رواية أسطورة ماريا فيسكونتي للكاتبة كيم ميرا الفصل الحادي عشر

رواية أسطورة ماريا فيسكونتي للكاتبة كيم ميرا الفصل الحادي عشر

رواية أسطورة ماريا فيسكونتي للكاتبة كيم ميرا الفصل الحادي عشر

أختي في القانون!
أطلت فيرناندا برأسها من فوهة الباب ما جعل ايزابيلا تتنهد بضجر، منذ أن انشغل الشباب و تزوجت ماريا و سجن سواريز بقيت فيرناندا وحيدة بالقصر و لا عمل لها.
تساعد الخدم و تهتم بأدق شؤون القصر رغم تفاهتها و أيضا...
لا تترك العمة ايزا و شأنها، طلبت منها تعليمها الحياكة و ما بين كل ساعة و الثانية تطرق الباب ثانية...
ستجن عم قريب!
فيرناندا، حبا بالرب إننا بنتصف الليل.

كانت ايزابيلا قد استلقت على سريرها في انتظار ان يطرق النوم بابها.
أعلم هذا، الغرفة باردة جدا و لهذا فكرت في أن ننام مع بعضنا، اعتبري الأمر جلسة فتيات!
أخذت ايزابيلا نفسا عميقا قبل أن تبتسم بتكلف مومئة لها، لا فائدة من البرود مع شخص لا يفهم أنه غير مرغوب به!
أفسحي المكان قليلا أختي في القانون
قالت تندس جانبها، كلاهما تطالع السقف في صمت، او بالأحرى كانت هذه أمنية ايزابيلا التي لم تتحقق.
أختي في القانون.

نعم
اجابتها و هي على وشك البكاء، متى كانت فيرناندا ثرثارة هكذا.
أتعلمين انني أحبك حقا
لم تفقه ما قالته المستلقية بجانبها فأصدرت همهمة متسائلة.
لست أمزح!
لطالما أردت ان أتعرف عليك، شعرت بالغيرة من ماريا عندما كانت تتسلل دائما لغرفتك و تتحدث معك
وسعت ايزابيلا عينيها بصدمة.
هل كنت تعلمين عن ذلك
تلك الضحكة التي أفرجتها فيرناندا كانت كافية لتأكيد ما تبادر لذهن العمة المقعدة.

ماريا ابنتي ايزابيلا، أعلم ما تريديه و ما تخافه و ما يضايقها لكنني،
جبانة
واصلت ايزابيل بهدوء و ما تلقته كان صوتا يؤكد ما قالته.
لقد جربت هذا الشعور، العجز عن توقيف سواريز من قتل ماثيو
نظرت فيرناندا ناحية العمة بعينين براقتين.
لكن تشجعت لتلحقي به
لربما كانت ردة فعلي من خوفي!
الخوف من والدي و من عذاب سواريز القادم...
لكن اتضح ان كل شيء لم يكن ليؤثر بي.

بعد ان فقدت ماثيو باردي تغيرت حياتي، لم تستطع العودة الى ما كانت عليه.
تمنيت لأطفالك حياة سعيدة بنهاية جميلة عكس ما كان يحدث معي، لم ارد أن يتذوقوا من العذاب الذي تجرعته شيئا
تنهدت ايزابيلا بحسرة، لا زالت تشعر بالألم...
هل لم تنسى و لن تفعل هذا.
لن تسامح سواريز مطلقا!
لقد قتل نصفها الثاني...
قضى على سعادتها و على ريعان شبابها و هذا دون ان يرف له جفن واحد.
لا تعتقدي ان حياتي كانت سعيدة ايزابيل.

زواجي الذي كان تضحية من أجل جعل الرجل الطائش و القذر يتحمل بعض المسؤولية.
لم أحبه و لم أرد أن افعل
كانت لي أحلام ايزابيلا، كنت اريد ان أجرب الحب، ان اعيش مع زوج يريني الجانب الآخر للحياة
لكن...
سواريز اراني الجحيم على الأرض!
لطالما تصنعت فيرناندا القسوة، ارادت ان تظهر لزوجها بأنها شبه له لعله يحبها و يظهر لها ذاك القدر القليل من الاهتمام لكن بئسا له و لمن يعطيه فرصة ليصبح انسانا...
سواريز مختل!

النساء لبعضها يا، أختي في القانون
همست ايزابيلا فأجابتها الثانية بضحكة...
معك حق...
النساء النساء!
ظالمة او مظلومة.

من زقاق لزقاق و من شارع لآخر
لا يعلمون منذ متى و هم يركضون بالتحديد لكن الثلاثة لم يتوقفوا أبدا...
اااه اللعنة توقفا، توقفا توقفا
أعتقد انهم، لم يعودوا في أثرنا
أردف كايل بتقطع، أنفاسه التي سرقت منه خلال ركضهم منعته من الحديث بشكل سليم.
اوه يا إلهي،
بعد هاتين الكلمتين انهارت راسيل على الأرض تستجمع طاقتها، اما عن جوليان ففعل المثل...

استلقى على العشب يوسع عينيه، هل ركض الآن في أزقة فلورانسا هربا من أشخاص كانو سيفرمونهم؟!
و هو الكونت الذي اعتاد على الرقي و الركانة و الهدوء؟!
لاحظت راسيل سكونه و صدمته لما حدث، واضح أنه منزعج لما جرى، و طبعا من حقه أن ينزعج بالنسبة لها، تراهن أنه لم يفعل أمرا جنونيا هكذا في حياته إلا بعد أن تعرف عليها!
وجعت نظراتها لكايل الذي رفع كتفيه لا يعلم ما يجب فعله حيال ذاك الوسيم.

أخذت نفسا عميقا تعدل بها وضعها و باشرت تتحدث مناظرة الأرض بأسف و عينين نادمتين.
أعتذر جوليان!
كل ما حصل معك بسببي
انا من قدتك لهذا المكان السخيف طمعا مني في تشتيت نفسي و عدم الغرق في البؤس بسبب انفصالي.
نيكولاس كان يعني لي مستقبلا بأكمله و هذا المستقبل إختفى بين ليلة و ضحاها!
آسفة من قلبي...
لا بل من اعماق قلبي!
لن اعود ل،
توقفت تناظره بصدمة ما إن أفرج عن ضحكة جميلة جدا!
ضحكة سعيدة و لطيفة بحق...

أعتقد أن الوسيم قد جن أخيرا
همس كايل لصديقته و هو يومئ بالنفي، لكن الأمر يعجبه بحق
بنظره هذه كانت ليلة مثيرة جدا!
لفظ جوليان آخر قهقهات نوبة الضحك المفاجأة ثم نظر للصهباء بعينين هلاليتين سببها الابتسامة على وجهه.
اعتذارك مرفوض أيتها الصهباء
ماذا
نطقا في آن واحد، يجزمان أنه ضرب رأسه و هم يركضون، جوليان؟!
يضحك؟!
لن يتخطيا هذا الأمر سريعا
اعتذارك مرفوض لانني استمعت!
لقد كان الأمر ممتعا حقا!

لأول مرة في حياتي أشعر بالراحة هكذا
فسر و هو يبتسم ثم عاد يستلقي على الأرض...
لو يخربها أن ما حصل لقطة في الفيلم و قريبة من النهاية ستجن لهذا كذبة بيضاء لن تضر.
أحقا كان ركضك معنا أمرا مريحا؟!
تحدثت و رأسها فوق خاصته المستلقي أرضا مباشرة، رمش ينظر لتفاصيلها بدقة...
عيناها الزمرديتان رغم سواد الليل الحالك، شعرها الأحمر على شكل ظفيرتين، شفاهها ال...

لم يستطع إكمال وصف ملامحها الملائكية داخله عند سماعه لصوت إلتقاط صورة ما، نهضا كلاهما يحدقان بكايل الذي كان يحمل هاتفه و يبتسم ابتسامة شيطانية غبية.
ستكون خلفية جميلة لهاتفي
ما رأيكما؟!
وسعت راسيل أنظارها و انطلقت في أعقابه لتمحي الصورة، بينما اكتفى جوليان بمراقبتهما و هو يبتسم في هدوء.
لقد اقتربت نهاية الفيلم أخيرا و سيحصل عليها!

كنا نائمين بهدوء في غرفتنا، لا زلت أشعر بيديه تحضناني بذات القوة كي يتأكد من أن ما يحدث ليس مجرد حلم فقط.
عندما أطلعته عن حبي توقف منصدما غير مصدق، كان وجهه هادئا مع لمعة غريبة في عينيه...
بريق لم أره يوما داخل مقلتيه، و هذا جعلني أبتسم بوسع أكثر، حملني جاعلا مني ألف قدمي حول خصره و هناك سرق مني ثاني قبلة، و هذه المرة حاولت مبادلته رغم بدائة موهبتي في التقبيل...

اتساءل كيف له أن يقبل بهذه المهارة؟!
انكمشت أكثر على نفسي و اندسست داخل حضنه أكثر احمي نفسي من البرد الذي خشي من أن يقربني و زوجي معي...
و بدوره شد ليوناردو على أكثر يحميني داخله من كل شيء.
ارجح أن الساعة لا تزال السابعة صباحا!

توقفت عن التفكير رغبة مني في الغوص مجددا داخل عالم الأحلام غير أن الباب الذي فتح على مصرعيه و بقوة كادت ان تكسره منعتني من ذلك فاستقمت فزعة و فعل ليوناردو المثل بعينين شبه مغمضتين.
ماريا فيسكونتي أيتها الكونتيسة المخادعة الصغيرة كيف تجرئين على خداعي؟
كان ايدواردو يصرخ بينما يحمل بين يديه مكنسة طويلة.
ما الذي تهذي به في هذا الصباح.

نبس ليوناردو بصوت مبحوح إثر النوم، عيناي كانت جاحضتين خوفا من أن تطرق ساق المكنسة جمجمتي.
ليوناردو احمي كونتيستك فهو ينوي قتلي
همست لمن يكون زوجي فابتسم بهدوء و سحبني لحضنه، أعتقد أن صوتي وصل لايدواردو ما جعله يضحك باستهزاء.
تحتمين بزوجك المفعوص إذا؟!
أقسم انني سأقتلك أيتها المخادعة
ظهرت معالم السخرية على وجه شيطاني
و لا أعلم لما ابتسمت لفعله ذاك.

كونه يؤكد ان ما ينطق به ايد مجرد خزعبلات لن تحصل فهو لن بسمح لأحد بايذائي حتى لو كان الأمر مزاحا...
مع أنه لا يبدوا كذلك في حالة ايدواردو!
و ما الذي فعلته زوجتي الصغيرة لك؟
زوجتك الصغيرة هذه نقضت الاتفاق بيننا و لم تطلعني عن مكان زوجتي البريئة
زوجته البريئة هي من ستقتلني ان أخبرته عن مكانها!
نظر ليوناردو لي يستطلع حقيقة الأمر فشرحت له بابتسامة متوترة.
الأمر ليس هكذا!

لم يدعني أنهي كلامي و نطق ببرود في وجه أخيه.
الأمر ليس كذلك إذا انقلع من غرفتي قبل أن امسح بك بلاط الغرفة
نظر ايد لي و مرر ابهامه على عنقه يتوعد لي بالقتل قبل أن يغادر غرفتنا كما دخلها و لم ينسى أن يصفع الباب خلفه جاعلا مني اتنهد براحة مفجرة عن ضحكة لسخافة الموقف.
استلقى ليوناردو مجددا و سحبني معه، كنت شاردة بسعادتي و كيف انني اخترت ان أكون كذلك.
انا سعيدة
شاركته أفكاري فاستفسر سائلا بينما يبسم ثغره.

و لما انت كذلك؟
أيعقل ان اعترافكي الجميل و الذي ستعيدينه على الآن أثر عليك كما فعل معي
كان يتحدث بهمس مبحوح و هو يقربني منه مع ابتسامة لطيفة على وجهه جعلتني أبادله دون شعور مني.
ليس هذا ما أقصده، سعادتي ناجمة من كوني معك، سعيدة بحياتي مع زوج يحبني و أخ في القانون يشاطرني المرح و الجنون على حد سواء...
متحمسة لما هو قادم حقا ليو
ضمني إليه أكثر و همس في أذني بنبرة جميلة مثيرة.

ما رأيك إذا بشهر آخر من المتعة؟
رمشت لا أفهم قصده و لم يبخل على يالإجابة.
لقد حجزت تذكرتين لنا لنسافر الى خارج ايطاليا
وسعت عيني بصدمة لا أصدق ما نطق به
أحقا ما تقول؟!
أجل حقا ما أقول، أردت ان نمنح زواجنا بعض الذكرايات السعيدة فقد جرى كل شيء بسرعة
و طبعا كي نتعرف على بعضنا أكثر
تقصد ان أتعرف عليك أكثر!
تمتمت بصوت مسموع، هو يعلم كل شاردة و واردة حيالي بينما انا...
لا أعلم حتى الشيء القليل!

بعثر خصلاتي قبل أن يستقيم متجها للحمام و قبل أن يغلق الباب نبهني يبستم.
الرحلة ستكون اليوم بعد ساعتين...
انصحكي ان تسرعي بتجهيز نفسك
لم استوعب كلامه إلا بعد أن استلقيت على السرير مجددا
اللعنة ساعاتان!
لم لم تخبرني بهذا مسبقا؟
تذمرت و انا أركض ناحية الخزانة، تبا له فقط!

ابتسمت بحماس و انا اسرع من هنا لهناك كي اوضب الأغراض القليلة الموجودة بينما قلبي يبنض بسرعة كلما تخيلت اوقاتنا مع بعض خارج ايطاليا برمتها!
أيتها السعادة انا قادمة،!

أرجوكي، أرجوكي، أرجوكي، أرجوكي
أقسم انني على وشك البكاء، لم يكف عن مضايقتي و لا يمل من تكرار الكلمة منذ ساعة كاملة.
ألا يوجد زر لإطفاء أخيك
اومئ ليو بالنفي يواصل تناول طعام إفطاره، بينما أستمر توأمه بترديد نفس الكلمة دون ملل.
و اللعنة حسنا توقف!
ابتسم ايد بحماس و شعرت بيد زوجي تقرص أنفي.
لا تلعني كونتيستي
لم يلقي ايد بالا لأخيه و هتف بحماس.
إذا ستخبرينني عن مكان ميرنا
أخذت نفسا عميقا و أومأت...

سيقضى علي!

حسنا أختي حظا موفقا لك!
انتبهي لنفسك و اتصلي بي عندما تحتاجين بشرحية رقم جديدة!
لا داعي أن اخبرك بأخذ المال
حسنا الى اللقاء
أقفل ايريك الخط أخيرا مودعا أخته الصغيرة، و ما إن أراد أن يكمل فطروه باغته كل من يجلس حول الطاولة بسؤال.
أهي ماريا؟
ما الذي قالته؟
أين ستذهب؟
هل هي بخير؟
كف عن بلع الطعام كالخنزير و أجبنا!

سحب ماريوس شوكة اخيه تزامنا مع حديثه، تنهد ايريك بيأس و كان على وشك ان يشكو هذا لجده غير أنه لاحظ نظراته المترقبة.
الجميع يشتاقون لماريا، البيت هادئ و دون روح من دونها، ليس و كأنها كانت منطوية دائما في غرفتها.
ستذهب رفقة زوجها الى باريس اليوم سيقضون بعض الوقت هناك
ابتسمت فيرناندا بحماس و شاركت ما خطر بذهنها لجميع الجالسين.
ما أسعدها!
باريس مدينة أحلام جميع الفتيات
نظر لها ماريوس بابتسامة يواسيها.

ان كنت تريدين الذهاب فالأمر بسيط، سأكلف أحدا ما بإجراء الأوراق اللازمة و تسافرين رفقة ايريك بعد شهرين فهناك اجتماع بفرنسا
لمعت عينا فيرناندا بسعادة لما سمعته و تفقدت ابنها لعله يرفض الأمر لكنه قابلها بابتسامة هو الآخر.
كل ما تريده ملكتنا!
شكرته من أعماق قلبها مقبلة رأسه و ما إن أراد أن تضع لقمة في فمها حتى تخاطرت لذهنها فكرة ما
والدي
نبست بتردد تراقب والد زوجها المسجون و الذي واصل طعامه مهمهما بوقار.

أيمكن لايزابيلا القدوم ايضا بعد إذنك طبعا؟

أوقف ليوناردو السيارة في مرآب المطار، أين تكفل أحد الرجال هناك بنقل الحقائب الى مكانها المخصص.
كونتيستي
دوقي!
نبست بابتسامة أرد عليه، تجمدت ملامحه لجزء من الثانية، لابد أنه لم يتوقع ان إجابتي!
يدك لو سمحتي
بكل سرور
تعانقت أناملنا و بهذا سرنا للأمام، لم يكن أمرا مدهشا امتلاكه لطائرة خاصة فعائلتنا تمتلك المثل لكنني لم أخفي سعادتي و حماسي.
هذه أول مرة أركب فيها طائرة ما.

صرحت و انا أجلس بمقعدي و قد كان زوجي يفعل المثل.
سعيد لأنني سأكون أول من سيرى ملامح جميلتي في الأفق
همس لي و هو يثبت حزام الأمان الخاص بي، كنت منشغلة بمراقبة المطار أين كان العمال منتشرين بكل مكان، الضجيج خارجا لم ينجح بالتسلل الى داخل طائرتنا التي يبقى على اقلاعها سوى القليل من الوقت.
مفاجأة!
قفزت من مكاني حالما صرخ ذلك الصوت بينما اكتفى ليوناردو بإغماض عينيه بسخط بعد ان كانتا منشغلتين بتأملي.

هذا المتطفل اللعين
تمتم تحت انفاسه و بابتسامة قرصت أنفه أنتقم لنفسي.
لا تلعن دوقي!
رغم سخطه أفرج عن ضحكة صغيرة ذات نغمة جميلة جعلت من القشعريرة تهز اطرافي...
أعتقد أن ضحكته ستجلب أجلي لا محالة!
توأمي العزيز، كونتيسته الصغيرة
كيف حالكما؟
كنت بخير قبل أن تخرب لحظتي
اجابه ليوناردو ببرود و هو ينظر إليه كمن ينوي قتله، منظره كان كفيلا بجعلي اعاني كي لا أضحك.
هذا مسعاي ليوناردو!

اجابه بمشاكسة و هو يجلس على المقعد الذي أمامنا أين تنهد زوجي المسكين بعمق يحاول عدم الانقضاض عليه و تشويه وجهه الوسيم.
ما الذي جلبك لطائرتي توأمي العزيز؟
ابتسم ايدواردو و شد خصلات شعره مبتسما.
ذاهب لحبيبتي
أهي في فرنسا؟
كان سؤال ليوناردو هذه المرة موجه إلى و لم أتوانى عن الإجابة.
لقد ذهبت في رحلة مدرسية الى العاصمة
شرد ليوناردو بجملتي بضعة دقائق ما جعلني استغرب فعلته...
هل قلت شيئا خاطئا؟

اذا لما تعكرت ملامح وجهه فجأة؟!
و لهذا!
سأذهب لأجدها و أعترف لها ثانية!
وجهت انتباهي لايد الذي كان جد متحمس لما هو قادم و ابتسمت له بلطف.
ميرنا تحبك ثق بي
ستنجح هذه المرة!
أتمنى هذا!
همس و اراح ظهره على مسند الكرسي الخاص به، أعلن قائد الطائرة اننا على وشك الاقلاع فعاد ليوناردو يتأكد من حزامي و أمسك يدي هامسا لي دون ان يلفت الانتباه.
ان شعرتي بالخوف فقط اضغطي على يدي لتعبري عن ذلك حسنا.

أومأت له أشعر بدغدغة لطيفة داخلي لاهتمامه بي، لم تكن إلا ثواني حتى شعرت بالطائرة تتحرك، لم أضيع المنظر بل ثبت عيني على ما تسمح لي النافذة برؤيته، كنا نسير في بادئ الأمر على المسار المنشود الى ان شعرت بنا نرتفع قليلا، شعرت بقلبي ينقبض فجأة و عدت لمكاني أرخي رأسي، أغمضت عيني بهدوء، كنت أشعر بضغط غريب على جسدي إثر صعود الطائرة و عدم استوائها.

لم أكن خائفة ولا مضطربة بل و شعرت أن الأمر عادي، بعيدا عن ذلك الشعور الغريب الذي داهمني لبعض لحظات، أشك في أن ضغطي على يد ليوناردو كان ملحوظا حتى.
لقد أصبحت الطائرة في السماء، يسمح لحضرتكم فك الاحزمة و أخذ راحتكم
ما إن سمعت هذه الكلمات فتحت عيني بابتسامة، ما ان كنت سأمد يدي لأفك حزامي حتى سبقني الغرابي.
بخير؟
همهمت له مستمتعة بما يفعله، أهذا هو الدلال؟!
لا أنصحك بتفويت مشهد ايطاليا من السماء...

عينا رجلك موجودتان على مدار الساعة!
نبهني ايدواردو بخبث فتورد خداي خجلا مما يقول، التفت مباشرة نحو النافذة و ابتسمت أحاول تناسي الاحراج.
فتحت ثغري لجمال المنظر الخلاب، الأشجار التي بدت ضخمة في الأسفل، هي صارت تشبه اعواد الكبريت، قصور ايطاليا العتيقة باتت اكواخا مزخرفة...
إلهي المنظر رائع!
همست بدهشة غير قادرة على زحزحة عيني.
أنظر ليو إنه النهر!

صحت بسعادة، لم أكن مدركة انني اتصرف كطفلة من شدة سعادتي و لم يقل التوأمان شيئا بل شاركاني تلك اللحظة، يراقبان المنظر معي...
أو بالأحرى كنت و ايدواردو من يراقبني و اكتفى ليوناردو بمراقبتي انا!
و قد راقني هذا حقا...

آسفة ماريو،
لم تستطع إكمال جملتها ما إن دخلت المستودع...
المستودع الذي لن تستطيع وصفه بالقديم الآن!
ما الذي حدث هنا؟
سألت ذاك الذي يراقب ردة فعلها بملامح فخورة.
بما أننا سنقيم مقابلات عمل مع المتقدمين الوظيفة أردت ان نغير من المكان قليلا و لهذا تكلفت بالأمر!
قليلا!

كررت وراءه ترفع حاجبيها مستنكرة ما قاله، المستودع تغير بالكامل، الجدران ذات الطلاء المتقشر اضحت سوداء فخمة و زينتها صورة لشخصية كرتونية رفقة قردها.
حقا ماريوس؟!
نبست و هي تضحك عليه و لم يفعل الا المثل.
ماذا؟!
أنت و ريمي توأما روح!

قلبت عينيها تضحك على مدى سخافته، سارا ناحية المكتب المصنوع من خشب اشجار السنديان ذي اللون الأبيض و الذي وضع عليه حاملتا اوراق امام كل كرسي تحمل أسماء من ترشحوا للتمثيل في المسرحية.
بحق السماء متى جهزت كل هذا؟!
استفسرت صاحبة الشعر المتموج و هي تتفقد قائمة الاسماء...
لدي اساليبي الخاصة!
و الآن لنرى من سيمثل دور العشيق الإيطالي!

لم تأخذ رحلتنا سوى الساعتين، و لعدم إختلاف التوقيت بين كل من ايطاليا و فرنسا لم يكن الأمر صعبا كثيرا لكنه كان كافيا لاتعابي...
خرجنا من الطائرة متجهين بسيارة خاصة بالتوأم اورسيني ناحية الفندق، كنت أشعر بألم في رأسي و قليل من الدوار، و لهذا فضلت مراقبة كل من زوجي و اخيه و هما يلعبان حجرة ورقة مقص...
إنهما لا يملان من هذا الأمر!

وصلنا الفندق بمنتصف النهار، كان الثلج يغطي جميع الأرصفة و الطرقات و رغم الجو الجميل إلا انني لم أهتم الا بمتى سنصل لغرفتنا كي أستطيع نيل فيك من الراحة لعل شعور الغثيان يفارقني.
كان ليوناردو قد حجز جناحا كاملا لنا مسبقا و لهذا تركنا ايدواردو يوقع اوراق استئجار جناح خاص به و زوجته البريئة و صعدنا لغرفتنا.

أول ما فعله ليوناردو هو اقتيادي للسرير، جعلني أجلس عليه و تولى نزع حذائي الرياضي الأبيض، كنت مغمضة العينين أحاول ان لا أشعر بالدوار.
لا تقلقي سيزول شعورك بعد قليل، هذا لأنك تركبين الطائرة لأول مرة
أومأت له بهدوء و ما إن شعرت بقدمي حافيتين سحبت نفسي على السرير، غلف ليوناردو جسدي باللحاف يقيني من البرد، بقيت على نفس حالي مستلقية الى ان غفيت و لم أشعر بشيء بعدها...

كان بقميصه الأسود الضيق و سروال من الجينز، ينتظرها بفارغ الصبر، أخبرته ان هناك ما تريد اخباره به و لم يجد نفسه الا و هو مزروع أسفل منزل اسرتها بعيدا قليلا عن المدخل...
وقف هناك بالطريق يتأمل الأشجار المخضرة، البرد القارس يوحي أن الغيوم على وشك نثر بياضها عما قريب!
جوليان
صديقي!

نطق كل من كايل و راسيل بسعادة، تنهد بملل لوجود ذلك المزعج معهما، كانا يركضان إليه و طبعا قد ركز عليها هي، ظفيرتا شعرها الأحمر كانتا تتطايران بشكل لطيف جاعلة منه يبتسم.
أحيانا يتساءل عن مدى بلوغ غباء نيكولاس؟!
كيف الحال جولياني؟
نطقا كلاهما بابتسامة فأومئ برأسه كإجابة و لم ينتظر لحظة كي يستفسر عن ما سيفعلونه اليوم.
لما أحضرتماني في هذا الوقت.

كان المساء لا يزال في بدايته، الساعة الرابعة عصرا على ما يعتقد.
لقد اتفقنا انا و كايل على ان نجعلك شخصا سعيدا!
لاحظت انا و صديقي البارحة ان حياتك المثالية تفتقر لشيء واحد و هو،
المغامرة!
صرخ كايل بحماس فأومأت راسيل استجابة لما هتف به...
لكن!
الفيلم كان عن جعلها هي سعيدة لا هو
هو لم ينفصل عن أحد و لن يفعل ان ارتبط بها
هو سعيد ان كان معها
هو يريد ان تكون النهاية كما الفيلم!

لا تقلق جوليان يوجد فيلم كهذا سأرسله لك لاحقا و الآن فلنذهب لجعلك أسعد انسان على وجه الأرض!
سحبته رفقة صاحب الابتسامة المضحكة، كان يسير معهما و هو على وشك الانفجار
هل سيعاد السيناريو من جديد؟!
فلينقذه أحد ما سينجلط!

فتحت عيني على إثر طرقات على الباب، أخذت بضع ثوان لأستوعب انني في فندق بباريس
إلهي الأمر لا يصدق!
استقمت بجذعي أتحسس ان كان للدوار و الغثيان أثر ما لكنني كنت جيدة، تمددت بابتسامة و الحماس جعل من قلبي ينقبض على حين غرة
ماريا، أنت بباريس، أنت بفرنسا...
إلهي لا أصدق هذا!
كنت أحدث نفسي بعد ان استقمت من على السرير أشد خصلات شعري و ابتسامتي تتوسع كلما تذكرت امر المغامرة التي سأخوضها.

أعادني الطرق الى أرض الواقع فاتجهت الى الباب الرئيسي للجناح، و في الرواق المؤدي إليه سمعت صوت تدفق المياه ما أكد لي ان زوجي الوسيم يستحم الآن.
فتحت الباب فقابلتني شابة من السهل استنتاج انها خادمة في الفندق من هنادمها الذي اكتساه اللون الأسود و الابيض.
نعم؟!
سألتها باستغراب و بلغة فرنسية طلقة و انا ألمح نظراتها التي تفحص الغرفة بتردد.
هل تحتاجين خدمة تنظيف الغرف آنستي؟

شعرت بغرابة لما قالته، أهذا ما يحدث عادة في الفنادق، يطرقون بابك ليسألوك ان كانو قادرين على تنظيفها؟
بدى الأمر غريبا لكنني أجبتها ببشاشة.
لا نحتاج لهذا حاليا شكرا لك
هل، هل أنت متأكدة يا آنسة؟

كانت غريبة، لابد أن شيئا خاطئا يحدث، و هذا الشيء الخاطئ اتضح عندما خرج زوجي من الحمام بمنشفة تغطي أسفله فقط، قطرات المياه كانت تتسابق على تزيين صدره المعضل، خصلاته التي كان يقوم بتجفيفها لك تزده الا إثارة جلعت الواقفة امامي تبلع ريقها...
خدمة الغرف اذا!
اللعينة...
تغيرت معالم وجهي لأخرى باردة و ضيقت الباب امنعها من رؤية اللوحة المثالية التي تقف خلفي يراقب ما يحدث.

كان وجه الفتاة أحمرا و بوقاحة هي ابتسمت بوجهي نحاول تظليلي، اتراني حمقاء ام ماذا، ابتسمت فبلعت ريقها بقلق...
و بصوت هامس تمتمت بالقرب من أذنها
Non ti consiglio di avvicinarmi a mio marito، non sono una donna che permette che vengano toccate le sue cose!
بلغتي الأم نهرتها عن الاقتراب مني و من زوجي ثم أغلقت الباب بوجهها تاركة شعرها الأسود المصبوغ بشقرة يتطاير في السماء.
لعينة وقحة!

تمتمت و انا أحاول ضبط اعصابي، لم ارى شخصا في حياتي بوقاحة هذه التافهة!
شعرت بأنفاسه تضرب عنقي و يديه تلتفان حول خصري يقربني له أكثر، كنت غاضبة حقا و مع هذا كان شعور بقطرات المياه التي تنزل من خصلاته الفحمية في عنقي يسبب لي رعشة محببة.
ما الذي جعل كونتيستي الصغيرة غاضبة بهذا الشكل؟
سألني بهمس
لعقت شفتي أحاول ان أضبط اعصابي و ان لا أتفوه بكلمات غبية.

التفت إليه، كان لا يزال عاري الصدر ما جعل أعصابي تحترق أكثر...
هل من الممتع بالنسبة لك ان تتجول عاريا أمام الفتيات
لم انتبه أن ملامحي صارت مخيفة، لدرجة جعلته، يبتسم!
هل هناك ما يضايقك بالأمر؟
استفسر بمكر يحاول جعلي أعترف بالغيرة، حسنا انا فتاة خجولة لكن عندما يتعلق الأمر بالغيرة و العناد فسأضرب بالإحراج عرض الحائط.
ما رأيك ان اتجول عارية أيضا
و لنرى ماذا سيضايقك!

اطلق صفيرا معجبا و همس بالقرب من أذني مجددا
أعتقد انني أخذت جوابي كونتيستي الصغيرة
همهمت غير مهتمة و فككت قيد يديه متجهة الى الخزانة، الساعة تكاد تكون الخامسة عصرا و لم نخرج، و من الأفضل ان يقوم زوجي الدوق بمراضاتي قبل أن انتهي من اختيار ثيابي!
لم تكن مدة طويلة حيث انني شعرت به يقف خلفي مجددا، ادعيت عدم اهتمامي و انا أقلب الثياب التي كانت معلقة في الخزانة...
لحظة!
من أفرغ الحقائب؟

أخبرني أنك لم تسمح لتلك العلكة بالدخول الى غرفتنا و انا نائمة
هسهست و انا التفت إليه ببطء، ابتسم بجانبية و ادعى أنه يحاول التذكر.
امممم ربما نعم و ربما لا!
أخذت نفسا عميقا قبل أن أنطق ببرود اناظر عينيه بفراغ.
لقد جنيت على نفسك ليوناردو اورسيني
ما إن نطقت كلماتي شددت شعره بقوة جعلته يفزع و باشرت الصراخ غير آبهة بصوت ضحكاته و كأنني ادغده لا أقتلع ما يغطي رأسه.

أيها البغيض كيف تسمح لفتاة بالدخول لغرفتنا و انا نائمة بل و العبث بأغراضنا أيضا
سأقتلك أقسم انني سأخرج عينيك و أفقأهما امامك
حملني جاعلا مني احيط خصره بقدمي و لجفلتي أفلت خصلاته مطلقة سراحه.
إهدئي انا امزح فقط
لم يدخل أحد غرفتنا يا زوجي العزيزة و لم يتجرأ أحد على لمس أغراضك
غيري طبعا!
رمشت عدة مرات أحاول استوعاب انه كان يمزح فقط فتنهدت براحة.
إلهي لقد سقط قلبي من مكانه!
أيمزح شخص ما هكذا يا عديم الذوق.

ضحك مجددا و هذه المرة قهقهت أيضا أحاول ان لا أظهر هذا حفاظا على كبريائي.
اذا اتضح ان الكونتيسة الصغيرة غيورة!
جعدت معالم وجهي اعيد كلامه بطريقة مضحكة، ليس و كأنني الوحيدة التي تغار!
أنزلني ارضا و هو يبتسم ثم نطق يبعثر خصلاتي...
جهزي نفسك سريعا لدينا سهرة جميلة!
ابتسمت بوسع ثم سارعت أبحث عن ملابس مناسبة
ستكون رحلة اليوم مليئة بالمفاجآت!

ما الذي حدث معك؟
سألت موظفة الاستقبال صديقتها التي كانت محمرة الوجه.
أعشق هذا الرجل روزا
إنه مثير و وسيم و ذو كاريزما تجعل جميع الفتيات تقعن له
و بصوت حالم اجابتها الشقراء غير قادرة على نسيان منظر دوق فلورانسا...
بإمكانكي الاعتراف له اليوم!
التفتتا نحو الشاب الذي كان يبتسم بمرح، يعلم ان موضوع الحديث هو توأمه لا غير
اليوم عيد الحب بايطاليا
و ستكون هدية جميلة مع اعتراف بداية جميلة لكما!

شرح خطته مستمتعا بتوسع نظرات الفتاتين، مسكينتان!
buona fortuna!

السينما، المطعم، الملاهي...
كل شيء لم يجعله سعيدا حقا!
لا ابتسامة حقيقية على وجهه و هذا أزعجها، بحق السماء ألا يعجبه شيء؟!
راسيل، أستسلم صديقتي
هذا ليس من بني آدم
إنه آلي!
حسنا، آلي وسيم...
لكنه يبقى آليا!
علق كايل يناظر الجالس امامهما يحتسي مشروبه المخفوق بطريقة مضحكة...
اللعنة تعبت من التفكير
ما الذي قد يسعده مثلا؟!
تذمرت الصهباء بقلة حيلة
لا شيء يفلح حقا!

اعادا تركيزهما لجوليان الذي عاد يطلب الكأس المئة من الشراب المخفوق...
فتنهدا في آن واحد
لابد أن الشراب المخفوق هو سعادته الوحيدة عدا ان تلتزم راسيل بسيناريو الفيلم...
أجل، وجدتها!
صرخت صاحبة الشعر الأحمر بحماس ما إن خطرت ببالها الفكرة!
ما الذي وجدته؟
عيناها اللامعتان وجهتا صوب كايل الذي استفسر يتكئ على كف يده و يحدق بها في يأس.
أعلم كيف سأجعل كتلة الثلج هذا يذوب و يستمتع.

وقفت بسرعة تشير للنادلة بإحضار الحساب لي بينما تحث صديقيها على الاستقامة.
هيا سنذهب من هنا...
هناك شيء جميل حقا بانتظارنا!

الى أين نذهب؟
سألته و انا أشد الحزام، كنت منبهرة من منظر الثلوج التي غطت الشوارع بطريقة جميلة حقا...
المنظر خيالي!
اليوم هو عيد الحب
التفت إليه مبتسمة، أعلم عن هذا بفضل اخبار أخي لي أنه يخطط لشيء جميل من أجل ايليت!
أعلم هذا!
و كعادته صفر معجبا من لاشيء، استمر بالقيادة وصولا الى بناء فخم، من الواضح أنه مركز تجاري للطبقة الراقية...
الراقية من الدرجة الرفيعة!

دلفنا بخطوات متجانسة، يده تحيط خصري معبرا عن انه يمتلكني، و بالضرورة سيكون هذا الرجل الجذاب ملكا لي أيضا!
ما الذي سنفعله هنا؟
سألته اراقب المتاجر و المطاعم الموزعة بكل مكان، صوت الموسيقى الهادئ و همسات الناس و قهقهاتهم أضفت حول دافئا جعلني أبتسم دون شعور و برقة بالغة!
هناك مفاجأة
أختصر جوابه ضاغطا على زر المصعد و قد اكتفيت بكلماته تلك انتظر رؤية مفاجأته بفارغ الصبر...

ضغط على أحد الأزرار و التي استنتجت أنها تؤدي الى سقف المركز الكبير و بهذا أغلق الباب.
انا متحمسة حقا
علقت بابتسامة و انا اناظر عينيه بسعادة فابتسم لذلك و انحنى مقبلا أرنبة أنفي بلطف.
سأحاول أن أجعل اليوم أفضل يوم بالنسبة لك
خرجت ضحكة صغيرة من ثغري و عدت أحدق بالباب الزجاجي.

صورة انعكاسنا بدت جميلة، هو ببدلته السوداء و انا بثوب بني قاتم يميل للأحمر مع سترة قصيرة من الجلد بنفس اللون لحماية كتفي العاريين من برد الشتاء.
فتح باب المصعد و هناك لمعت عيناي و اختفت ابتسامتي من الصدمة...
حسنا هذا لم يكن متوقعا!

مرفوض!
شطب ماريوس إسما آخر، إنها السابعة مساء، مضت ساعات على بدأ استقبال الموظفين ولا أحد قادر على تلبية جميع المطالب
لا العزف و لا الشكل و الصوت!
لقد تعبت حقا!
تنهدت ماري ناطقة، و حتى القرد پيكورو مل من الجلوس و الصياح من مدى سوء المتقدمين للوظيفة!
اللعنة
صرخ ماريوس بتذمر راميا القلم، يشعر بالضيق، كل شخص أسوء من الآخر بحق الجحيم!
فلنستمع لآخر شخص، على العودة للمنزل.

نطقت صاحبة الشعر المتموج بعد ان تفقدت ساعتها، آخر شيء تريده هو التأخر عن ذلك الوحش!
التالي!
صرخ ماريوس و كرر پيكورو من بعده و بلغته الخاصة، و بالفعل دلف شاب القاعة، كان طويلا ذو شعر أسود، عينين بنيتين و رموش جميلة تزين حدة أعنيه، يحمل على ظهره قيثارا أزرق اللون.
مرحبا يا أصدقاء
نطق بابتسامة ثم انحنى قليلا، نظر ماريوس و ماري لبعضهما و ابتسما بجنون
تفضل
إجلس
أرح نفسك يا صديقي.

نطقا كل جملة بسرعة يدعوانه للاسترخاء...
سؤال يليه سؤال، كل الاجابات تبدو مناسبة و تبقت الخطوة الأخيرة!
هل يمكنك العزف لنا قليلا يا دانيال؟
طبعا آنستي!
أجاب بابتسامة لطيفة، بلعا ريقهما يراقبانه و هو يخرج القيثار من حافظته، اتخذ وضعية مناسبة و شرد قليلا يراجع ما عليه غنائه و بالفعل لم تكن إلا ثانية حتى باشر يغني بصوت تركهما عاجزين عن النطق.
It s You
It s always you.

If I m ever gonna fall in love، I know it s gon be you
صوتها هادئ و عميق، مريح و حزين، معبر لأقصى الحدود!
هذا ما تبحث عنه ماري لكن ماريوس؟
لم يكن على الأمر ان يبدو مثاليا لهذه الدرجة!
It s you، it s always you
Met a lot of people، but nobody feels like you
So please don t break my heart، don t tear me apart
I know how it starts، trust me، I ve been broken before
ما رأيك؟

سألها بهمس يحاول إبعاد تلك الابتسامة الحالمة عن وجهها
هذا ما أبحث عنه ماريوس...
إنه رائع
علقت بسعادة و عيناها مسمرتان على دانيال الذي لا يزال يلعب أوتار القيثارة باحترافية.
Don t break me again، I am delicate
Please don t break my heart، trust me، I ve been broken before.

قرر ان يتوقف هنا، رفع بصره فوجد ماري التي تصفق له بسعادة و ماريوس الذي ادعى أنه يبتسم و قد كان هذا واضحا و طبعا پيكورو الذي كان يقفز مسرورا لأنه وجد الشخص المثالي!
أنت مقبول!
صرحت ماري بحماس واقفة بينما تمد يدها له، و قبل أن تصل يده لها صفع ماريوس خاصتها.
هذا عملي يا فتاة
سيد دانيال سنتصل بك لاحقا لاطلاعك على المزيد من التفاصيل.

تصافح الشابان و بعد هذا انحنى دانيال مجددا مغادرا القاعة و كله أمل في أن يحصل على هذا العمل.
كان على وشك فتح فمه ليدلي برأيه لكنه لم يجدها إلا تحمل حقيبتها و قردها على كتفها.
لقد تأخرت حقا ماريوس
أراك غدا صديقي!
لم تمنحه حتى الفرصة ليدعوها على العشاء
ناكرة للمعروف
تمتم بتذمر ثم عاد يجلس على الكرسي...
يتذكر كيف كانت تبتسم لعزف ذاك الدانيال، و كيف أنه وسيم و...
ما دخلي بالموضوع.

انا هنا لأساعد الفتاة و اعيد لها سماعاتها فقط!
كما أنها معجبة بي لا العكس
انا ماريوس فيسكونتي
طمأن نفسه بابتسامة مغرورة، سيكون عليه ان يفعل هذا كثيرا في وقت لاحق!

طاولة مزينة بشموع معطرة، موسيقى لا أعلم من أي مكان بالضبط لكنها فقط رائعة، سقف زجاجي أوضح الثلج الذي يتساقط بشكل نجوم لامعة...
الطعام الفاخر، حضنه الخلفي لي...
همسه لي عيد حب سعيد
ذلك الخاتم إلى يتوسط الطاولة
خاتم ألماسي يضاهي القمر جمالا
كل التفاصيل
كل شيء
كان الأمر فقط يجعلني أبتسم رويدا رويدا مع لسعات في عيني تؤكد مدى تأثري بما فعله
بما فعله من أجلي انا!
أهذا كله، حضرته انت.

سألته بنبرة مهزوزةو لم أجده الا و هو يهمهم لي
لكن متى؟ و كيف؟
لم أستوعب و لن أفعل ببساطة، هذه أول مرة أحضى فيها بشيء كهذا، بموعد بيني و بين شاب أعشقه و أحبه!
عندما كانت كونتيستي الصغيرة نائمة
زممت شفتي أمنع نفسي من البكاء
و هذه المرة كانت دموع سعادة لا حزن!
هيا!
لن نقف هنا طوال الليل!

تقدم كلانا ناحية الطاولة، كان كل شيء يسرق عقلي و خاصة برج ايفل و الذي انتشرت بحديقته انوار جميلة و بائعون متجولون و عشاق يحتفلون بعيد الحب...
عندما جلسنا سلطت بصري على الخاتم و انا أبتسم برقة بالغة، أخيرا ستتميز علاقتنا بخاتم يمنع أي شخص من الاقتراب مني و العكس معه.
أخذت نفسا عميقا أحاول ان لا أنفجر صارخة من السعادة، هذا أمر لا يصدق حقا!
اذا، هل أعجبك؟!

رغم أن الأمر كان واضحا على محياي إلا أنني لم أخبئ الكلمات عنه.
ليوناردو انا حقا عاجزة عن التعبير، لم أتوقع يوما ان...
أن يفعل شخص ما لي هذا، أن أكون مركز اهتمام شخص ما، لا عبئا عليه!
كلمة الشكر قليلة بحق ما تفعله من أجلي و لا أعلم ما أستطيع فعله لأشعرك بنفس الشيء
أمسك بيدي اليمنى يشابك بين أناملي و انامله، شعرت بانقباض جميل في قلبي...
أنت هي سبب وجودي ماريا.

لكل شخص هدف بحياته و يحاول الوصول إليه جاهدا و انت هي هدفي...
أمنيتي الوحيدة و التي لن يحققها شخص آخر غيري!
شددت على يده، لا أدري ان كنت أحاول إثبات انني له او ان أثبت لنفسي أنه حقيقي...
لا تقلق شيطاني الحارس...
لقد أصبت هدفك بجدارة.

ضحك على ما قلته مقبلا يدي و شاركته الابتسامة، باشرنا في تناول الطعام، كان حساء من الخضروات جعل من دواخلي تدفئ، إضافة الى صحن من اللحم و الخضر المشوية نصفيا، كان الأمر فاخرا و، حلوا!
إذا عن ماذا نتحدث؟
سألته بسعادة و انا أحاول تقطيع اللحم الذي في طبقي.
عن حبنا!
قلبت عيني بملل بينما افرجت عن ضحكة صغيرة.
شيء آخر ليو
عن حبي لك.

نظراتي جعلته يغير إجابته، سأرمي عليه السكين عديم الفائدة و الذي لم ينجح في تقسيم قطعة اللحم.
ما رأيك عن ذكرياتك المضحكة!
رفعت رأسي أحدق بالسقف الزجاجي لعلي أتذكر شيئا ما، و بالفعل تبادرت لذهني ذكرى جميلة من طفولتي.
في أحد الأيام التي أرسلني فيها والداي الى منزل خالتي رفقة إخوتي سمح عمك لميرنا بالقدوم معي، كنت متحمسة حقا للذهاب معها و قضاء وقت جميل في الغابة الكبيرة.

و بالفعل هذا ما حدث لكن بشكل آخر، تشاجرت ميرنا مع ماريوس و لهذا أغلق باب الغرفة عليها غير مدرك انني كنت معها و تركنا هناك...
ذلك الثور كان حقيرا!
علي كل انتظرنا هناك الى ان انتصف الليل و خطرت لميرنا فكرة رائعة
بلع ليوناردو اللقمة التي كان يمضغها مصححا لي.
تقصدين فكرة غبية
رفعت كتفي غير مهتمة و واصلت سرد القصة بينما أخذ هو طبقي يقوم بقطع اللحم الخاص بي بعد ان عجزت عن فعل ذلك.

تسللنا من الشرفة الى الخارج و ركضنا نحو الغابة، كانت تلك أول مرة أرتدي بها سروالا كي يساعدني على الركض، لعبنا كثيرا و لهونا الى درجة لم تعد فيها أقدامنا قادرة على حملنا...
لا أذكر انني استمتعت بذلك القدر من قبل!
كنت أبتسم بفعل الذكرى و لم أجده الا يبتسم معي، يبتسم بمكر!
جيد انني كنت هناك لمنع الوحوش من التهامكما
نطق بعبث يمد لي صحني، فتحت فاهي بعدم تصديق!
كان هناك؟
لحظة! ماذا؟

ضحك على ردة فعلي قارصا أنفي بخفة و همهم يؤكد لي الأمر.
طبعا كنت هناك، أخبرتك أنه بإمكانكي اعتباري أحد أشباح الليل الضارية جميلتي...
الأشباح تكثر في الغابات!
رميت الشوكة عليه ما جعله ينفجر ضحكا على ملامحي القانطة.
ان كنت على علم بجميع ذكرياتي فلما تريد مني أن أرويها لك يا رأس الحجر المتعفن
كان يضحك و هو يتناول طعامه، بينما واصلت التذمر لمدة طويلة...
بينما في داخلي كنت ممتنة لوجوده بجواري دائما!

حتى لو لم أكن مدركة لهذا...

نمثل؟!
كرر كايل خلف راسيل بغباء، هل هي بكامل عقلها حقا!
أجل، جوليان انت تحب الفيلم الذي أخبرتك عنه، و أردت ان يحدث كل شيء كما في الفيلم!
إذا سنمثله هنا!

كان الثلاثة بمنتزه نهر آرنو، و الذي تجمع به العشاق و الأزواج احتفالا بعيد الحب، كانت الصهباء بمعطفها الأحمر القصير و قبعتها السوداء و التي لم تخفي ظفيرتي شعرها تقف امام الشابين بأنف أحمر من البرد بينما تحيط خصرها بيديها في ثقة، غير مهتمة بالثلج الذي يتساقط بهدوء و ببطئ...
بل بدى لها الأمر لطيفا و مناسبا لفكرتها!
و كيف سنمثل فيلما!
مهما شرحت له يرى أن الأمر غريب و لا فائدة منه!

باشرت راسيل في شرح فكرتها غير مدركة لذاك الذي يشعر بالضيق، هي تستمر في تغيير أحداث الفيلم، لما طلبت منه أن يكونا معا إن لم تكن النهاية التي ارادها غير موجودة!
إذا كايل ستهتم بالتصوير
حاضر سيدتي!
صرخ بحماس يؤدي التحية العسكرية، أخرج هاتفه و شغل الفيديو يحاول تصوير الكواليس قبل بداية المشهد الأول.
جوليان انت ستؤدي دور ال، يااا الى أين تذهب!

كان قد التفت مغادرا دون قول كلمة، لا يريد البقاء هنا، هو لن يفعل هذا، لن يصور و لا يريد فعل شيء، هما لن يصلا الى النهاية مطلقا!
لقد خاب أمله حقا...
جوليان انتظر!
تمسكت بيده تمنعه عن الذهاب، أوبحق السماء سيتكرها هنا و هي من تحاول جعله سعيدا؟!
الى أين تذهب و تتركنا هنا؟
حدق بها في هدوء تام و أبعد يدها عنه منحنيا قليلا.
على العودة للمنزل
أراك لاحقا!

حث الخطة يود ان لا تمسك به مجددا و بدل ذلك شعر بشيء بارد بل و صاقع يضرب ظهره.
التفت مجددا يرفع أحد حاجبيه باستنكار، هل ضربته بكرة ثلجية؟
أهذا جزاء من يود مساعدتك يا كلتة الجليد
كانت منزعجة حقا، كيف يتركها هنا بمفردها و هي تريد ان تساعده و تنسي نفسها حزنها!
لم تتح له فرصة الحديث و إنما شكلت كرة أخرى من الثلج و قذفته بها.
أنت مجرد غبي تافه مجنون بارد...
حسنا!
لا تتحدت معي ثاني،.

توقفت عن الكلام متصنمة مكانها، هل ضربها؟!
أجل، هي شعرت بتلك الكرة موجهة ناحية صدرها!
هل ضربتني؟
سألته بصدمة توسع عينيها الزرقاوين، اللعين ضربها حقا!
أنت من بدأت!
اجابها عاقدا يديه، هذا جزاءها لأنها غيرت سيناريو الفيلم الذي كان عليه ان ينتهي!
أنت من استفزيتني!
لما أصبحت عنيدة هكذا؟!
تساءل داخله، لكنه لن يأبه بالأمر و سيعاندها أيضا!
لا يهمني، أريد العودة فقط و لا أرغب بالبقاء هنا!

حدقا ببعضهما لعدة ثوان، منبعا راسيل تطلقان الشرر اما هو فلا تعابير غير البرود...
فجأة باشر كلاهما بتجميع الثلج و رميهما على بعضهما بعصبية.
كل واحد منهما لديه سبب!
و كل سبب أغرب من أخيه
يقتربان كلما رميا كرة من الجليد، الناس تجمعوا حول هذا الثنائي الريف رغبة في معرفة ما يحدث، يبتسمون كلما استفز جوليان صهبائه ببروده و يضحكون مستلطفين حركات راسيل المضحكة...

مرت مدة من الزمن جعلتهما غير قادرين على تمديد اصابعهما جراء البرد، خصوصا جوليان الذي لم تغطى انامله بأي شيء...
حسنا أنا أستسلم
نطق يحاول تدفئة يديه المحمرتين لكنها اقتربت منه أكثر
بعينين غاضبتين
و لامعتين ايضا؟!
أنت غبي لعين تافه
تنقر صدره مع كل كلمة، الدموع باتت واضحة له ما جعل إحساسا سيئا يراوده...
شعورا غريبا لم يعلم عنه من قبل!
راسيل انا،
أنت ماذا؟!

لا أعلم حتى لما انا غاضبة و منزعجة لهذا الحد لكنك السبب جوليان
راسيل،
لا تحدثني، لا تتكلم معي
كانت تقاطعه، لا تسمح له بنطق أي حرف...
ملكة الدراما هذه ستجعله يجن!
أنت مثل نيكولاس، تعلقني بك لتنسحب فجأة!
نيكولاس؟!
هل كل هذا لأنها تفكر بذلك الحقير؟
هل عندما أراد أن يعود للمنزل اعتقدت أنه سيتركها؟!
الا تزال منزعجة من ذلك النيكولاس!
انتم تعتقدون انكم أبطال قصصكم و تجعلون البقية مهمشين!

ان يتم ترك الشخصيات الثانوية في رواياتكم بالمنتصف أمر عادي
كانت ضعيفة و منزعجة!
تشعر بألم غريب في صدرها...
ألم تلاشى إثر الصدمة حين شعرت به يحضنها إليه...
أتركني...
لا تقترب مني و تعلقني بك و تذهب بعدها!
لا أحتاجك أيها الغبي
انا لا أريدك و لا أريد عناقك.

تصرخ و هي تكافح لتحرير نفسها من حضنه لكنها لم تجده إلا و هو يحضنها أكثر و أكثر، يضمها إليه كما لم يفعل مع شخص من قبل، كايل في هذه اللحظة كبر الصورة يحاول إكمال تصوير مقطع الفيديو و هو يبتسم بحماس.
آسف لهذا...
آسف لما تشعرين به
همس لها و هو يضمها إليه
الثلج المتساقط، الحضن المثالي و الثنائي الأكثر روعة!
طبعا إثر هذا المنظر سيتجمع الناس حولهم أكثر و أكثر.

تقبلت أمر احتضانه لها و بادلته تحشر نفسها داخله أخيرا، تشعر بالدفئ هناك...
تشعر بالحب؟
راسيل
ماذا تريد؟
كانت نبرتها منزعجة رغم انها متشبثة به، هذا ما جعله يبتسم على لطفها
انا أحبك راسيل
تصنمت؟
و بشدة!
لم تعد تشعر بخافقها؟
أبدا رغم أنه سيخرج من صدرها؟
قبلها؟
أجل و برقة و رومنسية جعلت من يراقبهم يصفقون بحرارة للطافة ما تشاهده أعينهم...
أجل هذا كان فيلم جوليان و فتاته الصهباء!
و طبعا من تصوير كايل.

ذاك الذي يعتقد أن ما يحدث مجرد تمثيل لا حقيقة!
ثلاثي متكامل الا تعتقدون؟!

من يراها من بعيد يعتقد أنها تفكر بشيء ما...
شيء مهم حقا و جدا!
لكنها تفكر بكيف أن أستاذها قد استطاع إشعال النار رغم وجود الثلج على الأرض!
هل تربة فرنسا فريدة من نوعها يا ترى؟!
من فكرة لفكرة قفز ذقنها، كما يحدث عادة آل مطالها إليه، ذاك الغبي!
أجل و من غيره قد يسرق عقلها و يجعلها تبتسم بخفوت هكذا بينها و بين نفسها.
حدقت بالحطب المشتعل، تلك النار التي تسابق نفسها لتلتهم الخشب، أليس هذا حالها؟

عليها ان تنكر حبها من أجل لا شيء، تحميه هو؟!
هي تعلم أنه يستطيع حماية نفسه و لا أحد قادر على ايذائه!
تحمي نفسها؟
هي لا تهتم بلعنة عائلتها الغبية، تعلم انهم لا يهتمون لشيء سوى ما يجعل رتبة عائلة رونسيني تظهر و تبرز أكثر في دنيا ايطاليا!
اذا ماذا؟!
لماذا تحرم نفسها من حبها و من السعادة التي تفصلخا عنها سوى خطوتان!

أخذت نفسا عميقا و ما إن زفرته حتى تراقص لهيب النار المشتعل، ضمت ركبتيها أكثر طمعا في مزيد من الدفئ، و حشرت رأسها هناك راغبة في عدم سماع أغاني طلاب صفها الغبية!
هذا ممل!
و كيف للملل أن لا يراود فتاة دون نصفها الثاني!
رفعت رأسها توجهه ناحية ذاك الذي يجلس بجانبها يمد الخشبة التي غرست بها قطعة المارشميلو كي تأكلها و هي محروقة قليلا كما تفضل
لكنه، سرقها كاللعين!
كيف، كيف جئت؟
لحقها لفرنسا؟
اهو مجنون أم ماذا!

انا نصفك الثاني ميرنا، أينما ذهبتي ستجدينني كالعلقة ألحق بك!
زمت شفتيها لتشبيهه الغبي، كيف له أن يرى نفسه علقة؟
كيف علمت عن مكاني؟
هذا كان سؤالها بعد أن عادت ترسم ملامح الهدوء و البرود على وجهها، بحق السماء لما ترى تصنع الجمود حلا!
لن أجيب و الآن
تناول قطعة الحلوى مكملا بابتسامة.
فلنذهب لموعدنا حبيبتي!
رمشت تستوعب الإسم الذي أطلقه عليها حبيبتي!
أنعتها حقا حبيبتي!
لن أخطو معك لأي مكان.

كما أن ملاحظة الأستاذ لغيابي ستجعلني في موقف غبي مع والدتي!
هي بررت بهدوء و عادت تقلب الحطب المشتعل، نبصات قلبها ترتفع لوجوده قربها، و كأنها المرة الأولى التي يجلس معها و يحادثها بسخافة هكذا.
تعلمين أن هذا لن يحدث و انا معك
قلبت عينيها بملل، هل يغتر الآن بنفسه ام ماذا؟
و الآن فلنذهب زوجتي البريئة
نطق يسحبها معه نحو مفاجأته غير أنها أبعدت يده عنها توقفه.
ايد انا لا أريد.

اعترافه لها و تجاهلها له، هذا يجعلها مشوشة بما فيه الكفاية!
ابتسم ايد بجانبية مقتربا منها و بالقرب منها أين استطاع عبيرها التسلل الى دواخله همس
لن تحزري هذه المرة زوجتي البريئة
انحنى يحملها ككيس اسمنت و ما إن أراد أن تصرخ به حتى نبهها
لا أنصحك بأن تلفتي الانتباه إلينا بصوتك الرنان...
أعتقد أن مشاهدة طلاب فصلك لمشهد خطفك لن يكون جميلا بالنسبة لك!

زمت شفتيها بغضب بينما في داخلها احتفلت لما يحدث أخيرا معهما بعد طول مدة حبهما الصامت...
آن الآوان أخيرا ليبتسم لهم القدر أخيرا بعد طول انتظار!
لكن و رغم هذا عليها أن تبقى ذات شأن و ان تنتقم لغرورها بعد أن حملها بهذا الشكل بحث الخطة ناحية مكان ما لا يعلمه إلا هو...
صرخ فجأة بألم لاعنا تحت أنفاسه، يشعر أن كلبا مسعورا من عض جذعه لا فتاة عادية.
هذا ما كان ينقصني ان أصاب بداء الكلب!

تذمر و هو يحك بيده مكان عضتها و نطقت بغرور صافعة ظهره.
أعراض الاستوحاش فيك منذ الصغر لن تؤثر عليك العضة لا تقلق!
تنهد بملل و واصل المسير، المكان صار مظلما كلما تقدم و هي لا ترى سوى مؤخرته و تشعر بحلكة الليل تحيطها و من دون شعور وجدت نفسها تلتزم الهدوء و الصمت.

شيئا فشيئا شعرت ميرنا بنور خافت اوضح الرؤية قليلا، و بالفعل جعلها ايدواردو تقف أخيرا أمامه، كان يبتسم بطريقة مختلفة عن العادة، طريقة جعلتها ترتبك من كمية ما تحمله من مشاعر لطيفة.
عيد حب سعيد!

همس و أداره بيديه الى مصدر الضوء و الذي كان مصابيح صغيرة التفت حول عمود مربع الشكل، علقت عليه مختلف الصور التي جمعتهما في الطفولة و في الشباب، صور أعادت لها ذكريات لطيفة دغدغت دواخلها، و طبعا لم ينسى أن يحضر مشروباتهما المفضلة، و الكؤوس التي تفضلها ميرنا...
لطالما أحبت الكؤوس الملونة بإشراق و طفولية...
ولا أحد يعلم هذا!
غيره طبعا
ألن تبكي؟
سألها بحماس يتفقد ملامحها و بدل ان تفعل ذلك هي انفجرت ضاحكة.

صراحة كنت لأتأثر لولا أنك أفسدت هذا بسؤالك!
قلب عينيه بضجر مصطنع فزاد ذلك من صوت ضحكاتها الرنانة.
لا أصدق أنك تحتفظ بهذه الصور
هي تعلم ان عائلة اورسيني قامت بحرق جميع صور الأحفاد في صغرهم بعد مقتل السيد جوليكا اورسيني، لكنه و بطريقة ما لا تزال بحوزة زوجها المثير!
ماذا؟! ليس هو الوحيد الذي يطلق عليها ألقابا!
بالطبع لم أكن لأسمح بحرق شيء ثمين كهذا، لكن كان على إستعمالها في الوقت المناسب.

ترافقا مع ما كان يقوله اقتربت ميرنا من الصور تراقبها بتأثر، عندما كان يعانقها عند باب المدرسة، و عندما تشاجرا مع فتى ما في الاعدادية...
الكثير و الكثير من لحظات الماضي و التي جعلت خافقها يقهقه بسعادة، سمعت صوت حمحمة لم يكن صاحبها إلا مختطفها، التفت ناحيته ففتحت ثغرها بصدمة...
كان يركع أمامها...
و بين يديه علبة حمراء بها خاتم ألماسي جميل...
رقيق و، و، و هو لها!
إنه خاتم زواج...
هو يطلب يدها...

بإسم الحب الذي جمعنا...
بإسم كل لحظة جميلة كانت بيننا ميرنا...
أطلبك كلك لا يدك فقط!
لتصبحي زوجتي و امرأتي و فتاتي
بالمناسبة انا لا أسألك
ضحكت و بكت و جثت على الأرض في مكانها
هي حققت حلمها...
هو أصبح لها و أصبحت له
هو عارض العالم من أجلها و هي تعارض الكل...
حان وقت الثنائي المجنون...
الثنائي اورسيني!

ضحكنا كثيرا على قصة ميرنا و ايدواردو، و طبعا قصة ايليت و ايريك، من المفترض أن يعرضا الزواج على الفتاتين اليوم و أتساءل إن حدث هذا؟
من دون شعور مني وجدت نفسي أحدق بالخاتم الألماسي الذي يقبع في علبة سوداء فخمة، و الذي ستمنح ميرنا مثيلا له، بل نسخة طبق الأصل منه، لا أصدق ان زواجنا أخيرا سيحضى برمز يليق به!
ستخرج عيناكِ من مكانهما.

علق بسخرية يدير محتوى كأسه برقي، وجهت انتباهي إليه مبتسمة و نبست بسرور
لا أستطيع تصديق أننا سنلبس الخواتم أخيرا!
ابتسم سعيدا لسعادتي، و قبل أن تمتد يداه ناحية العلبة قاطعته بهدوء.
ليوناردو!
همهم لي ينتظر ما سأقول و بالفعل لم أصادق الصمت و سألته مستفسرة
لما أجلت منحي الخاتم في حفل الخطوبة؟
استرخى على مسند كرسيه، و بكل بساطة هو شرح لي فعلته.
أردت ان تحبيني ماريا.

منحك الخاتم الزواج بك بل و حتى جعلك حاملا بطفل من صلبي...
لم يكن الأمر صعبا بالنسبة لي لكن ان تحبيني!
رغم كل شيء لم أستطع منح نفسي شعور الثقة بأنك ستفعلين هذا
و لهذا أردت تأجيل منحك رمزا لعلاقتنا نظرا لأن هذا الأمر مهم بالنسبة لك، و ها قد حان الوقت المناسب لفعل ذلك!
هل جوابه جميل أم انني الفتاة الخفيفة؟
لا يهمني...
كل ما أعلمه انني واقعة لهذا الشاب كما لم أفعل من قبل...

وقف ليوناردو و بين يديه العلبة السوداء، مقتربا مني، مد يده لي فوقفت اعانق انامله بخاصتي، حمل الخاتم و بهدوء زين إصبع يدي اليسرى به، أفلت يدي بعد فعلته فناظرت مدى جمال الألماسة الراقية...
أنا أيضا لي شيء لك
نبست بابتسامة اناظر تلك العقدة المستغربة بين حاجبيه و التي تلاشت عندما أخرجت القلادة التي تزين رقبتي أفتح القلب الذي يزينها، أمسكت بخاتم الزواج الذي بداخلها و بكل رقة أمسكت يده اليسرى...

من اليوم يا دوقي العزيز...
أنت لي و انا لك!
قلت بشرود و انا أطابق يدينا التي أضحت تحمل خواتم تحمل معنى واحد...
اننا شخص واحد و لا أحد قادر على منع هذا!
أحبك كونتيستي الصغيرة
همس أمامي يجذبني إليه محتضنا خصري، استغربت عدم خجلي لكنني أجبته بكل صدق
أحبك أيضا شيطاني الحارس
لم أعلم متى التهم شفتي في قبلة لطيفة، لكنها كانت دافئة حقا...
دافئة بالنسبة لشهرنا المثلج!
أجل هذا ليس شهر عسل، هذا شهر مثلج...

شهرنا انا و زوجي و فقط!

يقود السيارة و عقله مشغول في صمت الجالسة بجانبه، أعتقد أنها ستعارض القدوم معه و سيضطر لسحبها معه بالتهديد، غير أنه وجدها جاهزة في انتظاره على غير العادة، و بدل التحدث معه عن ما قامت به في يومها او ان تشكي له رئيسة الخدم هي فضلت مراقبة الطرقات التي اكتست حليا أبيضا.
هل هنالك ما يزعجك ايلي؟
كسر الصمت لكنها لم تفعل، تنهدت مومئة بالنفي، لما الكذب هو شعر بالخوف.

صمتها هذا ليس عاديا، و يجعله يشعر بالضيق!
فضل ان لا يحاول فتح اي موضوع معها، فالصمت احسن من اجابات مختصرة لا تزيده الا توترا، كان قد حجز مقهاهما المفضل كي يشربا الشكولاطة الساخنة مع كعك القهوة الذي تعشقه هي في الايام الباردة و التي صادف ان يتناسب معها ادفئ عيد...

سحب كرسيها بنبل فجلست لا تمنحه اي ابتسامة ما جعل قلبه ينقبض في خوف و قلق اعظمين من السابق، اشار للنادل من بعيد و الذي اكتفى بان يومئ مبتسما لكونه عالما بمطلبهما، جلس ايريك امامها لاعقا شفتيه، يشعر و كانها المرة الاولى التي سيقدم فيها على الحديث معها، لا تجد الكلمات منبعا لتندفق منه و لا ثغره يساعد على فعل ذلك، اما عنها فقد كانت شاردة بالثلوج التي غطت ارصفة فلورانسا باكملها تنسد ذقنها بيديها و هذا ما جعله يعقف حاجبيه.

ايليت
تنهدت مهمهة له، تجد ان ما هي مقدمة عليه امر صعب لكن...
لا حل اخر! هي لا تريد ان تفقد شيئا و لا تريده ان يفعل
ا
جل هي جبانة
هي خائفة
عديمة المسؤولية.

ايا يكن ما سيصفها به ايريك و ماريا و ماريوس و الجميع
ه
ي لا تهتم!
تعلم ان النهاية مسدودة و هذا يؤلمها
يؤلمها ان تتركه بعد ان تحلم.

تكره ان تتعلق به للاشيء فتنتهي حياتها و عيناها دامعة
اليست السيدة فيسكونتي ايزابيلا التي نبذت في السقف مثالا مؤلما عن ما تريد تجربته مع عائلة مختلة تحكمها السلطة و القوانين!
لما لا ترتدين القفازات التي اهديتها لك؟
منذ ان منحها القفازين الجلديين و التي احبتهما للغاية لم تخرج من دونهما في الايام الباردة ما عدى هذا اليوم
و
لجمال حظه هذا اليوم هو الذي ان يخبرها فيه انه سيتزوجها!

اخذت نفسا عميقا و ما ان ارادت ان تفتح فمها حتى قاطعها قدوم النادل الذي وضع طلبهما على الطاولة، لم يتجرا احدهما على تذوق اي شيء، استمر بخار المشروبين بالتصاعد دون ان تطاله الايادي و ابى ان يتناقص...
هل تريدين قفازين اخرين ام ان هنالك ما حدث لخاصتك؟
سؤاله هذا و الذي خرج من فاهه المبتسم لم يكن كي يتحدث معها فقط و يطرب اذانه بصوتها و انما ليطمئن نفسه من تلك الوساوس التي احتلت عقله
لقد رميتها.

اجابته باختصار و لمست كوبها لتدفئ يديها لعلها بفعلها هذا ترسل بعضا من الاطمئنان لخافقها، هي تحبه بل تعشقه و لن تنكر هذا لكن هذه الحياة يستحيل ان تمنحهما فرصة
هي فكرت كثيرا
ت
علم عن عناده و طريقتها الوحيدة هي ان تجعلهها يتركها بطواعية
لطالما كرهت هذا النوع من الفتيات
اللواتي يجعلن الشاب يتعلق بهن و يحبهن و يتركنه على حين غرة
و كانهن لا يعلمن عن حقيقة حب الرجل و صعوبته!

لكنها و اليوم ستفعل ما هو احقر بمئات المرات بل و بالاضعاف
و مع من؟

مع ذاك الذي لا يرى غيرها و لا يطمع بحلم غير وجودها معه في كل ثانية تمضي بحياته
م
ع الذي ينظر اليها الان و عيناه ترتجفان لما قالته.

رمتهما؟
ا
لقفازان كانا هديته عندما اعترف لها
هي و بعظمة لسانها اخبرته انها ستحافظ على هذا التذكار الجميل حتى لو ترامت ملايين السنوات
يستحيل ان تفعل ايليت هذا!

ماذا
كانت كلمة يتيمة ما نطقه و لكن باوهن صوت
ه
و لا يصدق ما تقول و لن يفعل!

اخذت صاحبة الخصلات السوداء رشفة من مشروبها الساخن و بهدوء اعادت ما صاغته
لقد قمت برمي القفازين فقد صارا دون قيمة
ما هو الاصعب ما بين كل ما سمعه يا ترى؟
ك
ونها رمت شيئا ثمينا كما لو كان خردة مهملة لا معنى لها
ام كون نظاراتها خالية من المشاعر و لا اثر لروحها الجميلة و لا بريق عينيها
ام لكونها ايليت!

ايليت الفتاة الخجولة اللطيفة
م
حمرة الخدود طيلة الوقت لاتفه الكلمات
التي تحب الغير و تسعى دوما لكسب محبة من تحبهم
ايهم جعله يشعر بتحطم قلبه يا عجبا؟

ايريك
لم يستطع الرد بل لم يستطع الرمش حتى
م
ن نطقت اسمه الان ليست سان ايليت هذه فتاة اخرى يا عالم
هذه ليست حبيبة قلبه التي عشقها من الازل
ليست من دافعت عنه و رمت مزهرية على دوق المدينة لخوفها عليه
هذه ليست ايليت و لن تكونها يوما!

دعنا ننفصل!
لحظة
ل
حظتان
ثلات لحظات و كان المقهى الفارغ يردد صدى صوت ضحكات ايريك و التي بدت محطمة و مخيفة لايليت.

ننفصل!
كرر من بعدها عاجزا عن ايقاف قهقهاته و التي جعلت من نزيف قلبه يقوى و يقوى
عن اي انفصال تتحدثين؟
حرصت ان لا تبعد عينيها عن خاصته و ان لا تظهر ادنى تعبير على ملامحها، هي لن تضعف
اجل لن تفعل ذلك!

اخبرتك اريد الانفصال، لا اريد ان اكون معك ببساطة سابحث عن غيرك و لتفعل المثل، الرجال يتشابهون و لن يصعب ايجاد شاب للزواج و لا اعتقد انك ستواجه مشكلة بخصوص هذا ايضا، بالعكس الاف الفتيات يبحثن عن شاب مثلك
ما قالته قتلها قبل ان يقتله، حطمها الى اشلاء قبل ان يحطمه
ه
ي تبكي في داخلها و هو عيناه محمرتان!
هذا هو الفرق الوحيد بينهما...

ما الذي تهذين به؟
عاد يكذب مسمعه لعلها خارج عقلها او انها تمزح لكنها لم تجب بحرف و ظلت تحدق به بنفس النظرات الحقيرة الباردة و التي تنافت مع ما اعتادها عليه...
بحق الرب اين هي ايليت و من شبيهتها اللقيطة هذه التي تتحدث معه بهذه الطريقة؟
علت ملامحه الاشمئزاز، هي كيف استطاعت ان تتحدث عن علاقتهما هكذا لا بل هي ابتسمت بهدوء و واصلت ببساطة.

بامكانك ان تلتقيني احيانا، لن يضرك هذا بشيء الا ان كان رجلي غيورا!
اخرسي
صرخ بقوة ضاربا الطاولة فاهتزت الكؤوس بقوة و ارتعدت دواخل الحسناء بخوف، بعد هذه الصرخة تستطيع ان تهنئ نفسها
اجل لقد حطمت عاشقها وبنجاح!

عن اي علاقة تتحدثين و انت لم تقدمي على فعل شيء من اجلي، هربك مني طيلة الوقت متحججة بانك خائفة من مصير علاقتنا، اهذا ما كنت تعنينه بحديثك! هذه هي النهاية التي كنت تحذرينني منها، واللعنة ايليت انا احببتك! عشقتك كما لم افعل مع اي شخص، فضلتك على الجميع و اردت محاربة الجميع لاجلك بل كنت مستعدا للبدء من الصفر معك و من انقاض الحياة لكن، اتضحت نواياك! كل ما اردته هو المال صحيح
ا.

و شيء اخر مثلا، لربما اردت الحصول على المال و الجس،.

قبل ان ينهي كلمته نزلت يدها على خده مديرة وجهه الى الجانب الاخر...
لم تعلم ان كانت تصفعه ام تصفع ذاتها، لكن كل ما حدث انها حملت حقيبتها الصغيرة و غادرت المقهى دون ان تنطق بحرف و بقي هو و ذاك الصمت المريض
الصمت الذي دفعه الى تكسير كل شيء و كل ركن من المقهى و لم يوقف احد من العمال
كان جميعهم يحدقون به اسفين لما حدث مع الطف ثنائي بفلورانسا
نهاية ماساوية!
هذا ما فكر فيه الجميع...

دخلنا الفندق تزامنا و انتهاء اليوم، كنت شاردة افكر بكيف اجعل ليوناردو يصعد للغرفة قبلي من اجل ان انجز ما اريد لكن النجاة قفزت لي من العدم، اذ ان هاتفه اطلقت اصواتا دلت على ورود اتصال له، كان من السهل على قراءة اسم ايد على الشاشة فابتسمت بالخفاء
هذا الشاب يفهمني!
اصعد الى الغرفة بسرعة ليوناردو اسبق ماريا و لتجهز نفسك لمفاجاتي.

هذا ما نطق به ايد بسرعة قبل ان يقفل الخط بوجه اخيه الذي تنهد بسخط على مصائب اخيه، ادعيت انني لم اصغي لما قيل و على غير العادة لم يكتشف امري
ماريا انتظريني هنا للحظات لن اتاخر كثيرا!
عقفت حاجبي اصطنع الاستغراب، لكنه قبل شفتي و اسرع يصعد لجناحنا، ابتسمت بنصر و شققت خطواتي ناحية الغرفة رقم ثلاثة عشر، لابد و ان صديقتي الشقراء تنتظر بفارغ الصبر و هذا لا يجوز!

بالبطاقة التي ارسلتها اللعينة لزوجي رفقة الرسالة الغرامية استطعت فتح الباب دون مشقة، وكانها كانت تنتظر قدومه في هذه اللحظة هي كانت جالسة على السرير بيثياب حمراء قصيرة تكشف اكثر مما تخفي، جعل مظهرها هذا الدماء تغلي في عروقي
اكانت ستظهر امام رجل متزوج بهذا الشكل!
ستكون نهاية سارقة الرجال هذه على يدي و الليلة.

اقتربت منها بخطوات بطيئة، من جوانب وجهها كان من الواضح انها تبتسم، لقد جنت على نفسها اقسم بالرب
وقفت امام السرير الواسع اراقب تلك العلبة السوداء الموضوعة عليه، لقد قام ايدواردو بعمل رائع و لن انسى له هذا ما حييت
siniorita!
التفتت الشقراء إلى بعينين جافلتين، معها حق في هذا، كانت تنتظر فارس احلامها بصوته العميق و لمساته الكاوية لقلبها و بدل هذا تجد فتاة ايطالية بابتسامة شيطانية ترعب الجن قبل الانس!

س، سيدتي
نبست الفتاة بتلعثم واقفة امامي، ما جعلني اعض شفتي بابتسامة مرعبة هي الثياب التي كشفت اكثر مما اخفت، انا المسماة بزوجته لم ارتد هذا الصنف من الملابس امامه فمن هي لتحاول...
جيد انك تعلمين انني سيدتك!
لم ادرك ان هذه الكلمات الحقيرة خرجت من ثغري انا لكنني مجنونة غيرة و هي من لعبت على اوتاري الحساسة.

اخذت نفسا عميقا قبل ان ارمي حقيبتي على السرير و بخطوات متثاقلة سرت متوجهة نحوها، بانامل يدي اخذت خصلة من شعرها المصبوغ و لعبت بها اتحدث بلطف
للاسف لم تتح لزوجي فرصة لقائك انه يجهز لحفلة ليلية من اجلي، وجدت ان الامر وقح تركك هنا مع كل هذه التجهيزات
تزامنا و اخر كلمتين رمقت جسدها الذي كانت تلفه شبيهة الملابس
فكرة ان هناك لعينة فاتنة تود سرقة زوجي تشعل النار داخلي اكثر.

و لهذا جئت لاخبرك بما اراد ان يخبرك به
رمشت الفتاة و الحيرة و الخوف يتسابقان لرسم معالمهما على وجهها، لم تكن تعلم ان كنت اتحدث بجدية ام امزح معها
افتحي الهدية!
افلت خصلة شعرها و مددت يدي نحو الصندوق الذي يتوسط السرير، ترددت الفتاة فحثثتها ارفع حاجبي و بالفعل تقدمت نحو الصندوق تفتحه ببطئ.

كان من الممتع مشاهدة معالم الصدمة على وجهها و هي تناظر اطار صورة تجمعنا انا و ليوناردو يوم الزفاف، كانت صورة اصرت ميرنا على التقاطها من اجل الذكرى، كنت اعتقد ذلك اليوم ان لا فائدة منها لكن اثبتت هذه الفرنسية الشقراء سوء تخميني...
ذكروني ان اقبل ذهن ايد على افكاره الشيطانية!
خلف الصورة التي رفعتها الفتاة كان هناك ساعة سوداء جميلة للنساء تقدمت منها ادعي السعادة و اخذتها منها.

اما هذه فهي مني لك شخصيا، حاولت نقش اسمك باجمل الطرق عليها
ادرت الساعة فظهرت امامها كلمة العاهرة سارقة الرجال بخط عريض، شدت على قبضتيها بشدة و هي تكافح لحفظ لسانها، اعلم انها لا تصمت من اجلي او لانها مهذبة و تشعر بالندم بل لانها تعلم ان ليوناردو صاحب هذا الفندق و يحق له طردها بل قتلها ان شاء
و لا اعتقد انه سيستطيع فعل هذا لانني سانقض عليها عما قريب!

ابتسمت لمرة اخيرة قبل التفت راغبة في العودة لكن كلماتها ما ان التفت جعلت من الدماء التي بداخلي تغلي ساخطة.
لا يوجد عاهرة بالمكان غيرك اسمعت، لا يحق لك اتهامي هكذا و نعتي بهذه الكلمات النابية، الست نبيلة من الطبقة الراقية فاين اخلاقك يا عديمة الاخلاق
كانت تتحدث بلهجة امرة و مستفزة بينما تدوس على الصورة التي تساوي اغلى من ثمنها...
ابتسمت بجانبية و همست اكرر ما نطقت به
عديمة الاخلاق!

التفت لها و عدت ادراجي، كانت تكتف يديها و تنظر لي بحاجب مرفوع، يا سلام! هذا ما كان ينقص
ساريك الاخلاق على اصولها
نطقت ببرود و رحت اشد شعرها بقوة جعلتها تصرخ من شدة الالم، كانت تكافح لتمسك بخصلاتي لكنها كالعمود و انا كقزمة
لاول مرة وقف فارق الطول بصفي!
ان لاحظت انك ترمين طرف عين فقط ناحية زوجي سارميك من الطابق الاعلى لهذا الفندق عارية و حينها سنرى من تكون فتاة الشوارع.

كان جذعها على وشك الانقسام للوضعية التي كانت تنحني بها و بعد ان شفي من غليلي ذرة افلت سراحها فوقعت ارضا، اخذت نفسا و رتبت هندامي تاركة من الشقراء البغيضة تفرك فروة راسها التي لابد انها حمراء دون شك!
اخذت حقيبتي و قبل ان اغادر التفت مبتسمة لها
اراك بالجوار، اخت زوجي الحبيبة
و بهذا صفعت الباب مغادرة نحو غرفتي راضية عن نفسي و عن ما فعلته اشد الرضا
جيد انني لم افعل شيئا سيئا!

فتحت باب الغرفة و انا العن سوء حظي، المصعد الذي ابى ان يفتح بابه جعلني اصعد الف طابق للوصول الى جناحنا، كانت العتمة قد اكتست ارجاء الغرفة و بالمقابل كان ضوء القمر يكافح للعيش...
علي السرير ذي الغطاء الأحمر نثرت اوراق ورود حمراء جعلت المنظر شاعريا بطريقة...
طريقة يصعب وصفها.
كان زوجي العزيز قد استند على سور الشرفة يستنشق سيجارته...
لم أكن اعلم أنه مدخن لحين هذه اللحظة!

اقتربت منه مبتسمة بعد ان نزعت حذائي و القيت بحقيبتي، و ما إن صرت امامه حتى اخاط خصري مطفئا ما كان يلوث الهواء.
ماريا!
همهمت له احاوط عنقه بينما أشعر بدقات قلبي تتسارع شيئا فشيئا...
هناك شيء غريب و حلو بداخلي!
تقدم الى الامام و نحن على نفس الوضعية كان يستند بجبهته على خاصتي جاعلا من شفاههنا تشتاق الالتقاء
أحبك!

همس ثم سرق شفتي يمتصهما في قبلة جامحة و عنيفة، خفق قلبي لها و تراقصت مشاعر جديدة داخلي جاعلة من بطني تنقبض بشكل آخر...
عندما اوقف السرير حركتنا فصل القبلة، حاولت استرجاع انفاسي التي سلبها لعل احمرار وجهي يخف...
لكن كلماته أبت ان تمنحني ذلك.
ماريا...
انا اريدك
ان كانت دقات قلبي سريعة فلعلها توقفت الآن صدمة لما قاله، و ان كان وجهي الزهر خجلا فلا شك انه الآن يغلي بالدماء المحتقنة بوجنتي...

ان كنت لا تريدين الامر او انك تريدين تأجيله فلن امانع
لك كامل الحق في ان،
اوقفت كلماته بقبلة هاوية لا تضاهي مهاراته في التقبيل، و مجددا قفز ذاك السؤال لذهني من اي يجيد التقبيل هكذا!
انا زوجتك،
همست له محرجة من قول ازيد من هذه الكلمات و لم اجد نفسي الا و انا مقيدة بذراعيه...
في هذه الليلة شهد برج ايفل التحام قلبين عاشقين و جسدين مرتبطين، و كما ستشهد على ذلك لمدة شهر و نصف...

اليوم العشرون من شهر الربيع مارس
اجل، مرت ايام عديدة و رفضنا فيها انا و زوجي اللطيف الذي يشبه قطعة من المارشميلو العودة الى ايطاليا، كل دقيقة امضيتها في شهري المثلج مع ليوناردو كانت حلوة و دافئة لا ينقصها شيء، عرفت معنى السعادة بمعناها الحقيقي و اكتملت سعادتي عندما انظم كل من ايدواردو و ميرنا الينا و ساعدتهما في التخطيط لحفل زفافهما الذي سيكون بعد اسابيع قليلة من الان...

كان الليل حالكا، الثلج بالكاد يظهر على الارصفة ففصل الربيع يدق ابواب باريس بسعادة، كنت اقف امام برج ايفل انتظر عودة ليوناردو الذي ذهب لمكان ما، و من شدة شوقي اليه و مدى طول تاخره رحت اتبعه بخطوات مسرعة ابحث عنه في تلك الحديقة الفارغة من البشر، شيئا فشيئا حتى اضواء المدينة الساطعة لم تستطع الوصول الى المكان الذي صرت فيه، شعرت بقليل من الخوف غير انني لمحت من بعيد ظل زوجي كان واقفا و ينتظر قدومي اليه و لم امانع هذا بل ركضت ناحيته.

ما ان صرت امامه حتى حضنته بقوة و عانقني بنفس الشوق و لكن ذاك الدفئ الذي شعر به قلبي لم يدم طويلا ما ان رفعت عيني اليه فتوقف قلبي عن النبض...
كانت الدماء تشوه وجهه و الكدمات اخفت جل ملامحه، صرخت بفزع عندما وقع ارضا لكن صوتي انكتم بعدما وقعت عيني على هيئة والدي الذي يحمل مسدسا فضيا بين يديه و يضحك بهستيرية، ضحكات جعلت مني ابكي برعب و خوف شديدين!

فتحت عيني استرد انفاسي التي سلبها الكابوس الذي رايته، دقات قلبي لم تتوقف عن النبض بسرعة خيالية، اخذت نفسا عميقا احاول تهدئة قلبي المضطرب به، كانت اشعة الشمس الدافئة قد انتشرت في انحاء الغرفة، الساعة تشير للتاسعة صباحا!

نهضت من مكاني لابحث عن ليوناردو و اطلعه عن الحلم السيئ الذي راودني، تبعت صوته الذي ادى بي الى باب الشرفة، كان مفتوحا قليلا و ليوناردو بالخارج يتحدث مع شخص ما، كنت سافتح الباب مباشرة لاطلعه عن وجودي لولا ان الكلام الذي نطق به ايدواردو جعلني اتسمر في مكاني عاجزة عن الحركة
لقد هرب سواريز البارحة من السجن ليوناردو، و المجنون يسعى لقتل ماريا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب