.
أحتاج لتصفية دماغي و البقاء بعيدا عن الجميع.

اوقف السيارة على غفلة ما جعل جسدي يرتد للأمام، نظر للأمام و بأسنانه قضم باطن وجنته يعنفها كما يعنف المقود بين أنامله.
نظر لي بأعين جحيمية رغم صفائها و بلمسات غير مؤلمة حجز ذقني بين اصابعه.
لست الجميع ماريا...
اريد ان أكون مختلفا عن من تسمينهم بالجميع.
انا من يعشقك، انا الشخص الذي سيحرق العالم بأخضره و يابسه من أجلك...
اريدك ان تهربي من الجميع إلي...
اريد ان أكون لك ملجئا و حاميا.

عيناي اللتان كانتا تتلألآن فحسب انسابت منهما انهار من الدموع، لا أريد أن ابتعد عنه لكن لا قدرة لي بالبقاء مع شخص قتل والدته.
لم أشعر الا و هو يدفنني بصدره يضمني بقوة مريحة، تشبثت به أبكي في حضنه، ليس و كأنني خائفة منه، ليس و كأنه هو المعضلة بحد ذاتها.
لكن هو قالها!
هو ملجئي.
لا شخص قادر على فهمي او حمايتي كما يفعل، و لا أريد أن يكون شخص غيره.
لكن...
أنعود للمنزل كونتيستي الصغيرة؟

سألني بهمس التمست بين طياته الرجاء، بقدر الرغبة التي راودتني في العودة معه لمنزلنا أردت اثبات العكس لنيكولاس، سأذهب لمنزل عائلته و أعرف ما يخفيه عني من أسرار، واثقة من أن ليوناردو بريئ من ما حدث، ما يفعله الآن، هذا الجانب منه!
ي
ستحيل ان يكون مجرد وهم كاذب!
ماذا ان طلبت منك فقط مهلة قصيرة
شدني إليه أكثر، ليس و كأنني سأفر ان ابتعد قليلا لكنني أحببته قربه.
و لما هذا الاصرار عن الابتعاد عني!

توقف عن الحديث و ابتعد لكي يريني ملامح وجهه، ملامحه الباكية بدت لطيفة و هذا شيء لم اتوقعه، رغم الدموع انفجرت ضاحكة.
الا يزعجك ترك رجلك الذي تزوجته البارحة فقط،
أشفقي علي،
لطالما ناظرتك من بعيد و ما إن سنحت لي الفرصة بلمسك ها انت تهربين
حدقت بعينيه ضاحكة، لا ارى سوى شاب لطيف يختبئ تحت قناع كاذب
لا أثر لطفل مراهق قتل والدته بأربعة عشر طعنة إطلاقا.
أعدك ليوناردو، بعد عودتي هذه سيتغير كل هذا...

سنبدأ من جديد
هو أيضا استشعر ان لحديثي هذا معنيين، تمعن بملامحي مطولا إلا انه لم يجد غير الرضوخ لما قلته...
اتمنى ان تكون نهايتنا جميلة.
هذا مسعاي الوحيد!

توقف امام ذلك المبنى المكون من طابقين يستكشف ماهيته، اما عنها فقد كتفت يديها تبتسم بحماس.
هذا ما احتاجه.
بالأحرى ما نحتاجه كلانا
اكتفى بالتحديق بها دون التفوه ببنت شفة، لا يذكر ان هناك لقطة بالفيلم يتوجه بها البطلان قاعة ألعاب.
اريد ان اعود
نبس بهدوء و استدار بغرض استعادة خطواته غير أنها امسكته تمنعه عن ذلك.
لحظة، جوليان توقف! الى أين؟!
نظر لها و بهدوء نظراته نبس
لا أريد القيام بشيء لا يوجد بالفيلم.

لم تتركه يده التي تمسكها، كانت سارحة بالتفكير تبحث عن معنى لما يقصده.
ما الذي تعنيه؟
راسيل انا اريد ان تكون النهاية مث،
لم يستطع ان يخبرها بكونه يريد ان تنتهي قصتهما بالزواج كما الفيلم كون متطفل ما قاطع لحظتهما تلك صارخا بسعادة.
راسيل سانتيرا!
التفتت هي بدورها لمصدر الصوت، كان المتحدث ذو شعر بني و عينين واسعتين كحال الابتسامة التي تزين ثغره.
كايل!

استطلعت هويته و هي تبتسم بحماس فأومئ لها، كان جوليان يراقبهما بهدوء و هو يشعر بنغزات غير مرحب بها.
لا توجد شخصية كهذه في الفيلم
تمتم تحت انفاسه، يود العودة معها، لا يريد البقاء هنا مع هذا المتطفل.
لا أصدق انك عدتي أخيرا للمنتدى، المكان هادئ من دونك حقا!
صرخ المدعو بكايل و هو يربت على كتف راسيل التي ضربت رأسه بمزاح و استفسرت.
هل البقية بالداخل؟

كلا لا أحد موجود من أصدقائنا، الجميع مشغول بالمناسبات الارستقراطية، يبدون مضحكين ببدلاتهم الرسمية
ضحكا مع بعض...
بحق السماء ما الأمر ممتع فيما قاله، يستطيع جوليان قول شيء أفضل من ذلك!
أرى انك هنا مع صديق راسيل
التفت الصهباء ناحية جوليان و رفعت يده التي تمسك اناملها تعرفه على صديقها.
هذا جوليان فيسكونتي، صديقي اللطيف!
جوليان أعرفك بكايل، أنه شريكي باللعب، كما أنه شخص ممتع حقا
لا شيء ممتع به!

هذا ما فكر به صاحب الشعر الكحلي، غير أنه أومئ باختصار كرد لما يحصل، و بدل ان يكتفي كايل بذلك الجواب مد يده كي يصافحه.
كانت راسيل على وشك سحب يدها كي تسمح له بمد ذراعه لكنه شد عليها و نبس بهدوء.
يدي مشغولة، مع الأسف
أفرج كايل عن صفير معجب و هو يرفع بحاجبيه، لم يدري جوليان ان كان هذا تظليلا لأنه تعرض للإهانة ام أنه فقط أعجب بحركته تلك و لكن على أية حال، يستحيل أن يفلت يد راسيل و هذا المتطفل معهم...

يستحيل ان يمس أحد صهباءه!
حسنا إذا ما رأيكما ان ندلف للداخل، سنستمتع حقا!
اومأت راسيل بابتسامة، كانت سارحة بحركة جوليان تلك، يبدو أنه أخيرا قرر الخروج عن نص الفيلم!

توقفت السيارة امام بوابة حديدية كبيرة، بل ضخمة ان صح القول، تفقد الحارس هوية ليوناردو قبل أن ينحني أمامه معربا عن الاحترام و بإشارة منه فتح عاملان البوابة فتجاوزت سيارتنا المدخل، كان يفصل بين المدخل و القصر الكبير لعائلة اورسيني حديقة ضخمة جدا، الأشجار الهائلة بها بمختلف أنواعها تحدث نوعا من الراحة في داخل الانسان، لكنني شعرت ان هذا مدخل وهمي لعالم آخر موجود بين أسوار القصر.

الإشاعات عن عائلة اورسيني و عن عاداتها الغريبة، تساءلت داخلي ان كان على أن اخشى تطبيق هذه الأشياء على و ليوناردو بعيد عني.
لن يقترب أحد منك ماريا، حتى لو لم تكن عيناي عليك فلن يحدث لك شيء و انت لي و قلبي معك
نبس بهدوء و هو يركن السيارة، كانت سيارتان أخرتان قد اصطفتا في ذلك المكان.
ابتسمت بخفة اومئ له، ترجل عن كرسيه و اتجه ليفتح لي الباب بنبل، شعرت بخافقي يرقص لهذا الفعل اللطيف.

تمسكت بيده التي مدها ناحيتي و ترجلت بدوري، سرنا لما يقارب الخمس دقائق التزمنا خلالها الصمت، تولى رجلان آخران فتح باب المنزل الذي كان بدوره كبيرا، استقبلتنا خادمة اهتمت بأمر سترتي و سترة ليوناردو الذي أمر احد الرجال بإحضار حقيبتي الموضوعة بآخر السيارة.
حرص ليوناردو على توضيب القليل فقط ليأمن ان أعود بسرعة.
ليوناردو،
علا صوت مبهج الردهة، كان والد التوأم ينزل الدرج بابتسامة واسعة.

ارى انك أحضرت كنتي معك، خيرا؟
أستغرب من طباع هذا الرجل، ابتسامته و رغم اتساعها و بهجتها تبدو غريبة و، مخيفة؟!
اذا علمت؟
استنتج ليوناردو شيئا ما لم ادرك ماهيته، كنت كالأطرش في الزفة.
وجه السيد فيسكونتي نظراته إلي، لولا ان ذراع ليوناردو تحتضن خصري كنت وليت هاربة منه.
مبارك الزواج لكما
رمشت عدة مرات بغباء قبل أن انبس بكلمات كانت مخارجها مرتجفة كقلبي.
شكرا لك سيدي
اومئ لي ثم عاد يسأل ليوناردو.

و ما سبب قدومك، لا أعتقد انك تريد تعريف زوجتك لجدك و عمك
سمعت صوت ضحكة صغيرة كان مصدرها ثغر زوجي، بعيدا عن ما يحدث أتساءل عن شكل ليوناردو و هو يضحك من قلبه!
هي من تريد التعرف عليكم، سأتركها هنا، احرص من بعد إذنك على عدم اقتراب أحد منها
علاقتهما غريبة، ليس كإبن و أبيه لكن، تبدو جميلة مع ذلك.
امنحنا دقيقة واحدة سآخذها لغرفتي و نذهب مع بعض.

اومئ السيد فيسكونتي موافقا فسرنا انا و ليو ناحية الدرج، كانت غرفته بالطابق الثالث و الأخير، كانت مغلقة من قبله.
بعد ان فتح الباب مد يده بحركة استعراضية يدعوني للدخول، ابتسمت له بتعب و دلفت الغرفة، كانت راقية و بطبيعة الحال، كان اللون الأسود قد طغى معظم ثناياها.
اذا لم أخطئ السمع فهذه الغرفة كانت لك
نبست و انا افحص الأثاث بعيني.
كانت لي قبل أن اترك القصر رفقة ايدواردو
التفت له و سألت بتردد.

و لما تركتماه؟
ابتسم لي و قرص انفي بخفة هامسا.
أتركي فقرة التحقيق حتى أجل عودتك لي
اومأت له و جلست على السرير الواسع، كان سيغادر لكن...
أريدك معي ماريا
نطق عندما وصل لعتبة الغرفة، بلعت ريقي، ان استسلمت لصوت قلبي لكنت الآن اتشبث به راغبة بالعودة.
أعتذر ليو
أخذ نفسا عميقا و اومئ بثقل، عندما اعتقدت أنه سيغادر وقفت كي أغلق الباب لكنه عاد يتوقف عند العتبة.
لن أستطيع المغادرة هكذا.

كانت كلماته عبارة عن همس فقط لكنه وصل مسامعي ما جعلني ارفع حاجبي باستغراب، وسعت عيني بصدمة عندما التفت مسرعا إلي، توقف قلبي عن الخفقان ما إن التحمت شفتانا في قبلة جامحة كنت فيها كالصنم.
قبلني...
أجل لقد فعلها...
سرق شفتي لأول مرة و كأول شخص...
كان يقبل ثغري دون توقف غير مهتم بأنني متجمدة و لا أتحرك، لم تكن سوى ثوان حتى شعرت بأن الهواء انقطع عن رئتي فضربت كتفه أحثه على الابتعاد عني.

ستفي بالغرض لبعضة ساعات
همس امام شفتي بعد ان سحب انفاسي كلها تاركا إياي أصارع لاستعادتها.
اهتمي بنفسك جيدا، هناك هاتف بالغرفة رقمي مسجل به اتصلي بي وقت الحاجة،
اومأت له بوجه أحمر، لن يخرج من هذه الغرفة إلا بعد جعل قلبي يتوقف.

بحق السماء أين نذهب بهذا الوقت
سألت ماري ذاك الذي يقود السيارة منذ نصف ساعة.
لقد اوشكنا على الوصول
حتى پيكورو أطلق صياحا منزعجا، هذه جملته الوحيدة منذ ان ركبوا السيارة.
لم تكن الا عشر دقائق أخرى حتى توقف ماريوس امام متجر صغير.
مكتبة؟
بدأت تشك أن هذا الماريوس به عطب ما.
ما الذي سنفعله هنا؟!
سالته باستغراب، تسلق القرد كتف ماريوس الذي خرج من السيارة و فعلت صاحبة البشرة القمحية نفس الشيء.

سنقوم بإعلان للبحث عن شاب يؤدي دور الشاب الإيطالي
واثق ان هناك الكثيرين ممن يبحثون عن وظيفة ممتعة و ان كانت بمبلغ جيد
اعترضت طريقه و أردفت بتذمر تمانع فكرته.
و من أين لي بهذا المبلغ الجيد؟
ابتسم لها و امسك بها يسحبها معه لداخل المكتبة.
و هنا سيكون دوري انا!
سأدفع ايجار الممثل لأول شهر و تردين لي الدين عند نجاح الخطة و ارتفاع ثمن حضور عروضك الغنائية.

كان ما يقوله منطقيا لدرجة كبيرة لكن بالنسبة لها ما تزال هناك علامة استفهام كبيرة.
حسنا لما تفعل هذا؟
توقف و نظر لها مطولا...
سؤالها كان جيدا، لما يفعل هذا الأمر بدل الذهاب للشركة و العمل و تضييع الوقت في اللعب؟!
لما هو مهتم بها حقا!
أبحث عن المتعة، كما أننا أصدقاء!
هل كان كلامه مقنعا أم انها من تريد الاقتناع؟!
حسنا إذا!
فلنبدأ البحث عن العشيق الإيطالي!

ان أصبت الدائرة تنجو من الشرط و العكس صحيح
شرحت راسيل اللعبة لجوليان فأومئ لها، لا زال الوضع يبدو تافها له.
سأشترط على راسيل و راسيل تشترط عليك و انت علي!
تجهمت ملامحه عندما بدأ كايل الكلام غير أنه عاد يومئ له.
اذا فلنبدأ اللعبة
صرخت الصهباء بحماس و هي تحمل سلاحها المزيف، ترك لها الشابان الدور فاتخذت وضعية الإطلاق، تود ان تصيب المنتصف و تبهر ذاك الذي يراقبها بتمعن.
اللعنة.

همست بإحراج ما إن أصاب السهم الحائط قبل أن يسقط على الأرض، أطلق كايل ضحكة ساخرة قبل أن ينطق بتفاخر.
لأنه الدور الأول فلن أشترط عليك، أعلم انك لن تصيبي أي هدف طوال اللعبة
أنزلت قبعتها بسخط ثم عادت أدراجها كي تقف قرب جوليان فاسحة الطريق لكايل.
راقبا و تعلما
و بالفعل أصاب السهم الذي خرج من مسدسه الدائرة، كانت قريبة من المنتصف ما جعله يبتسم بغرور أكثر.
أعلم أعلم لا داعي للتصفيق انا رائع!

كان ينحني بحركات بهلوانية ما جعل راسيل تقهقه لسخافته.
قلب جوليان عينيه بسخط، لما هذا البغيض قادر على جعلها تضحك و هو لا؟!
تقدم للأمام فقد حان دروه للعب، صوب سلاحه نحو الدائرة يحاول التركيز، كان كل من راسيل و كايل يراقبناه في انتظار ما سيقدمه.
لا أصدق!
همست الصهباء بإعجاب، سهمه تموضع في المنتصف تماما ما جعلها تصفق له بحماس.
أنت الأفضل جوليان!
صرحت و هي تقفز بسعادة، فظهرت على وجهه شبح ابتسامة...

الآن بدأت اللعبة تعجبه!

كانت مجرد بضعة ساعات...
فلما أشعر بالفراغ إذا؟!
لا أحد معي هنا و لم أجرأ على الخروج من الغرفة، أجلس على السرير بعد ان فتشت جميع أنحاء الغرفة ولا وجود لأي شيء يثبت او ينكر صحة ما أخبرني به نيكولاس.
استلقيت على السريرأشعر بضيق غريب، ذكرياتي القليلة مع ليوناردو أبت ان تفارق ذهني.
نهضت بسرعة عند سماعي لثلاث طرقات على الباب، لا يعلم أحد بوجودي على ما أعتقد غير أبي في القانون ، أيعقل ان يكون هو؟!

ت، تفضل
دلفت خادمة كبيرة في السن الغرفة، انحنت لي و نطقت بصوت آلي.
العشاء جاهز سيدة فيسكونتي، العائلة بانتظارك
العائلة بانتظاري؟!
إلهي ما الذي تورطت به!
سأكون هناك بعد دقائق
أدرفت باتزان لا يمت بصلة للاضطراب الذي اعيشه داخلي، نظرت لنفسي بالمرآة، كنت أرتدي كنزة صوفية بيضاء و تنورة طويلة بلون بني فاتح، يدي المكسورة كانت تحت القميص لا يظهر منها شيء.
مظهر رائع لكي اتعرف على عائلة زوجي!

بعد مدة من التحديق قررت ان اترك شعري مربوطا كذيل حصان و نزلت الى الأسفل، قادتني خادمة كانت تنتظرني أسفل الدرج الى قاعة تناول الطعام، كان الجميع واقفين بانتظاري، شعرت بالاحراج لتأخري، هل تركتهم واقفين هكذا؟!
أحمر وجهي من الخجل و انحنيت باحترام امامهم.
عذرا عن التأخير!
طاب مساءكم
تفضلي بالجلوس يا ابنتي.

نطق الجد فانحنيت مجددا، كان هذا الأخير يترأس الطاولة، على يمينه الابن الأكبر والد التوأمين و العم الأصغر على يساره تجلس بجانبه زوجته، و تلقائيا اخترت الكرسي الواقع بجانب أبي في القانون
جلسنا جميعا حول الطاولة، و تقدمت أربعة خادمات لسكب الطعام لنا، كنت اراقب الوضع بصمت أدعي انني لا أهتم بنظرات والدة ميرنا التي تقتلني.
إذا فقد تم الزواج البارحة!
التفت ناحية مصدر الصوت، لقد كان والد ميرنا.

أجل هذا ما حدث
نبست بابتسامة محرجة أعنف اناملي تحت الطاولة لشدة توتري.
و لما هذا التسرع، كان عليكما إقامة حفل زفاف كباقي الأزواج، ليس و كأن ليوناردو يخجل من نسبه مع عائلتك
تحدثت السيدة ايلين و هي تناظرني بابتسامة جانبية، لعقت شفتي أحاول ان أجد الكلمات المناسبة كي لا يأخذوا صورة سيئة عني إلا ان السيد أندريه أخذ بحقي منها.
لا أذكر اننا أقمنا حفلة زواج لك يا زوجة أخي؟!

أيعقل ان أخي كان يخجل من نسابة عائلتك
وسعت عيني اراقب تلك التي رمقت والدي في القانون بنظرات حارقة، اكتفى زوجها بأخذ نفس عميق و تناول طعامه في صمت، لا بد و أنه تعود على هذه الشجارات بين زوجته و أخيه.
صراحة لو كنت مكانه كنت لأستمتع كثيرا!
تبدو السيدة ايلين من النوع الذي لا يقبل الإهانة و السيد اندريه صريح و يستطيع جعل أعصابها تغلي في ثانيتين.
هل هناك سبب في جلب ليوناردو لك في ثاني يوم من زواجكما؟

هذه المرة كان الجد هو من سألني بينما يقطع اللحم الموجود بطبقه في هدوء بلعت ريقي و تماشيت مع ما قاله ليو لوالده.
لقد كنت انا السبب، طلبت منه ان أتعرف على عائلته لعدم تنظيمنا لحفل زفاف
لا يجب أن تظل علاقتكما على خفية هكذا، سارعا بالإفصاح عنها أمام الملأ
بلعت ريقي و أومأت له نابسة بهدوء
هذا مفهوم سيدي
نظر لي و منحني ابتسامة راضية، لا أعلم في ماذا أعجبته بالضبط لكن سأعتبر هذا نقطة لصالحي.

هل رأى أحدكم ميرنا؟
كنت الوحيدة التي تفاجأت بالصوت الذي اخترق القاعة فجأة، عندما التقت عينانا نظر لي بصدمة.
كونتيسته الصغيرة؟!
لما انت هنا؟
لعنت ايدواردو داخلي لهذا اللقب و ابتسمت بإحراج له، كان الجميع يتناول طعامه غير مهتمين لقدومه المفاجئ، لكن الخادمات جهزن له طبقا بجانبي، و بالفعل تقدم ايد حاجزا الكرسي له.
ما سبب تواجدك هنا
ما إن أردت فتح فمي حتى سبقني والده.
ايدواردو أغلق فمك بني و تناول طعامك.

لم يأبه المعني بما قاله والده و وجه كلامه لي ثانية.
ألا تزالين جائعة؟
هززت رأسي بالنفي فابتسم بسعادة و أمسك يدي يجعلني أقف معه.
سأسرق كونتيسة أخي الصغيرة قليلا فأنا احتاجها
هذا ما نطق به قبل أن يسحبني خارج القاعة، حسنا لم أكذب عليك انا ممتنة لجنون ايدواردو حقا!
لقد انقذني من قاعة الأشباح تلك!

كلا ايريك!
اجابته تعترض للمرة الألف على فكرته، لا تصدق أنه يريد الخروج في موعد معها حقا!
الشاب مجنون!
أعطني سببا واحدا يمنعك عن الذهاب معي
أخذت نفسا عميقا تهدئ اعصابها، لما الشاب أعند من الثور؟!
كلا لن أعطيك أي اسباب و كلا لا أريد الخروج معك لأي مكان
عض شفته يكتم غيضه، تستمر بالهروب منه و لا تمنح علاقتهما أي فرصة، يكاد ييأس منها.

سنخرج يعني سنخرج، جهزي نفسك غدا ايليت، أقسم ان لم تفعلي هذا فسأصرخ في منتصف البيت انني أعشقك!
نطق بهذه الكلمات و غادر المطبخ من أصله، يعلم ان بقي أكثر فسيتشاجران و هذا ما لا يريده، ليلة غد تصادف عيد الحب و هذه فرصة ليجعلها تعترف له، يريد ان يبدأ الحرب من أجلها لا ان تخاف عليه و على نفسها و هو معها...
طفح كيله من الاختباء من الجميع!

لا يوجد اسوء منك في هذه اللعبة راسيل، انت عكس جوليان تماما
لم يمل كايل من السخرية منها و الضحك عليها، ما كان يغيضها في الأمر أن جوليان لم يكن مهتما بهذا الأمر، كان هادئ الملامح لا يبدي أي ردة فعل، أيعقل أنه لا يريد ان يكون معها هنا؟!
ما الذي تشترطه هذه المرة؟
سألت بهدوء، ستلعب الدور الأخير و تطلب منه مغادرة المكان، تشكره على كل ما فعله لها و تطلب منه ان يفترقا لأنها ستكون عبئا عليه.

أترين ذلك الشاب هناك؟
أشر ناحيته فالتفت كل من جوليان و راسيل إليه، كان أشقرا مغرورا رفقة صديقه و ثلاث فتيات.
ما به؟
إذهبي و أخبريه انه قد نال إعجابك
كان جوليان على وشك المعارضة لولا أنها رفعت كتفيها بعدم اهتمام، هي لا تبالي أبدا بما يحدث الآن، كل ما تريده هو الانتهاء و العودة الى منزلها كي تختبئ تحت الغطاء و تبكي كثيرا ثم تنام بعمق.
كان يراقبها من بعيد يشد على قبضتيه بغيض، التحدي سخيف كصاحبه!

هذا ما فكر به و هو ينظر لكايل الذي يراقب الوضع أيضا بحماس، هل الأمر ممتع بالنسبة له حقا؟!
تحدثت راسيل أولا للشاب بهدوء تصطنع الابتسامة، كانت ستغادر لولا أن الشاب تمسك بذراعها ثم سحبها يعيدها للوقوف امامه.
أعتقد أنه يزعجها
نطق كايل ملتفتا لجوليان...
او خيال جوليان، كان هذا الأخير قد اتجه مسرعا للشاب.
إلهي تنتظرني ليلة مثيرة!
نطق كايل بابتسامة خرقاء و لحق بجوليان أيضا.

ما رأيك بالاستمتاع قليلا معنا، لا عيب في هذا
شكرا لك لا، جولياان!
صرخت آخر كلامها بفزع، كان الشاب الأشقر ملقا على الأرض بعد ان استوطنت معالم وجهه قبضة جوليان.
سنخرج من هنا
أمسك يدها رغبة منه في الخروج غير ان صديق الشاب أمسكه يعترض طريقه.
الى أين تحسب نفسك ذاهبا؟
كان على وشك ان يضربه لكن كايل تدخل.
لا تلمس صديقي يا عمود الإنارة
وسع الجميع انظارهم.

أول الأسباب هي الصفعة التي وجهها كايل القصير للشاب الذي وصفه بعمود الإنارة.
و ثاني الأسباب هم اصدقاء الشابين الذين كانو أشبه بالحراس الشخصيين لأصحاب ذي هيبة.
أو بالأحرى كانو كذلك.
عندما أعد للثلاثة سنهجم حسنا!
همس كايل لصديقيه، كان جوليان يمسك يد راسيل بقوة حريصا على ان لا يبتعد عنها.
واحد
إثنان...
اهرباا
و بهذا بدأت المطاردة...

أرجوكي ماريا أرجوكي!
تنهدت بيأس لأفعاله، لم يكف عن الأنين فوق رأسي منذ ساعتين.
الا تشفقين على قلب عاشق؟!
ألا تشفق على لسانك؟!
يستحيل ان أخبره عن مكان ميرنا، ستقتلني دون رحمة!
لقد ارسلت لي راسلة نصية سألتي فيها عن سبب عدم فتحي الباب لها و أخبرتني عن الرحلة التي أقامتها المدرسة.
سأفعل أي شيء تريدينه!
رفعت رأسي و نظرت له أرفع حاجبي الاثنان.
أتعدني بهذا أخي في القانون
لما بدأت تشبهين ليوناردو؟

قلبت عيني بضجر!
تعدني ام لا؟!
أعدك أعدك
حسنا إذا سأسألك سؤالا واحدا، ان اجبتني عليه فسأخبرك عن مكان ميرنا
اومأ لي يحثني على طرح سؤالي، بما انني لم أستطع اكتشاف أي شيء بمفردي سيخبرني أخي في القانون!
هل فعلا، ليوناردو، قام
تحدثي بسرعة ماريا!
أخذت نفسا عميقا قبل أن أسأله دفعة واحدة مغمضة العينين.
أفعلا قام ليوناردو بقتل والدتكما؟!
صمت...

لم ينطق بحرف لعدة دقائق ففتحت عيني، كان ينظر لي بهدوء بينما معالم وجهه المتحمسة ركنت فجأة.
من أخبرك بهذا الأمر؟
لا أستطيع إخبارك ايدواردو، أعتذر لأنني تدخلت بأمر كهذا لكن...
انا أشعر بالضياع، منذ ان وقع ناظري على صورة السيدة اورسيني و انا لا أستطيع التنفس بشكل صحيح.
لا أستطيع أن انظر لعيني ليوناردو دون أن تغلبني مشاعر الخوف.
فكرة انه قد قتل والدته تؤرقني بل و تجعلني مريضة.
ايد انا احب ليوناردو...

أقسم انني أحبه!
لكن، الصورة، المنظر!
هذا صعب جدا
توقفت ما إن شعرت انني على وشك البكاء، لم يقل شيئا لبعض الوقت لكنني أستطعت الشعور به يجثو أمامي، تنهد ثم ابتسم ممسكا يدي.
لا أستطيع ان اخبرك انا ما الذي حدث، من الأفضل ان يطلعك ليوناردو عن ما حدث لكن...
يجب ان تعلمي شيئا واحدا!
ليوناردو لم يفعل أي شيء سيء طيلة حياته ماريا!
بلعت ريقي أبلع معه غصتي و سألته كطفلة عرض عليها صندوق حلوى.
أحقا ما تقول؟

أومئ لي مستلطفا ردة فعلي.
انت زوجة سيئة كونتيسته الصغيرة!
كيف سمح قلبك الصغير ترك زوجك العاشق وحيدا بعد أول ليلة لكما
معه حق!
انا فتاة سيئة تركت زوجها منذ ثاني ليلة زواج، استقمت بسرعة أحمل حقيبتي بين يدي، كان الشال الأزرق الخاص بي و قبعتي ملقيين فوق السرير، وضعتهما على و سارعت للخروج.
ماريا!
الى أين انها الحادية عشر ليلا
فتحت الباب و هتفت بسرعة.
الى زوجي المسكين...
لا بد أنه يعاني من الأرق من دوني!

سمعته يضحك علي، و بعد الضحكة استوعب أنه تركني أذهب دون ان يعلم مكان حبيبته الصغيرة.

اركض و اركض دون توقف، لم آبه للحراس الذي حاولوا معرفة سبب ذهابي و لا بالبرد الذي جمد أطرافي كوني تركت السترة في منزل عائلة اورسيني.
وصلت للجسر الذي يقودني للجانب الآخر للمدينة فتوقفت آخذ انفاسي قليلا قبل أن اتابع الركض لمنزلي...
سأعانق ليوناردو و أقبل شفتيه، سأصفع نيكولاس بقوة، سأحرق الماضي فلا أهتم للعنة مما حدث به...
كل ما أريده هو زوجي...
ليوناردو و فقط!

رفعت رأسي كي أواصل الركض لولا أن رؤيته هناك جعلتني أتوقف في مكاني، كانت سيارته مركونة في منتصف الطريق بينما كان هو بثياب المنزل...
نظرت له بعينين لامعتين تحتجزان الدموع.
لكن هذه المرة دموع الفرحة.
آسف!
لم أستطع ان أنام دونك
انفجرت ضاحكة على ما قاله، الدموع تنهمر على عيني و هذا تنافى مع صوت ضحكي السعيد، فتح ذراعيه لي و لم أضيع ثانية واحدة و أسرعت أرتمي داخل حضنه.
لقد اكتشفت شيئا مهما ليوناردو.

كان يضحنني بقوة و كنت أشد عليه بذات القدر.
و ما هو هذا الشيء المهم كونتيستي الصغيرة
ابتعدت عنه قليلا كي أنظر لعينيه ابتسمت برقة و بكل ثقة أطلعته.
انا احبك ليو...
أحبك شيطاني الحارس.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب