رواية أسطورة ماريا فيسكونتي للكاتبة كيم ميرا الفصل الثاني عشر

رواية أسطورة ماريا فيسكونتي للكاتبة كيم ميرا الفصل الثاني عشر

رواية أسطورة ماريا فيسكونتي للكاتبة كيم ميرا الفصل الثاني عشر

تلك الاوراق الكثيرة التي زينت المكتب لم تمنعه من ان يشرد مجددا في الخاتم الالماسي الذي لم يفارقه رغم ان من تكون صاحبته قد ابتعدت عنه، ايعقل ان سنين الحب تلك كانت مجرد كذبة!
هل كانت تستغله او تحاول تمضية الوقت فقط!

هو يعلم ان هذا غير صحيح، يعلم ان ايلي خاصته صاحبة قلب نقي ابيض و لا وجود لنقطة سوداء فيها لكن، ما قالته ذلك اليوم، ملامحها و عيناها التي قابلت عينيه بطريقة لم تحدث من قبل، تلك الفتاة ليست هي.
قد يصدق ان تكون اي شخص عدى ايليت صغيرته ذات الوجنتين المحمرتين على الدوام!
اخفى الخاتم في درج مكتبه حالما سمع طرق باب غرفته و بصوت هادئ اعتادت عليه عائلته منذ ما يقارب الشهرين هو اذن للطارق بالدخول...
عزيزي!

هتفت السيدة فيرناندا بحماس فقابلها ابنها بابتسامة كاذبة و هذا لم يخفى عنها لكن ما بيدها حيلة، لقد حاولت استجوابه بشتى الطرق، حاولت معه مرارا لكنه ابى ان يخبرها بحرف واحد.
تحتاجين شيئا امي
سالها بهدوء و هو يستقيم من مكانه و لم تماطل في اجابته
كنت اتمنى ان تتحقق من حجز تذكرتي سفري انا و عمتك ايريك، كنت لاطلب هذا من جوليان لكنه منشغل بامر حفل خطبته اما عن ماريوس فقد غادر في الصباح الباكر كالعادة.

لولا انها انشغلت بالفترة الماضية باقناع عمها بامر سفر ايزابيلا لكانت جنت لتغير اطفالها الثلاثة، كل منهم منشغل بشيء مختلف، هي تحمد الرب على نعمة وجود ايزابيل في حياتها.
ساتكفل بالامر الان لا تشغلي بالك
ابتسمت بوجهه في حنان و مسحت على وجهه مومئة، فقط لو تعرف ما باله، تقسم انها مستعدة على فعل كل شيء من اجله!

المكان جميل حقا!
صرحت بابتسامة واسعة و انا اراقب المعهد الكبير، كان الطلاب يتوافدون اليه، شباب بمختلف الاعمار، بل و هنالك نساء و رجال كبار ايضا!
أنه معهد فنون مشهور، قد تجدين هنا عازفين مشهورين.

عندما كان يتحدث بهدوء كنت منشغلة بتخيل نفسي و انا واحدة من هؤلاء الأشخاص، وقفنا هناك لعدة دقائق قبل أن ينتبه ليوناردو لساعة، لم يتبقى سوى ما يقارب الساعة على طائرتنا، كنت خائفة مما كان ينتظرنا عند العودة، كلما تعود لذاكرتي فكرة ان والدي طليق يهتز بدني و يداعب الكابوس الذي رايته جوانب روحي...
علينا الذهاب!
نطق ينظر لعيني بابتسامة هادئة فاومات له، للاسف علينا الذهاب!
ساشتاق لباريس كثيرا!

تذمرت و انا اربط حزام الامان و قد اجابني ينتبه للطريق امامه
سنعود كونتيستي! بعد ان اقضي اعمالي سنعود
هززت راسي و عدت احدق بزجاج السيارة، كانت المدة التي قضيتها هنا حلوة بقدر الابتسامات الهائمة التي ناظرت فيها وجه ليوناردو و هو نائم، تمنيت لو كانت حياتي هكذا منذ صغري، تمنيت لو انني تعايشت مع مشاعر صادقة كحبه لي منذ طفولتي...
تمنيت لو اننا فقط نبقى لفترة اطول!

ستختنقين راسيل، على مهلك يا ابنتي!
حذر السيد سانتيرا صاحبة الخصلات الحمراء غير انها اجابته و هي تتجرع كوب عصيرها كاخر شيء
جوليان ينتظرني ابي، سنختار ثياب حفلة الخطوبة اخيرا
ابتسمت والدتها لسعادتها، لم يريا راسيل سعيدة بهذا القدر من قبل، منذ ان اعترف لها ذاك الجوليان و هي مشرقة مبتهجة للحياة، لم تنزل دمعة من عينيها و لم تشتكي يوما منه، احبته من اعماق قلبها و عشقها هو...
انا ذاهبة!

انتبهي لنفسك يا صغيرتي
نزلت الدرج سريعا، كان جوليان يتكئ على سيارته خلف الباب الحديدي العملاق، لما فجاة صار اوسم عن يوم البارحة!
اسرعت تركض له ففتح ذراعيه لها يستقبها في احضانه، من يراهما سيبتسم من دون شعور منه، في ذلك الطريق المشجر الجميل، بهيئتها الصغيرة عكس خاصته بهمسه انه اشتاق لها و ابتسامتها السعيدة لكلماته...
كانت لحظة جميلة حقا لولا ان هناك من وقف في المنتصف
ها انا هناا.

صرخ كايل فعبر جوليان عن سخطه بزفير، يشعر انه ارتبط بكايل اكثر مما ارتبط براسيل
هل طلبت يدك بدل يدها!
كانت تعابير كايل الغبية سببا في جعل راسيل تضحك، ما ان نظر لها صديقها حتى راحت تبرر لخطيبها سبب تواجده هنا
اردت ان يساعدنا في اقتناء الثياب، هو بارع في هذا الامر!
لم يسمح كايل له بالتعليق و انما نبس بغرور يسحب شعره للاعلى
انت لا تعلم شيئا عن مهاراتي جولياني!، ستكونان افضل ثنائي ستشهده ايطاليا برمتها!

قلب عينيه بضجر سيكون يوما طويلا...
كف عن الثرثرة و هيا بنا!
نطق بجمود يفتح الباب لخطيبته و التي كانت كالعادة تبتسم، و بسعادة!

الن يتوقفا؟
سالت ميرنا و التي كانت على وشك الانقضاض على التوام، منذ ان اقلعت الطائرة و هما يحركان ايديهما في لعبة الحجرة التافهة، و كلاهما يتمتمان لبعضهما دون ان يجعلانا نستمع لحرف واحد...
اخبرتك انني من سيفعلها
خرجت كلمات ايدواردو كفحيح بين اسنانه، تعابيرهما الجدية كانت تنافي ما يقومان به، صرت اشك انهما يتحاوران عن طريق اللعبة عكس البشر الطبيعيين
في احلامك.

تنهدت بملل ابعد عيني عنهما و سرحت في السماء، لم يتبقى شيء للوصول الى ايطاليا...
حملت هاتفي اتفقده و ما ان فتحته حتى ظهر لي اشعار عن وصول رسالة لي من رقم غريب، بلعت ريقي خائفة من ان يكون الفاعل والدي، ترددت في فتحها لكنني فعلت في اخر الامر
ماريا، اتوسل اليك اريد فرصة اخرى للحديث معك، علمت انك ستعودين اليوم لذا هل يمكننا ان نلتقي عند الساعة الثامنة مساء، اقسم لك ان الامر مهم، سانتظرك.

ختمت الرسالة باسم نيكولاس جيوفاني، اخر مرة تحدث فيها معي اخبرني ان زوجي قد قام بقتل والدته، اتساءل بماذا سيقتلني هذه المرة!
رفعت عيني و انا شاردة بما على فعله لكنني شعرت بتوقف دقات قلبي عندما وجدت ليوناردو يحدق بي و لم يضيع الفرصة في سؤالي عن سبب انفعالي
هل هناك شيء ما!
ابتسمت له بسرعة احاول اجابته دون تلعثم ادعو داخلي ان لا يكشفني
كلا لا شيء اعلانات غريبة فقط.

اجل لابد و انا هذه كانت اغبى جملة قلتها على الاطلاق لولا ان ميرنا صرخت بانفعال توافقني الراي
هل تصادفك تلك الاعلانات ايضا! تخيل ايد انهم يعرضون يدا الكترونية في الاسواق! لابد و ان مجنونا سيتشتري تلك الاشياء
دخل كل من ايد و ميرنا في ذلك الحديث التافه و رحت اجاريهما متجاهلة نظرات ليو الثاقبة اتجاهي...
فلتحل اللعنة عليك نيكولاس!

الرحلة ستكون على الساعة الثالثة صباحا سيدي!
اكدت موظفة الاستقبال الامر لاريك و الذي اومئ بهدوء ثم خرج من المطار، كان على وشك ان يركب سيارته غير ان هاتفه الذي رن ينبئه بورود اتصال منعه عن فعل ذلك...
نعم؟
كلامه كان مختصرا
مقتصرا على همهمات باردة كاجابة على ما كان يقوله مساعده بالمكتب.
الا يوجد مفر من هذا كريس؟
و عكس رغبته رد المساعد بقلة حيلة.

لقد اجلنا موعد العشاء كثيرا سيدي، سيكون الموعد على الساعة السابعة بمطعم فندق تانديا
حسنا سأكون هناك!
ما ان انهيا حديثهما حتى بادر ايريك بفصل الخط لاعنا هذا المستثمر الغبي، اليوم ستصل ماريا و لن يستقبلها...
هي الوحيدة التي ينوي ان يخبرها عن فطور قلبه و مدى يأسه...
يريد منها ان تجد بلسما لقلبه، ان تحاول اعادة ايليت الخجولة، لا هذه الفتاة التي غادرت منذ ذاك اليوم المشؤوم دون رجعة!

لكن و بسبب عشاء العمل التافه ها قد تأجل هذا الأمر ايضا...

حطت طائرتنا بمطار فلورانسا، كنت قد غفيت عكس احفاد عائلة اورسيني و الذين استمروا بالثرثرة دون توقف منذ اقلاع الطائرة
و طبعا دون التوقف عن لعب حجرة ورقة مقص!
ما ان خرجنا من المطار حتى وقعت انظاري على عائلتي و التي كنت قد اعلمتها سابقا عن قدومي
لكن ما جعلني اتفاجئ هو وجود عمتي على كرسيها المتحرك أيضا!
اسرعت لهم ابتسم بسعادة لرؤيتهم، كانت أمي تنظر لي بحنان لأول مرة، دون خوف...
دون برود...

و دون نظرات اتهام!
عانقتني هي الاولى تمسح على ظهري بلطف و قد كان من السهل سماع صوتها و هي تهمس لي:
حمدا للرب على سلامتك!
شددت على حضنها اجيبها بهدوء و ابتسامتي الرقيقة جعلت من ليوناردو يبتسم لحالي ايضا
شكرا لك أمي!
فصلت العناق أخيرا، و اتجهت لجدي الذي قبل رأسي و نطق واضعا يديه على كتفي...
هل تشعرين بالراحة ماريا؟
سؤاله كان مريحا اكثر من نظراته، اهتمامه بي رغم كل شي جعلني أشعر بالسعادة...

اجل، انا مسرورة لوضعي!
بالاحرى كنت كذلك قبل أن اعلم ان والدي يسعى لقتلي بكل جنون...
اتجهت لعمتي بسرعة من بعد ذلك و انحنيت لمستواها احضنها بقوة و بادلتني بنفس الوتبرة ان كان هنالك شخص قد اشتقت اليه فبالطبع سيكون العمة ايزابيلا...
اشتقنا لك كثيرا صغيرتي!
انبثق داخلي شعور بالدفئ، سماع كلماتهم و مدى سعادتهم بعودتي جعلتني مبتهجة حقا!
احببته؟
ضحكت بخفوت ثم همهمت
و بصدق ايضا!

استقمت فاصلة الحضن اللطيف و وجهي يفصح عن ما يروادني...
حسنا كان من الواضح انني سعيدة و من اعماق قلبي!
بقرتي اشتقتا لوجودك معنا حقا!
تذمر ماريوس بدرامية يبعثر خصلاتي الفحمية كعادته الغبية، صفعت يده عني و اجبته بابتسامة واسعة
اشتقت لكم اكثر
كان ايريك ينظر لي بابتسامة هادئة جعلتني استغرب وضعه، لابد من حدوث شيء ما!
لكن أين جوليان؟
لم يستطع القدوم، هو يحضر لشيء كي يفاجئك.

رفعت حاجبي الايسر اعبر عن استغرابي و قد تولت ميرنا امر التحدث مكاني
جوليان يحضر مفاجاة!
كانت عمتي ستجيب لولا تدخل ماريوس الرائع
نعم جوليان يحضر مفاجاة يا دودة القز
ابتسمت صديقتي باتساع ضاربة كتف الاشقر بقوة
ثوري العزيز كيف الحال معك!
تغيرت نظرات ماريوس الى اخرى توشك على البكاء و همس لي و لها بصوت متذمر
على وشك الانتحار، ستنجدانني انت و هي اليوم!

حسنا لقد تاكدت الان ان هناك الكثير من الاشياء التي فاتتني خلال هذين الشهرين!
انغمس الجميع في الحوار و من بينهم ليوناردو الذي حايد جدي و راح يتحدث معه في موضوع ما و بجدية بالغة جعلتني احزر الموضوع بسهولة مرعبة...
و رغم هذا لا انا و لا ليوناردو استطعنا ان نستشعر بان الموضوع بحد ذاته يراقبنا من مكان قريب منا!
قريب جدا منا.

فلتحل عليك لعنات الرب جميعها! لقد خربت المحل باكمله ايها اللعين
صرخ صاحب المتجر يوبخ كايل الذي كان يوسع عينيه مع كل شتيمة يتلقاها، كان جوليان ينظر اليه بتعب، بالمعنى الحرفي هذا خامس متجر يطرد منه، هذا الشاب يملك قوى مميزة بهذا الشان
جوليان!
ما ان سمع مناداتها حتى اتجه الى غرفة تغيير الملابس التي كانت بها صهباءه، كان الغبي قد اختار لها ثوبا دون ان يراه جوليان
فلتخرجي راسيل.

تخيلها و هي تبلع ريقها و تعيد النظر للمراة تتاكد من شكلها، و بعدها خرج صوتها مرتجفا و مرتبكا، كان يعلم ان فكرة اعلان خطوبتهما كانت تقلقها...
بدى الامر عاديا لكنه منزعج من شيء واحد فقط!

هي لا تثق بنفسها، هي خائفة ان يتركها مثلما فعل الاخرق نيكولاس سابقا، لا تعلم انه يعشقها بل و يهيم بها عشقا، راسيل، تلك الفتاة الحمقاء اللطيفة، ذات العينين الزرقاوين استطاعت سرقة قلب جوليان من اول نظرة، لا يزال يذكر كيف رفع راسه من كتابه و نظر لها فاحمرت خجلا لتطفلها عليه، كيف نعتها بالمزعجة و اخبرها ان تبقى لسماع تكملة الكتاب و الذي اصبح من مفضله لانه السبب الذي جعل الفتاة التي تختبئ خلف باب غرفة تغيير الثياب حبيبته الصغيرة...

حسنا ساخرج
ابتسم يكتف يديه، خجلها هذا لا يجعلها الا كتلة لطافة في نظره
اخرجي راسيل
و فعلا فتح الباب ببطئ، دنت الصهباء براسها فتدلى شعرها الاحمر المتموج، كانت تعض على شفتها و هي تنظر له بعينين براقتين لسعادتها
هل انت مستعد.

همهم لها و هو يوسع ابتسامته، و ما ان تلقت هذه الاشارة حتى كشفت عن ما ترتديه، كان الفستان ازرق اللون يكشف عن كتفيها و عنقها يصل الى قدميها بعد ان يكون مشدودا حول خصرها المنحوت، لا يزينه شيء لكنها من زينته بطلتها البهية، كانت تبتسم بسعادة و تلتف بينما كان ينظر لها في هدوء و قلبه ينبض بتسارع، ان وصفها بالبهاء فما كلمة البهاء الا كلمة لا تعبر الا على القليل و القليل من ما تراه عيناه...

كانت خاطفة للعقول و الانفاس و الافئدة!
ما رايك جولياني
نبست تقترب منه و وجهها احمر خجلا من صمته و تامله لها احاط وجهها بكفيه و نطق يبتسم لها بخفوت
اكتشفت شيئا و انا انظر اليك الان سيل
لم تعلم لما ابتسمت بالضبط الان، هل لانه يختصر اسمها كما يفعل دائما عندما يختلي بها او لانها علمت انه على وشك قول شيء يجعل قلبها الصغير يرفرف في الافق
و ما هو
اقترب منها اكثر و بصوت هادئ هو همس في اذنها.

اكتشفت انني وقعت بحب نجمة هاربة من السماء صهبائي
قلبها نبض بقوة جاعلا سربا من الفراشات يحلق ببطنها، بريق عينيها النقي جعل الواقف امامها يحدق بها في هيام يكبر مع كل ثانية
اذا ابدو جميلة
و كاي فتاة هي ادعت انها لم تفهم قصده، و من دون ملل هو عاد يخبرها انها تبدو فاتنة ككل مرة يراها بها
كلمة الجمال لا تصف الطريقة التي انظر بها لك راسيل و لا كلمة قادرة على وصف هذا الامر.

حدقا في عيني بعضهما طويلا، ومن دون شعور منه هو راح ينظر لشفاهها يطمع في تقبيلها و ما ان حاول الاقتراب حتى...
جوووليااااااان،! انقذني بسررررعة
اجل لقد اكتشف جوليان ان هذا اليوم لن يكتمل الا عندما يقتل كايل و يرميه في النهر و الا انه سيجن حتما!
و دون شك...

ما رايك ليو
ما ان انهيت كلامي حتى نظرت له، بعد ان علمت ان والدتي و عمتي ستسافران اليوم رفقة جدي الى باريس طلبت من ليوناردو ان يتركني في قصر عائلتي لهذه الليلة، اولا لانني اريد الهروب من عائلة اورسيني و هذا لان حربا ستقوم بسبب خطوبة ايدواردو و ميرنا التي حدثت بعيدا عن العائلة و تقاليدها و ثانيا لانني اشتقت لعائلتي و غرفتي حقا...

و ثالثا و الاهم هذا سيسهل على مهمة لقاء نيكولاس و معرفة ما يريده دون ان يدري ليوناردو بهذا، و على سيرة ليوناردو كان هذا الاخير ينظر لهاتفه ببرود متجاهلا انني اكلمه
اجبني!

نطقت احني براسي ليقف عائقا بينه و بين هاتفه اللعين الا انني تفاجات بشفتيه تطبعان قبلة على خاصتي، وسعت عيني و استقمت بسرعة منصدمة من تصرفه المفاجئ، احيانا لا اصدق ان ايطاليا باكملها تخاف من هذا الذي ينظر لي الان بابتسامة لعوبة و يتصرف تصرفات مراهقين جميلة...
اقصد تافهة!
ما رايك ان اصطحبك في الليل لمنزلنا
نظرت له بعينين حملتا اجابتي
كلا ليو، اريد ان انام في غرفتي هذه الليلة.

حسنا ما رايك ان ننام معا في غرفتك
لا اعلم لما اضحكني الامر لكنني اومات بالرفض
ارجوك ليوناردو، اريد البقاء هنا مع عائلتي فقط لليلة واحدة، كما انه عليك الذهاب لمنزل عائلتك و مساندة شقيقك و خطيبته في مشكلتهما
اخذ نفسا عميقا و نظر لي بعينين هادئتين، جمع يديه و نطق بصوت جعل من قلبي يتوقف للحظات
ماريا هل تخفين شيئا عني كونتيستي.

ختم كلامه بهمهمة متسائلة، رغم الشلل الذي شعرت به حاولت ان اتصرف بطبيعية بل و نظرت له بتذمر اقلب عيني بضجر
و ماذا ساخفي عنك مثلا، هل رغبتي في المبيت ببيت عائلتي امر غريب لهذه الدرجة
نظر لعيني عميقا و بعد بضع لحظات هو اومئ يعلن موافقته، كنت اشعر بانه ليس مرتاحا لامري و نعم، معه في هذا!
انا ذاهب تحتاجين شيئا.

اومات بالنفي ابتسم له، ابتسم لي مقبلا راسي قبل ان يغادر الغرفة و من ثم المنزل باكمله فتنهدت براحة، اكرهك حقا نيكولاس، اشعر انني عديمة الذوق لانني كنت احبك سابقا!
هذا شيء ساندم عليه طيلة حياتي...

لا اصدق ان حفلتنا ستكون بعد يومين فقط جوليان
ما ان علقت راسيل حتى ابتسم جوليان و ما ان حاول فتح فمه حتى باغته كايل ينطق بحماس
و انا ايضا لا اصدق هذا، جولياني الا تعتقد انه يجب عليك شراء بعض المملحات الاضافية
زفر صاحب الشعر الداكن بسخط قبل ان ينطق بابتسامة باردة
ان لم احشر هذه المملحات في راسك الفارغ لن اكون حفيد الكونت فيسكونتي.

بلع كايل ريقه يبتسم بتوتر خوفا على نفسه، حسنا ان تم قتله من طرف جوليان لن يكون الامر غريبا بعد ان تسبب في طردهم عشر مرات هذا اليوم!
هل سنذهب لمنزلك الان جوليان
استفسرت الصهباء مبتسمة و هذه المرة تكلف هو باجابتها
اجل، اريد ان افاجئ ماريا بامر مواعدتي.

همهمت راسيل بهدوء و راحت تحدق بالنافذة متجاهلة دندنات كايل المضحكة، فكرت بردة فعل ماريا اتجاهها، هل ستتقبلها، فكرة انها كانت خطيبة للشاب الذي تحبه و الان خطيبة اخاها...
لما كان عليها ان تكون خطيبة نيكولاس اللعين ذاك!
لكن هي ابتسمت لتفكيرها، لولا انها رفضت نيكولاس لما كانت الان حبيبة جوليان فارس احلامها!
مهما كانت ردة فعل عائلته ستتمسك به فهو نصفها الثاني و سر سعادتها...

و هي مستعدة للتضحية باي شيء من اجله و في سبيل حبها له!

واو شقيقي الاشقر واقع في حب فتاة السيرك المتنقلة! هذا رائع
قلبب عينيه بملل، ماذا كان يتوقع طبعا ساعلق على هذا الامر
على كل متى ستعرفني عليها ماريوس!
سالته بحماس و انا اضرب كتفه فنقر جبيني يوقفني عن الكلام
عندما تحلين مشكلتي يا صاحبة الخيال الواسع، اريد ابعاد ذاك الدانييل عنها و الا ساحضر حفل زفافها الشهر القادم على ابعد تقدير!

ضحكت على تعابيره المغتاضة بشدة، لم اكن اعلم ان ماريوس غيور لهذا الحد، لا اعلم كيف لم يكسر انف هذا الشاب طيلة هذه المدة
هي فقط تراه مثاليا و تتحدث معه باحترام و خجل و تضحك معه و تريه جانبها و تعزف معه و تغني معه بكل شاعرية بينما انا،
بينما انت،
كررت وراءه احثه على انهاء حديثه و بالفعل قام بذلك...

بينما انا احترق من الداخل كي لا افسد عليها الامر، دانييل هو الوحيد القادر على مساعدتها بينما انا مجرد فاشل لا يعرف شيء عن الغناء و العزف، لكن و رغم هذا لن اسمح له باخذها حتى لو اضطررت للرقص في منتصف الشارع و انا ارتدي تنورة وردية اللون!
ملامحي عبرت عن مدى سوء ما قاله، بدى الامر مقرفا حقا...
ماريوس بتنورة اشبه بقدر من دون فرو!
لهذا عليك مساعدتي ماريا و الا ساموت من غيرتي اقسم لك!

تنهدت مومئة، ليس لانني لا اريد ان يموت بل كي احفظ نفسي من جنونه...
رفعت راسي للساعة المعلقة على جدار غرفتي فوسعت عيني بصدمة لقد كانت السابعة و النصف بالفعل، وقفت بسرعة فنظر لي ماريوس باستغراب و لم البث ان القيت على مسامعه اول كذبة جالت بذهني
لقد تاخرت عن موعدي مع ميرنا، سنتحدث لاحقا حسنا، اعدك ساجد لك حلا عما قريب لا تقلق حسنا، سنلتقي مجددا حسنا!

كنت اتحدث و انا اسحبه لخارج غرفتي و ما ان صار كذلك حتى اغلقت الباب في وجهه اختلي بنفسي، تنهدت بقلق و اتجهت ناحية خزانة ملابسي كي اختار شيئا ارتديه فالجو خارجا بارد و لابد ان المطر سيتساقط عما قريب!
شعور سيئ يراودني حيال هذه اللقاء الا انني لن ابالي...
و مرة اخرى فلتصب لعنات الارض بكبرها عليك نيكولاس!

نعتذر عن التاخير سيد فيسكونتي، لقد كان الامر خارج نطاق ارادتنا و رغبتنا، نتمنى ان لا تنزعج من هذا!
لفظ المستمثر و هو يصافح يد ايريك الذي ابتسم بهدوء ناطقا باختصار
لا تقلق من شيء!
تكفل مساعد ايريك بدعوة اعضاء الشركة المستثمرة بالجلوس، و ما ان اراد ايريك فتح موضوع العمل مستعجلا انهاء هذه الصفقة التي شغلته عن الحديث مع اخته عن مشكلته حتى نطق احد ضيوفه بابتسامة مرحة.

اقترح قبل بدا العمل ان نطلب الطعام اولا و الا ما كنا سندعو اجتماعنا بعشاء عمل، اليس كذلك ايها الكونت
رغم الشتائم التي اطلقها اريك على هذا التافه في داخله الا انه نطق بابتسامة متكلفة
و ليكن كذلك
حمل المدعوون و موظفوا شركة فيسكونتي قائمة الطعام كما فعل ايريك، سيطلب اول ما تقع عيناه عليه، هذا ما فكر به داخله، فلينتهوا فقط بسرعة و ليوقعوا الاوراق اللعينة و لينتهي فقط هذا الامر!

لا طاقة له لفعل هذا بعد الان...
لقد تعب بالفعل من التظاهر و احبط من كون لا شيء يتحسن، لا الروح عادت له و لا وعيه استرد رغم الوقت الذي مضى، ذهاب ايليت فقط حطمه و لم يفعل شيئا غير هذا، حاول الهرب!
يقسم انه حاول النسيان هو فعل كل شيء ليتجاهل ذهابها، اغرق نفسه في العمل، شغل نفسه بالاوراق و السندات و الاجتماعات و لم يتحسن شيء.
يبحث عن ايليت، ما الفائدة لا شيء سيتحسن!

هو خائف سيعترف بالامر، خائف ان وجد حبيبته فلا تكون الفتاة التي اعتاد عليها، تلك الفتاة الرقيقة الخجولة التي لا تبكي و لم تبكي الا في ذلك اليوم الذي تعرض فيه للاذى على يد ليوناردو!
طلبكم يا سادة!
ذاك الصوت جعله يفيق من تخيلاته، اللعنة هو من شدة تفكيره نسي امر اختياره، منذ متى و هو يحدق بقائمة الطعام!
رفع راسه اتجاه النادلة فشعر بقلبه يسقط...
اتصورها و تخيلها في ذهنه كثيرا و لهذا جسدها في واقعه الان!

ام انها بالفعل ايليت التي تقف امامه و تنظر له بعينين باهتتين مدهوشتين للقائه...
ايريك!

توقف السائق امام حديقة الكنيسة، اجل كنيسة القديسة ماريا جيوفاني!
احببت هذا المكان في صغري و مراهقتي و هذا فقط لانني احببت فيه نيكولاس و لانه كان جزء مني، ماريا جيوفاني كانت قدوتي في الحياة رغم اعتبار جميع الاشخاص انها نذير شؤم
ليس و كان عائلتي اعتبرتني ملاكا!
زفرت انفاسي فظهرت على شكل بخار ابيض من برودة الطقس، رغم اننا على مشارف فصل الربيع!

دلفت الحديقة و طلبت من السائق البقاء هنا حتى انتهي و بالفعل اومئ لي راضخا لامري...
كانت الحديقة شبيهة بغابة مظلمة، الثلوج تغطي عشبها كما احتلت اشجارها المتفرعة العملاقة بنفس الحلي، كنت خائفة و متوترة، و الاجواء زادتني انفعالا فرحت افرك اصابع يدي بتوتر، اتمنى ان ينتهي الامر على خير فقط!

لم يكن على ان اسير كثيرا، اذ انني و ما ان وصلت الى المقاعد التي تحيط الكنيسة حتى وجدت نيكولاس جالسا على احدها، و ما ان وقعت عيناه على حتى استقام بسرعة...
نيكولاس!

همست مفزوعة من لقائه في المطعم الذي تعمل به...
احقا سيتحاقر القدر لهذه الدرجة فيجمعها معه الان و في اليوم الذي قررت فيه مواصلة حياتها من دون تفكير و العيش من دون قلب نابض!
هي لم تجرء على ابعاد نظرها و لا هو استطاع ان يكف عن التحديق بها
يبتسم، كلا فانها تركته باشد اللحظات المهمة
يغضب، هو لا قدرة له على الكلام
يتجاهل، اقوى لعنات الكره لن تجعله يبعد مقلتيه عنها في هذه اللحظة.

ساطلب سمكا مشويا مع حساء الخضر
كان المدير التنفيذي للشركة المستثمرة هو اول من تسبب في ابعاد ايليت عن من سلب منها وعيها، و بانامل مرتجفة كتبت الطلب و عيناها حمراوتان لا تعرف ما عليها فعله غير ان تقف و تفعل ما تفعله...
اما عنه فما بيده حيلة غير التحديق بها، روحه تشبثت بها لكن جسده تجمد!

كل من الحاضرين القى بمطلبه على مسامع من يظنون انها مجرد نادلة غيره هو الذي كان يستمر بالضغط على قائمة الطعام الى ان كادت ان تتمزق
اراد ان يصرخ، اراد ان يسمع الجميع بان هذه الفتاة العادية التي يرونها اماما كانت في يوم مضى فتاته هو، حبيبته هو، صغيرته الجميلة التي دافعت عنه رغم كل شيء!
و التي تركته بدون مقدمات لانها خافت عليها و على نفسها و حياتها...

في نظرها هي قد ضحت من اجله و في نظره هو هي ضحت به من اجلها!
ماذا ستطلب سيد فيسكونتي
ندهه مساعده فنطق بهدوء
ساكتفي بالماء
لعله يطفئ النيران المشتعلة داخله، غادرت ايليت طاولتهم و غاص حاضروا الاجتماع في حديثهم، ماذا سيفعل و كيف يجدر به ان يتصرف!
هو يحترق و قلبه يحترق، و حارقه يحترق...
تولى نادل اخر امر وضع الاطباق فابتسم ايريك بحرقة و سخرية.

هاهي تهرب مجددا كما فعلت، هاهي تتركه دون ان تعلم ما يريد و ما سيقول
هي جبانة...
هي خائنة...
هو سيتركها...
سيجعلها تتجرع من نفس الكاس المرة!
نتمنى المجد لشراكتنا سيد فيسكونتي
شكرا سيد ياغيير
نبس ببرود ثم ودعهم خارجا من المطعم بعد مغادرتهم، اتجه ناحية سيارته التي ركنها في ساحة الفندق، يسير بخطى بطيئة يثقله حمل كاهله، لما كان عليها ان يحبها...
فقط لو انه تجاهلها...
ما كان ليتحطم هكذا!
ايريك.

صرخت باسمه تركض خلفه فتجمد مكانه بتعابيره الباردة كما كان الجو حينها، بمعطفها الابيض هي ركضت باتجاهه و عيناها زاد احمرارهما اضعافا...
ما ان صارت تقف خلفه حتى توقفت تنظر له بارتجاف، ماذا ستخبره...
لما ركضت خلفه
لما لم تذهب فقط كما خططت و تدعي انها لا تعرفه
لما انتظرت ان ينتهي اجتماعه
التفت لها و بوجه خال من التعابير نطق
ماذا.

ان كانت لديها كلمات لتقولها فقد راحت هذه الكلمات في مهب الريح، و ان كان في ثغرها بعض الحروف فلا وجود لها الان، هذا ليس ايريك، اجل هذا ليس هو
لو كان هو لالتفت لها ضاحكا او غاضبا...
لعاتبها و طلب من تفسيرا...
لم يكن لينظر لها بهذه الطريقة المخيفة
انت لست ايريك.

همست بارتجاف و قد تجرات احد دموعها بالتسلل على خدها، ابتسم ايريك بسخرية و لم ينبس ببنت شفة، مسحت دمعتها و اقتربت منه اكثر تحني براسها قليلا و نطقت برجاء
ارجوك لا تنظر لي هكذا، ارجوك لا تكن غير الشخص الذي احببت
الابتسامة صارت ضحكة، و العيون الفارغة اصبحت دامعة...
ضحكاته اخافتها، سينطق سما و يجرحها هي باتت متاكدة
على من تكذبين يا فتاة، على نفسك ام علي، احببت،
بعد كلماته قهقه بسخرية و واصل حديثه.

انت لم تحبي احدا ايليت، لقد كنت الغبي الوحيد الذي احبك، اتعلمين لما!
صمتها استفزه فعاد يصرخ بها
اتعلمين لما!
هزت راسها يمنة و يسرة مغمضة عينيها اللتين ابتا عن ايقاف دموعهما فابتسم مجددا و اجاب
لانني احمق صدق خائنة حقيرة مثلك!
رغم شهقاتها التي قاطعت كلامها هي صرخت مقفلة العينين
لم اكذب، اقسم انني لم اكذب
امسك كتفيها بعنف و هزها صارخا في وجهها.

كاذبة! انت كاذبة ايليت، لو احببتني فعلا ما كنت لتتركيني بعد ان صرت ضوء في حياتي اللعينة، لو احببتني و لو قليلا لعلمتي انني ساموت الف ميتة بعد رحيلك، لكنك لم تهتمي باي من هذا و نفثت سمك بحقارة في الوقت الذي اعتقدت انني سابني فيه حياتي رفقتك،
زادت حدة بكائها و صارت رؤيته ضبابية لشدة الدموع التي حبسها، تركها بضعف و بنبرة متالمة هو نطق يانبها.

لقد غدرتي بي ايليت، لقد نجحت في تحطيم اكثر الناس حبا بك، انت جعلتي نار حبي لك تلتهمني فما عذرك!
صمتت...
هل تخبره انها فقط شعرت بالخوف على عائلتها من عائلته...
هل تخبره انها مجرد جبانة!
هل تسمعه عذرا اقبح من ذنب!

قبل ما تشوفو شو قالت حطو لايك و تعليق ??.

اسفة،
همست بنبرة يائسة تنظر للارض، ابتسم بسخرية و نظر ناحية السماء المغيمة محاولا حفظ ماء عينيه في مكانهما...
انا لم ارد هذا، اقسم انني لم ارد يوما ان اتركك فماذا عن جرحك!
تحدثت بين شهقاتها لكنه و بكل برود نطق
هذا لا يهمني ايليت، فعلت ما قد فعلته و رحلتي!
صمت لبعض ثوان و بمعالم جامدة تلفظ ما تبقى في جعبته
فلتنسيني و تعيشي حياتك بعيدا عني، انا لا اعرفك و انت لا معرفة لك بي! لقد انتهينا هنا.

ارتفعت زاوية شفته مزدرية قبل ان يضيف
انت من انهيتنا
التفت عازما ان يرحل، قلبه تحطم لاشلاء و لم يصدر اي صوت، كما حدث في تلك الليلة، كما فعلت به سيفعل بها، سيرحل و يتركها، لن يهتم لامرها، هو لن يفعل، لن يستسلم لشهقاتها التي تقطع اوصاله كما لم يفعل اي شيء من قبل، لن يهتم لدموعها التي تتناولها الثلوج تحت قدميهما، تلك الدموع التي لم تنهمر منذ اليوم الذي وعدها فيه انه لن يجعلها تبكي فيه يوما...

كان على وشك ان يفتح الباب حتى شعر بها، تحتضنه و تبكي لدرجة عاد من الصعب عليها ان تكبح فيه صراخها، ايليت لم تبكي يوما و ها هي الان تطلب من الرب ان يهدئ من روعها لتنطق حرفا واحدا...
لتجعله يتراجع عن قرار تركها
هي لا تريد العيش بدونه!
بل هي لا قدرة لها على ذلك...
كل ما فعلته انني دافعت عن عائلتي خوفا من نهاية ماساوية فقط من اجلي.

يشعر بيديها عليه بعد كل هذه الايام، بعيدا عن كل شيء يكاد لا يصدق ان من يحادثه هي تلك الفتاة التي يعرفها...
ايليت تعتذر!
هذا شيء نادر الوقوع لكنه، اثر به و فقط...
زفر انفاسه و نطق بهدوء مرة اخرى
و هل كان لا باس معك ان تجعلي نهايتنا ماساوية ايليت، الم يؤلمك قلبك و انت تفكرين بما قد يحدث لي و انا افكر بكل كلمة قلتها بذلك الشكل البغيض، الم تهتمي و لو قليلا بما ساشعر به من دمار.

التفت لها فصار وجهاهما متاقبلان لا يفصل بينهما سوى انش واحد، عيناها الدامعتان امام عينيه الدمويتان...
كلاهما مشتعل و محترق
كلاهما يريد الاقتراب كما يريد الهرب
و كلامها لا يزال يتشبث بالاخر رغم الالم و العتاب!
ايريك انا،
قاطعتها شهقتها الحادة فتنهد بالم و لعق شفته السفلى يهدئ من روعه، هو لن يستسلم لها الان لكنه ربت على يديها و ابعدهما عنه
ستعودين الان لبيتك ايليت، لنا حديث اخر.

هذا ما قاله ثم اتجه لسيارته يفتح باب السيارة الخلفي لها
بعد كل شيء هو لن يتركها في الشارع وحدها و الساعة التحمت مع سواد الليل!
و بكل طواعية هي امتثلت لامره لا طاقة لها للمعاندة...
هي و لاول مرة ضعيفة حقا و محطمة لاقصى حد.

عينان حمراوتان عكس عينيه الزرقاوين
هيئة فوضوية عكس عادته المرتبة و ثيابه الانيقة
رائحة غريبة عكس عطره الفخم و الوقور
هذا كان قرين ابن خالتي لا هو!
ماريا انت، انت هنا!
نبس بثقل و صوت مكسور، هل كان يبكي...
هل انت بخير نيكولاس
اومئ بطريقة غريبة متقدما نحوي، و لصعوبة المشي و عدم توازنه كان على وشك الوقوع ارضا فاسرعت له اسانده
ا، ا انا بخير م، ماريا.

عضضت شفتي لا اعلم ما افعله، هو ثمل و انا على اشد المعرفة بجنون البقاء مع شخص فاقد لعقله لكن، لن استطيع تركه بهذه الحالة!
نيكولاس اين سائقك اجبني
سالته و انا انظر لعينيه بهدوء و مشاعر غريبة داهمتني
اشفقت عليه و في نفس الوقت كنت خائفة منه
نظراته كانت يائسة و نادمة
لكن من جانب اخر كان هناك فراغ في عينيه
ماريا ساسالك شيئا ما
بلعت ريقي و كما تجاهلني فعلت
لاجعلك تجلس ريثما اتصل بسائقي.

طاوعني في المسير غير انه كرر كلامه
ماريا ساسالك
لم انطق بحرف، من جهة لم ارد معرفة السؤال او الخوض في حديث قد يثير اعصابه، و من جهة اخرى كانت قيادته و مساعدته على السير امرا صعبا فبنيته مقارنة بخاصتي ضخمة حقا، جلسنا على كرسي حجري امام الكنيسة و قررت ان التزم بالصمت و ابحث عن هاتفي الذي طمرته في اعماق الحقيبة، احمد الرب و اشكر ايريك الذي اشترى لي هاتفا و الا كنت الان في متاهة من النوع الرفيع...

هل تكرهينني
توقفت عن ما كنت افعله، ليس من السؤال لكن من نبرته في طرح السؤال، التفت الى المتكلم، كان يبتسم لكن الدموع في مقلتيه افزعتني
نيكولاس ماذا يحصل معك
لم يعلق بحرف و انما استمر في النظر لي بعينيه الباكيتين، تنهدت مغلقة الحقيبة، لن اهرب...
ساتحدث معه و اغادر، بعد كل شيء نيكولاس كان صديقي العزيز، الشاب الوحيد الذي شعرت في وجوده بالاطمئنان و السعادة
انا لا اكرهك نيكولاس.

سقطت دمعة من عينيه فسارع بتغطية وجهه بكفي يديه يتكئ بهما على ركبتيه، ترردت في وضع يدي على كتفه لكن في اخر الامر ربت عليه مواصلة حديثي
انت بالنسبة لي شخص مهم و يستحيل ان انظر لك كشخص غريب او سيء
رفع راسه و نظر لي ثم تلفظ بنبرة مهزوزة.

لقد تركتني من اجل خطا واحد ماريا، من اجل رغبة غبية حققتها لوالدتي و كله من جهلي، من بعدك رحلت راسيل فظننت ان رحيلها سيحسني من وضعي فوجدت انك تزوجت، انا فقط يئست من كل شيء ماريا
عضضت شفتي السفلى مشفقة على حاله، لا اعلم لما اشعر بالذنب
اسفة لما تعرضت و لما تتعرض له نيك، لو كان الامر بيدي لانتزعت الامر عنك بعيدا لكن، لكن اعدك هي مجرد فترة و ستمضي، لن يطول الامر كثيرا و ستجد فتاة مناسبة لك،.

صار انين بكائه مرتفعا و لسبب ما صرت اشعر بحرقة عيني و تراكم الدموع بهما
فتاة تحبك بصدق و تحبها، سيتغر الحزن للسعادة و تجد ان كل الذكريات الحزينة مضت في حالها
اطلق تنيهدة حسرة داعكا وجهه الذي احمر و بشرود هو نطق يحدق بمقلتي
لقد تعبت من الغرق ماريا، تعبت لدرجة بت اخشى فيها عدم وجود فرصة للنجاة
لما كان كلامه مؤلما حقا و جارحا لشيء داخلي...
لما اشعر انه يتحدث عني لا معي.

لما انا اشفق عليه و لما تسللت دموعي و انا لا دخل لي بما يشعر به
الم يغرقك الحب، اذا اعلم انه لن يقذك سواه نيكولاس،
اجل هذا كان واقعي، لقد حطمني حبي الاول ليصلحني حبي الاخير و الابدي!
بقينا على حالنا جالسين الى ان شعرت بدموع السماء تتساقط علينا نظرت للاعلى، كانت غيوم السماء داكنة مهيبة تدعو لتاملها لكنني بدل ان اخضع لها استقمت معلنة لذاك الذي كان شاردا في الكنيسة.

ساطلب من السائق ان ياتي و يساعدك على النهوض، لن اتاخر
بلع ريقه و اومئ في هدوء، ما ان التفت حتى شعرت به يمسكني من جديد فعدت احدق به، اتعلمون ما شعرت به انذاك
ان اللحظة التي بثت في داخلي ذاك الرعب من البداية قد حانت
راودتني رغبة في الهرب بعيدا و تركه غير انني عدلت عن ذلك و انتظرت ما سيقوله
انا اسف ماريا!

كنت ساساله عن ما سيفعله لكنني لم اشعر الا به و هو يسحبني بقوة ناحيته مقبلا شفتي، وسعت عيني بصدمة متجمدة و رحت اضرب صدره محاولة ابعاده و التنصل منه، و في خضم تلك الثوان شعرت بيد تنتشلني من بين اذرع نيكولاس
كان هو!
كما كان متواجدا في كل مكان كان معي هنا!
كان مرعبا بعينين باردتين غادرتهما الحياة وقف امام نيكولاس و نطق بفحيح مرعب جعل الدماء تحتقن في وجهي
لقد جنيت على نفسك اقسم لك.

بعد كلماته تلقى نيكولاس اول لكمة افقدته توازنه، لم يكن هذا الاخير مستوعبا لما يحصل، الشراب جعله غير قادر على الدفاع عن نفسه فاستسلم لقدره سامحا لليوناردو بتحطيم وجهه، الدماء التي لوثت يد ليونادرو جعلت الروح تغادر جثماني فاسرعت ناحيتها محاولة ايقافه عن ما يفعله فما هو مقدم عليه ليس سوى جريمة قتل
ليونادرو توقف بحق السماء انت تقتله.

صرخت اضرب ضهره بعد ان ابى ان يستمع لكلامي لكنه لم يبدي اي ردة فعل، كان متسمرا فوق نيكولاس ينهال عليه بضرب شوه ملامحه لدرجة مرعبة جعلتني اود الاستفراغ لبشاعتها
ليوناردو ايها اللعين ستقتله ابتعد عنه بحق الرب.

صرخت و هذه المرة باعلى صوت املكه منهارة على الارض، و اخيرا انتبه لي وقف يلعن نيكولاس الذي اسرعت له اتفقد حاله، كان غائبا عن الوعي و الدماء تلوث كل انش في وجهه لم اعلم ما كان مصدرها بالتحديد، لم اعلم متى جاء سائقي و ساعدني على مساندة نيكولاس و اخذه للسيارة.

ما ان ركب سائقي السيارة حتى فتحت الباب الخاص بي رغبة مني في الركوب لكن يده قيدتني بعنف تسحبني بعيدا عن السيارة، اغلق الباب الذي فتحته و اشار للسائق بالركوب، تردد هذا الاخير في فعل هذا لكنني نبست بذعر
خذه، ارجوك انقذه، ارجوك
كنت مرعوبة و الخوف يحرك كل ذرة في عقلي و هذا ما جعل السائق يسرع في قيادته تاركا خلفه فتاة مفزوعة مع سبب فزعها.

نظرت لليوناردو و الدموع و دماء نيك على حد سواء لوثت وجهي، و بصوت مرعب نطق
لقد كذبت على ماريا، لقد خدعتني!
ذلك الخوف داخلي جعلني انظر له كشخص غريب، تلك كانت المرة الاولى التي لا ارى فيها ليوناردو كشخص مختلف
بدى و كانه على استعداد ان يصبح كنسخة عن ابي ان لم يكن اسوء منها!
لقد خنت ثقتي ايتها الكونتيسة الصغيرة، لقد خنتي ثقتي فكيف ستدافعين عن نفسك!
ابتعدت عنه بخطوات و انا احذره مرتجفة
لا تقترب مني ليوناردو.

كان غاضبا حقا و كنت خائفة و اشعر بالخذلان لانه فقد اعصابه و شك بي ايضا!
اوه طبعا لن اقترب منك، انا زوجك و لن اقترب منك لكن،
كان يسخر و يتحدث بنبرة هادئة لكنه واصل بصراخ و عصبية بالغة
لكن و اللعنة انت سمحت لذلك المنحط ان يقبلك ماريا!
كان كلما نطق بكلمة يقترب مني فرحت ادفعه عني بعدوانية
لا تقترب مني ايها الوحش، لقد قتلته، انت قاتل وغد.

كنت امر بحالة فزع غير مدركة بما اقوله، و لغضبه ليوناردو لم يدرك هذا فابعد يدي عنه بعنف يفتح باب سيارته
اركبي ماريا
هززت راسي نافية
لن افعل، لا اريد البقاء معك انت قاتل
كانت صورة نيكولاس المشوهة عالقة في ذهني، كنت ارتعش خائفة من ان يفعل بي نفس ما فعله به
اللعنة الا تثقين بي و لو قليلا!
صرخ يغلق الباب بعنف فارتعشت اوصالي و من دون شعور مني صرخت انا الاخرى بشيء جمده و جمدني
و اللعنة هل ساثق بشخص قتل والدته!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب